سماحة المرجع الشيرازي دام ظله في محاضرته بذكرى مولد النبيّ والإمام الصادق صلوات الله عليهما:

الحكومة الفاضلة يعني التعامل باللين حتى مع الأعداء والمعارضين

عشية مناسبة ذكرى مولد سيّد الكائنات مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وذكرى مولد حفيده ناشر علوم الإسلام مولانا الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه، ألقى المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، كلمة قيّمة، خلال درسه في الفقه ـ بحث الخارج ـ كتاب الحجّ ـ في مسجد الإمام زين العابدين صلوات الله عليه، بمدينة قم المقدّسة، صباح اليوم السبت الموافق للسادس عشر من شهر ربيع الأول 1435 للهجرة، إليكم نصّها:

بسم الله الرحمن الرحيم

في البداية، وبمناسبة ذكرى ميلاد فخر الكائنات، أشرف الأولين والآخرين، مولانا رسول الإسلام صلى الله عليه وآله، وذكرى ميلاد حفيده مولانا الإمام جعفر بن محمّد الصادق صلوات الله عليه، أقدّم التهاني وأبارك للمقام الشامخ والرفيع لمولانا بقيّة الله الإمام المهديّ الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله وسلامه عليه، ولجميع المؤمنين والمؤمنات، في أطراف الدنيا، وكل المسلمين والضعفاء والمستضعفين، وكلّ البشرية، فرسول الإسلام صلى الله عليه وآله هو للبشرية كافّة، حيث قال عزّ من قائل: (إنّي رسول الله إليكم جميعاً). وأسأل الله تعالى أن يعجّل في فرج مولانا بقيّة الله عجّل الله تعالى فرجه الشريف، حتى يحقّق الأهداف العالية والقيّمة والكريمة، للنبيّ صلى الله عليه وآله، كي تطبّق في الدنيا كلّها.

 

أشبه الناس بالنبيّ

ورد في الحديث الشريف عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: «أشبهكم بي...وألينكم كنفاً». وهنا أركّز على «ألينكم كنفاً» فهي أهم ما ذكره النبيّ صلى الله عليه وآله.

كنف، تعني، كل ما يصدر من الإنسان وما يُرى ويُستنتج منه، من لسانه، وتعامله، وعمله، وتقريره. وفي هذا الحديث الشريف قال النبيّ صلى الله عليه وآله بأنه أشبهكم بي، هو من كان الألين كنفاً، ولم يقل الأعلم، ولا الحكيم أكثر، مع أن لهذين الأمرين بحث خاصّ في محلّهما. وكذلك لم يقل أنفقكم، بل قصده: من كان قوله وتعامله وعمله ألين من غيره فهو أشبه الناس به صلى الله عليه وآله.

بالنسبة للأبوين، فالأشبه منهما برسول الله صلى الله عليه وآله، هو من كان أكثر ليناً، والأشبه برسول الله، من روؤساء العشائر هو من كان أكثر ليناً، وهكذا بالنسبة لأساتذة الجامعة، والأزواج، والإخوة، والحكّام، ومراجع التقليد، ورؤساء الحسينيات، والأغنياء وأصحاب الخير والإنفاق، والمتولّين على الأوقاف والمساجد، وزوّار الإمام الحسين صلوات الله عليه، ولباقي الناس. فالأشبه برسول الله صلى الله عليه وآله من هؤلاء، هو من كان أكثرهم ليناً، كل حسب مستواه.

 

معنى ألينكم كنفاً

الشخص الألين كنفاً، يعني الذي لا يخافه الناس ولا يهابونه ولا يخافون ولا يخشون ما يصدر منه من تعامل وقول وعمل. واللين له مراتب، ولعلّها بالآلاف، ولكن الأشبه برسول الله صلى الله عليه وآله، هو الأكثر ليناً ـ مرتبة ـ من سائر الناس. والقرآن الكريم يقول: (لَقَدْ كَانَ  لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) سورة الأحزاب: 21. وهذا يعني أنه: تعلّموا من النبيّ واقتدوا به صلى الله عليه وآله.

