لقاء مع الشيخ غلام رضا وفائي

 

اللقاء: الثلاثون.

الشخصية المحاورة: الشيخ غلام رضا وفائي.

المكان: دمشق، السيدة زينب عليها السلام.

التاريخ: 6/ذي الحجة/1427 هـ.

 

من كربلاء وحتى الشهادة:

ماهي علاقتكم بالسيد الشهيد؟ متى بدأت وكيف استمرت؟

كانت علاقتي بالسيد الشهيد ابتداءا علاقة التلميذ بالاستاذ هذا في كربلاء وثم في لبنان وسورية كانت علاقة المساعد والمعاون لانه بعد خروجه من السجن وهجرته من العراق وتوطنه في لبنان صمم ان يبدأ باعمال كبيرة تبليغية وسياسية وثقافية اما نحن فقد اخرجنا من العراق الى ايران فكتب اليَ السيد وطلب مني ان التحق به واساعده في اعماله وكان بدء علاقتي به حوالي سنة 1380هـ تقريبا واستمر الى استشهاده سنة 1401-1402هـ.

 

خُلُق عالم:

ماذا كانت الخصوصيات الاخلاقية للشهيد؟

كانت اخلاقه اخلاق عالم متدين ومهذب وقور متواضع لامتكبر.

 

السيد الاستاذ:

من هم تلامذة الشهيد؟ وما هي مستوياتهم العلمية؟

تلامذة الشهيد منهم انا وبعض الاخوان كنا ندرس عنده في كربلاء (الادب)، وفي سورية في اواخر حياته طلب فضلاء الحوزة الزينبية منه ان يجعل لهم درسا، فقبل وكان يحضر درسه كثير منهم والجدير بالذكر ان اوقات الشهيد رحمه الله كانت  مملوءة بالامور الاجتماعية والسياسية ولم يكن يمتلك ذلك الفراغ للتدريس، ومع ذلك لبى طلبهم وبدء بالدرس.

 

الشخصية الفذة:

من خلال معاشرتكم للشهيد كيف تقيمون شخصية الشهيد الذاتية وعبقريته العظيمة وماهي منابع عبقريته؟

اذكر لكم قصتين تكونان كتفصيل للجواب:

القصة الاولى: في ايام حياة والد الشهيد رحمة الله عليه بني مسجد فخم في الكويت للشيعة بمعونة احد الاثرياء او جماعة من الاثرياء وعند تكميل بناء المسجد صمَموا ان يكون افتتاحه بيد احد المراجع او احد اولاد المراجع او وكلائهم ولهذا الغرض ارسلوا جماعة الى النجف الاشرف بخدمة المرحوم السيد محسن الحكيم وطلبوا منه ان يرسل معهم من يقوم بهذه المهمة، السيد رحمة الله عليه عين لهم احد اولاده فاخذوا ابن السيد معهم وخرجوا من النجف الاشرف متوجهين الى بغداد ليستقلوا طائرة ويسافروا الى الكويت وفي طريقهم مروا بكربلاء في الاثناء احد الكويتين قال للاخرين هل ترون من المناسب ايضا ان نطلب من سماحة السيد الشيرازي (قاصداً اية الله السيد ميرزا مهدي) ان يرسل احدا من قبله؟اجاب الاخرون نعم ففي طريقهم نزلوا في كربلاء وتشرفوا ببيت السيد وطرحوا مسئلتهم وسماحة السيد رحمه الله ارسل معهم المرحوم السيد الشهيد رحمه الله فلما تلاقيا (اي ابني المرجعين) سأل ابن السيد الحكيم المرحوم الشهيد ماذا هيأتم  للحفل من القصيدة او الكلمة؟ اجاب الشهيد  رحمه الله حيث اني لم اخبر مسبقا فلم اهيئ شئ ثم سافروا الى بغداد ومنه الى الكويت فلما وصلوا اصدقاء السيد الشهيد سئلوه هل تأمرنا بشئ؟ قال السيد اذا امكن ان تهيئوا لي غرفة لاكون فيها وحدي وفي كل فترة من الزمن قدمولي فنجان شاي او قهوة، الاصدقاء فورا هيئوا له ما أراد ودخل الى الغرفة وبعد قليل من الاستراحة بدء بنظم قصيدة ليلقيها في الحفل فلما حان وقت الحفل ،وارتقى كل خطيب لالقاء خطابة وكل شاعر انشد شعره الى ان وصل دور السيد الشهيد فقام وارتقى المنصة ووقف خلف المكبرة وبدا بقصيدته السياسية الحماسية الادبية الراقية ومن جملة امور السياسة فيها ان فضح حزب البعث  وبين بان عفلق رجل يهودي  وامه امرأة باريسية غير عربية مع ان حزب البعث يرتكز على العروبة فاستمر في القاء قصيدته والجلساء في الحفل يشجعونه ويأيدونه بمختلف الاساليب، منها طلب الاعادة ومن جملة الجلساء زملائه في السفر وهؤلاء كانوا ينتظرون انتهاء القصيدة بسرعة فلما طال بهم الانتظار عيل صبرهم وخاطبوا السيد من مكانهم: قالوا سيدنا انت قلت لم اهيئ شيئا اجابهم السيد من وراء المايكروفون: هذا من وحي الكويت، هذه الواقعة بلا شك تكشف عن عبقرية المرحوم الشهيد وعن قدراته المتنوعة.

 

الصبر العجيب:

اما القصة الثانية: نقل لي بان السيد رحمه الله حينما كان في السجن لم ينم اكثر من 48 ساعة عمدا لانه عرف انهم يريدون ان يستنطقوه في حال النوم ويستخرجوا ما في ضميره من الامور التي كلما سئلوه عنها لم يجبهم بل اجاب بما لم يرضهم. هذه ايضا تدل على قدرته على نفسه وتسلطه على مشتهياته النفسية.

 

حسن الخلق:

كيف كان يتعامل مع الناس عامة وزائريه وضيوفه؟

كان يعاملهم بشكل يصنع من العدو صديقاً حميماً، وهذه المعاملة سبب ضياع كثير من وقته المفيد لان من كان يراجعه لمهمة يكفيه دقائق، كان يجالسه عشرات الدقائق، بل ربما ساعات والشهيد رحمه الله كان يتحمل هذه الخسارة لعمره لارضاء زائره وجليسه.

