الأول من رجب اشراقة النور الباقري العظيم

بسم الله الرحمن الرحيم

  

ولد الإمام الباقر عليه السلام في شهر رجب المبارك عام 57 للهجرة النبوية المشرفة وتلقفه أهل البيت عليهم السلام بالتقبيل والسرور، إذ لطالما كانوا ينتظرون ولادته التي بشّر بها رسول الله صلى الله عليه وآله منذ عشرات السنين.

يقول جابر بن عبد الله الأنصاري: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله والحسين في حجره وهو يلاعبه، فقال: «يا جابر يولد لابني الحسين ابن يقال يقال له عليّ، فإذا كان يوم القيامة ينادي مناد: ليقم سيد العابدين، فيقوم عليّ بن الحسين، ويولد لعلي بن الحسين ابن يقال له محمد، يا جابر إن أدركته فأقرئه مني السلام، وإن لاقيته فاعلم أن بقاءك بعده قليل». [بحار الأنوار: ج46، ص223]

وابتهج الإمام السجاد بهذا الوليد المبارك الذي بشّر به جده الأعظم صلى الله عليه وآله وأعلن غيره مرة أنه وارث علوم آل محمد صلى الله عليه وآله.

ومن مزايا هذا الوليد الطاهر أنه ملتقى ورابط بين أسرة الإمام الحسين وأسرة الإمام الحسن، فهو أول هاشمي علوي يولد من جهة الحسن والحسين، لأن أباه عليّ بن الحسين وأمه فاطمة بنت الحسن فكان الباقر ملتقى الكرامات وآصرة علوية أثلج بولادته قلوب أهل البيت فما أكرمه وما أعظمه.

 

أسمائه وأوصافه:

إسمه محمد وكنيته أبو جعفر وله ثلاث ألقاب باقر العلم، الشاكر، الهادي وأشهرها الباقر وسمي بذلك لتبقره في العلم وهو توسعه فيه. وفي الفصول المهمة كان عليه السلام أسمر معتدلاً وكان نقش خاتمه العزة لله.

 

من معاجزه عليه السلام:

 نقل محمد ابن سليمان عن ابيه قال كان رجل من اهل الشام يختلف إلي ابي جعفر عليه السلام وكان مركزه بالمدينة، يختلف إلى مجلس أبي جعفر يقول له: يا محمد ألا ترى أني إنما أغشى مجلسك حياءً مني منك ولا أقول إنَّ أحداً في الارض أبغض إلي منكم أهل البيت، وأعلم أن طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم ولكن أراك رجلاً فصيحاً لك أدب وحسن لفظ، فإنما إختلافي إليك لحسن أدبك وكان أبو جعفر يقول له خيراً ويقول: لن تخفى على الله خافية، فلم يلبث الشاميُ الا قليلاً، حتى مرض وإشتد مرضه  و وجعهُ فلما ثقل دعا وليه وقال له: إذا أنت مددت علي الثوب فائت محمد بن علي وسله أن يصلي عليَّ، وأعلمه أني أنا الذي أمرتك بذلك، قال: فلما أن كان في نصف الليل ظنوا أنه قد برد وسجوه. فلما أن أصبح الناس خرج وليه إلى المسجد، فلما أن صلى محمد بن علي عليه السلام وتورَّك وكان إذا صلى عقب في مجلسه، قال له: يا أبا جعفر إن فلان الشامي قد هلك وهو يسألك أن تصلي عليه، فقال أبو جعفر: كلا إن بلاد الشام بلاد صرد والحجاز بلاد حر  ولهبها شديد، فإنطلق فلا تعجلن على صاحبك حتى آتيكم، ثم قام عليه السلام من مجلسه فأخذ عليه السلام وضوءاً ثم عاد وصلى ركعتين، ثم مد يده تلقاء وجهه ما شاء الله، ثم خرّ ساجداً حتى طلب الشمس، ثم نهض عليه السلام فانتهى الى منزل الشامي فدخل عليه فدعاه فأجابه، ثم أجلسه وأسنده ودعا له بسويق فسقاء وقال لأهله: املؤا جوفه وبردوا صدره بالطعام البارد، ثم إنصرف عليه السلام فلم يلبث إلا قليلاً حتى عوفي الشامي فأتى أبا جعفر عليه فقال: أخلني وأخلاه فقال: أشهد أنك حجة الله على خلقه، وبابه الذي يؤتى منه فمن أتى من غيرك خاب وخسر وضل ضلالاً بعيداً قال له أبو جعفر: وما بدا لك؟ قال ؟أشهد أني عهدت بروحي وعانيت بعيني فلم يتفاجأني إلا ومناد ينادي، أسمعه باُذني ينادي وما أنا بالنائم: ردّوا عليه روحه فقد سألنا ذلك محمد بن علي فقال له أبو جعفر: أما أن الله يحب العبد ويبغض عمله، ويبغض العبد ويحب عمله؟ قال: فصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر عليه السلام.