 

من روائع تعامل النبيّ

هناك الكثير من الروايات والقصص في هذا الجانب، أي حول التعامل اللين لرسول الله صلى الله عليه وآله، منها:

إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله، لاقى خلال 13 سنة في مكّة، الأذى والضغوطات الكبيرة والكثيرة جدّاً من قومه، حتى قال صلى الله عليه وآله ـ وبصيغة أفعل التفضيل ـ: «ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت». في حين ان الأنبياء من قبله صلى الله عليه وآله، تعرّض بعضهم للذبح، وبعضهم قطّعوا بالمناشير، وبعضهم سلخوا جلودهم وهم أحياء، ولكن كل هذه هي ليست بمستوى ما لاقاه النبيّ صلى الله عليه وآله، من الأذى من قومه ومن قريش ومن المشركين. فالذي يتعرّض لهذا النوع من الأذى الأشدّ، ترى ماذا يصنع بمن آذاه عندما يصير حاكماً؟ وكم سيقتل منهم؟ لا شكّ أنه سيقتل الكثير، ولكن النبيّ صلى الله عليه وآله عندما فتح مكّة وعندما صار حاكماً، لم يقم بذلك أبداً، إلاّ قليلاً وقليلاً ونادراً، حيث أمر بقتل أحد الأشخاص وكان ذلك الشخص يستحقّ القتل عقلاً وشرعاً. فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله، شخص وتشفّع لذلك الذي أمر النبيّ صلى الله عليه وآله، بقتله، فقبل النبيّ صلى الله عليه وآله، شفاعته.

الملفت والمهم في هذه القضية، أن النبيّ صلى الله عليه وآله، لم يخرج لأمره بالقتل عناوين ثانوية، ولم يقل أنا رئيس الحكومة ومن غير الصحيح أن أتنازل أو أرجع عن كلامي. ولكن هذه القضية بالنهاية إذا نظرنا إليها من باب التزاحم، نرى أن اللين هو الأهمّ.

 

ومن سيرة الأئمة الأطهار

في الرواية الشريفة أنه: «بَعَثَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (الإمام الصادق) صلوات الله عليه غُلاماً لَهُ فِي حَاجَةٍ، فَأَبْطَأَ، فَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ صلوات الله عليه عَلَى أَثَرِهِ لَمَّا أَبْطَأَ، فَوَجَدَهُ نَائِماً، فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ يُرَوِّحُهُ حَتَّى انْتَبَهَ، فَلَمَّا تَنَبَّهَ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ صلوات الله عليه: يَافُلانُ! وَاللَّهِ مَا ذَلِكَ لَكَ، تَنَامُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ؟ لَكَ اللَّيْلُ، وَلَنَا مِنْكَ النَّهَارُ».

لاحظوا الرواية تقول: (يروّحه) يعني ان الإمام الصادق صلوات الله عليه، حرّك بيده الهواء فوق وجه الغلام كي ينتبه، ولم يستعملّ القوّة معه، أي لم يحرّكه برجله، ولم يحرّكه بيده بقوّة، بل جلس صلوات الله عليه عنده يروّحه حتى انتبه!

هذا التصرّف والتعامل من الإمام الصادق صلوات الله عليه، هو لمن؟

أليس لنا جميعاً ولغيرنا، كي نتعلّم؟ فنحن وأنتم كيف نتعامل مع من هم تحت أيدينا ومن هم أدنى منّا؟

كيف يتعامل الحكّام مع من تحت أيديهم؟

كيف يتعامل الآباء والأمهات مع عوائلهم؟ وكيف تتعامل الزوجة مع زوجها؟ وكيف يتعامل الزوج مع زوجته؟

 

علماء التشيّع على خطى النبيّ وآله

إنّ الشيخ الميرزا تقي الشيرازي رضوان الله عليه، كان أحد مراجع التقليد من بعد الميرزا المجدّد الشيرازي الكبير رضوان الله تعالى عليه، وبعد مدّة توفّي أكثر المراجع الذين كانوا معاصرين للميرزا تقي الشيرازي، كالمرحوم طه نجف، والمرحوم الميرزا خليل، والمرحوم الآخوند، والمرحوم كاظم اليزدي، فانحصرت المرجعية في الميرزا تقي الشيرازي وصار مرجع تقليد زمانه، وطالت مدّة مرجعيته حوالي 26 سنة (من 1312 إلى 1338)، أي من بعد الميرزا الشيرازي الكبير إلى أن قضى نحبه مقتولاً، حيث ذكروا أنه دسّوا إليه السمّ، في أواسط ثورة العشرين.

 

الميرزا تقي الشيرازي

نقلوا في أحوال الميرزا تقي الشيرازي، أنه لم يقطع الشهرية (المرتّب الشهري) عن أيّ أحد ولا حتى عن شخص واحد، وتحت أية ظروف وشروط، أبداً. فقد نقل المرحوم والدي رضوان الله عليه، حيث تتلمذ على يد الميرزا تقي الشيرازي، والميرزا هو خال والدي أيضاً، وذكر هذه القصّة غيره أيضاً، وأنا سمعتها من بعض العلماء في إيران أيضاً: أن الميرزا تقي الشيرازي أعطى الوكالة بقيد الاجتماع لشخصين في إحدى الحوزات، وذلك لأهميّة تلك الحوزة، ولكي يكون تعامل الميرزا وتصرّفه مع أفراد تلك الحوزة أكثر اطمئناناً. وذات مرّة جاء هذان الوكيلان للميرزا تقي الشيرازي وقالا له بأن أحد أفراد تلك الحوزة يتكلّم بالسوء عليك، حتى من على المنبر. وحينها كان الميرزا تقي الشيرازي له المرجعية الشيعية العامّة والمرجعية السياسية أيضاً، فهو قد قاد الانتفاضة بوجه أقوى استعمار ذلك الوقت، وهي بريطانيا، وأعطى الميرزا حكم الجهاد وانتصرت ثورة العشرين، ويمكنكم مراجعة كتاب (الحقائق الناصعة) لمعرفة المزيد عن قصص وأحوال الميرزا الشيرازي.

