سماحة المرجع الشيرازي لدى لقاءه أساتذة وطالبات حوزة الزهراء النسوية يؤكّد:

إن علوم أهل البيت هي السبب في إخراج الألوف من الناس من الظلمات إلى النور

قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله جمع من أساتذة وطالبات حوزة الزهراء صلوات الله عليها النسوية العلمية وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة صباح يوم الثلاثاء الموافق للعشرين من شهر ربيع الثاني 1433 للهجرة، واستمعن إلى توجيهات سماحته القيّمة التي استهلها بقوله تبارك وتعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت: 33، وقال:

أفضل إنسان وأفضل مسلم ومسلمة وأفضل مؤمنة ومؤمن هو الذي يكون عمله صالحاً، ويدعو الآخرين إلى العمل الصالح. فالإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأة، بمقدار ما يتعلّم ويفهم ويدرك من علوم آل محمّد صلوات الله عليهم يمكنه أن ينقل ما تعلّمه إلى الآخرين ويكون سبباً لهداية الآخرين، فضلاً عما ينتفع به شخصياً من عمله.

وبيّن سماحته: إنّ العمل مع العلم أفضل بكثير من العمل مع الجهل، فمثلاً: مقام صلاة العالم بأحكام الصلاة وآدابها أفضل وأعلى بكثير من مقام صلاة الجاهل بأحكام الصلاة. فالجاهل بأحكام الصلاة يصلّي وصلاته تكون صحيحة ويكون مسقطاً للتكليف ولا يُقال له يوم القيامة بأنك لم تصلّي، لكن درجاته ومقامه ليست بمقام المصلّي العالم بأحكام الصلاة. فدرجات الصلاة في الآخرة ومقام المصلّي تكون وفق ما له من العلم والتقوى، وأما فاقد العلم، أو له علم قليل، إما لا يوفّق إلى العمل الصالح أو تكون موفّقيته قليلة.

وتساءل سماحته بقوله: كيف يمكن للإنسان أن يعمل صالحاً بدون التعلّم من علوم أهل البيت صلوات الله عليهم؟ وكيف يمكنه هداية الآخرين إلى الله تعالى بدون أن ينهل من علوم أهل بيت النبي صلّى الله عليه وآله؟ وهذا ما أكّدته الآية الكريمة التي بدأنا بها الحديث، وتعني أن من يتعلّم العلم والدين من أهل البيت صلوات الله عليهم فسيكون عمله صالحاً ويوفّق في هداية الآخرين إلى الله عزّ وجلّ.

وشدّد سماحته بقوله: إنّ المتعلّم من علوم أهل البيت صلوات الله عليهم هو الذي يوفّق ويكون سبباً في هداية الألوف من الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وتعلّم علوم أهل البيت صلوات الله عليهم بحاجة إلى مقدّمات، وهي تعلّم العلوم الخمسة التالية: النحو، والصرف، والمنطق، والمعاني والبيان، واللغة. فكلما أتقن الإنسان هذه العلوم ـ بالأخصّ طالب وطالبة العلم ـ سيفهم ويدرك علوم أهل البيت صلوات الله عليهم أكثر. فعلى الطالبات والطلاّب أن يسعوا إلى إتقان هذه العلوم الخمسة بالمواظبة على الدراسة والمباحثة والمطالعة ونحو ذلك، حتى يتمكن من تعلّم علوم أهل البيت صلوات الله عليهم، ويتمكّن بالنتيجة من هداية الناس إلى الإسلام الحقيقي والصحيح وهو إسلام أهل البيت صلوات الله عليهم، ويكون مصداق الآية الكريمة التي صدّرنا بها حديثنا.

كما أوضح سماحته قائلاً: إن المسلم الحقيقي الذي أشارت إليه الآية الكريمة: (وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) هو الذي تكون أعماله صالحة، وعباداته صحيحة، ويكون صحيح العقيدة بالله تعالى وبرسله وبأنبيائه وبالنبي الأكرم وبالأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، ويكون داعياً إلى الله سبحانه. فالمسلم الذي يعتقد اعتقاداً صحيحاً بالله عزّ وجلّ وبالآخرة، تكون أعماله صادرة وفق هذا الاعتقاد الصحيح.

وخاطب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله الحاضرات المكرّمات مؤكّداً: يجدر بكنّ أن تبذلنّ السعي الكثير والدائم في سبيل نيل توفيق تعلّم علوم أهل البيت صلوات الله عليهم، إضافة إلى الإخلاص في النيّة، والتحلّي بالأخلاق الحسنة. فاسعين إلى الاستفادة من الفرص كلّها، ومن كل لحظة وثانية من حياتكنّ وعمركنّ في هذا المجال.

كما عليكنّ بعد التعلّم أن تمارسن الهداية في كل مكان، في الحضر وفي السفر، وفي بلدكنّ وخارجه، وحتى في السيارة والطائرة، لتكوننّ مصداق قوله تبارك وتعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) إن شاء الله.