بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد الله
رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن
الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين.
للأصل
الطيب، وظروف الحمل والولادة، تأثير واضح في حياة الإنسان ـ أي إنسان ـ وهذا
ما أكدته البحوث العلمية الحديثة.
وفاطمة
الزهراء عليها السلام ذات الأصل النوراني في الجنة كماء ولقاح، ووعاء شريف من
أصل كريم، وتربة صالحة في الأرض، عند السيدة خديجة عليها السلام، فاجتمعت فيها
نورانية وروحانية الجنة، وجمال وخيرة الأرض فكانت الكوثر المشهور.
الكوثر المبارك:
فاطمة
الزهراء عليه السلام هي كوثر عظيم في هذه الأرض، وهذا ما نستفيده من تفسير سورة
الكوثر المباركة التي تقول:« إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ
الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ»
الكوثر: الآيات 1ـ3.
ويروي
أصحاب الأخبار: إن أحد المشركين من قريش قد عيَّر رسول صلى الله عليه وآله بأنه أبتر،
أي لا عقب له من الذكور، وذلك بعد وفاة آخر صبيانه من السيدة خديجة عليها
السلام.. وحيث التقى به خارجاً من بيت الله الحرام فقال: ما هو إلا رجل أبتر،
غداً يموت فيموت ذكره.
فاغتم رسول
الله صلى الله عليه وآله لما سمع من كلامه، فأنزل الله سبحانه هذه السورة، وهي
أصغر سورة في القرآن حجماً، صغيرة المبنى عظيمة المعنى، تسلي رسول الله صلى
الله عليه وآله وتبشره بالكوثر، وتقدح بشانئه، وتتوعده بالبتر وانقطاع العقب.
من هو الشانئ الابتر:
واختلف
الرواة في الشانئ بين ثلاثة من مشركي قريش: بين العاص بن وائل السهمي طريد رسول
الله صلى الله عليه وآله، وبين الوليد بن المغيرة، وعمرو بن هشام المعروف بأبي
جهل.
إلا أن
الأقوى أنها نزلت بحق العاص بن وائل السهمي الطريد.. وكان كما أخبر الله تعالى
في كتابه، حيث انقرض نسل أولئك البعداء ومات ذكرهم، وانتشر نسل رسول الله صلى
الله عليه وآله في الأرض وبقي ذكره.
معنى الكوثر:
ثم لنرجع
إلى السورة المباركة فنرى ما هو الكوثر المعطى للرسول صلى الله عليه وآله؟
الكوثر لغة
(على وزن فوعل) وهو الشيء الكثير الذي لا يمكن إحصاؤه.. أي مبالغة الكثير من أي
شيء كان..
واحتار
العلماء واختلف المفسرون في الكوثر، حتى بلغت أكثر من خمسة عشر قولاً: فمنهم من
ذهب إلى انها النبوة والكتاب.
ومنهم من
قال: إنها كثرة الأتباع والأشياع.
ومنهم من
قال: إنها العلم والفضيلة.
أو أنها
الحوض الوارد ذكره كثيراً في الأحاديث.
أو أنها نهر
في الجنة.
أو أنها
العلم المعطى للرسول صلى الله عليه وآله فذهبوا إلى أنها: كثرة الأولاد
والذرية، وكما هو معروف أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبق بعده من نسله
ألا فاطمة الزهراء عليها السلام ولم يرزق أحفاداً إلا منها..
أي: أن
الكوثر هو فاطمة الزهراء عليها السلام.
وهذا واضح
من خلال السورة المباركة، وليست بحاجة إلى إعمال فكر، وذلك لأن رسول الله صلى
الله عليه وآله حزن لما مات أبنه، واغتم عندما سمع قول ذاك المشرك بأنه أبتر،
فمناسبة النزول ترجح وتفيد أنه ـ سبحانه ـ أعطى نبيهُ فاطمةَ الزهراء عليها
السلام ومنها يجعل النسل المبارك، والذرية الطاهرة الذين سيملئون الأرض ويهدون
الناس إلى سواء السبيل.
