لقاء مع العلامة السيد محمد علي الشيرازي

س1: ما هي فكرة الإمام الراحل (قدس سره) في مواجهة الغزو الثقافي والسياسي والفكري الذي يتعرض له المسلمين في أرجاء الأرض؟

أولاً لابد من أن أشكر الموقع الذي كان له نوع من التأثير الجيد في الساحة العراقية ولله الحمد، ونشكركم على جهودكم الطيبة.

بالنسبة إلى السيد الوالد (رحمة الله عليه) كان يؤكد على آيات من القرآن الكريم ويقول بأن: عدم العمل من جهة المسلمين بهذه الآيات المباركة التي هي آيات حياتية سببت المشاكل الكثيرة منها الغزو الثقافي والسياسي والفكري، الذي تعرض له المسلمون  الآن، كان يستشهد أيضاً بالآية الشريفة:(يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم)، عندما قيد المسلمون أنفسهم بما لم ينزل الله به من سلطان، قيدوا أنفسهم بسبب سيطرة الغرب عليهم جعلوا أنفسهم عبيداً للآخرين، لذلك عندما يقيد الإنسان نفسه التجارة ممنوعة، العمل ممنوع إلا بمجوز، كل الأمور ممنوعة، فأنت تحتاج إلى الآخرين فعندما تحتاج إليه فهو يدخل إليك من يغزوك غزواً اقتصادياً، ومن ثم يغزوك غزواً سياسياً، وثقافيا، كما صار في قضية التبغ في إيران، دخلوا من قضية اقتصادية إلا أن الهدف كان أكبر من تلك القضية الاقتصادية، وإنما هو الغزو السياسي والفكري والحضاري للمجتمع الإيراني،لذلك تصدى العلماء، فالسيد الوالد (رحمة الله عليه) كان يرى أنه من الواجب على المسلمين أن يرجعوا إلى الآيات الحيوية في القرآن، وكان يؤكد على آية الأخوة:(إنما المؤمنون أخوة)، كان يؤكد على الآية التي تقول لا حدود جغرافية بين بلاد المسلمين:(إنما أمتكم أمة واحدة) الأمة واحدة، الغربيون تمسكوا بهذه الآية، ونحن تركناها، لذلك تقدموا وتأخرنا، كان يؤكد أيضاً على الشورى:(أمرهم شورى بينهم) (وشاورهم في الأمر) ما خاب من استشار، فهذه الآيات التي تركها المسلمون سببت هذا الغزو من جميع الجهات علينا والحل يكمن في العمل بوصية أمير المؤمنين (عليه السلام):(الله الله بالقرآن لا يسبقنكم بالعمل به غيركم) نعمل بالقرآن فنرجع ونكون أسياداً لأنفسنا، وإن تركنا القرآن فنبقى في نفس القوقعة التي الآن نمر نحن المسلمين بها.

 س2: ما هو دور الإمام الراحل (أعلى الله درجاته) في إفشاء ثقافة التعايش ما بين الشعب الواحد؟

انطلاقاً من نفس آية الأخوة التي تقول:(إنما المؤمنون أخوة) إن السيد الوالد (رحمة الله عليه) كان يؤكد دائماً على ذلك عملاً ليس فقط تأكيد لساني وتحريض، وإنما هو بنفسه كان يعود تلامذته، جماعته في مكتبه، في كتاباته، يحث المجتمع على ثقافة التعايش، أنه:(لا فرق لأعجمي على عربي)، مثلاً في مكتبه كان يعمل الأفغاني، والعراقي،والإيراني، وحتى الإفريقي، كانوا يعملون معاً، فأي شخص يدخل إلى هذا المكتب يستغرب من هذه الوجوه، مع أنه غالباً الإنسان يذهب ويختار من هو من مدينته من هو من محافظته ومن هو من بلده، إلا أن السيد بعمله كان يثبت للآخرين أنه لا مجال للاختلاف بين الأفراد من حيث الألوان واللغات وما أشبه ذلك، فهذا التركيز حتى كان في كتاباته عندما كان يؤكد أن:(هذه أمتكم أمة واحدة) كان يقول: عمل بما أمرنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، إنه:(لا فضل عربي على أعجمي إلا بالتقوى)، كان يؤكد بأنه علينا أن نتفهم الآخرين، علينا أن نقبل الوجه الثاني، وهو بنفسه أيضاً كان يعودنا على هذه، ويمارسها أيضاً ويقبل بالرأي الآخر، ويعلم الجميع، هو يعمل بقبول الرأي الآخر وإن كان معارضاً لرأيه، لذلك كان يستشير الصغيرة والكبيرة، وكان يستشير العراقي والإيراني والأفغاني في كل أموره، بهذه الروحية المنفتحة تمكن من أن يجمع أطياف مختلفة من المسلمين حوله ويؤثر عليهم.

 س3: صفوا لنا ما تبعثه الذكرى السنوية لرحيل المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته) من شجون فيكم.. كمرجع؟ كوالد؟

أنا لا أرى السيد مرجع مهيب ذو هيبة خاصة، ولا أراه والد، وإنما أراه صديق وأستاذ محب لي، تارة الإنسان ينظر إلى والده كوالد، وتارة ينظر إلى مرجعه كمرجع، وأخرى يجمع بين الاثنين، فمن يأخذ به إلى كل مكان، يعلمه الصحيح برحابة صدر، ففي كثير من الأحيان ونحن صغار، نعمل بعض الأعمال التي من المفروض أن لا نعملها، لا نرى منه إلا أوج الخلق في تعامله معنا (رحمة الله عليه)، وعندما فقدناه حقيقة، لم أفقد والدي ولم أفقد مرجعي فحسب، فإنما فقدت أعز شخص في الوجود، بالنسبة لي، لذلك الفقد كان صعب جداً صعب جداً، إلى الآن أنا لم أمر بتلك الحالة التي مررت بها حين سمعت بوفاة السيد الوالد، فلم أفقد والدي ولم أفقد مرجعي فحسب، وإنما فقدت كل وجودي وكياني لأيام لأيام.