 

ان في قصصهم لعبرة:

انقلوا لنا بعض القصص والخواطر التي تخص الشهيد في مختلف جوانب الحيوة؟

اذكر يوما من الايام ذهبنا بمعية الشهيد رحمه الله الى زيارة احد العلويين الكبار وهو رفعت الاسد اخو حافظ الاسد (الذي كان تحت امره نصف الجيش السوري)، وكان انذاك مريضا يعالج في احد المستشفيات بسبب اصطدامه في السيارة، وكنت انا والسيد حسن الموسوي (الذي كان يسكن مسكن الامام الرضا عليه السلام وتوفي قبل سنتين تقريبا في مكة)، بمعية الشهيد رحمه الله وألتقينا برفعت الاسد وبعد لحظات من جلوسنا بدء الحوار حول الامام امير المؤمنين عليه السلام (لانكم تعلمون ان العلويين قد أشتهروا بالغلو اي انهم  يعتقدون الوهية الامام علي عليه السلام) فلذا كانوا ينتهزون كل فرصة ليعلنوا عقيدتهم وبخاصة اذا كان مخاطبهم عالما حتى يسئلوه عن صحة عقيدتهم، فاذا لم يؤيد مايذهبون اليه ناقضوه وباحثوه، فبمجرد ماسأل المرحوم «ماهي عقيدتكم  في الامام علي عليه السلام؟» اجابه الشهيد رحمه الله هكذا: بان الله تبارك تعالى لما خلق الكون جعل ذمامها بيد هؤلاء المعصومين اي بيد النبي صلى الله عليه واله وسلم والامام علي عليه السلام واولاده المعصومين، فهؤلاء لهم قدرة بان يعملوا في الكون ما شاءوا ويتصرفوا كيف ما ارادوا، هذا كله باذن من الله وقدرته التي منحها ايَاهم.

فلما اجاب السيد الشهيد رحمه الله  بهذا الجواب، قال رفعت الاسد: اذاً نحن ايضا لانعتقد في الامام علي عليه السلام اكثر من هذا، وهذا ايضا كان اسلوب السيد رحمه الله  في مباحثاته مع العلماء العلويين وشخصياتهم المثقفة كالدكاترة والمهندسين وامثالهم، كان يقول نحن وانتم كلانا نوالي الامام علي عليه السلام  ونتبعه ونؤمن به ولكن نحن كنا نعيش في اوساط الشيعة فكنا نعلن معتقداتنا في شأن الامام بكل حرية ولذا لم ننقص ولم نغلو ولكن لانكم كنتم محشورين مع السنة وهم لايعتقدون بامامة علي عليه السلام ولا يعرفون معنى الامامة بل يجعلون الامام عليه السلام في صف الخلفاء ويعدونه كاحدهم وانتم ترون الامام لايماثلهم وترون الامور الغير عادية تصدر من الامام عليه السلام كرد الشمس وتنصيف القمر وكاحياء الميت وماشاكل هذه الامور وهكذا امورلاتصدر من بشر عادي، فتغلون فيه وتقولون انه كذا ولكن اذا عرفتم معنى الامام وشان الامامة وانها مرتبة فوق النبوة والرسالة لسهل عليكم ماترون وماصدر منه عليه السلام. هذه خاطرة بقيت في ذاكرتي واردت ذكرها.

 

اعلاء كلمة الدين والمذهب:

لكل مفكر قيم ومبادئ يرتكز عليها فما هي الطموحات والاهداف والافكار التي كان الشهيد يرتكز عليها ؟

كان من جملة طموحات الشهيد رحمه الله  ان يبدل حكومة العراق بحكومة شيعية وسعى للوصول لهذا الهدف في العراق الى ان القي عليه القبض واخذ وسجن، وايضاً كان في طموحه ان يشيع كل طائفة يحتمل امكانية هدايتها ولاجل تحقيق هذا الغرض بدأ بهداية العلويين في سورية، وكان يقصد من وراء هذا العمل هدفين معا:

1- هداية طائفة كبيرة الى التشيع.              

 2- تبديل حكومة عربية غير شيعية الى حكومة شيعية وبحمد الله وصل الى غرضه و لانقول مائه في المائه، تسعين في المائه.

 

اسرة القادة:

في اي بيئة تربى؟ وكيف كان تعامل الاسرة معه، بدءاً من والده المرجع واخيه المجدد؟

تربى في اسرة دينية زاهدة في الدنيا ومتوجهة تمام التوجه للاخرة ولكن مع ذلك اسرة عالمة والعالم من خصوصياته انه مع كونه تاركا للدنيا وغير مهتم بها لنفسه ولكنه يهتم في دنيا غيره ويسعى لسعادة الناس في الدنيا والاخرة وهذه الاسرة كانت هكذا وربت ولدها الشهيد رحمه الله هكذا خصوصا الوالد المرجع والاخ المجدد.

 

معاملته الاسلام:

كيف كان تعامله مع خصومه؟

المؤمن يعامل صديقه وخصمه معاملة اسلامية فكيف اذا كان المؤمن عالما ايضا فلا بد وان تكون معاملته اسلامية خالصة لاشائبة فيها، ولكن نحن لم نواجه خصما للمرحوم الشهيد حتى نرى معاملته معه.

 

عيشته الزهد:

ماذا كان مأكله ومشربه وملبسه؟ واين كان يسكن؟

مأكله ومشربه كان كأحد اوساط الناس ان لم نقل اقل من ذلك اما ملبسه كان اجمل من الاوساط لحفظ شخصيته الاجتماعية واما مسكنه ففي العراق كان في دار والده او في المدرسة  واما في لبنان وسورية كان في شقق استيجارية من الدرجة الثالثة من حيث المحل ومن حيث السعة الى درجة ماكانت تليق تلك الشقق مع شخصية بعض ضيوفه فلذا كان يستقبل كثيرا منهم في الفنادق.

 

المشاريع العظيمة:

مع ان الملايين من الاموال كانت تصل بيده، كيف كان يعيش زاهدا حتى لايملك اجرة التكسي؟

من كان انفاقه اكثر من وارده يكون كشهيدنا المرحوم لايملك حتى اجرة التكسي وللتوضيح نذكر مثالا عرفيا بعض الرجال يشتكون من زوجاتهم بانها دائما تراقب كيسه واذا عرفت انه قد زاد في كيسه دينارا،  هيئت له مصرف دينارين،وكان هذا مثال الشهيد فاذا وعده بعض التجار او بعض المراجع شيئا من المساعده تراه يزيد في مشاريعه بما يكلف اضعاف تلك المساعدة فلذا كان دائما صادره اكثر من وارده .

 

قطب مهرجان امير المؤمنين:

ماذا كان دوره في احتفالات (13رجب) بمناسبة مولد الامام امير المؤمنين عليه السلام في مدينة كربلاء المقدسة؟

ملخص الكلام ان الكثير من المشاركين ان لم نقل اكثرهم كانوا يحضرون فقط لاستماع محاضرة السيد واشعاره واما دوره في الاصل فهو اقامة الحفل العظيم العالمي وادارته.

 

اعمال للخلاص:

ماهي ملابسات اعتقال الشهيد وماهو دور الامام المجدد في انقاذه من السجن؟

اما ملابساته فبالنسبة لاهالي كربلاء كان كل واحد منهم رجالا ونساءا كانه فقد ابنا عزيزا ففي كل دار وكل بيت اذا دخلتها رأيت اهلها مشغولين بختومات واوراد او ناذرين نذورات وفي نفس الوقت مقدمين صدقات وغيرها لحفظ السيد وخلاصة.

