|
|
خطباء وأساتذة الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة يستنكرون العمل الإجرامي الذي طال المؤمنين المصلين في مسجد الإمام الصادق عليه السلام في الكويت
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وعلى اله الطيبين الطاهرين. وبعد: فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً*الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) سورة الإسراء: الآيتين 103 – 104. صدق الله العلي العظيم ببالغ الأسى والألم تلقينا نبأ فاجعة مسجد الإمام الصادق عليه السلام في الكويت التي أودت بحياة سبعة وعشرين شهيداً، وخلَّفت أكثر من مئتي جريح. إن الهجمة الماسونية البربرية الواسعة والعابرة للحدود التي ينفذها أعداء الإسلام والإنسانية، خوارج العصر، مستهدفين أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، انما تهدف ضرب الإسلام في عقر داره وتشويه صورته في كل العالم، وهو استكمال لأدوار الطواغيت والإرهابيين الذين فرضوا أنفسهم على رقاب الأمة بالحديد والنار، كيزيد بن معاوية ونضرائه في تاريخ الإسلام. إن اغتيال كوكبة من المصلين الصائمين في بيت الله وفي شهر الله وفي حال السجود لله العظيم هو جريمة نكراء بشعة بكل المعايير الشرعية والقانونية والعقلائية، جريمة اقشعرت لها الجلود وصعقت بشاعتها كل الأمم والشعوب بمختلف أديانها ومشاربها وان منفذيها هم شر مطلق على الإنسانية. ونحن اذ نرفع تعازينا الى بقية الله الأعظم (عجل الله فرجه الشريف)، والى شعب الكويت الجريح، واسر الضحايا نؤكد على أمور ذات أهمية كبيرة، للاحتراز من هجمات وحشية أخرى مماثلة، حيث ان هؤلاء الجهنميين الأشرار جراثيم فتاكة ابتليت بهم الشعوب الآمنة، يؤكدون تهديداتهم وعزمهم على المزيد من الولوغ في الدماء، فيلزم الاهتمام بما يلى: 1. في ظروف المحنة العامة يتحتم على الجميع تحمل المسؤولية وتحصين الجبهة الداخلية من أي نوع من التشرذم والتشتت تحت أي عنوان، حيث أن ذلك يعني الضعف واستقواء الخصم واستغلال الفرصة الكبيرة للمزيد من الظلم، قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله): «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً». 2. ويلزم وضع خطة للتعبئة الشعبية الأمنية، بمعنى رصد كل قادم غريب لاسيما في أماكن العبادة والاجتماعات حيث ان العدو الإرهابي يستغفل المجتمع ثم يفجر، فلو أن الناس ضمن خطة مدروسة يرصدون الداخل في وسطهم يستطيعون كشف أي حركة مشبوهة، أو شخص غريب فيبادرون إلى اتخاذ ما يلزم لحفظ الأمن العام، وهذا الرصد يلزم ان يغطي كل المناطق والمؤسسات والدوائر والجوامع والحسينيات وغيرها، ومؤونتها خفيفة، وعوائدها ونفعها كبير، ان العدو يستخفي بشدة فلو انكشف امره انقلب سحره عليه وفشلت خطته. 3. نرى ضرورة تشكيل «خلية أزمة» أو «مجلس أعيان» أو ما شابه من العلماء والوجهاء والأعيان، وهذه التشكيلة تجتمع وتتداول الأمور وتتخذ ما يلزم لحفظ أمن البلاد والمجتمع، وتشير على أولياء الأمور بمقترحات ناضجة ومدروسة، حيث ان الظروف في الخليج ونداءات قادة الإرهاب تسعى لإشعال حرب أهلية، وهي ـ لا قدر الله ـ لو اندلعت لا تبقي ولا تذر، تأتي على الأخضر واليابس، وتحرق البلاد والعباد، وتشكيل مجالس الرأي والمشورة تحصِّن الأمة من الوقوع في الهاوية، وتشكيل مجالس الرأي تحت أي عنوان مصداق للحديث الشريف: «ما تشاور قوم إلا هدوا الى رشدهم»، وقال (صلى الله عليه واله): «يد الله مع الجماعة ولا يأكل الذئب من الغنم إلا القاصية». 