ومن
المستبعد على الله الحكيم وخالق الحكمة، أن يسلي قلب رسوله الكريم صلى الله
عليه وآله عندما يعيره شانئه بأنه أبتر، فيقول له: إن لك نهراً في الجنة
أو يقول له:
أنا أعطيناك الحوض في يوم الورود والحساب.
أو أعطيناك
العلم والفضيلة، أو الكتاب والنبوة..
فالعلم
والفضيلة والكتاب والنبوة كلها لرسول الله صلى لله عليه وآله وأما الجنة
وأنهارها وحوضها فهو صاحبها وقسيمها فكيف تكون تسلية لقلبه، وهو يعلم أنها له
وهو سبب دخولها وصاحب بابها ومحرابها؟
كل ذلك لا
يخلوا من بعد وغرابة، فيلزم أن يكون التفسير الصحيح، والأقرب إلى العقل والواقع
وتأييد المناسبة هو: إنا أعطيناك الكوثر يعني أعطيناك فاطمة عليها السلام.
الذرية المباركة:
وهي كوثر
خير وبركة وسوف يجعل الله منها ذريته صلى الله عليه وآله وبهم يحفظ الله دينه
وشريعته، ويجعلهم امتداد له صلى الله عليه وآله وبهذا يكون اطمئنان قلب رسول
الله صلى الله عليه وآله وقرة عينه وبصره.
فهذا هو
العطاء الإلهي، وأما التوجيه الإلهي إلى ضرورة الصلاة والنحر على الرسول
والأمة، فلعله لأجل أن الصلاة ضرورة روحية وقلبية لاستمرار الصلة واستدامة
البركات والخيرات من الله، والنحر: دلالة واضحة على التمكين لدين الله وكثرة
الخيرات والثمرات، إذ الصدقة منماة للمال، وكثرة النحر دلالة على كثرة النعم
والأنعام والهدوء السياسي والاقتصادي للأمة الإسلامية الفتية، التي كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يطمح في تقويتها واتساعها.
وهكذا تكون
تسلية حقيقية لقلب النبي صلى الله عليه وآله وذلك بأن يطمئن على العقب الذي كانت
فاطمة أصله ويطمئن على المشروع الذي يعمل بكل ما فيه وما أوتي من قوة لتنفيذه،
وهو انتشار الإسلام وأخذه بالزمام.
بما تحفظ الرسالة:
فالزهراء
كوثر.. والكوثر هو فاطمة الزهراء عليها السلام، ولا يوجد أي انفصال بينهما
حقيقة وواقعاً، كانت الزهراء عليها السلام كوثراً بشرياً وكوثراً أخلاقياً،
وإنسانياًَ وعلمياً وجهادياً ودينياً لا ينضب ولا يمكن أن ينضب، إذ بها تحفظ
الرسالة السماوية الخاتمة، ومن أبنائها يكون مهدي هذه الأمة الذي يخرج بإذن
الله تعالى ليطهر الأرض من الكفر والشرك والطغيان والفساد والنفاق، وينشر العدل والحرية
بين بني البشر.. اللهم عجل فرجه وسهّل مخرجه، واجعلنا من أعوانه وأنصاره،
وارزقنا الشهادة تحت رايته المباركة المظفرة.
ثم إن فاطمة
الزهراء عليها السلام تربت وترعرعت في أحضان الوحي والنبوة حيث ناغاها أبوها رسول
الله صلى الله عليه وآله ولاطفتها ملائكة الرحمة،
وحفظها ربها جل وعلا وطهّرها من أي رجس ودنس، ونقص
وعيب..
