|
|||||||||||||||
تحت شعار عاشوراء مدرسة القيم والإصلاح حوزة كربلاء تقيم مؤتمرها التبليغي السنوي الخامس
بتاريخ الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام 1431هـ وبمشاركة عددٍ جمٍ من العلماء والخطباء والفضلاء وطلبة العلم وتحت شعار: «عاشوراء مدرسة القيم والإصلاح» أقامت حوزة كربلاء المقدسة مدرسة العلامة أحمد بن فهد الحلي رحمه الله مؤتمرها التبليغي السنوي الخامس استقبالاً واستعداداً لشهر محرم الحرام 1432هـ. استهل المؤتمر بتلاوةٍ عطرةٍ من آي الذكر الحكيم بصوت الخطيب الشيخ عبد المطلب طاهر, لتبدأ بعد ذلك كلمات المؤتمر التي تناولت العديد من الجوانب التبليغية والروحية وكما يلي: * كلمة الافتتاح لسماحة آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري رحب من خلالها بالضيوف الكرام من علماء وخطباء وطلبة العلم معلناً ابتداء أعمال المؤتمر, مؤكداً أهمية المؤتمرات التبليغية في النهوض بمستوى الخطابة الحسينية والارتقاء بأداء الخطيب ومناقشة المشاكل والصعاب الآنية والمتوقعة. * كلمة سماحة العلامة الحجة السيد مهدي الشيرازي أولى كلمات المؤتمر استمدها من قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ) الجمعة:2.
عقّب قائلاً: «نظام العالم مبني على مجموعة من الأسس منها نظام الأسباب والمسببات فالإنسان لابد وأن يصل إلى مقصوده ان اتبع الطرق الصحيحة المؤدية إليه اي إلى ذلك الهدف». كما وأكد على اوجبية ان يكون الهم عند رجل الدين والخطيب والداعي والمبلغ هو سيد الشهداء عليه السلام وأهدافه ومبادئه وليس هدفه سيد شهداء عليه السلام ومبادئه, فمن كان همه ذلك فلا شك انه يصل ويبلّغ صوت الحسين عليه السلام ومن الخطأ أن يكون الهدف سيد الشهداء بل الهم يجب ان يكون ذلك وقيل سابقاً: «همم الرجال تزيل الجبال». فمن كان همّه الحسين عليه السلام يصنع المستحيل ويذيب الموانع ويهذب الوسائل والطرق الموصلة إلى ما يبغي. وفي هذا الصدد نقل سماحته ان أحد الأصدقاء جاء يوماً إلى محضر الإمام الشيرازي الراحل أعلى الله درجاته فقال له اذهب لتأسيس حسينية ـ وكان اختيار المكان في أحد الدول التي لا يسمح ببناء حسينيات فيها ـ فأجابه الصديق بان هذا الأمر مستحيل! فلم يعقّب الإمام بعدها, يقول ـ والكلام للصديق الضيف ـ عدت مرة أخرى فقال لي ماذا حصل في شأن الحسينية؟ فقلت له هذا الأمر مستحيل سيدي! وهكذا في المرة الثالثة أخذ الإمام ورقة وكتب فيها مستحيل وشطب الكلمة وقال لي احذف المستحيل من قاموسك. هكذا يجب ان يكون رجل الدين والمبلغ والداعي إلى الله سبحانه وقد تمكن بعد ذلك بالفعل من بناء الحسينية. كما وتطرق سماحته إلى جوانب من قصة نبي الله موسى عليه السلام وكيف واجه الصعوبات والموانع الكثيرة وتحمل الصعوبات أثناء تبليغه رسالة السماء.
* كلمة فضيلة الخطيب الحسيني الشيخ زهير الأسدي, وقد استمدها من قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل: 125. وعقّب قائلاً: «نقدم على موسم التبليغ الحسيني وتعظيم الشعائر وتعاظم المسؤولية الملقاة على عاتق رجال الدين سيما الخطباء والذين يعتمدون طريقة خاصة في التبليغ منذ قرون عدة تتضمن انشاد شعر يحكي عظم المصيبة والظلم الذي لحق أهل البيت عليهم السلام وبمرور الزمن أصبح المنبر محور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الدين والمذهب الحق وإيصال كلام المرجعية وإرشاداتها إلى القاعدة الشعبية». وتابع في الحديث حول أهمية الخطابة والخطيب وضرورية التطوير المستمر معتبراً أن وأنجع شيء في ذلك الإعتبار بسيرة الخطباء الماضين رحمهم الله, في الوقت الذي أكد فيه إلى أهمية التنوع الخطابي وعدم الاقتصار على جانب وأحد على نحو الولائيات فقط أو بيان المظلومية فقط بل الخطيب يجب أن يدق جميع الأبواب والمواضيع المختلفة ولا يقتصر على مسألة الولاء والبراءة فقط, وعليه ينبغي للخطيب ان يلحظ المجتمع ومشاكله وامراضه وما يحتاج إليه والأخطاء الشائعة ويعالجها فعلى سبيل المثال مناقشة الفصول العشائرية وما يجري فيها من أمور مخالفة للدين الحنيف ومحاولة تصحيحها. بعد ذلك كانت مداخلة من قبل سماحة الشيخ الحائري والذي أكد من خلالها ضرورية إتقان وحفظ الآيات القرآنية المباركة والأحاديث الشريفة من قبل الخطباء والمبلِّغين مبيناً آثر ذلك في المتلقي ونفسيته في تقبل المواضيع المطروحة.