وطلب الوكيلان من الميرزا أن يقطع المرتّب الشهري لذلك الشخص كي يتأدّب، ولكن الميرزا لم يقبل بذلك. وأصرّوا عليه، ولم يقبل. فقال أحدهما للآخر: لعل الميرزا ولتقواه غير مطمئن لكلامنا عن ذلك الشخص، ولذا علينا أن نجمع مجموعة من مساوئ ذلك الشخص ونعرضها على الميرزا.

هذان الوكيلان كانا يراجعان الميرزا شهرياً لأخذ المرتّبات الشهرية ولباقي الأعمال، وفي إحدى الأشهر وعند مراجعتهما له، قالا للميرزا: نريد أن ننقل لكم شيئاً، فهل تسمحون لنا؟ فأطرقه الميرزا برأسه إلى الأرض، وقال تفضّلا. فنقلا له مجموعة من مساوئ ذلك الشخص، وقالا للميرزا: هل كل ما نقلناه لكم لا يوجب لكم الاطمئنان بأن ذلك الشخص فاسقاً؟ وأضافا: بغضّ النظر عن مقامكم ومرجعيتكم، ألا يعتبر ذلك الشخص مذنباً وعاصياً؟ فاسمحوا أن نقطع مرتّبه الشهري. فرفع الميرزا رأسه وقال: جوابي على ما ذكرتم فيه نقطتين:

الأولى: أنتم أهل العلم وتعرفون ان المعصية يجب أن تكون فاعلة كي تصبح ذنباً وإن كانت فعلاً هي معصية، وهذا الكلام الذي نقلتماه أوجد لي الاطمئنان بأن بعض هذا الكلام السيئ إجمالاً صدر من ذلك الشخص تجاهي. ولكن هل يمكنكما أن تثبتا لي ذلك حتى أطمئنّ بأن ذلك الشخص يعتقد بصلاحي ومع ذلك يتهمني؟ فلعله هو يؤدّي الواجب عليه؟ فنظر أحدهما إلى الآخر، وقالا: كيف يمكننا إثبات ذلك؟

وقال الميرزا: النقطة الثانية: أنا لست من أصول الدين بحيث إذا أهانني أحد يصبح عاصياً! ولم يقطع الميرزا المرتّب الشهري لذلك الشخص. وهذا من لين الكنف.

 

السيد الأصفهاني

كما ذكروا عن المرحوم السيد أبو الحسن الأصفهاني قصّة، وهي معروفة للكثير، أن السيد الأصفهاني كان يصلّي العشاءين جماعة في صحن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فجاء شخص وقتل نجل السيد الأصفهاني، فقبضوا عليه وسجونه. فجاء إلى السيد بعض المسؤولين وقالوا له: لقد حبسنا القاتل، فماذا تأمرون؟ فقال لهم السيد: أطلقوا سراحه! فحاولوا أن يرجعوا السيد عن رأيه، وألحّوا عليه، فلم يقبل. علماً بأنه في مثل هذه الأمور يوجد ترخيص شرعي وهو: (ولكم في القصاص حياة) ولكن هذا الترخيص ليس إلزامياً بل هو الجواز.

كما نقلوا عن السيد الأصفهاني أيضاً، أنه وفي زمن مرجعيته، سطى حرامي على بيت السيد، وضرب السيد بالسكين فجرح يده. وبعدها كان الناس يسألون السيد عن الذي قام بهذا الفعل، فلم يذكر السيد لهم ذلك الشخص أبداً، إلى أن توفي، ولم يذكر ذلك حتى لخواصه.

 

دفع شبهة

إنّ بعض الناس يلقون الشبهات حول مثل هذا التصرّف من السيد الأصفهاني، ويشكلون ويقولون بأنّ هذا التصرّف يوجب التشجيع على الذنب، ولأن العفو عن المذنب يدعو الأخير إلى ارتكاب الأسوأ.

الردّ على ذلك هو: هل ان القرآن يشجّع على الذنب عندما يقول: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فصلت: 34.