آلام وصمود:
قاست الزهراء
الكثير في طفولتها مع أبيها، ودافعت عنه بيديها الناعمتين، وقدّها النحيل
النحيف، ودفعت عنه الأذى والأوساخ التي ألقاها بعض الطغاة على رأسه الشريف وهو
يصلي إلى جوار الكعبة.. وهي تبكي وتنتحب.
وأكلت معه
وأطعمته.. وسقته وشربت فضل مائه..
أحبته
وعظّمته، وعطفت عليه عطف الأم على ابنها وأكثر، فقلدها وساماً عظيماً علق على
صدر الزمن حين قال: فاطمة أم أبيها..
خافت عليه..
فترقبت أثره وخطاه، وعندما جرح في المعركة غسلت جرحه وضمدته، غاسلة
بدموعها الغزيرة.
كانت عنده
لنفسه كروحه التي بين جنبيه، وكان عندها كل ما في الدنيا، لقد كان صلى الله
عليه وآله لها أباً محباً راضياً عنها.
هرولةٌ وتزلفٌ فصدٌ:
وبعد أن
كبرت هرول المهرولون، تزلف المتزلفون، وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه
وآله وهم يريدون شرف الاقتران بفاطمة عليها السلام ولم يعلموا...
أولم يفكروا
أن هذه العظيمة المطهرة الاستثنائية، تريد ما يريد الله لها، والذي يريده الله
لها رجلاً كفؤاً، ولم يكن لها كفؤ في الدنيا آدم فمن دونه إلا علي أبي طالب
عليه السلام.
فكفؤ تلك
العظيمة فاطمة الزهراء عليها السلام كان ذلك العظيم علي بن أبي طالب عليه
السلام فتى الفتيان، وبطل الإسلام ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله وإمام
الأمة من بعده.
عقد القران:
فعقد الله
تعالى قرانهما في السماء قبل الأرض، وشهدت الملائكة واحتفلت وهبط جبرائيل على
رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر إلهي يقول: زوَّج النور من النور. فقال:
أيهما يا أخي جبرائيل؟ فقال: علي من فاطمة عليها السلام.
وهكذا اقترن
أعظم عروسين ببعضهما، ببساطة الضياء، وصفاء السماء،ورقة نسمات صباحية، ورقرقة
ينبوعية وعذوبتها..
فاقترنا
اقتران الأنوار، وأعطيا للدنيا عدداً من الأقمار أصبحت بهم الأرض مشرقة،
والعقول متنورة، فكانت حياتها صدى لحياة أبيها العظيم صلى الله عليه وآله
وتجسيداً لرسالة السماء على الأرض تماماً دون نقصان..
صفات استحقتها:
فتأهلت لأن
يسميها ربها بأسماء مباركة، وينعتها بأوصاف حسنة، تنُبئ عن كبير مقامها، وعظيم
منزلتها عند الله تعالى.
ومن أسمائها
الشريفة ونعوتها الحسنة:
1.
فاطمة:
لأنها تفطم محبيها من النار، ولان الخلائق فطموا عن معرفتها.
2.
الزهراء:
لأنها إذا قامت في محرابها تزهر لأهل السماء ويزهر وجهها للأمير المؤمنين عليه
السلام.
3.
الطاهرة:
لقوله تعالى: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهر كم تطهيرا».
4. البتول: التي تنقطع إلى الله داعية متبتلة، ولأنها لم تر ما تراه النساء من الدم.
5. المحدثة: لأن الملائكة حدثتها.
6.
الصدّيقة:
بل هي سيدة الصدّيقات، والصدّيق
وهو ما كان ظاهره كباطنه بل ربما يكون أفضل.
7.
المباركة:
وبركتها واضحة للعيان كيف لا وقد وصفها الله بالكوثر.
8.
الراضية:
بقضاء الله وقدره.
9.
المرضية:
عند الله تعالى وعند رسوله الكريم.
10.
الحانية:
لحنوها على زوجها وأولادها، وشيعتها ومحبيها.
11.