 واما دور اخوه المجدد فلم يترك عملا يحتمل ان له تاثيرا في انقاذه الاعمله سواء كان العمل ماديا او معنويا، المعنوي كالختومات واعطاء الصدقات وذبح القرابين وامثال ذلك والمادي كارسال البرقيات للمجتمعات العالمية المتسمون بالمدافعين عن حقوق الانسان وارسال الافراد عند العلماء والطلب منهم ليطلبوا من الحكومة الافراج عنه وكذلك ارسال الافراد عند الشخصيات السياسية وطلب منهم التدخل لانقاذه وامور اخرى يطول المقام بذكرها.

 

ماخفي كان اعظم:

ماهي انواع التعذيب التي لاقاها السيد في سجون العراق؟ وماهي الاثار التي تركها التعذيب على جسده؟

اما انواع التعذيب فنحن لاعلم لنا بها لان السيد رحمه الله لم ينقل شيئا ولكن كان يقول شيئا يستنتج منه كل شئ، كان يقول: الذي تسمعونه هنا وهناك من زيد وعمر بالنسبة الى التعذيب في سجون العراق، هذا بعض الشئ لاكله اما الاثار التي تركها التعذيب انا اذكر شيئين منها للنموذج:

الاول: بعد المحاولات والمجاهدات الكثيرة التي عملها العلماء وغيرهم خصوصا اخوان الشهيد للسماح بزيارته في السجن الى درجة انجبرت الحكومة على اجازة الزيارة فمن جملة الزائرين كانت والدة السيد رحمة الله عليهما فالوالدة ماعرفت ابنها حتى ان  السيد رحمه الله عرََف نفسه لامه فلما عرفته (واذكر ماسمعت) يخشي عليها لتأثرها من تغير ابنها في هذه المدة القصيرة

الامر الثاني: السيد لما اطلق سراحه وجاء الى كربلاء بعد يوم او اقل او اكثر ذهب الى زيارة حرم ابي الفضل العباس عليه السلام ورجع ثم بعد اكثر من اربع وعشرين ساعة كان يقول (بعد لم يذهب تعبي ولم تهدء ضربات قلبي). مع ان المسافة بين المنزل والحرم اقل من 500 متر على مااظن.

 

لاللخيانه:

ماذا كان يريدون منه تحت التعذيب؟

حسب ما سمعت كانوا يطلبون منه ان يعترف اعترافات كاذبة ضد المرجعية خصوصا ضد المرحوم السيد الحكيم وهذه الاعترافات ضد كل الطائفة، اعني سيرجع ضررها على كل الطائفة مثلا يقول ان المراجع ياخذون الاموال من الحكومات الاجنبية ونحو ذلك.

 

اغتيال الحقيقة:

ماهي الاسباب وراء اغتياله في بيروت؟

كان اغتيال الشهيد بعد استشهاد المرحوم السيد محمد باقر الصدر في سجون العراق والحكومة العراقية كانت تعرف بان السيد لايسكت امام هذه الجريمة خصوصا لما رأت ان السيد اعلن اقامة مجلس فاتحة على روحه في مدرسة الامام المهدي في بيروت وهو يريد ان يلقي محاضرة هناك عرفت بان هذه المحاضرة لاتبقي لها ولحزب البعث(حيثية وماء وجه) فلذا ايديها وعملاءها خططت لاغتيال السيد قبل الوصول الى ذلك المجلس.

 

جاذبية القلم وسحر البيان:

كيف كان يؤثر على الحكومات في لبنان وسورية وافريقيا والعراق؟

كان لتاثيره على الحكومات اسباب كثيرة منها حسه الادبي والثاني مجلسه وبيانه الجذاب اذكر لهذين الامرين خاطرتين

1- وزير من احدى حكومات الخليج كان مسافرا الى بيروت للتنزه في ايام الصيف ثم السيد بمعية بعض الاخوان قصد زيارته في الفندق واخذ معه بعض كتبه وقدمها كهدية للوزير وفي اليوم الثاني لما جاء الوزير لرد الزيارة علمنا انه في الليلة الماضية طالع مقدمة احدى هذه الكتب طول الليل فكان يريد ان يبين عظمة تلك المقدمة وماكان يعرف كيف يبين وكيف يمدح وكيف يعلن مجذوبيته لهذه المقدمة. هذا ان دل على شئ فأنه يدل على ان قلم المرحوم كان جذابا جداً.

2- اذكر ان احد العلماء الذي كان مربوطا باحد بيوتات المرجعية جاء الى سوريا وسماحة السيد ذهب الى زيارته في الليل وقضى معه شطرا من الليل والعالم حسب النقل كان قد فتح مع السيد باب العرفان والمسائل العرفانية وفي اليوم الثاني لما جاء العالم الى بيت السيد ليرد زيارته كان جدا معجبا بمجلس السيد وكان يقول انا ماكنت اعرف ان السيد في هذا المستوى من الامور العرفانية، هذا ايضا ان دلَ على شئ فأنما يدل على كون مجلس السيد وكلامه جذابا وغير ممل  وهذين الامرين اعني جذابية القلم وجذابية البيان سبب تمكنه من الارتباط بالحكومات طبعا هذا بعد وفور علمه واطلاعاته السياسية واما تأثيره على الحكومة السورية اضافة الى هذين العاملين كان العامل الثالث هو العامل الاهم وهو ارتباطه بعلماء العلويين ومثقفيهم لهدايتهم وبالتالي هداية جمع كثير منهم وبخاصة وان الحكومة منهم واما ارتباطه بالحكومات الافريقية فاكثرها كان عن طريق الجاليات اللبنانية لان الكثير منهم كانوا تجارا كبار هناك ومرتبطين بالحكومات واما مع الحكومة العراقية فلم يكن له ربط اصلاً بل كان ارتباطه بالمعارضة الموجودين في لبنان وغيره.

 

احياء المرقد الشريف:

كيف فكر في انشاء الحوزة العلمية في سوريا؟

حسب ما اذكر، السيد كان يقول يوم من الايام جئت من لبنان الى سوريا وذهبت الى زيارة السيدة زينب وقبل المغرب او بعده (والتردد مني) الخادم اراد ان يغلق باب الحرم، قلت له: الان تغلق الباب بعد اول المغرب؟ اجاب نعم نحن في مثل هذا الوقت نغلق الباب لانه لايوجد بعد ذلك زائر. قلت انا زائر فانتظر قليلا الى ان أخرج ثم اغلق الباب ومن ذلك اليوم خاطبت عمتي زينب عليها السلام قلت لها انا اعاهدك ان ساعدتني، فأني انشأ حوزة علمية قرب مرقدك الشريف لاحياء مرقدك بالزوار ومن ذلك الوقت حاول وجاهد الى ان وفق.

 

عقبات التأسيس:

ما هي العقبات التي كانت تمنع الشهيد من تأسيس الحوزة؟

العقبات كانت كثيرة، منها مسألة اقامات الطلاب ومنها مسألة معاشات الطلاب.

