![]() |
||||||||||
مجالس مكتب سماحة المرجع الشيرازي لليوم الرابع والخامس من محرم الحرام
:. لليوم الرابع والخامس من شهر محرم الحرام 1434 للهجرة يواصل مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله الوارف في كربلاء المقدسة عقد مجالسه الحسينية إحياءاً لذكرى شهادة المولى الإمام الحسين عليه السلام والثلة الطيبة من أهل بيته الأبرار. مجلس اليوم الرابع استهل بتلاوة قرآنية معطرة بصوت المقرئ الحاج مصطفى الصراف، ومن ثم اعتلى المنبر المبارك فضيلة الشيخ وائل البديري وقد تمحور البحث حول الكلمات الواردة في زيارة الجامعة الكبيرة: «وخزنةً لعلمه». فاستهل الكلام بقوله: عقيدتنا في المعصومين عليهم السلام هو إن الله نزَّههم عن كل قبيح ونقص وهذا بإجماع الفرقة الحقة، وبذلك بلغوا المراتب العالية والسامية التي لا يمكن لنا إدراكها ومن هنا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: «نزهونا عن الربوبية ـ أو الالوهية ـ وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا». وأضاف: أهل البيت عليهم السلام مستجمعون لكل صفات الكمال ومنزهون بأمر الله تعالى عن كل نقص ومنه الجهل فهم ـ بتعليم الله تعالى إياهم ـ يعلمون ما كان وما يكون إلى يوم القيامة فيعلمون الغيب لا لذاتهم ـ كما تقدم ـ بل من الله سبحانه علام الغيوب، ومن هنا قال الإمام الصادق عليه السلام: «أعطينا علم الأولين والآخرين»، وقد اعترض احد الحاضرين ممن لم يكن على استعداد لتحمل هكذا مقام وعلم فقال مستنكراً: يابن رسول الله أتعلمون الغيب؟ قال الإمام: ويحك نعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء. ثم قال الإمام عليه السلام: «وسعوا صدوركم ولتبصر أعينكم ولتعي قلوبكم فنحن حجة الله على الخلق أجمعين ولن يسع ذلك إلا قلب مؤمن كقوة تهامة». ومن ثم اخذ بشرح الحديث الشريف مؤكداً ان هذا الحديث يبين احد ابرز سمات هوية المؤمن ذاكراً بعض الوقائع والروايات المؤيدة في المقام وان بعض المخلوقات لم تتحمل أنواع من العلم كما وقع الأمر بالنسبة للملائكة في قصة آدم عليه السلام واعتراضهم عليه، كذلك قصة موسى الكليم عليه السلام مع الخضر سلام الله عليه. وكذا استشهد بقوله تعالى: (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِ كَارِهُونَ) المؤمنون:70، حيث لم يصمد على الحق المتمثل بأمير المؤمنين عليه السلام إلا القليل من المؤمنين بعد ان اخذ رسول الله صلى الله عليه وآله البيعة له في غدير خم وبحضور أكثر من مائة وعشرين ألف مسلم. :. أما مجلس اليوم الخامس فقد استمده من متن الكلمات المباركة للزيارة الجامعة الواردة عن الإمام علي بن محمد الهادي عليهما السلام: «ومعدن الرحمة» حيث استعرض ثلاث وجوه لفهم هذا النص من الزيارة حيث قال في الوجه الأول منها: مما لاشك فيه ان المعصومين سلام الله عليهم هم مظهر الأسماء الإلهية في هذا العلم الذي تكل أفهامنا عن الإحاطة بها، ويمكن لنا نوع فهمٍ من خلال تتبع الروايات الشريفة وكيف أنهم سلام الله عليهم مظهر الرحمة الإلهية، ومن هذه الروايات ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: «إن الله خلقنا وأحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق من خلقه، ويده المبسوطة على عباده». وأضاف: القرآن العظيم في بعض آياته تطرق إلى بيان هذا الجانب قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء: 107، وقال سبحانه: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة: 128، فالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله هو رحمة لا لعالمنا فقط بل لكل العوالم، والمعصومين من ذريته ورثوا خصاله الشريفة وصفاته النبيلة وفي زيارة وارث تصريح بذلك بحق سيد الشهداء عليه السلام حيث ورد فيها: «السلام عليك يا وارث محمد صلى الله عليه وآله». ومن ثم تناول بالبحث معنى الرحمة الإلهية المتمثلة برسول الله صلى الله عليه وآله لا في الحياة الدنيا فقط بل في كل العوالم كما ورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام: «ما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وهما يحتاجان إلى شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله» بل قال: إن الملائكة لتلوذ برسول الله. أما الفهم الثاني: فهُم سلام الله عليهم أسباب الرحمة الإلهية الخاصة والعامة، أي هم واسطة الفيض الإلهي الرحماني والرحيمي للعوالم كافة، وقد استشهد لذلك ببعض الوقائع كما في بعض كرامات أمير المؤمنين عليه السلام والإمام الرضا سلام الله عليه حينما استسقى القوم فأمطر الله سبحانه السماء. أما الفهم الثالث: يمكن لنا فهم الرحمة بان الإمام سلام الله عليه لولا وجوده المقدس لساخت الأرض بأهلها قال تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ) فاطر: 45. فان الله تعالى منح الإنسان كل ما في الحياة لأجل أن يطيعه الإنسان ففي حالة عصيانه وتمرده فان الله تعالى يفني كل شيء منحه له، وبوجود المعصوم فان الله سبحانه يبقي كل شيء له. بعد ذلك تحدّث حول صفة «الرحمة الواسعة» الواردة بحق سيد الشهداء عليه السلام وانه سلام الله عليه السبب الأسرع إلى الجنة وكان سلام الله عليه يهدف إلى هداية الجميع إلى الحق وانه حزن شديد الحزن على أعداءه لأنهم دخلوا نار جهنم، ومن ثم تطرق الى تفاصيل واقعة الطف الأليمة وما جرى على أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم لاسيما سفير الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل عليه السلام وما جرى عليه في مدينة الكوفة وتخاذل الناس من حوله وصموده وعدم تنازله عن مبادئه السامية.
|
||||||||||
|