تقرير الجلسات العلمية لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله

الليلة السابعة عشرة ـ شهر رمضان العظيم 1436 للهجرة

تقرير: الشيخ علي الفدائي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

 

(القضاء فقط أم الكفارة أيضاً)

سأل أحد الفضلاء: إذا نوى شخص عدم الصوم في شهر رمضان ولكنه لم يأت بمفطر، فلا صوم له وعليه قضاء ذلك اليوم، ولكن هل عليه الكفارة؟

فأجاب سماحته (دام ظله): لا كفارة عليه، نعم قال بعض في البحث العلمي باحتمال الكفارة أيضاً، ولكنه خلاف أدلتها، فإن ظاهرها أن يأتي بمفطر، وهذا لم يكن صائماً ولا يسمى عدم النية أو نية العدم أنه أتى بمفطر وإن لم يكن صومه صحيحاً.

فهو من باب (ضيق فم الركية)، إذ أدلة الكفارة أضيق من أن تشمل من لم يأت بأحد المفطرات العشرة المذكورة.

وسأل أحد الفضلاء: إذا نوى عدم الصوم ثم أتى بمفطر من المفطرات، فهل عليه الكفارة؟

فأجاب سماحته (دام ظله): نعم عليه الكفارة، وإن كانت هناك شبهة علمية بعدم وجوبها عليه، لكن الفقهاء قالوا بلزوم الكفارة.

والشبهة هي أن مع عدم النية لا صوم له حتى يصدق عليه أنه أتى بمفطر.

ولكن أدلة الكفارة في المفطرات فيها ظهور يشمل ما نحن فيه، وفهمه الفقهاء حيث قالوا من كان واجبه الصوم فأتى بأحد المفطرات وجبت الكفارة عليه، فأدلتها بعمومها تشمل حتى من لم ينو الصوم وجاء بأحد المفطرات وكان واجباً عليه.

 

(هل تعدد الكفارة بتعدد المفطر)

سأل أحد الفضلاء: هل الكفارة تتعدد بتكرر المفطر، بأن أكل عدة مرات في يوم واحد أو جامع كذلك؟

فأجاب سماحته (دام ظله): فصل الفقهاء في المفطرات، فقالوا في الأكل والشرب وما أشبه إنه لا تعدد، لأن الكفارة تترتب على الأكل بما هو هو سواء كان مرة واحدة أو أكثر منها.

نعم في الجماع دليل خاص على تكررها بتكرره.

قال أحد الفضلاء: تعدد السبب يوجب تعدد المسبب، فلا بد من تكرر الكفارة؟

فأجاب سماحته (دام ظله): هذا عرفاً سبب واحد، وإن كان عدة أكلات مثلاً، فالأكل كالكلي المشكك يشمل لقمة واحدة وعدة لقمات، وكذلك عدة أكلات، وفي مجلس أو عدة مجالس، فيصدق على كلها: من أكل فعليه الكفارة، فلا تجب إلا مرة واحدة.

قال أحد الفضلاء: تكرر عنوان الأكل والشرب، فلابد من تكرار الكفارة.

فأجاب سماحته (دام ظله): العنوان كلي مشكك يشمل حتى مع التكرر، كالماء الذي يشمل القطرة الواحدة ويشمل البحر بكله على نحو الكلي المشكك، وكذلك المساحة في متر واحد وألف متر، وهكذا. فالمسألة ليست عقلية بل هي عرفية، والظهور فيها حجة.

سأل أحد الفضلاء: في الجماع أيضا الكلي مشكك، فلماذا تتكرر الكفارة؟

فأجاب سماحته (دام ظله): هناك دليل خاص، والبعض ألحق به الاستمناء أيضاً.

سأل أحد الفضلاء: هل تقولون بتداخل الأسباب؟

فأجاب سماحته (دام ظله): المشهور لا يقولون به ونحن أيضاً لا نقول به، ولكن ما نحن فيه لا تعدد في الأسباب حتى يقال بتداخلها، بل مجموع المرات يكون سبباً واحداً، كما أن المرة الواحدة أيضاً سبب واحد، وهذا من نحو تطبيق الكلي المشكك على مصاديقه, فلا تتكرر الكفارة بتعددها وتكررها في اليوم الواحد.

أشكل أحد الفضلاء وقال: هذا يلزم منه الإشكال العقلي، فإن الكفارة إن تعلقت بالسبب الأول أي الأكل الأول، فما هو دور السبب الثاني أي الأكل الثاني، حيث لا يمكن أن يقال بأن الكفارة الأولى هي مسببة عن السبب الثاني، فإن المعلول لا يتقدم على علته، فيبقى السبب الثاني بلا مسبب حينئذ وهو محال أيضا.