 

يأبى الله الا ان يتم نوره:

ما هي المحاولات من مختلف الاطراف لعرقلة تاسيس الحوزة؟ وماذا كانت اهدافهم من وراء ذلك؟ وكيف استطاع الشهيد تجاوزها؟

المحاولات كانت من قبل علماء السنة لان دمشق عاصمة حكومة معاوية وتاسيس حوزة علمية شيعية في هكذا مكان ليس بشئ هين وعلماء دمشق ليسوا اناس بلهاء حتى لايقيموا تاثير حوزة علمية شيعية، فلذا كانوا يبذلون اقصى جهدهم لمنع تاسيس الحوزة وكان هدفهم من هذا المنع تماما ضد هدف السيد والسيد كان يقصد تاسيس قاعدة ومقر شيعي في عاصمة الامويين اما كيف استطاع الشهيد تجاوزها فبقاعدة (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) «سورة الرعد:90» (ووَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) «سورة الرُّوم:69» وكما شرط المرحوم مع عمته والعمة ايضا ما قصرت في مساعدته فبهذه الامور وامثالها تجاوز المرحوم العقبات.

 

صبر وجهاد:

كيف استطاع تأسيس (جماعة العلماء) في لبنان؟ ولماذا؟

نجيب عليه جوابا اجماليا، اما كيفية استطاعته فكان بلا شك بجهود كبيرة واتعاب والعبور من عقبات وحواجز لايقدم عليها ولايفكر في تاسيسها الا من كان كالمرحوم ذو همة عالية ونفس طويل ولاتوجد هذه الامور الاعند الله من يثق بالله ويعتمد عليه في اموره لابغيره كما في الحديث الشريف عن الامام الجواد عليه السلام «الثقة بالله ثمن لكل غال وسَلم الى كل عال» واما قولكم في السؤال: لماذا؟ لان يد الله مع الجماعة ولان الاعمال الكبيرة لاتأتي من الافراد ولو كان كل فرد منهم فردا عظيما فلذا الاعداء دائما يخافون من الاجتماعات  ويحاولون تفريقها ولايسمحون بتاسيس الاجتماعات فالاجتماع له تاثيره الخاص ودوره الخاص، هذا في غير العلماء فكيف اذا كانت الجماعة مشكلة من علماء الامة ومثقفي الملة.

 

الحكمة والموعظة الحسنة:

كيف تمكن من توطيد العلاقة بالعلويين الشيعة على الساحل السوري؟

  اقول جواب السؤال موجود في السؤال لان السؤال اذا كان يطرح هكذا (كيف تمكن من توطيد العلاقة بين العلويين والشيعة) كان له مورد واما لما قلتم العلويين الشيعة لم يكن بينهما افتراق حتى يحتاج الى توطيد او يكون التوطيد صعبا وبعبارة اوضح ان السيد رحمه الله مشى مع العلويين كما انتم طرحتم سؤالكم بانه في مباحثاته معهم لم يقل لهم انتم  كذا ونحن كذا وانتم على الباطل ونحن على حق فاتركوا باطلكم واتبعوا مذهبنا الذي هو الحق بل كان يقول لهم نحن وانتم من اتباع علي ابن ابي طالب عليه السلام ولكن انتم كنتم بعيدين عن الحوزات العلمية الشيعية وكنتم محشورين مع السنة وكنتم تحت ضغط الامويين وهذه الامور سبب دخول بعض ما ليس من المذهب في اذهانكم والا نحن وانتم نعتقد اعتقادا صحيحا وهو ان علي ابن ابي طالب وشيعته على الحق والخلفاء الثلاث واتباعهم على الباطل نحن ناخذ احكامنا من القران ونهج البلاغة وانتم ايضا كذلك.

 

هداية الجميع:

ماذا كانت افكاره بالنسبة الى (25) مليون علوي في تركيا؟

كان يفكر في هدايتهم كما كان يفكر في هداية السود في افريقيا والصفر في كذا والحمر في كذا (كنا نسمع ان في تركيا15) مليون علوي موجود لا(25) فالعدد في السؤال اما اشتباه واما انهم زادوا فى هذه المدة والثاني بعيد.

 

 الدعوة للجميع:

ما هي تحركاته بالنسبة الى هداية مختلف اتباع المذاهب سنة ومسيحية ويهودية الى مذهب اهل البيت عليهم السلام؟

بلا شك انه كان ينتهز كل فرصة لهداية كل واحد وكان يستفيد من جميع الفرص وهذا شأن كل عاقل فكيف به عالم لان بعد قول رسول الله صلى الله عليه واله لامير المؤمنين عليه السلام: «لان يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك من حمر النعم».

حسب مارأيت في عدة روايات او «خير لك مما طلعت عليه الشمس» حسب ماسمعت وبعد معرفة (ان الدين عند الله الاسلام) وبعد معرفة ان غير مذهب اهل البيت ليس من الاسلام في شئ فبعد معرفة هذه الامور كل عاقل ينتظر هذه الفرصة لهداية اي واحد الى التشيع فكيف بعامل اوقف نفسه لهكذا امور.

في لبنان كنت ارى في بعض الاحيان بعض (الخوارنة) اي علماء المسيحيين يترددون في مكتب السيد ومرتاً او اكثر دعونا الى احد المصايف عندهم مع جماعة فينا بعض وزراء الخليج. وكنا نسمع ان احد هؤلاء الخوارنة الف كتابا الف كتابا حول الاسلام واراد ان يعلن اسلامه ويخرج من منصبه ولكن السيد طلب منه ان يبقى في منصبه ويخفي اسلامه.

 

لو وجد المال لبني البقيع:

ماهي تحركاته بالنسبة الى اعادة اعمار قبور ائمة البقيع عليهم السلام؟ الى اي مدى وصل انجازه؟ وماهو السبب في عدم اكتمال المشروع؟

هذا المشروع كان من مشاريع السيد في العراق وقبل اغتياله وسجنه كنا نسمع ان ذهاب السيد الى مكة لايكون لاداء فريضة الحج فحسب بل للاجتماع بالعلماء هناك والسعى لانجاز هذا المشروع وبعض الاوقات كنا نسمع من السيد رحمه الله أنه يقول لو كان عندي كمية كبيرة من المال كنت انجز هذا المشروع لان علماء الوهابية لادين لهم ولاعقيدة ولايعرفون شيئا غير الفلوس والحكومة لادخل لها بهذا الموضوع  اكبر فرد منهم لما تراجعه وتستدل له يقول لادخل لنا في هذا الامر انت اقنع العلماء وعلماءهم فقط يميلون الى من يعطيهم مال ومن لايعطيهم مال فعنه هؤلاء قد مالوا.

طبعاً في هذه الإجتماعات كان يقدم اليهم بعض الهدايا ولكن كان يقول هذه الهدايا لا تناسب هذا المشروع الضخم العظيم.

 

عيد الغدير

ماهي نشاطات السيد الشهيد في عيد الغدير الأغر في مكة المكرمة؟

إني شخصياً لم أصاحبه في هذا اليوم هناك ولكن كنا نسمع إنه كان يحرض الحجاج الشيعة أن يوزعوا حلويات  بين الحجاج خصوصاً غير الشيعة وقدر الإمكان يبينوا لهم سبب التوزيع ويشرحوا لهم قصة الغدير.

