حجبت شموس أنيس النفوس

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام الصادق عليه السلام: ما منا إلا مقتول أو مسموم.

إن أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم هم الصراط المستقيم وهم سفن النجاة والأنوار القدسية التي استقت من نور الله عزوجل، لقد أضاءوا الطريق للإنسانية جمعاء. فهم سفن الهداية من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك، وهم الوسائط والوسائل التي يتوجه بها المرء لله، وهم شفعاء دار القرار يوم الجزاء يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وهم إثنى عشر أولهم أبوهم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن عجل الله فرجه الشريف وثامنهم الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام ضامن الشيعة والزوار.

فبعد أن حان ميعاد رحيل الإمام موسى بن جعفر عليه السلام تولى زمام أمور الإمامة الإمام الرضا عليه السلام.

إذ بعد أن سار الرشيد بغيه وضلالة ونوى أن يقتل الإمام الكاظم عليه السلام وقدم له الرطب وهو في الحبس بواسطة خادمه إذ ملأ الرطب بالسم وقال لخادمه: احمله إلى موسى بن جعفر وقل له أن هارون كُل من هذا الرطب،  فأكل عليه السلام وبدأت أحشاؤه تتقطع وعلم بذلك ودعى خادمه الموكل بخدمته مسيب فقال له: اعلم أن سيدك راحل إلى الله عزوجل ثالث هذا اليوم. يقول مسيب: فقلت له يا مولاي: وأين سيدي علي الرضا عليه السلام؟ فقال عليه السلام: يا مسيب شاهد عندي غير غائب وحاضر غير بعيد. فبكى مسيب فقال الإمام: لا تبكي إننا نور لا ينطفأ، إن غبت عنك هذا علي إبني بعدي هو أنا.

وصار الإمام لأبي الحسن عليه السلام وقام بأمر الله عزوجل مقام أبيه واتبعه المؤمنون.

ولما كان الصراع دائماً وأبداً بين الخير والشر وبين النور والظلام وبين الحق والباطل وبين كل ما هو نافع للإنسانية وما هو مضر لها وبما أن الإمام كان يمثل الصورة الناصع للخير والنور والحق المبين والرحمة الممتدة من وجود جده رسول الله صلى الله عليه وآله فكان لا بد للمتسلط على رقاب الناس أن يتخذ من تقربه للإمام وسيلة في إعانته في حكمه وكسب رضا الرعية من ناحية وليتمكن من الخروج من مأزق الإحراجات أو الإشكالات الفقهية. فما كان منه إلا أن يتقرب من الإمام ليجعله قريباً منه ويستظل بظله ويحتمي باسمه ويستنجد بعلمه وفقهه وتشريعه. فعرض عليه ولاية العهد، فأبى الإمام ورفض أشد الرفض فألح عليه وبالغ في إلحاحه وإصراره حتى رضي الإمام ضمن شروطه. في أن لا يتدخل في تنصيب أو عزل أحد أو وضع قانون غير ما ينص عليه كتاب الله. وقبل ولاية العهد مرغماً مغلوباً على أمره.وأن إبن رسول الله صلى الله عليه وآله تتبرك الناس بذكره وباسمه. فكيف وهو يسير بينهم ويعظهم ويرشدهم إلى الصواب ويأخذ بأيديهم إلى الخلود في الجنان، فكانت القلوب والألباب تهدي إليه قبل الأجساد. والتف حوله الناس ورغم مؤامرات الحاقدين التي كانت تبوء بالفشل لكن حب الإمام كان يزداد في القلوب وقد أغاض هذا الحب المأمون فدبر مؤامرة لقتله ودس له السم فاستشهد الإمام الرضا عليه السلام في آخر شهر صفر في مدينة طوس.