لغياب أم السبط لوعة في القلوب

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الصديقة الطاهرة المحدِثة
والمحدثة أي أنها قبل أن تولد كانت تحدث أمها وهي في بطنها فكانت تؤنسها، وولدت
وإن كانت هي مولودة قبل أن يخلق الكون إذ أن نورها من نور أبيها ونور أبيها من
نور الله، ومنذ ولادتها بدأت تترى عليها المصائب والنوائب إذ أنها كانت تحزن
وتتحسس وتتوجس المعاناة التي كان يعانيها أبوها في مسيرته التي قطعها بأصعب ما
يقطع ماشٍ رحلة سفره وكانت تتألم لألمه وتفرح لفرحه وإن لم يمر يوم ما عليها
الفرح وظلت حتى نزل أمر الله لرسوله صلى الله عليه وآله أن يزوج النور من النور
فإن الله قد زوجها في السماء قبل أن يزوجها في الأرض وانتقلت إلى حمل أعباء
هموم وصي رسول الله خصوصاً بعد رحيل أبيها صلى الله عليه وآله فقد كانت تقف على
ربوة عالية لأرض الواقع تشرف على الأحداث التي تجري وتشاهد كل الدسائس
والمؤامرات التي تحال ضد دعوة أبيها في مسيره دعوته الإنسانية حتى بعد رحيله.
تلك التي كانت حين تقدم يقوم لها
أبوها ويقبل يديها ويقول لها أهلا بأم أبيها، وقف الظالمون من أعوان الجبت
والطاغوت وصنعوا ما يهتز له العرش فاغتصبوا حقها وكسروا ضلعها وأسقطوا جنينها.
ولكي تبرهن بأن المرأة ليست كائناً
ضعيفاً ولا يمكن أن تستلب حقوقها فتستسلم وتلزم الصمت لتظهر ضعفها وعدم
استطاعتها على ممارسة الواجب الإنساني فأن هذا ما لا يريده لها الإسلام لأن
الإسلام قد ضمن حقوق المرأة.
لذا عندما اغتصب الظالمون حقها
خرجت لتطالب بحقها وتعترض على المغتصبون وتحقرهم بعد أن لاثت خمارها على رأسها
واشتملت بجلبابها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها ولا تنقص مشيتها مشية
رسول الله صلى الله عليه وآله. وبذلك يمكننا أن نقول بأنها عليها السلام أول
مدافعة كانت في التاريخ عن حقوق المرأة وقد علمت النساء الكثير الكثير وأنجبت
ما لم تنجب أنثى مثلها كزينب عليها السلام فإن اللوعة في القلوب لم تزل باقية
ولن تبرد حتى يوم يقوم الحساب.
|