فأجاب سماحته (دام ظله): هذا الإشكال يرد على كل المشككات نقضاً، وحله أن عنوان الأكل هو السبب للكفارة سواء كان مرة أو مرتين، فإذا أكل مرة أخرى فعل حراماً آخر ولكن لا تتعدد الكفارة.

سأل أحد الفضلاء: هل يعني ذلك أن كل أكلة من الأكلات جزء من السبب؟

فأجاب سماحته (دام ظله): ربما يقال بذلك، على تأمل فيه.

فقال السائل: فالأكلة الثانية تعتبر من الشرط المتأخر؟

فأجاب سماحته (دام ظله): مع القول بالمشكك هنا لا حاجة لنا إلى الشرط المتأخر، وإن لم يترتب عليه إشكال لو قال به أحد.

وللتقريب نقول:

(من فطّر مؤمناً) فله كذا من الثواب (1)، يصدق الإفطار على أول جزء من اللقمة التي يأكلها الصائم وقت الإفطار، ويصدق على كل أكله أيضاً المشتمل على اللقمات المتعددة، بل الأكلات المتنوعة، فكلها مصداق لمن فطّر مؤمناً، على نحو الكلي المشكك، لا أن أول لقمة بل أول جزء منها مصداق له والباقي خارج عنه، فيصدق على المجموع إفطار الصائم كما يصدق على الجزء الأول ذلك.

وهذا من آثار الكلي المشكك على ما هو مذكور في المنطق.

سأل أحد الفضلاء: فما الفرق بين الجماع والأكل في التعدد وعدمه؟

فأجاب سماحته (دام ظله): الفارق هو النص.

سأل أحد الفضلاء: إذا أفطر مرة فهو ليس بصائم، فلماذا احتمال تكرار الكفارة، ولماذا في الجماع قالوا بتعدد الكفارة؟

فأجاب سماحته (دام ظله): تعددها فيه للنص الخاص.

سأل أحد الفضلاء: إذا كان الأصل عندكم عدم تداخل الأسباب، فلماذا لا تقولون بتعدد الكفارة حتى في الأكل؟

فأجاب سماحته (دام ظله): نعم الأصل عدم تداخل الأسباب، ولكن العرف يرى مجموع الأكلات سبباً واحداً كما بيناه.

وإلا فإن كان الأمر دقياً ففي اللقمة الواحدة لابد من القول بتعدد الكفارة، لأنه بعد المضغ يدخل في جوفه أول جزء من اللقمة ويترتب عليه الكفارة، ثم يدخل الجزء الثاني والثالث وهكذا، فهل يقال بتعددها لتعدد أجزاء اللقمة الواحدة وتكرر الازدراد فيها؟

فكما أن العرفية في اللقمة الواحدة تقول بالسبب الواحد، كذلك في تعدد اللقمات والأكلات.

سأل أحد الفضلاء: أليست كل أكلة سبباً؟

فأجاب سماحته (دام ظله): ليس المراد بالسبب العلة التامة حتى يرد الإشكال، بل المراد السبب العرفي أو جزء السبب أو ما أشبه مما لا يتنافى ذلك مع عدم تعدد الكفارة بتعددها.

قال أحد الفضلاء: التعليق في الجمل الشرطية في أدلة الكفارة، يوجب تعدد الجزاء بتعدد الشرط، حيث قال مثلاً: (من أكل فعليه الكفارة) فكيف تقولون بالانحصار في كفارة واحدة مع تكرر الشرط؟

فأجاب سماحته (دام ظله): الظهور العرفي هو الملاك.

قال تعالى: (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً)(2) ، وفي الرواية المراد بالقرآن هنا آيات معينة (3)، فالقرآن مشكك يصدق على الآية الواحدة وعلى أكثر منها، وعلى سورة واحدة وعلى عدة سور وعلى المجموع الكامل.

وكذلك هنا يقول الشارع (الأكل فيه كفّارة)، فالأكل يشمل لقمة واحدة ووجبة كاملة، كما يشمل جزء اللقمة والأجزاء التالية منها.

نعم البعض فرق بين الجلسة الواحدة وتكررها، ولكن في اليوم الواحد كلها مصداق للأكل على نحو الكلي المشكك، فلا تكرر الكفارة بتكرر المجلس.

سأل أحد الفضلاء: هناك عموم في أدلة الكفارة، فقوله: إن أكلت فكفِّر، عمومه يشمل ما أكل بعده أم لا، ففي كل مرة كفارة، لأنه لم يقل لا كفارة في الأكلات البعدية؟ وإلا فما تقولون في مثل: (إن دخل الوقت فصلّ)، فهل يكتفي بصلاة واحدة ولا يكررها في الأيام المختلفة؟

فأجاب سماحته (دام ظله): إذا كان هناك في الكفارة ظهور في المرة من باب الكلي المشكك، فهذا لا يعني وجود مثل هذا الظهور في كل مكان حتى في الصلاة، إذن المعيار الظهور العرفي وهو يختلف في الصوم عن الصلاة.