أم
أبيها: لحبها وعطفها على رسول الله صلى الله عليه وآله.
12.
أم
الحسنين عليه السلام: وهما سبط هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة.
13.
التقية:
ولم يتحدث التاريخ عن امرأة أتقى منها.
14.
النقية:
من كل دنس وعيب بأمر الله تعالى.
فالذي يتمعن
بهذه الأسماء والصفات النورانية، يعرف مدى عظمة هذه الإنسانة الاستثنائية في
هذا الوجود من حيث العلم والعمل.
تجلببت رداء
الوفاء للحق والدين.. فاشتملها وزانها الحق المبين، وصارت رمز الوفاء عند
الأوفياء لدى الرجال والنساء.
هذه العظيمة
التي لم تعش من عمر الزمن إلا القليل، بل أقل من القليل، بحيث إنها استشهدت في
ريعان شبابها ونضارته، وذلك لأنها:
ولدت في
العشرين من جماد الثانية عام 5 للبعثة (8 قبل الهجرة).
وتوفيت عام
11 للهجرة بعد أبيها بثلاثة أشهر تقريباً، أي أن عمرها الشريف كعمر الورود
والزهور، ثمانية عشر عاماً فقط لا غير.
إلا أنها
وبهذه الأعوام أصبحت رمزاً من رموز الإنسانية والفضيلة، والإسلام والقرآن
العظيم.
محنتها مع الحكام:
محنة فاطمة
الزهراء عليها السلام من أعظم المحن..
ومظلوميتها
من أشنع وأبشع أنواع الظلم..
بل كانت
مفتاحاً لسلسلة من الظلم المتعمد، والاضطهاد المنظم، والحرب الخفية العلنية
ضدها وضد أبنائها الكرام البررة، وذريتها (الكوثر) الطاهرة واستمر منذ ذلك
الحين وبقي مستمراً إلى اليوم وغداً وإلى أن يأذن لنا وللمؤمنين بالفرج،
ولإمامنا المهدي عليه السلام بالمخرج (عجل الله ذلك اليوم).
فلو لا جرأة
أولئك على فاطمة الزهراء عليه السلام لما تجرأ أحد على ولديها، سبطي رسول الله
صلى الله عليه وآله وريحانتيه من الدنيا، وسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين
عليها السلام والأئمة الطاهرين بعدهما ومحبيهم وشيعتهم.
نعم، لقد
ظلموا فاطمة الزهراء عليها السلام ظلماً لا يغفر، وغصبوا حقها وحق بعلها أمير
المؤمنين عليه السلام غصباً صريحاً لا يؤول، وصادروا منها فدكاً مصادرة ظالمة
لا تستر، ورغم محاولتهم تغطيتها وتوجيها، وسترها وتأويلها.
إقامة الحجة:
فخطبت
عليها السلام خطبتها الشهيرة في مسجد أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله، وهي
من عيون الخطب، وأبلغ الكلام، وأجمل الحديث وأشمله، فهي كانت تفصح ببلاغة
أبيها، وحماس بعلها، وكان منطقها ومشيتها لا تختلف عن منطق ومشية رسول الله صلى
الله عليه وآله.
فأقامت
الحجة عليهم .. وأبطلت دعواهم.. وأظهرت حقها بكل ما احتجت به من كتاب الله
العظيم. وخطبت خطبتها الأخرى لنساء المدينة اللاتي أقبلن لعيادتها، وبينت
موقفها من المهاجرين والأنصار وكيف هي غاضبة على بعضهم، وعاتبة على الباقين،
لأنهم تخاذلوا عن نصرتها، ولم يطالبوا معها حق أبن عمها وأبنائها الكرام عليهم
السلام.