 

إبداع في الأدب:

ماهي خصوصيات تأليفات الشهيد؟ كيف كان يؤلف وماهي المؤلفات التي ضاعت أو سرقت من الشهيد؟

تأليفات المرحوم أما القسم الادبي منها فهو وحيداً من نوعه في الادب لأن المرحوم كانت له افكار خاصة بالكتب الادبية وكان يوغل الانسان عند دراسة تلك الكتب الادبية القديمة لا يصبح أديباً فلذا الف كتب في هذا الموضوع لتأديب الادباء وتخطيب الخطباء وأما تأليفاته السياسية ككتاب كلمة الاسلام فكان في وقته أيضاً وحيداً من نوعه وكان له دوى في اوساط السياسيين الدينيين وأما تأليفاته الروائية كالكلمات ففي مقدمتها كان يخلق عالماً من الادب وبحراً من الذوق يتيه فيها القارئ ويغرق وأما سؤالكم كيف كان يؤلف. أقول جُلّ مؤلفات المرحوم ان لم نقل كلها كانت في العراق وقبل دخوله الى السجن وفي ذلك الوقت كان فارغاً للتأليف أو كان له فراغ نسبي للتأليف حتى تلك التي طبعت في لبنان أظن كانت مخطوطات ثم هيأت في لبنان للطبع أما سؤالكم عن الكتب والتاليفات الضائعة أو المسروقة فأقول (اهل البيت أدرى بالذي فيه) ولا علم لي بها.

 

تقديم الأهم على المهم:

لماذا لم يتزوج الشهيد؟

أما حسب علمنا يعني أنا والأصدقاء الذين كنا معه وكنا كمساعدين له في اعماله نقول: لم يكن لديه مجال للزواج لانه رحمة الله عليه كان يقول ما شبعت طوال حياتي من النوم ونحن نقول إنه استشهد ولم يشبع طوال حياته من النوم لأنه كان ينام حين ما يفرغ من أعماله وجلساته وإجتماعاته وكنا نوقضه حين ما تأتي جماعة لملاقاته حتى وان لم يكن لهم موعد ولكنهم أناس لا يمكن ردهم أو تأخيرهم لكونهم شخصيات أو لكون اجتماعهم في صالح السيد لأجل أشغال السيد ومشاريعه فلذا كنا نوقضه ونعلم انه بعد ما صلى صلاة الصبح ولم ينم إلا ساعات قلائل هذا بحسب الظاهر وبحسب علمنا.

 

إحياء المراقد:

ما هي خدماته وإنجازاته بالنسبة الى حرم السيدة زينب عليها السلام وحرم السيدة رقية عليها السلام؟

خدمات وإنجازات المرحوم بالنسبة للحرمين الشريفين كانت خدمات وإنجازات معنوية على الأكثر مباشرة كما بينا فيما سبق وإن كان يتبعها خدمات مادية أحياناً بصورة غير مباشرة مثلاً لما اسس الحوزة العلمية عند مرقد السيدة زينب عليها السلام سبب إفتتاح الحرم الشريف من قبل آّذان الفجر وغلقه بعد المغرب بساعات، وبسببه كثُر الزوار وبكثرة الزوار ووجود المصلين اقيمت فيها صلوات الجماعة صباحاً ومساءاً وربما ضهراً أيضاً وبسبب وجود الحوزة كثرة الزوار واصبحت قرية (الحجيرة) مدينة صغيرة بنيت فيها الابنية للدور والحوانيت وأحدثت فيها الفنادق والهتيلات ومن جملة الزوار اناس متمولون ومتدينون قدموا أمولاً ضخمه لتكميل بعض نواقص بناء الحرم وتأسيس أماكن صحية للزوار وغير ذلك وهذه الاثرات كانت من نتائج تأسيس الحوزة، وأما بالنسبة الى حرم السيدة رقية عليها السلام فأولاً كان بيد الأوقاف والأوقاف كانت تعين خادماً أو إماماً للجماعة وهذا الخادم الذي هو نفسه إماماً للجماعة كان يأتي وقت صلاة المغرب، يفتح الباب ويصلي ثلاث ركعات ويذهب وفي بعض الأحيان يبقى حتى يصلي صلاة العشاء ثم يغلق الباب. هذا كان وضع السيدة رقية عليها السلام قبل حضور السيد هناك وأما بعد حضوره، أولاً تكلم مع الخادم الذي كان إماماً ان لا يظهر سنيته هناك وبهذه الطريقة شجعه أن لا يقيم صلاة الجماعة هناك الإ خفية وحينما كان يضطر لوجود مراقب من قبل الأوقاف أو ماشاكل ذلك، كان يخفف من صلاته خصوصاً صلاتهم في المغرب كانت قبل صلاتنا فلذا وقت صلاتنا كان المكان فارغاً لنا وبهذه الطريقة أصبح الحرم كبقية أماكن الزيارات في بلاد الشيعة يفتح بابه من أول الصبح طبعاً لا من الفجر لما سنبينه قريباً ويغلق بعد ساعات من المغرب ومن أول النهار الى ساعات من الليل وهو غاص بالزوار.

 

غربة المراقد المقدسة:

وهنا لا بأس بذكر قصة ظريفة من خلالها يعلم سبب عدم وجود صلاة الفجر هناك، أحد علماء إيران كان ضيفاً عندي في سورية، ذهبنا معاً الى زيارة السيدة رقية عليها السلام وصلينا هناك صلاة العشاءين وفي الرجوع قال أنّ لي هنا صديقاً كان من أصدقائي في النجف الأشرف إسمه إسمي ولقبه لقبي وهو يصلي في مسجد أمير المؤمنين عليه السلام فأريد أن أزوره هناك فذهبنا معاً الى زيارته فوجدناه قد فرغ أيضاً من الصلاتين وبعد لم يخرج من المسجد فلما سلمنا عليه وجلسنا عنده سئل من أين جئتم؟ قلنا من زيارة السيدة رقية عليها السلام فبمجرد ما سمع منا هذا الكلام قال أنا أوصيكم وأنصحكم أن لاتمروا بعد العصر الى تلك الحارة لأني لا آمن عليكم وكان يحسب ذهابنا بعد المغرب الى تلك المحلة وحوالي حرم السيدة عليها السلام نوعاً من القاء النفس في التهلكة فأنتم قارنوا بين هذه الأماكن قبل تأسيس الحوزة وبعد التأسيس. الأماكن قبل الحوزة كانت كدائرة من الدوائر تفتح في ساعات معينة وتغلق في ساعات وأما بعد تأسيس الحوزة اصبحت كبقية الأماكن المقدسة تفتح قبل أوقات العبادة وتغلق بعد أوقات العبادة بساعات.

