حفل تأبيني حاشد بالذكرى الخامسة لرحيل الإمام الشيرازي في سوريا ـ السيدة زينب عليها السلام

 

من شذى القرب من الضريح الطاهر للسيدة الحوراء زينب (عليها السلام) وجه مكتب المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في العاصمة السورية والحوزة العلمية الزينبية الدعوة لحضور الحفل التأبيني الذي أقيم بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الفقيه الرباني والمرجع الديني المجدد السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته) في يوم الخميس المصادف للعاشر من شوال للعام الهجري الجاري 1427, والذي حضره وزير المجتمع المدني العراقي الأستاذ عادل الأسدي والسفير الأفغاني ووفدا السفارتين العراقية والإيرانية في دمشق, وممثلو مكاتب أصحاب السماحة مراجع الدين والأفاضل العلماء والنجباء المثقفين, وعدد من الشخصيات السياسية والإجتماعية, وجمع من المؤمنين من الجاليات العراقية والسعودية والبحرينية والسورية والأفغانية والإيرانية والإفريقية احتشد في مصلى الحوزة العلمية الزينبية والرواق المرتبط بها فضلا عن الحضور النسائي الذي ملأ قاعة النساء.

 

استهل الحفل بآي من الذكر الحكيم رتلها على أسماع المحتفين المقرئ حسن محمدي. ثم كلمة الافتتاح لعريف الحفل المحامي الأستاذ زكي النوري أشار فيها الى إن صناعة التاريخ تبدأ من الإرادة الإنسانية التي تشكل العنصر المحوري في عملية بناءه وتشكّله فبدون وجود الإرادة لم يحصل التقدم التراكمي للتاريخ البشري، وعليه يمكن أن ننظر للإمام الشيرازي الراحل من خلال تلك الإرادة الفولاذية التي برزت بشكل واضح في أوائل سني حياته حيث كان من جملة المراجع الكبار وهو في أوائل الثلاثينات من عمره.  وعليه فإن الحديث عن الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قده) ليس حديثاً عن فترة تاريخية قصيرة، انتهت يوم رحيله عنّا، بل هو حديث عن تاريخ طويل تترابط فيه عناصر الماضي والحاضر لتمتد إلى المستقبل, ذلك أن امتداد الزمن في أبعاد المكان يصبح مجرد تحيز جامد ما لم تتدخل فيه الروح الإنسانية لترسم عليه ملامحها الخاصة وتصبغها بمميزاتها.

 

كلمة الحفل التأبيني الأولى كانت باسم طلبة الحوزة العلمية الزينبية ألقاها فضيلة الشيخ أحمد ثامر والتي أكد فيها  على إن الإمام الشيرازي (أعلى الله درجاته) يعتبر من الكتاب المعدودين الذين بذلوا جهدهم لإقامة المدينة الإسلامية الفاضلة، لكن المدينة التي سعى الإمام لتحقيقها كانت تختلف اختلافا كبيراً عن تلك التي كان يفكر بها غيره، إنها مدينة تهتم بالشمولية القيمية والإنسانية والأخلاقية قبل كل شيء وتنظر بالتساوي إلى جميع بني البشر بعيداً عن لونهم وعرقهم.

وفي جانب آخر من الحفل التأبيني برز صوت من العراق وكان لناشط بحقوق الإنسان في العراق, وزميل للمنظمات الدولية الإنسانية الأستاذ حسين الإبراهيمي والذي أشار في كلمته الى عمق الأزمات الإنسانية التي يعاني منها بنو البشر عموما والعراقيون على وجه الخصوص قائلا: إن حقوق الانسان ليست شعارا يُرفع أو لافتات تُعلق في الشوارع أو جمل انشائية مصفوفة في بيانات حكومية أو حزبية للاستهلاك المحلي والإعلامي، بل انها حقائق لا بد أن يلمسها الإنسان في كل لحظة من حياته, ولا بد أيضا من أن يعمل من أجل إعلانها وترسيخها في عقل الفرد ووجدان المجتمع.

 

إعتاد المحتفون بهذه الذكرى الأليمة على قصائد الشاعر السيد محمد رضا القزويني الذي شارك في مهرجان هذا العام بقصيدة رائعة قرأها نيابة عنه فضيلة العلامة الشيخ الأفكاري.

 وختام الكلمات كان للأسرة الشيرازية الكريمة ألقاها نجل الإمام الشيرازي الراحل سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد جعفر الشيرازي الذي شكر في مستهلها وباسم سماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي والأسرة الشيرازية الضيوف على حضورهم الكريم للحفل التأبيني, ثم قال: لو  أردنا أن نستقصي الجوانب المشرقة والوضاءة في حياة سماحة آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (رضوان الله تعالى عليه) لطال بنا المقام .

وقال: إن من الأمور التي تميز بها  سماحة الإمام الشيرازي (رحمة الله تعالى عليه) تمسكه بالقرآن الكريم وبأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلّف في أمته الثقلين القرآن وأهل البيت (عليهم السلام), وأمرنا بالتمسك بهما قائلا " ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا" وإن التمسك بمنهج أهل البيت (عليهم السلام) لا يكون عبر الشعارات فقط وإنما يكون عبر التطبيق العملي فكان السيد الراحل (رحمة الله عليه) يطبق القرآن عملا ويطبق سيرة أهل البيت عملا, فكان هاجسه الأكبر القرآن وأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام), وكان حافظا للقرآن, وكان حافظا لكثير من الأحاديث, لقد طالع وباحث الكثير من كتب الأحاديث ككتاب "بحار الأنوار" على سبيل المثال, فقد باحثه مباحثة مع بعض زملائه أوائل دراسته في الحوزة العلمية, ولأنه تمسك بهذه الأحاديث لذا ملأ كتبه بها.

وكان ختام الحفل التأبيني بمجلس عزاء حسيني أقامه فضيلة الخطيب السيد مضر القزويني.