العراق الحديث وإقصاء الغدير مرة أخرى

alshirazi.net

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين..

وبعد: قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ  لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ  الْإِسْلاَمَ دِيناً)[1].

 قال الإمام الشيرازي الراحل طاب ثراه: «اليوم اكملت لكم دينكم» اكماله بنصب علي أمير المؤمنين عليه السلام في غدير خم، بعد حجة الوداع «واتممت عليكم نعمتي» بولاية علي عليه السلام «ورضيت لكم الإسلام ديناً» من بين الأديان فإنه قبل الكمال لم يكن رضا كاملاً، وإنما الرضا المطلق حصل بعد نصب الخليفة[2]. انتهى كلامه رفع مقامه

وقال أمين الإسلام الطبرسي: «ورضيت لكم الإسلام ديناً»[3] أي رضيت لكم الإسلام لأمري، والإنقياد لطاعتي، على ما شرعت لكم من حدوده وفرائضه ومعالمه، ديناً أي: طاعة منكم لي، والفائدة في هذا ان الله سبحانه وتعالى لم يزل يصرف نبيه محمداً واصحابه في درجات الإسلام ومراتبه، درجة بعد درجة ومنزلة بعد منزلة، حتى أكمل لهم شرائعه وبلغ بهم اقصى درجاته وراتبه ثم قال: رضيت لكم الحال التي انتم عليها اليوم، فألزموها ولا تفارقوها وذات المعنى مع اختلاف يسير كلام شيخ الطائفة الطوسي في التبيان[4].

 

نتيجة:

المتحصل مما تقدم ان الرضا الإلهي الكامل هو باتخاذ الإسلام قانوناً اوحدياً دون غيره من القوانين الوضعية المخالفة فلا يمكن القول بأن الله سبحانه وتعالى أمر او رضا بتطبيق قانون خلاف قانونه السماوي الذي اكمله تشريفاً ورضا به للمسلمين بل ولغيرهم ايضاً دون غيره من الأديان السماوية والأرضية والقوانين الوضعية وكما قرر في علم المنطق «الضدان لا يجتمعان».

 

المسلمون واقصاء الغدير:

المنجلي بيانها في كثير من الكتب والمصادر ومضان المعرفة والتحقيق مسألة الغدير والأمر الإلهي بنصب أمير المؤمنين عليه السلام إماماً للأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن فئة من هذه الأمة منذ اليوم الأول لرحيل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله عمدت الى اقصاء أمير المؤمنين عليه السلام ونهجه الإسلامي المحمدي الأصيل والإنقلاب على الاعقاب والإبتعاد عن الأمر الإلهي قال تعالى: (وَمَا مُحمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى‏  أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً  وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)[5].

فمنذ الإنحراف العظيم اقصي الغدير فتضرر المسلمون من ذلك ايما ضرر والى امد بعيد، والى اجيال صارت تعيش الشقاء والبؤس والدكتاتورية والتمزق والتشرذم والضعف قال تعالى: (وَلاَتَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)[6].

 

العراق الحديث واقصاء الغدير مرة اخرى:

عاش العراقيون منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وبالتحديد منذ عشرينات القرن العشرين بعد تأسيس الدولة إثر ثورة العشرين بقيادة الشيخ محمد تقي الشيرازي قدس سره تحت ظل قوانين غير اسلامية رغم ان الدساتير العراقية منذ قانون الاساس العراقي والى الدستور العراقي الدائم الصادر سنة 2004م نصت على ان الإسلام دين الدولة الرسمي ولا يجوز تشريع قانون يخالف الإسلام، ففي دستور عام 2004م المادة الثانية فقرة اولاً: أـ لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام.

وفيها ايضاً الإسلام مصدر اساس للتشريع، إلا ان انعكاس هذه المواد الدستورية على القوانين الفرعية غير مجد بحال بمعنى لم نجد الأثر جلياً بل على العكس فمثلاً على الرغم من ان الإسلام يؤمن بالحرية إلا ان ذلك بنظره الشريف ليس مطلقاً بل وفق قيود من شأنها المحافظة على حقوق الآخرين وبالذات الصالح العام، في حين نجد القانون لم يتخذ من الحجاب الإسلامي قانوناً واجب التطبيق وكذا تحريم شرب الخمر وغيرها من المسائل الإبتلائية وبخاصة الإعلام الحكومي والأهلي العراقي الموسوم بالنزعة العلمانية البعيدة عن الإسلام الحقيقي.

وكذا الأمر نجده جلياً في المناهج الدراسية والتربوية إلا قليل تغييرٍ عليه مؤاخذات في الفترة الأخيرة، والباب واسع جداً لمن اراد طرقه وبالشكل الغير متلائم والمقالة المقتضبة هذه.

 

نصيحة وتحذير:

وصف الله سبحانه نعم الجنة في القرآن العظيم مقرراً ان اكبر نعمة في الجنان هي رضا الله سبحانه عن ساكنيها قال تعالى: (وَرِضْوَانٌ مِنَ اللّهِ أَكْبَر)[7].

وبما ان الجنة هي قمة الكمال في العيش الرغيد والسعيد وإن غضب الله سبحانه المقابل لذلك بمعنى ان غضب الله على من يغير دينه وقانونه ذلك الغضب الذي نجده اثراً وضعياً في عالم اليوم من تفشي الفقر وكثرة الأرامل والأيتام وعدم الأمن والإستقرار وكذا التطور والنمو والإزدهار وعدم الثقة والأخوة والظلم وغيرها من الأمراض الإجتماعية.

وعليه فالواجب اتباع منهج الغدير بتطبيق كامل الإسلام ويمكن ايراد اهم معالم الغدير بالنقاط التالية وهي لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله:

1ـ إقامة احكام الله تعالى.

2ـ العدل والإنصاف.

3ـ الرحمة والإنسانية.

4ـ ارساء دعائم الحرية.

5ـ دروس الغدير في التعامل مع المعارضين.

ومن اراد تفصيل ذلك مراجعة كتاب مواهب الغدير لسماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله.

والحمد لله رب العالمين

________________

[1] المائدة:3.

[2] التبيين ص118

[3] مجمع البيان أمين الإسلام الطبرسي, مؤسسة الأعلمي ج3ص275.

[4] طبع مكتبة الاعلام الإسلامي ج3ص436.

[5]  آل عمران:144.

[6] الأنفال:46.

[7] التوبة:72.