 

صلوات الجماعة:

كيف كان يجمع بين صلاة الجماعة ظهراً في مقام السيدة رقية عليها السلام ومغرباً في مقام السيدة زينب عليها؟

أما من الناحية الشرعية فلم يكن له مانع لأنه كان دائم السفر والدائم السفر والكثير السفر تكون في كل مكان تماماً ويكون قادراً على اقامة الجماعة في مكانين ولو كان بينهما مسافة وأما من نواحي أخرى فكان ينتهز الفرص لأن الزوار في سورية برنامجهم هو أن يكونوا في النهار في دمشق للتسوق والتفرج والزيارة وغيرها وفي الليل يذهبون إلى السيدة زينب عليها السلام وبعد الصلاتين والزيارة يرجعون الى أماكنهم للإستراحة والسيد كان يستفيد من هذه الإجتماعات لتمشية مشاريعه وغير ذلك.

 

العلاقة الحميمة:

كيف كانت علاقته بوالده الميرزا مهدي رحمه الله؟

طبعاً علاقة ولد بار بوالده الأبر.

 

الاخلاص للمبدأ:

كيف كانت علاقته باخيه الاكبر؟

اولا: كانت جميع اعمال المرحوم في لبنان وسورية باعتبار كونه وكيلا عن اخيه وثانيا اذكر لكم قصة ان السيد رحمه الله في فترة من الزمن كان في اشد الحالات من الناحية المادية، كانت ديونه متراكمة وشهرية الطلبة متأخرة واجارات بعض المدارس متاخرة وقس على ذلك، في هذه الحالة ابن احد المراجع كان في سورية او جاء الى سورية وارسل الخبر الى السيد بانه اذا اعلن وكالته عن ابيه (يعني عن ذلك المرجع الذي هذا ابنه) يضمن له اداء جميع ديونه ويضمن له شهرية طلاب الحوزة كل شهر بدون تعطيل وتاخير وكذا يضمن بقية مصاريف السيد ولكن السيد رفض، وهذا يدل على مدى  عقيدته باخيه وحبه له.

 

الوفاء الاخوي:

كيف كانت علاقة (السيد المرجع) به؟ وماهو دوره في حركة الشهيد؟

كانت علاقة السيد المرجع باخيه الشهيد بدرجة صرف جميع طاقته وقدرته في استخلاص اخيه من السجن  لما اغتيل وسجن لم يترك عملا معنويا او ماديا الا عمله. اما اعماله المعنوية كعمل ختومات حتى اذا كانت صعبة جدا حتى سمعت ان بعضها خارج عن القدرة العادية وبعضها مشروطة بشروط غالية كذبح عدد كبير من الاضحية عملها السيد المرجع بنفسه او ارسال افرادا لكي يعملوها.

واما المادي: كارسال افراد عند العلماء وطلب المساعدة منهم وكذا ارسال افراد عند الشخصيات الشعبية كشيوخ العشيرة وعند الشخصيات السياسية سواء كانوا مشغولين في الحكومة فعلا او كان لهم ارتباط بالموجودين  في الحكم وكتحريض الناس لزيارة المرحوم في السجن ايام الملاقات مع ان بعض العلماء او بعض المدعين معرفة السياسة كانوا يخالفون السيد في حسن هذا العمل لانهم كانوا يقولون كلما يزداد عدد زوار السيد في السجن يكبر السيد يكبر السيد في نظر الحكومة وكلما يكبر يشتد الخطر على حياته ولكن السيد المرجع كان يقول هذه الحكومة لاترحم احد الا اذا خافت منه ومن شعبيته محبوبيته هذا في حياة الشهيد اما دليل حبه للشهيد بعد وفاته وشهادته: بمجرد ماسمع بشهادة السيد جعل جميع ديونه الشرعية في ذمته لانه كان يعرف السيد كثيرا مايأخذ من اجرة العبادات الاستيجارية التي تصل بيده بعد ان يستاذن من اصحابها ويتصرف فيها الى ان يحصل اشخصاً يستأجر للمرحومين فلا يكون ذمة المرحوم مشغولةً في عالم البرزخ ففور سماع شهادته نقلها الى ذمته لتكون ذمة المرحوم فارغة هذا هو حب المرجع للمرحوم ودوره في حركته.

 

سياسة الإسلام:

ما هي أفكار الشهيد الاستراتيجية؟

افكار الشهيد الاستراتيجية يمكن ان تعرف من طريقة مباحثاته مع العلويين و كانت طريقته معهم ان يأخذ بنقاط الاتفاق اولا ثم البحث حول نقاط الاختلاف وذاك ايضا على النحو (انا واياكم لعلى هدى او في ضلال مبين) لا على نحو نحن على الحق وانتم على الباطل ثم كان مباحثاته اولا مع العلماء اعني علماء الدين ثم مع المثقفين كالدكاترة والمهندسين وامثالها اما السوقة فهم اتباع دائما للعلماء بمعنى العام.

 

اصلاح النخبة:

ماهي اطروحاته حول انقاذ المسلمين من واقعهم المختلف الذي يعيشون فيه؟

من جملة اطروحاته هي فتح المدارس الدينية على مستويات مترقية من جميع الجهات ثم دعوة الطلاب وتكفل او تضمن جميع شؤنهم المادية والمعنوية الى مدة معينة كسبع سنين مثلا وتربيتهم تربية شيعية بنحو (كونوا دعاتا للناس بغير السنتكم) لاباس بذكر قصة مناسبة مع هذا الحديث القصة: ان احد الطلاب الافارقة الذي كان يدرس في مدرسة الامام المهدي (عج) بعد اربع سنوات من وجوده في المدرسة ووصوله الى مرتبة من العلم جاء عندي اظن في البيت واعلن تشيعه بكل حرية واطمئنان، سئلته عن سبب تشيعه قال: انا من اول يوم دخلت فيه الى المدرسة كنت الاحظ جميع حركاتكم وسكناكم خصوصا الدروس الاخلاقية التي كنتم تدرسوننا كنت الا حظ كم انتم ملتزمون بها وبعد تفتيشي لاعمالكم ومقايستها مع اعمال المبلغين الذين كانوا يرسلونهم لنا من البلاد العربية السنية كمصر والسعودية رأيت البون الشاسع بينكم وبينهم عرفت حقانية هذا المذهب كما انه كان يقول ان المبلغين الذين كانوا يرسلونهم من هناك الى بلادنا اول ماكانوا يأتون كانوا يبدؤن بالفساد الجنسي وكان تبليغهم عبارة عن القاء خطبة في كل يوم جمعة والخطبة كانت من على ورقة وكثيرا ما تكون منقولة من الكتب وبخاصة القديمة، لانه ربما كان في اخر الخطبة يدعوا بدوام الملك للملك فاروق ، ملك مصر السابق الذي مر على موته عشرات السنين هذا ماشاهد هؤلاء في بلادهم من علماء او مبلغي مذهبهم ثم جاءوا الى لبنان الى مدارسنا وعاشرونا في المدرسة وفي بيوتنا عند اولادنا وعوائلنا (لانا ربما كنا ندعوهم بالمناسبات الى بيوتنا بمناسبة عيد ونحوه في ايام العطل) هذه المقايسة جعلته يعترف بحقانية الشيعة، هذا اضافة الى مادرس في كتب العقائد ونظر الى الادلة القاطعة المثبة حقانية هذا المذهب فمن جملة استراتيجية المرحوم كان تاسيس هكذا مدارس ودعوة هكذا طلاب وتربيتهم ثم بعد التخرج يتم ارسالهم الى بلادهم للتبليغ وايضا تكفلهم هناك.

