الحياة الدنيا

 

* إن الله سبحانه وتعالى ناظر إلى عباده وعليم بهم، لذا يجدر بالمؤمنين أن يتوكّلوا على الله تعالى، ويصمّموا ويعزموا على ترك الغضب، وبالسيطرة على أعصابهم وتصرّفاتهم، وذلك بترويض النفس شيئاً فشيئاً على ذلك، كي يأمنوا الكثير من المشاكل والأمراض بالدنيا، ولكي يكونوا من المفلحين في الآخرة.

* يجدر بنا أن لا نصب جلّ اهتمامنا على أن نأكل أطيب الطعام وأفخره وألذّه، حتى لا نكون يوم القيامة خجلين أمام الله تعالى.

* إن الدنيا كلها مشاكل وصعوبات، والذي يصبر على المشاكل ويتحمّل الصعوبات ولا يتذمّر فهو الموفّق والناجح. ومن الصعوبات والمشاكل بالدنيا عبء وثقل الديون والقروض الذي يقترضها المرء لأمور عديدة في حياته. وكثير من الناس لا يتحمّلون عبء الديون وعبء تسديدها فتراهم تنهار أعصابهم ويبتلون بأمراض نفسية وبمشاكل عديدة.

* ذكرت الروايات الشريفة عن الإمام الصادق صلوات الله عليه أنه قال: «مَا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله خُبْزَ بُرٍّ قَطُّ، وَلا شَبِعَ مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ قَطُّ»، وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وآله لم يذق الخبز المصنوع من الحنطة أبداً، بل ولم يشبع من الخبز المصنوع من الشعير أبداً. علماً بأن خبز الحنطة هو ألين وألذ وأفضل وأسهل هضماً من خبز الشعير الذي لا يستسغيه أكثر الناس. وهكذا كان الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه أيضاً. فالنبي والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما لم يشبعا قطّ في حياتهما لا من خبز الشعير ولا من أيّ طعام آخر.

* إن أنكر ذاته لا يرجح المال على الله، ولا يرجح الشهوات ولا البطن ولا الشهوة ولا التجارة على الله، وهذا لا يعني أن يترك الإنسان الدنيا ويتخلى عنها فإن الله خلق الدنيا للمؤمنين وهم أولى بها من الظالمين وأعداء الله.

* من اليسير على الإنسان أن يكتب وصية يوصي فيها أن تنفق أمواله سبيل الله، ولكن الأهم أن يفعل ذلك بنفسه وفي حياته، لأن المهم هو قطع هذا الميل وهذا هو الأصعب.

* إن ما يصدر عن الإنسان إما أن يكون حسنةً وخيراً ينتفع به، أو سيئةً وشرّاً يضرّه.

* يكون النبت حسب واقع الحبة، فمن يزرع قمحا يحصد قمحا، ومن يزرع شوكا لا يحصد إلا الشوك، وإن تصوّر أنه كان غير ذلك!

* السوء الذي يصيب الإنسان فمن نفسه، وكلما عدّل الإنسان سيرته في الحياة، إصابته بالمساوئ.

* كما في الحديث.. فإنّ الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، إذ لم يقل: «جناحي بعوضة» لأنّ البعوضة قد تستفيد منهما آنذاك، بل قال: «جناح بعوضة» بياناً لتفاهة الدنيا وانحطاط شأنها عند الله.

 * إذا كمل عقل الإنسان فإنه لا يلهث بعد ذلك وراء حطام الدنيا، لان ضعف العقل هو الذي يسوقه صوب التهافت على الدنيا.

 * الدنيا خلق الله والمؤمنون أولياء الله، وعلى المؤمنين ألا تملكهم الدنيا بل يملكوها، ويأخذوا منها ما استطاعوا، على أن يكونوا في الوقت نفسه مستعدين للتخلي عنها لو دار الأمر بينها وبين الله وأحكامه.

 * هذه الحياة الدنيا التي نعيش فيها مثلها كمثل الدار لها أعمدة وسقف وجدران، ولها ديكور ورتوش وزخرف وزينة، حيث تمثل الأعمدة والسقف والجدران وما تألفت منه من حديد وإسمنت وخشب وطابوق و... أساس عمارة وبناء الدار، ولا غنى عنها ليصدق على المورد أنه دار، أما المصابيح والستائر والصبغ وسائر الأمور الظاهرية فهي زينة الدار، ويمكن أن يقوم الدار بدونها، فإذا كان الإنسان صحيح الجسم قوي الجسم والبنية والإرادة، راضيا بما قسم الله له، ولكنه فقير، فحياته كاملة من حيث الأساس، ولا ينقضها إلا زينة والديكور، وكذلك إذا كان فاقدا للأولاد فإنهم زينة الحياة الدنيا وليسوا عمادها.

 * من كان يعيش راضيا مطمئنا فهو متمتع بالحياة وإن كان عديم المال أو الولد، لأن المال ليس أكثر من مَيل بل وهم، وحدّه مع الإنسان إلى موته، والولد زينة أيضا، وحدّه مع الإنسان إلى قبره إن كان باراً.

 * المال الذي تنفقه في سبيل الله تعالى، خير من جهتين، الأولى: أنه سينقلب ثوابا لك عنده تعالى، والثانية: أنه خير أمل تعوّل عليه في حياتك، فإن لكل إنسان يعمل عملا، أملا يصبو إليه ويتمناه.

 * لنشمر عن ساعد الجد، ولنضع بعض أموالنا في خدمة المشاريع والمؤسسات الخيرية، فمن لم يستطيع وحده، فليساهم وليبذل مقدار استطاعته، فهذه هي الباقيات الصالحات.

 * قد تصيبنا في الحياة سيئات ولا نعرف جذورها لأننا غافلون، فربما ظلمنا إنسانا أو غصبناه حقه، وإن لم نكن منتبهين، فإن الآثار التكوينية للأعمال لا تغيرها النوايا ولا الجهل بها، فهي تترك آثارها، عَلِمَ الإنسان بها أم لم يعلم!