إحياء الذكرى الثانية والثلاثين لشهادة المفكر الكبير آية الله السيد حسن الشيرازي في كربلاء المقدسة

بحضور مكتب المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كربلاء المقدسة، وتحت شعار: «الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي قدس سره رمز الشهادة ومشكاة للعلم والجهاد» أقامت مديرية شهداء كربلاء المقدسة وبالتنسيق المشترك مع مؤسسة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله المهرجان التأبيني السنوي لإحياء الذكرى الثانية والثلاثين لاستشهاد المفكر الإسلامي الكبير الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي قدس سره وذلك بتاريخ السبت السابع والعشرين من شهر جمادى الآخرة 1433 للهجرة في منطقة مابين الحرمين الشريفين الحسيني والعباسي.

استهل المهرجان بتلاوة قرآنية معطرة بصوت المقرئ الحاج مصطفى الصراف ـ مؤذن العتبة الحسينية المطهرة ـ ليعلن بعد ذلك عريف الحفل الإذاعي حيدر السلامي ابتداء فقرات المهرجان بعد إلقاء عدة أبيات من الشعر العربي الفصيح لصاحب الذكرى.

 أولى كلمات المهرجان كانت كلمة النائب فضيلة الشيخ محمد الهنداوي ـ رئيس لجنة الشهداء في البرلمان العراقي ـ وقد افتتح كلمته بقوله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ  خَبِيرٌ) المجادلة:11.

وقد عقّب مؤكداً إن الثروة الوطنية الحقيقية للشعب العراقي ليست النفط أو الغاز أو الزراعة بل العلماء والشهداء. وقال كذلك: ما أجمل أن يجمع المرء بين العلم والشهادة في سبيل الله تعالى ونصر راية الحق راية الإسلام الأصيل، وشهيدنا الشيرازي قدس سره سليل العلماء الكبار والمراجع العظام الذين تركوا في العالم الإسلامي بصماتٍ لا تنسى وهي غير خافية على احد، فقد أقاموا الثورات وأسسوا المدارس والحوزات، ومن جانب آخر فإن الشهيد الشيرازي قدس سره لم يكن يهاب الموت على خطى جده الحسين عليه السلام سيد الشهداء وعمه العباس بن علي عليهما السلام، وقد قام حزب البعث عبر جلاوزته بتصفيته فمضى شهيداً سعيداً.

وأضاف: لا بد لهذا الجيل أن يعرف من هم الشهداء العلماء العاملين ولا بد لوزارتي التربية والتعليم من إدخال ذلك ضمن المناهج الدراسية لتنشأ الأجيال عليها وتنهض مستوعبة أفكارهم وتضحياتهم العظيمة.

بعد ذلك كانت كلمة مكتب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله في كربلاء المقدسة قام بإلقاءها سماحة الشيخ فاضل الحيدري مفتتحها بقوله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى‏ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) الأحزاب:23.

فقال: إن الشهيد الشيرازي قدس سره سطَّر أروع ملاحم البطولة والفداء، حيث كان أول رجالات العلم والفضيلة والجهاد في تصديه للبعث العميل وهو أول شخصية علمائية عانقت سجون البعثيين متحملاً أصناف العذاب حتى جاء الفرج ومن ثم الشهادة فكان مصداقاً لحديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: «إذا مات العالم انثلم في الدين ثلمة لا يسدها شيء» والحديث الشريف: «إذا مات العالم بكت عليه السماء أربعين عاماً» والحديث الشريف المبيِّن لفضل العالم: «من مشا إلى العالم خطوتين وجلس عنده لحظتين وسمع منه كلمتين كتب الله له جنتين أكبر من هذه الدنيا مرتين».

وأضاف: الشهيد الشيرازي قدس سره علَّم الأجيال دروس التضحية والفداء وفي كل مرحلة من مراحل الإنسانية، وكيف لا؟ وهو حامل القرآن العظيم، باذل الجهد الكبير في حفظ كلمات المعصومين عليهم السلام حيث سطّر بقلمه المبارك كلمات وضَّاءة لكل معصوم في موسوعة الكلمة التي ابتدأها بكلمة الله وأنهاها بكلمة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وهذه الكلمة الأخيرة كان سبب كتابتها انه أبان التعذيب في أطمار سجون البعثيين  ـ ولقد صدر حكم الإعدام بحقه ـ توسل بإمام العصر روحي وأرواح العالمين له الفداء ونذر إن نجاه الله من هذه المحنة وفرّج عنه يكتب كتاباً بحق الإمام المهدي عليه السلام فكان هذا الكتاب.

ومن ثم تحدَّث حول إنجازات الشهيد قدس سره ومشاريعه وفي مقدمتها تأسيسه للحوزة العلمية الزينبية في دمشق وغيرها من معاهد العلم كمدرسة الإمام المهدي عليه السلام في بيروت وغيرها حتى وصلت مشاريعه أفريقيا.

وقال خاتما حديثه: كان لهذا النشاط المتواصل والجهاد الحثيث لاسيما في فضح الطغاة ونصر المستضعفين والمظلومين ان وجَّه النظام العفلقي العراقي العميل بعض أزلامه إلى بيروت لاغتيال السيد الشهيد فاستطاعوا إصابته بثلاثة وثلاثين رصاصة في جسده الشريف فمضى شهيداً محتسباً وكأنه ينصت لقوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ*ارْجِعِي إِلَى‏ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً*فَادْخُلِي فِي عِبَادِي*وَادْخُلِي جَنَّتِي) الفجر: 27ـ30.

ثالث فقرات المهرجان تمثَّلت بإهداء درع مؤسسة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الثقافية والتي قام بتسليمها السيد عارف نصر الله ـ المشرف العام على المؤسسة ـ لكل من سماحة الشيخ محمد الهنداوي، والأستاذ احمد الطيار ـ مدير مديرية شهداء كربلاء المقدسة ـ وكذلك درع المؤسسة إلى مديرية الشهداء في كربلاء.

كما وكان للشعر الصادق وعذوبة الكلمات دوره الفاعل في المهرجان متمثلاً بقصيدة في المناسبة للشاعر السيد محمد رضا القزويني، تلتها قصيدة من الشعر الشعبي للشاعر حسين أبو عراق قادماً من مدينة واسط.

هذا وقد تميز المهرجان بحضور العديد من ممثلي المرجعيات الدينية ورجال الدين وطلبة العلم والمؤسسات والجهات الدينية والحكومية والاجتماعية والشخصيات الفكرية والأحزاب السياسية والعشائر العراقية.

ومن الجدير بالذكر انه جرى نقل وقائع المهرجان مباشرة عبر الأقمار الصناعية على فضائية الأنوار فضلاً عن العديد من وسائل الإعلام المقروءة الورقية والالكترونية.