وقد ورد في باب الحج أنهم سألوا عن المعصوم (عليه السلام) هل الحج مرة واحدة أم أكثر، فلم يجبهم ثم قال: لم تسألون عن ذلك؟ أي لا حاجة للسؤال بعد الظهور في المرة الواحدة.

عَنْ عَلِيٍّ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ‌ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (4) قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفِي كُلِّ عَامٍ، فَسَكَتَ، فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ: لا، وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) (5)، (6).‌

سأل أحد الفضلاء: بالنسبة إلى كفارة الصيد قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزيزٌ ذُو انْتِقامٍ) (7).

حيث ورد: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي مُحْرِمٍ أَصَابَ صَيْداً، قَالَ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، قُلْتُ: فَإِنْ أَصَابَ آخَرَ، قَالَ: إِذَا أَصَابَ آخَرَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَهُوَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ) (8).

فقوله تعالى: (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ) نفي للكفارة المتعددة، أي لولاها لكان يفهم من ابتداء الآية الظهور في التكرار، وإلا فما وجه الإتيان بتتمة الآية؟

فأجاب سماحته (دام ظله): نحن لا ننفي ظهور بعض النصوص في التكرار، بل قلنا بأنه تابع للظهور العرفي، فمثلاً: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى‌ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) (9) ، فيه ظهور في التكرار كل يوم.

ولكن في كفارة الصوم لم يفهم الفقهاء ولا العرف التكرار بتكرر الأكل وما أشبه، فأخذوها على نحو المشكّك لا على نحو المفرّد.

 

(الخمس وشأنية المعنويات)

سأل أحد الفضلاء: قلتم بأن من شروط المؤنة: الشأنية، فهل تقولون بالشأنية في المعنويات أيضاً، فإذا أنفق على الفقراء أكثر من شأنه هل يجب تخميسه؟

فأجاب سماحته (دام ظله): قال بعض الفقهاء: نعم فيه الخمس، ولكن يبدو أن المعنويات لا تراعى فيها الشأنية، فالترغيب الكبير على ما يوجب التقرب إلى الله تعالى مطلق، وكلما تقرب الإنسان إلى ربه بالمعنويات أكثر فأكثر كان أفضل.

فالإنفاق بدينار واحد مستحب، والإنفاق بالأكثر أفضل وأكثر ثواباً، من هنا نقول: لا خمس فيما يصرف في المعنويات بنية القربة مهما كثر.

فمن كان شأنه زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) مرة في السنة، إذا زار عدة مرات، فكلها تكون من المؤنة ولا خمس فيها، لأن الشارع هو الذي أمر بها وبالإكثار منها.

 

(الخمس والتعلق بالعين)

سأل أحد الفضلاء: إذا كان الخمس يتعلق بالعين عند حصول الفائدة يوماً بيوم، فهو لا يملك خمس العين، فكيف يتصرف فيه، وكيف يستطيع للحج به، فهل يكون الإنسان مستطيعا بمال غيره؟

فأجاب سماحته (دام ظله):

أولاً: الاستطاعة تحصل بالأعم من مال نفسه، فقد تحصل بالبذل والإباحة وما أشبه.

وثانياً: مع تعلق الخمس لا يخرج عن ملكه مطلقاً، فإن أدلة الخمس بعد المؤنة تقول: إذا لم يصرفها خلال السنة استقر الخمس عليه، ولكن مع الصرف فهو كاشف عن الملكية له لا لأرباب الخمس.

وبعبارة أخرى: خمس العين ليس له إن بقي إلى رأس السنة، أما مع صرفه فهو له.

فأدلة المؤنة تخصص عموم الخمس.

أو يقال بأنه له حتى مع التعلق إلا إذا لم يصرفها وبقيت إلى رأس السنة، فتأمل.

سأل أحد الفضلاء: هل كان يمكنه أن يخمسه فور تعلقه وقبل إخراج المؤنة، وكيف كان ينوي ذلك؟

فأجاب سماحته (دام ظله): نعم يمكنه أن يخمسه وينوي حينئذ الوجوب، لأن التأخير رخصة، مثل نية الوجوب في صلاة الظهر في أول وقتها، مع أنها واجب موسع يجوز تأخيرها من أول وقتها.

وكذلك الخمس، حيث ورد: (هي والله الإفادة يوماً بيوم) (10) ، وورد: (حَتَّى الْخَيَّاطُ لَيَخِيطُ قَمِيصاً بِخَمْسَةِ دَوَانِيقَ فَلَنَا مِنْهَا دَانِقٌ) (11).

فالخمس واجب وقت الإفادة وإن كان موسعاً، فلا يلزم الفور فيه، بل يجوز تأخيره إلى تمام السنة وبعد المؤنة.