نعم، إنهم
فعلوا أفعالاً تشيب الأطفال الرضع .. وفعلت واجبها في إقامة الحجة وإحقاق الحق وإيضاحه
إلى الأمة جمعاء، فسيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام عاشت لله والحق،
واستشهدت في سبيل الله والحقيقة، وهي ميزان من موازين الخير والفضيلة، وبقعة
نور في ظلمات التاريخ الأسود، وسيف من سيوف الحق الإلهية فوق هامات الظالمين
والمنافقين كيف لا وهي سر الله في العالمين.
الشهادة المفجعة:
في ذلك
اليوم الفجيع.. وفي تلك الساعات الكئيبة والوجيعة
من السنة الحادية عشر للهجرة (632 ميلادي)،
قطفت زهرة الإسلام، وزهراء الرسول صلى الله عليه وآله والإنسانية غيلة.
لم يعطوا
الحياة الفرصة الكافية لكي تنعم بعبير هذه الزهرة الفواحة، فخسرت الحياة أجمل
زهراتها وأعطرها.
ولم يمنحوها
عليها السلام الفرصة اللازمة لتنير الكون بأنوارها البهية، وتدهشه بعطاءاتها
القدسية.
وكما
البنفسج والياسمين، أو الفل والنرجس الأبيض.. قطفت سيد نساء العالمين وهي في
ربيع العمر، ونضارة الشباب، وحيوية المؤمن، ونشاط المجاهد في الله.
قتلوها
ظلماً وعدواناً، ولم يحفظوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله، بل جاهروها ـ
وأمام الجميع ـ العداء والوقوف في وجهها وقوف الندَّ للند، والعدو للعدو.
فأعلنت
عليهم السخط، وأظهرت لهم عدم الرضا، بل والغضب عليهم وعلى أعمالهم.. فاعتزلتهم
بعد أن فضحتهم، وأعلنت أمام الجميع البراءة منهم، وأقامت الحجة على الأمة وعلى
حكامها عبر الأيام والأزمان.
وفي ذلك
اليوم تجلدت وأظهرت أنها تحسنت من مرضها الذي كان نتيجة إصابتها وإسقاطها
جنينها محسناً..
فقامت
واغتسلت ولبست أحسن ما عندها من اللباس، وتطيبت بأفخر طيب عندها، وودعت أبناءها
وبناتها، وخواصها، واستقبلت القبلة وسلّمت روحها إلى بارئها العظيم شهيدة
مظلومة، تشكو إلى أبيها ظلم أمته، وجورهم عليها وعلى عترته من بعده.
فبكاها أمير
المؤمنين عليه السلام ورثاها بأجمل رثاء.. أبكى عليها ملائكة السماء..
وبكاها
أبناؤها الكرام الإمامان الهمامان: الحسنان، وكذا السيدتان الجليلتان..
الزينبتان، ويحق لهم البكاء فمن كالزهراء عليه السلام أما؟ ومن كبنت رسول الله
صلى الله عليه وآله والدة؟.
لهفي عليك
سيدي يا أمير المؤمنين على هذه الفاجعة، فما أعظم هذه المصيبة عليك وعلى أبنائك
الطاهرين صلوات الله وسلامه عليكم أجمعين.
الدفن سراً:
ثم إن أمير
المؤمنين عليه السلام جهزها وصلى عليها ودفنها ليلاً، ولم يسمح لأحد من أولئك
الظالمين لها بحضور جنازتها ـ وكان كله بوصية منها عليها السلام ـ وأخفى مكان
قبرها الشريف، ليكون شاهد صدق، ونطق حق عن مدى الظلم الذي جرعوها عليها السلام
وفداحة الخطب، وكبير الذنب الذي اقترفوه في حقها..
فيا ويلهم
من ربهم، ومن وقوفهم أمام جبار السماوات والأرض، تحاكمهم فاطمة الزهراء عليه
السلام عند أحكم الحاكمين.. ومن يكن خصمه فاطمة الزهراء عليها السلام كان ـ
حتماً وقطعاً ـ من الخاسرين.
وسيعلم
الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي
العظيم، الحمد الله
رب العالمين.
|