اليوم الأول والثاني من مجالس عزاء أمير المؤمنين عليه السلام في مكتب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله

إحياءً لذكرى شهادة سيد الوصيين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين مولانا الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام وبمناسبة ليالي القدر المباركة أقام مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كربلاء المقدسة برنامجاً خاصاً بالمناسبتين من المقرر استمراره لخمسة أيام.

مجلس اليوم الأول استهل بتلاوة قرآنية مباركة ومن قراءة الكلمات الشريفة لزيارة أمين الله، بعد ذلك اعتلى المنبر المبارك الخطيب الحسيني فضيلة الشيخ ضياء الزبيدي مستمداً بحثه من قوله تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) سورة هود: 112.

وقد وطَّأ لحديثه بمقدمة بيَّن عبرها أن المعرفة التامة للإمام مستحيلة لما عدا المعصوم عليه السلام، ومهما تحدث الخطيب أو العالم عن الإمام لم يبلغ كنه ذاته، وأمير المؤمنين عليه السلام المصداق الأعظم للإمامة وقد كتب حوله الكثير ولا تزال صفحته مطوية لم تفتح حقيقة.

ومن ثم شرع ببيان مواقف الإمام عليه السلام الإنسانية وكذا مواقفه الناصرة للدين الحق وجهاده في تثبيت عرى الدين المحمدي العظيم، وانه سلام الله عليه لم يتغير أبداً هو ذاته علي عليه السلام بمبادئه وأخلاقه منذ ان تربى في حجر رسول الله صلى الله عليه واله يافعاً والى ان مضى شهيداً مظلوماً محتسباً وهو قائد اكبر دولة على وجه الأرض يومها.

كما وتحدث حول الاستقامة وإنها تعني عدم الانحراف مهما كان بسيطاً مقرراً أن هذا الأمر لم يستطع احد ان يمتثله سوى أهل البيت عليهم السلام أما سائر الأمة فقط انحرفوا بمستويات متفاوته، والقرآن العظيم يشتهد لذلك قال تعالى: (وَمَا مُحمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى‏  أَعْقَابِكُمْ) سورة آل عمران: 144، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) سورة المائدة: 54، وغيرها من الآيات.

بعد ذلك تطرق إلى واقعة الشهادة المؤلمة وكيف غدر الملعون ابن ملجم المرادي بسيد الأوصياء عليه السلام وهو ساجد لله تعالى في مسجد الكوفة المعظم.

كما وأدى الفضلاء في المكتب والمؤمنون مراسم ليلة القدر المباركة العبادية حاملين المصاحف الشريفة على الرؤوس متضرعين للمولى سبحانه بتعجيل فرج المولى صاحب العصر والزمان عليه السلام.

أما مجلس اليوم الثاني فقد استمد الخطيب الشيخ ضياء الزبيدي بحثه من قوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) سورة ياسين: الاية12.

ولبيان خصائص المولى أمير المؤمنين عليه السلام وبيان منزلته فقد استشهد بخطبة الإمام زين العابدين عليه السلام حيث قال فيما يخص الإمام علي عليه السلام: «انا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا : أشهد أن لا إله إلا الله.

أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله  بسيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وصلى القبلتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين .

أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين، من آل يس، ورسول رب العالمين .

أنا ابن المؤيد بجبرائيل، المنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، والمجاهد أعداءه الناصبين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، وأول من أجاب واستجاب لله من المؤمنين، وأقدم السابقين، وقاصم المعتدين، ومبير المشركين، وسهم من مرامي الله على المنافقين، ولسان حكمة العابدين، وناصر دين الله، وولي أمر الله، وبستان حكمة الله، وعيبة علم الله، سمح سخي، بهلول زكي، أبطحي رضي، مرضي مقدام، همام صابر صوام، مهذب قوام، شجاع قمقام، قاطع الأصلاب، ومفرق الأحزاب، أربطهم جنانا، وأطلقهم عنانا، وأجرأهم لسانا، وأمضاهم عزيمة، وأشدهم شكيمة، أسد باسل، وغيث هاطل، يطحنهم في الحروب إذا ازدلفت الأسنة، وقربت الأعنة، طحن الرحى، ويذروهم ذرو الريح الهشيم، ليث الحجاز، وصاحب الإعجاز، وكبش العراق، الإمام بالنص والاستحقاق، مكي مدني، أبطحي تهامي، خيفي عقبي، بدري أحدي، شجري مهاجري. من العرب سيدها، ومن الوغى ليثها، وارث المشعرين، وأبو السبطين، الحسن والحسين، مظهر العجائب، ومفرق الكتائب، والشهاب الثاقب، والنور العاقب، أسد الله الغالب، مطلوب كل طالب، غالب كل غالب، ذاك جدي علي بن أبي طالب..».

ومن ثم اخذ ببيان منزلة أمير المؤمنين عليه السلام متعرض بعدها الى عظم المظلومية التي تلقاها من سائر الناس وهو القائل: «أنزلني الدهر وأنزلني حتى قيل علي ومعاوية..» ومن هنا اخذ بمقارنة بين الشخصيتين أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية مبيناً فضل وعظمة الإمام وحقارة معاوية وتدانيه.

كما وأكد ان جهاد الإمام علي عليه السلام هو من نصر الإسلام وثبته ونشره وقد استشهد لذلك ببعض مواقف الأمير عليه السلام البطولية في معارك الإسلام لاسيما في واقعة حنين، ومن ثم تطرق إلى جانب من عدالة حكم الإمام عليه السلام وإنصافه الأمر الذي لم يرق لكثير من الجهلة الأمر الذي أدى إلى شهادته عليه السلام.