بيان مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية بمناسبة سقوط طاغية ليبيا  

   

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين, والحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن

نبارك لأبناء الشعب الليبي والمسلمين كافة سقوط سفاح ليبيا وطاغوت من طواغيت هذا العصر.

اليوم أصبحت ليبيا الدولة الثالثة بين الدول العربية التي أطاحت بطاغيتها، وهي تنتظر تنفس الحرية بعد أن كان الظلم والاستبداد ومصادرة الحقوق والحريات وكم الأفواه وحكم الفرد هو النظام السائد هناك، أصبح اليوم كل مسلم ليبي يتطلع إلى بناء دولة ديمقراطية تعددية يسودها القانون وتحترم فيها الحريات وحقوق الأقليات، وتصان فيها كافة الديانات والطوائف على اختلاف مذاهبها، فبعد أن رفع أبناء ليبيا الشجعان شعار (الله اكبر) طيلة أيام ثورتهم ولأكثر من ثمانية أشهر متواصلة، أصبح لزاماً عليهم وهم يحتفلون بالتحرر والظفر بالنصر أن يراعوا جيداً معنى الشعار الكبير لـ (الله اكبر) الذي كانوا يقاتلون تحت لوائه من خلال:

أولاً: مراعاة الشريعة الإسلامية السمحاء في الابتعاد عن السير في طريق الثأر أو انتهاج أسلوب الانتقام ومن بينهم أفراد الكتائب التي كانت تقاتل إلى جانب الطاغية، تأسياً بسيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة حينما قال لمشركي قريش: (اذهبوا فانتم الطلقاء) ورفع نداءه الشهير: (اليوم يوم المرحمة، اليوم تصان الحرمة).

ثانياً: أن لا تكون الأهداف المطروحة مجرّد شعارات يستغلها البعض لتحقيق مصالح سلطوية ودنيوية، فالمبادئ الإسلامية هي أولاً وأخيرا تهدف إلى تحقيق كرامة الإنسان والعدالة الاجتماعية وحماية الحريات والحقوق حتى لا تصبح الشريعة سوطاً للقمع والاستبداد.

ثالثاً: العمل على أن تتحد جهود الشعب الليبي لبناء نظام ديمقراطي عادل يوفر شراكة شاملة لأطيافه ويحقق العدالة الاجتماعية ويقود الأمة إلى الاستقرار والازدهار في جميع الأبعاد.

رابعاً: الابتعاد عن أسلوب عسكرة الثورة والانتقال إلى المشاركة السياسية ونظام المجتمع المدني الذي هو السبيل إلى تحقيق التنمية السياسية التداولية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتطوير التعليم والمشاركة الاجتماعية وغير ذلك، فالعسكرة ستؤدي إلى انجراف المجتمع نحو حروب أهلية أو انقلابات عسكرية تعود بليبيا إلى عهود الاستبداد المظلمة.

خامساً: سد الطريق على من يريد أن يركب موجة الثورة ويحاول قطف ثمارها من قبل أجهزة النظام السابق أو غيرهم من المتطرفين أصحاب الفكر التكفيري البغيض، هؤلاء الذين لايجلبون إلى البلاد سوى الويلات والحروب الطاحنة.

سادساً: الاستفادة من تجارب الغير وأخذ العبرة منها، بالابتعاد عن النعرات الطائفية التي أوصلت بلدان أخرى إلى خسائر كبيرة دون أية جدوى.

إن سقوط طاغية أخرى هو لعبرة كبيرة إلى كافة الحكّام والأنظمة والشعوب يستفاد منها دروساً كثيرة أهمها ان الظلم والاستبداد وقمع الحريات لايكاد يدوم، وان العدل والحرية ينتصران مهما طالت عهود الظلام، وقد قال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: ما أكثر العبر وأقل الاعتبار.

وكما أشار المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله بأن سعادة الشعوب رهينة انتهاجها السيرة النبوية المباركة ونهج أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم.

في الختام نبتهل إلى الله سبحانه وتعالى أن يمن على الأمة الإسلامية بالنصر المؤزّر, ورعاية سيدنا ومولانا الإمام صاحب العصر والزمان صلوت الله عليه وعجّل الله تعالى فرجه الشريف.

واشنطن ٢٦ ذي القعدة ١٤٣٢ للهجرة