 

وضع اليد على الجرح:

كيف استطاع اقناع العلويين باعلان انتمائهم الى مذهب اهل البيت عليهم السلام؟

اما كيفية اقناع العلويين لقبول مذهب التشيع يعرف من جواب سؤال رقم 42 واما كيفية اقناعهم لاعلان انتمائهم الى مذهب اهل البيت عليهم السلام كان وروده عن طريق سياسي بهذه الكيفية قال لهم في مباحثاته انتم الان بيدكم الحكم والسنة غير راضين من هذا الموضوع وهم دائما يبحثون عن طريقة يرجعون بالحكومة الى انفسهم، خصوصا ان الدول العربية يحثونهم ويحرضونهم على هذا الامر ففي هذه الحالة هل انتم تحبون خروج الحكومة من ايديكم ورجوعكم الى ماكنتم عليه مظطهدين مقهورين بل ترجعون الى حالة اتعس مما كنتم عليه او لاتحبون بل تريدون بقاء الحكومة في ايديكم ان كان جوابكم هو الثاني فلابد لكم ان تعلنوا انتمائكم الى مذهب اهل البيت عليهم السلام لان قانون سورية ينص على ان رئيس الحكومة يلزم ان يكون فردا مسلما وانتم لستم داخلين ومعترفين باحد الذاهب السنية الاربعة فعليكم ان تعلنوا انتمائكم الى مذهب اهل البيت عليهم السلام حتى لايبقى لهم حجة ومستمسك قانوني يمكنهم من عزلكم. بهذه الطريقة اقنعهم باعلان انتمائهم طبعا هذا الاعلان كان ثقيلا جدا على الدول العربية ولكن العلويين عرفوا ان هذا الاعلان ثبتهم على الحكم وركز قواعد حكومتهم وهذا في دوره ايضا سبب شدة علاقتهم بالسيد وفتحوا له المجال للعمل في سورية ولله الحمد.

 

في القارة السوداء:

ماذا كان دوره في افريقيا؟

كان دور المرحوم في افريقيا على نحوين: احدهما جلب الطلاب من هناك الى لبنان وتعليمهم وتربيتهم ثم ارجاعهم الى بلادهم للتبليغ والتعليم والهداية، والنحو الثاني كان بواسطة الجالية اللبنانية المستقرة هناك التجار منهم والموضفين في السفارة اللبنانية وغيرها ولما كان يسافر الى هناك كانوا يهيئون له مجالس للخطابة وثم جلسات للاسئلة والاجوبة وفي بعض الاوقات يصادف مع يوم الجمعة يطلبون منه ان يقيم صلاة الجمعة وبطبيعة الحال في خطبتها يبين لهم مايناسب وكثيرا ماهذه الجلسات والاسئلة والاجوبة تنجر الى مسائل مذهبية واختلاف المذاهب الاسلامية والسؤال عن مذهب السيد وهو يجيبهم بصورة اجمالية ولكنهم لايقنعون بالاجمال ثم شيئا فشيئا بين لهم مذهبه مع الدليل فحينئذا كلهم  يقولون نحن ايضا على هذا المذهب، اذكر على باب المثال المرحوم كان يقول في ليل من الليالي انجر الكلام  حول وجود مذاهب مختلفة في الاسلام فبمجرد ماوصل الكلام الى هنا سئلوا من المرحوم ماهو مذهبك؟ السيد لم ير هناك مناسبا ان يعلن مذهبه بالصراحة لوجود بعض المحاذير ووجود بعض علماء السنة في المجلس كامام صلاة الجمعة وغيره فاجاب، ديني يكشف عن مذهبي ولكن لم يقنعوا واصروا عليه ان يعلن مذهبه بالصراحة السيد بدل من ان يعلن مذهبه بالصراحة بدء بنقل قطعة تاريخية بل قطعتين من التاريخ بهذه الصورة: ذكر قصة يوم الغدير وتعيين رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا عليه السلام خليفة من بعده وثم ذكر ان جماعة من المسلمين بعد وفاة الرسول الاكرم رؤوا من المصلحة ان يعينوا غير علي ابتداء خليفة للرسول وبعد فترة من الزمن جعلوا عليا خليفة الرسول فمن هنا اختلف المسلمون وتعددت المذاهب فمنهم من اتبع عليا بعد الرسول بدون فصل ومنهم من اتبع غيره بعد الرسول ثم بعد مدة اتبع عليا فنحن من القسم الاول اي اتبعنا من عينه الرسول من بعد وفاته بلا فصل فلما وصل كلام السيد الشهيد الى هنا كل الموجدين في المجلس اعلنوا بان الحق مع الطائفة الاولى لان من عينه الرسول اولى بالاتباع وثم بعد هذه المحاورة طلبوا من السيد ان يقيم صلاة الجمعة في اكبر مسجد من مساجد تلك المدينة وكان المسجد متعلقا ومربوطا بقبيلة رئيس الجمهورية لان هناك بعض القبائل لها دور فلكل قبيلة مسجد يخصها وتكون مكانة المسجد وكبر مساحته وبقية خصوصياته متناسبة مع مكانة القبيلة وشخصيتها فاكبر مسجد واعظمها يكون لقبيلة رئيس الدولة ثم لقبيلة رئيس الوزراء وهكذا السيد لما طلب منه ان يقيم صلاة الجمعة غدا في هكذا مسجد قال لهم اذا انا اصلي، اصلي على اساس مذهبي لا مذهب اخر، فورا كل اهل المجلس قالوا نحن نريد ان نتعلم الصلاة منكم، الى هنا تم المجلس وتفرق الجميع وغداً السيد اقام الصلاة صلاة شيعية تماما وبعد ماتم الصلاة اخذ امام الراتب للمسجد المكريفون بيده وبدء يخاطب المصلين باعلى صوت: الم ترون ان الامام صلى صلاة رسول الله (اي مسبلا) فلماذا انتم صليتم تكتفا لان في المجلس الليلي من جمله المسائل التي بحثت فيه هي مسئلة التكتف في الصلاة والاسبال والسيد رحمه الله بين لهم بان الرسول صلى الله عليه واله وسلم كان يسبل وكذا عمر في  فترة من خلافته وثم لقصة تاريخية (طبعا انا الخَص واما السيد ذكر القصة) بدأ عمر يتكتف في الصلاة والمسلمون صاروا كتلتين وقسمين قسم استمر على سنة  الرسول صلى الله عليه عليه واله وقسم اتبع عمر في هذه البدعة. هذه نبذه يسيرة من دور السيد في افريقيا.