4. ونقترح ضرورة تركيز العمل لتجفيف منابع الإرهاب حيث ان بعض خطب الجمعة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ومناهج التربية والتعليم في كليات الشريعة وغيرها لا تألوا جهدا في التكفير والتحريض على سفك الدماء البريئة باعتبارها دماء مشركين وكفار، وهذه تنتج شباباً مضحين في سبيل الإرهاب وقتل الآخر وسفك دماء المصلين والصائمين، وإيقاد نيران الفتنة الطائفية الجائرة، فالسعي لمكافحتها وتصحيحها والتأسيس لنهضة فكرية سلمية إنسانية، تنشر الإسلام المحمدي المتسامح وثقافة مدرسة أهل البيت عليهم السلام وفكرهم الإنساني البنّاء الذي يقول: «الناس صنفان أما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق»، فالناس أخوة جميعاً، و«كللكم لآدم وآدم من تراب»، كما قال رسول الإنسانية الأعظم صلى الله عليه واله. إن النهضة الفكرية، وتبديل القناعات الظلامية بتنوير العقول هي العلاج الناجع لأزمة العنف والتكفير لكل من في العالم الإسلامي. 5. وضمن الخطوات النافذة والفاعلة لتجفيف منابع العنف والفساد رصد تحركات رموز التطرف، ورفع دعاوى قضائية على مواقفهم وتحركاتهم المشبوهة، وإيقافهم بشجاعة عند حدودهم ضمن حدود المواطنة الصالحة وضوابط المجتمع المدني الآمن. إن التحرك الحقوقي لملاحقة رموز التطرف من مسؤولية المحامين ورجال القانون والقضاء وهذا يتطلب تأسيس «مجلس حقوقي» لتنفيذ ما يلزم للدفاع عن حقوق الناس وحياتهم ومقدراتهم، ويمكن له أحياناً أن ينقل صوت المظلومين إلى المحافل الدولية وبدون هذا النوع من التحرك الصادق، كيف يمكن استئصال جذور الإرهاب وتجفيف منابعه؟ 6. وفي ظروف المحنة يلزم أيضاً المزيد من الإلتفاف حول راية المرجعية الدينية، إذ هي صمام الأمان للأمة، وإنها تشمر عن الساعد وتخوض الميدان للدفاع عن القيم والإنسانية، كما شاهدنا ذلك في العراق فالمرجعية هي الأبوة الحانية، والخيمة الجامعة، والعقل المدبر، حيث أن «العلماء حصون الأمة وسور الإسلام» كما في الحديث الشريف، وكلما كانت الأمة قريبة من مرجعيتها الدينية ولاصقة بها كلما كانت أبعد عن الأخطار والمصائب والأزمات، وهذه الظروف حيث تنمرت عصابات الماسونية العالمية متمثلة في التنظيمات المتوحشة لضرب الإسلام وأمته، نحن في كل مكان بأحوج ما نكون ان نلتزم ونطيع قياداتنا الدينية النزيهة المخلصة والجامعة للشرائط الشرعية. حفظ الله شعب الكويت النبيل، وشعب العراق وكل الشعوب الإسلامية، ورد الله كيد الأعداء الإرهابيين والماسونيين والأشرار إلى نحورهم. رحم الله شهداءنا الأبرار في القديح والعنود والدالوة والكويت والبحرين وكل العراق واسكنهم مع شهداء كربلاء في بحبوحة الجنان، ومنَّ الله على الجرحى والمرضى بالشفاء الكامل العاجل وألهم ذوي الشهداء الصبر والسلوان، وإِنَّا لِلّهِ وإِنّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ، وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
خطباء وأساتذة الحوزة العلمية كربلاء المقدسة 9/ شهر رمضان/ 1436 هجرية
|
|
|