كلا، بل إن القرآن بيّن السبب لذلك حيث يقول ـ في باقي الآية الكريمة المذكورة ـ: (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). وهذا يعني ان التعامل بالحسنى والأحسن يبدّل الشخص من عدوّ لك إلى صديق لك. وهذا النوع من التعامل الحسن يقول عنه القرآن الكريم: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فصلت: 35. وهذا حكم عام. فهل إذا ردّ الإنسان الإساءة بالحسنى والأحسن هل يعني ذلك ان هذا الإنسان ساعد وشجّع على الذنب؟

الجواب: أبداً. فغالباً، دفع الإساءة بالحسنى والأحسن معناها عند أغلب الناس، انها توجب صلاح الناس وصلاح من يسمع بهذا التعامل. نعم قد يستفيد بعض المذنبين من مثل هذا التعامل، ولكن المسألة هي التزاحم، والتعامل بالأحسن هو الأهمّ. وعلى هذا كانت سيرة المعصومين صلوات الله عليهم جميعاً، من خلال ما وصلنا من المئات من القصص عنهم صلوات الله عليهم، ومن آلاف الروايات، ومن تاريخهم.

 

العفو يهزّ الضمائر

بل إن ذلك القاتل الذي قتل نجل السيد أبو الحسن الأصفهاني، لم يذكروا عنه بعد تلك الجريمة أنه قام بجرم آخر أو معصية أخرى. وحتى ذلك السارق الذي جرح يد السيد الأصفهاني لم يقم بعد ذلك بأيّة معصية أخرى.

إنّ نفوس البشر، حتى الذين نفوسهم خبيثة، تهزّها الفضائل، والتعامل الحسن يحوّلها ويغيّرها، إلاّ ما ندر.

 

من نتائج عفو النبيّ

في فتح مكّة، عفا النبيّ صلى الله عليه وآله عن الجميع، في حين ان الآلاف من أهل مكّة كانت أيديهم ملطّخة بدماء الكثيرين، وملوّثة بالمعاصي. ولكن الكثير منهم أسلم بعد الفتح، فالذي حرّك ضميرهم وهزّه هو عفو النبيّ صلى الله عليه وآله.

إذا بنيت الدنيا على الأخلاق فستقلّ فيها الكثير من المشاكل، ولا أقول تزول لأن الدنيا محفوفة بالمشاكل. وإذا صار العفو ولين الكنف هو المبنى في العائلة وفي العشيرة وفي الأقارب فسيقلّ فيهم الأشخاص المذنبين والمجرمين والقاتلين والعاصين.

 

لنكن كالنبيّ ألين كنفاً

في هذه المناسبتين المباركتين، وفي هذين الميلادين العظيمين، مولد النبيّ صلى الله عليه وآله والإمام الصادق صلوات الله عليه، لنحاول ونصمّم على أن نكون الأشبه برسول الله صلى الله عليه وآله، في وسط من نعيش معهم، مع العائلة، والزملاء، والأقارب، والمعارف. وكذلك على الحاكم والوزير والمحافظ ومرجع التقليد وأستاذ الجامعة وأستاذ الحوزة، أن يصمّموا على ذلك أيضاً.

كما علينا أن نسعى إلى أن نكون أكثر لينا من أصحاب اللين الذين حولنا. وأن نكون بشكل لا يوجب خوف الطرف المقابل وخشيته منّا.

 

أعظم حاكم

عن فضيلة اللين عند النبيّ صلى الله عليه وآله، نقلوا، وحتى الكفّار نقلوا أيضاً، انه صلى الله عليه وآله، كان يجلس بين أصحابه كواحد منهم، بحيث عندما كان يأتي الغريب الذي لم ير النبيّ صلى الله عليه وآله أبداً، كان يقول: أيّكم محمّد؟! فالنبيّ صلى الله عليه وآله لم يك متميّزاً عليهم ظاهرياً، لا في الملبس، ولا في مكان جلوسه، ولا في غير ذلك.

إذن لنتعلّم ذلك من النبيّ صلى الله عليه وآله، كل حسب مقامه ومستواه ومكانته، فهذا الذي مرّ ذكره آنفاً هي فضائل أخلاقية. وخطابي هذا هو للمسلمين جميعاً، وللمستضعفين جميعاً، وللضعفاء جميعاً، ولأهل الدنيا كافّة. فهذه الفضائل تصلحنا نحن أولاً، وتصلح المجتمع ثانياً.

كما إنّ تعلم هذه الفضائل هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر عملياً، وأثره أقوى وأفضل، وإن تأخّر.

أسأل الله تبارك وتعالى ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام الصادق صلوات الله عليه، أن يوفّقنا إلى العزم على أن نكون الألين كنفاً.

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.