والمؤنة تكون بشروطها الثلاث: الفعلية والحلية والشأنية.

قال صاحب العروة: (مسألة، متى حصل الربح وكان زائداً على مئونة السنة تعلق به الخمس‌، وإن جاز له التأخير في الأداء إلى آخر السنة، فليس تمام الحول شرطاً في وجوبه وإنما هو إرفاق بالمالك لاحتمال تجدد مئونة أخرى زائداً على ما ظنه، فلو أسرف أو أتلف ماله في أثناء الحول لم يسقط الخمس، وكذا لو وهبه أو اشترى بغبن حيلة في أثنائه‌) (12).

سأل أحد الفضلاء: ذكر بعض العلماء أن القول بالإباحة المجردة في المعاطاة يستلزم تأسيس قواعد جديدة في الفقه، ومنها في باب الاستطاعة حيث تحصل بالإباحة وليست بالملك، من هنا استبعد البعض الإباحة المجردة.

قالوا بناءً على الإباحة: ففي الأخماس والزكوات تتعلق الزكاة والخمس بالمال الذي صار عنده بالمعاطاة مع أنه لا يكون مالكاً له مع توقف تعلقهما على الملك.

وقالوا في الاستطاعة: يتعلق وجوب الحج عليه بواسطة استيلائه على المال بسبب المعاطاة مع أنه ليس مالكاً له.

إلى غيرها من الموارد كما ذكروا في الديون والنفقات والمقاسمة والشفعة والمواريث والربا والوصايا وغيرها (13).

فأجاب سماحته (دام ظله): لا تتوقف الاستطاعة على الملك كما أشرنا، فبالإباحة قد تحصل الاستطاعة أيضاً، كما لو قال له: أبحت لك أن تأخذ من أموالي للحج.

ويمكن القول في باب الخمس: إنه تعلق بالعين ولا يملك مقداره لكن بقيد أو بشرط عدم صرفه، فإذا صرفه قبل تمام السنة فهو كاشف عن ملكه أيضاً في ذلك المقدار، فتأمل.

والبحث في المعاطاة وأنها تفيد الإباحة أو الملك مفصل مذكور في محله.

قال أحد الفضلاء: إن الفقهاء جعلوا الحج البذلي في مقابل الحج بالاستطاعة؟

فأجاب سماحته (دام ظله): الاستطاعة أعم من ذلك، ومن أقسامها البذل والإباحة.

قال أحد الفضلاء: هذا يستلزم منه الدور؟

فأجاب سماحته (دام ظله): لا دور فيه، بل هو من العام والخاص، فالخمس تعلق به إلا إذا صرفه وصدق عليه المؤنة، وهذا هو مقتضى الجمع بين الأدلة، وهو تعلق الخمس يوماً بيوم وما دل على تخصيصه بالمؤنة.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

ـــــــــــــــــــ

(1) راجع وسائل الشيعة: ج10 ص141 ب3 باب استحباب تفطير الصائم عند الغروب وتأكده في شهر رمضان.
(2) سورة الإسراء: 45.
(3) عَنِ الرِّضَا (عليه السلام) عَنْ أَبِيهِ (عليه السلام)، قَالَ: دَخَلَ أَبُو الْمُنْذِرِ هِشَامُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ أَنْتَ الَّذِي تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ، قَالَ قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ (صلى الله عليه وآله): (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) مَا ذَلِكَ الْقُرْآنُ الَّذِي كَانَ إِذَا قَرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) حُجِبَ عَنْهُمْ، قُلْتُ: لا أَدْرِي، قَالَ: فَكَيْفَ قُلْتَ إِنَّكَ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ، قُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُنْعِمَ عَلَيَّ وَتُعَلِّمَنِيهِنَّ، قَالَ آيَةٌ فِي الْكَهْفِ وَآيَةٌ فِي النَّحْلِ وَآيَةٌ فِي الْجَاثِيَةِ، وَهِيَ: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى‌ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى‌ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى‌ بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ، وَ فِي النَّحْلِ: أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‌ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ، وَفِي الْكَهْفِ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى‌ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى‌ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً). بحار الأنوار: ج89 ص283 ب43 ح2.
(4) سورة آل عمران: 97.
(5) سورة المائدة: 101.
(6) مستدرك الوسائل: ج8 ص14 ب3 ح8937.
(7) سورة المائدة: 95.
(8) الكافي: ج4 ص394 باب المحرم يصيب الصيد مراراً ح2.
(9) سورة الإسراء: 78.
(10) الكافي: ج1 ص544 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس ... ح10.
(11) تهذيب الأحكام: ج4 ص122 ب35 ح5.
(12) العروة الوثقى: ج2 ص397 المسألة 72.
(13) راجع المكاسب والبيع للميرزا النائيني: ج1 ص153.