* كلمة سماحة العلامة الحجة الشيخ ناصر الأسدي, والتي أكد من خلالها على أهمية المطالعة والقراءة ووسع الأفق قائلاً: «الكلمة الأولى التي وجهتها السماء هي قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) العلق: 2, ومن هنا اصطلح على الأمة الإسلامية أمة اقرأ, والكلمة الأولى أيضاً التي ابتدأ بها الانجيل المقدس هي: «في البدء كانت الكلمة». آية انجيلية وصلتنا عن طريق الأحاديث الشريفة فاعتبارها يكون من الأحاديث». وتابع البحث حول دور الخطيب في الحياة قائلاً: «دور الخطيب هو دور الأنبياء والأئمة عليهم السلام في الأمة وهو دور القيادة, أما من يحصر دور الخطيب في مجال ضيق كما يسمى عرفاً ـ بالبركة ـ فهو أمر مغلوط بل دوره دور المصلحين وهو رسول النهضة الحسينية للعالم أجمع». كما وتحدث حول أهم الجوانب والخصال الواجب مراعاتها من قبل الخطيب مستشهداً بذلك بوصية سيد الشهداء لمسلم بن عقيل عليهما السلام حيث أوصاه بتقوى الله والكتمان واللطف, وعقّب شارحاً كل فقرةٍ منها, ثم عرَّج بالبحث حول أهداف الخطيب مؤكداً أهمية أن يتحلى الخطيب والمبلغ بوسع الأفق والطموح الكبير حتى يصل إلى القمة ويكون بحق عميد المنبر العربي وليس الحسيني فحسب, وليس هذا بالمستحيل فالمؤمن لديه من القوة الشيء الكثير قال الإمام الصادق عليه السلام: «المؤمن وحده جماعة». الجانب المعنوي كان له الأثر الواضح من التركيز والبحث مؤكداً أهمية أن تتضمن الخطابة هذا الجانب بل يكون روح الخطابة. ومن ثم ختم الكلمة بنقاط ينبغي مراعاتها من قبل الخطباء: 1- يلزم أن تكون الخطابة واقعية. 2- يلزم أن يكون الخطيب هادف, لا سيما هدف الإصلاح. 3- يلزم على الخطيب أن يكون أديباً,متمكناً من البلاغة العربية. 4- يلزم أن تكون معلوماته المطروحة جديدة وليست مكررة. * كلمة سماحة آية الله الشيخ فاضل الصفار, وقد تميزت ببحثه في الجانب المعنوي والروحي أو الأخلاقي وقد افتتحها بالحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليه السلام: «طهروا أنفسكم من دنس الشهوات تدركوا بها رفيع الدرجات». وعقّب قائلاً: «الحديث الشريف يكشف عن حقيقة واقعية تتعلق بمعنوية الإنسان وبروحه ونفسه, فالإنسان له صورة وشكل يتشارك به وسائر الناس, ويتميز عنهم بقلبه, حيث ان القلب له صورة أيضاً, تعتريها الأمراض كذلك والناس إذا مرضوا بأبدانهم التمسوا العلاج عند الأطباء, وأمراض البدن معروفة ومعلومة, إلا أن المرض الروحي أوالقلبي يكون أخطر بمعنى أن مرض القلب أصعب من مرض البدن. القلب المريض يبتلى بالشك، والشرك والشكوك أُولى علامات المرض النفسي ومن ثم يرتقي شكه ووسوسته حتى يصل إلى الوسوسة في العقيدة. المشكلة الأساسية في ان الأمراض الروحية تبعد العبد عن الله سبحانه بخلاف القلوب النقية وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: «قلوب عباد الله الطاهرة محل نظر الله» والله سبحانه، ينظر إلى قلب دنس وحاقد, كما وان الصورة القلبية تكون ملازمة للإنسان أبداً في الآخرة لا تتغير بخلاف الأمراض الجسدية التي تذهب بذهاب الدنيا. واستطرد قائلاًَ: الأنبياء والأئمة عليهم السلام ومن بعدهم العلماء هم الأطباء الروحانيون والنفسيون, وبخاصة وان الإنسان دائماً ينبغي ان يكون له طبيب في حياته يحل مشاكله ويعالج نواقصه. شهر محرم الحرام شهر المعترك الفكري وكثير من الذين في قلوبهم مرض سوف يشيرون الشكوك والأوهام فيما يتعلق بالعقيدة أو مظاهرها من مراسم وشعائر, فينبغي للخطيب والمبلغ أولاً النظر إلى عقائده وتصحيح الخطأ منها قبل أن يرتقي المنبر, فعليه ان يصحح ما عنده من شبهات وأخطاء حتى يكون قلبه محل نظر الله سبحانه ويكون كلامة مؤثراً ومقبولاً، هذا واعتمر العمامة بالمناسبة بعض طلبة العلم بحضور العلماء الأجلاء وقد ختم المؤتمر بتلاوة دعاء الفرج بصوت الشيخ الخطيب زهير الأسدي.
|
|||||||||||||||
|