 

الولاء الحقيقي:

ماذا عن علاقته بالنبي الاعظم صلى الله عليه واله وسلم واهل بيته الطاهرين عليهم السلام؟

هذه (اي العلاقة) أمر قلبي لايطلع عليه احد من احد الا بسبب الاثار وبالنسبة الى المرحوم من اظهر اثاره انه اوقف نفسه وحياته في نشر معارف هؤلاء باسباب مختلفة كتاسيس مؤسسات كالمدارس ودور النشر وتاليف كتب ودعوة غير العارفين  للائمة في مدارسه وتعليمهم لكي يعرفوا الائمة ويتبعوهم وهداية مواليهم الغالين الى ولاية صحيحة ليس فيها غلو وإقامة المجالس في موالديهم ووفياتهم وتقوية وتنزيه شعائرهم مثلاً من باب النموذج أذكر هذه القصة: من جملة الشعائر الحسينية كان موكب التطبير في كربلاء وهذا الموكب كان زمان خروجه ليلة عاشوراء فكانوا من وسط الليل يبدأون بالتمارين والى مابعد الفجر قريب طلوع الشمس يذهبون الى مخيم ابي عبد الله روحي له الفداء ومن هناك يبدؤن في التطبير وينزلون الى الصحنين الشريفين وبعد ساعة من طلوع الشمس وأكثر يختم هذا الموكب ويذهبون الى الحمام وثم يرجعون الى مقر مواكبهم لأكل شيء في الترويق ثم يهيئون انفسهم للمشاركة في بقية الشعائر والمواكب كموكب اللطم والزنجيل والتشبيه وغيرها فهنا الأعداء وبعض آخرون كانوا يتهمون المطبرين ويستشكلون عليهم بأنهم يطبرون ونفس الوقت يتركون صلاة الصبح يوم عاشوراء أو يصلون مع نجاسة ابدانهم فالسيد الشهيد رحمه الله في سنة من السنوات في أواخر سنين حضوره في كربلاء قبل ليلة عاشوراء زار جميع الهيئات وطلب منهم ثلاثة امور:

1. أن لا يطبر أحد قبل الفجر.

2. أن تجتمع كل المواكب عند الفجر في صحن الإمام الحسين عليه السلام.

3. أن يصلوا صلاة الصبح جماعة هناك ثم يتفرقوا للتطبير ليدفعوا عن أنفسهم التهمة السابقة.

 وثانياً يكون منظر شعارية عملهم اعظم بسبب اجتماعهم في مكان واحد بتلك الهيئة كلهم لابسين أكفان بيض وحاملين سيوفهم وقاماتهم ورافعين اعلامهم الحمر على رؤسهم و... ففي تلك السنة كان لهذا الإجتماع دوي في كل العراق ومن جهة الحكومة خافت وفي السنة الثانية منعت إجتماعهم وصلاتهم بالجماعة بتلك الصورة.

 

لا للأحزاب:

ما هي نظرته الى دور المرجعية الشيعية في الأمة؟

تعرف نظرته من كتابه كلمة الاسلام الذي الف ضد الأحزاب حتى الإسلامية منها بل ضد التحزب أصلاً وتأييد للمرجعية وبيّن فيه أضرار الحزب والتحزب بما لا مزيد عليه وبيّن كون المرجعية بعيدة عن هذه الأضرار ومن أهم الأضرار الموجودة في الحزب قدرة تدخل الأستعمار وكل عدو للحزب، في الحزب وعدم قدرة تدخلها في المرجعية والثاني وقوع الانقسامات في المرجعية وغير هذين الإمتيازين وللمزيد من الإطلاع يلزم مراجعة الكتاب المذكور.

 

فضح الظالمين:

ما هو دوره في نصرة الشعب العراقي المظلوم بعد هجرته الى لبنان؟

كان من ضمن أدواره فضح جرائم النظام البعثي وتقوية المعارضة فكرياً وربما مادياً خصوصاً تهيئة الشغل للفارين من العراق.

 

تربية الاجيال:

هل كان السيد يريد تأسيس حوزات في الأردن والرقة - مثلاً - وماذا كان هدفه من ذلك؟

أما في هذين المكانين بالخصوص لا علم لي به أما أصل الفكرة اي فكرة تأسيس حوزات في اماكن مختلفة نعم هذا كان من جملة إستراتيجيته لأنه كان يفكر في تربية الأفراد وتعليمهم وأحسن مكان للتعليم والتربية هي الحوزات وبهذا بيّنا الهدف أيضاَ.

 

الشهادة المفجعة:

كيف أستشهد وما هي القضايا التي جرت بعد إستشهاده؟

أما إستشهاد المرحوم فكان بعد شهادة المرحوم سيد محمد باقر الصدر بعد ما إنتشر خبر استشهاده في سجون العراق تحت التعذيب أقام السيد في مدرسة الإمام المهدي في بيروت مجلس فاتحة على روحه وصمم أن يخطب هو بنفسه في ذلك  المجلس والبعثيين اللعناء عرفوا بأن خطبة السيد سوف تفضحهم فقبل أن يصل السيد الى المجلس خططوا لقتله وبصورة دقيقة لا تخطأ واحداً في المائة. بأن أرسلوا سيارة قبل سيارة السيد وبأسرع منها فإنجبر سائق سيارة السيد أيضاً تقليل سرعته فبالنتيجة تمكن المسلحون أن يرموا السيد في السيارة بأسهل وجه وبعدد كثير من الرصاص حتى تيقنوا من قتله وبكل ارتياح فروا من المكان. هذا قتله وإستشهاده وأما ما حدث بعد استشهاده فأمور:

 1. كثير من الإذاعات العربية و الأجنبية أعلنت الحادث، منها راديو (مونتي كارلو).

2. القاتلين بعد أيام قلائل قتلوا بعضهم بيد بعض وبعضهم بيد من عرف إنهم قتلة السيد فقتلهم والقصة على ما سمعت هكذا: أن القاتلين إختلفوا في تقسيم الأجرة التي أعطوا، بعضهم كان يريد أن يأخذ لنفسه أكثر لأنه هو القاتل والآخر فقط أبطأ سيارة السيد من السرعة والثاني يقول نحن معاً إشتركنا في قتله ولا مزية لك عليّ وتشاجروا في القضية فينما هما يتنازعان عمُّ احد القتلة عرف الموضوع وفي نفسه قال: الكلاب يقتلون السيد ابن رسول الله ثم يختلفون ويتنازعون في أجرة قتله فصمم أن يقتلهم، الآن لا أذكر هل في المشاجرة بعضهم قتل البعض والعم قتل الآخر أم العم قتل القتلة جميعاً والذي في ظني هو الثاني.

3. هو انتقال جثمانه الشريف الى سورية ومنه الى ايران بأمر المرحوم المرجع وحسب ما سمعت شيع جثمانه الشريف في قم أكبر من تشييع بعض المراجع ثم دفن في حرم السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام وأما الفواتح التي اقيمت على روحه ففي بلاد متعددة ففي ايران أظن مجالس متعددة وكذا في في سورية وفي لبنان والكويت أيضاً هذا ما جرى بعد إستشهاده رحمة الله عليه حياً وشهيداً.