لقاء مع سماحة آية الله السيد مجتبى الشيرازي

ا

الشهيد القديم وتأسيس الحوزة

 

الحوزة العلمية – كالجامعة – حاجة من حاجات المناطق، فالمنطقة التي لا حوزة فيها كالمنطقة التي لا جامعة فيها تماما.

الحوزة العلمية تستضيف أبناء المناطق لتخرجهم علماء ينتشرون في أرجائها للقيام بمهمة التبليغ.

و الناس – عادة – غير مستعدين للهجرة إلى جامعة بعيدة.

و الناس – عادة – غير مستعدين للهجرة إلى حوزة بعيدة كذلك.

أما الجامعة القريبة فهي تستقبل المواد البشرية الخام لتنتج أطباء و صيادلة و مهندسين و محامين... كما أن الحوزة القريبة تستقبل المواد البشرية الخام لتنتج مراجع و خطباء و كتابا و مدرسين و محاضرين و مبلغين...

بدون الجامعة القريبة يكون الفقر في الأطباء و أمثالهم شديدا فيكون تأخر المجتمع فتكون بلاد العالم الثالث مسرح الاستعمار و الاستبداد و قوائم أسواء تعجز عن قراءة كل سطورها.

و بدون الحوزة القريبة يكون الفقر في المراجع و أمثالهم شديدا فيكون تأخر المجتمع فتكون بلاد البهائية و القاديانية و وعاظ السلاطين و النواصب و الخوارج و الوهابية و الشيخية و الأخبارية و الأحزاب الإسلامية و قوائم أسواء تعجز عن قراءة كل سطورها كذلك.

*   *   *   *   *

من هنا انتدب (حسب المنقول) شهيد الإسلام قائد ثورة العشرين الشيخ محمد تقي الشيرازي، تلميذه المرحوم المقدس الشيخ عبدالكريم الحائري لتأسيس الحوزة العلمية في قم المشرفة – عبر مدينة أراك التجريبية – فكانت منقذة إيران و العالم الإسلامي، (السيد الشريعتمداري حسنة من حسنات الحائري من باب المثال) و كانت ملجأ الحوزة العلمية في العراق:

 + في ماجريات مفتتح الدولة العصرية الإنجليزية بقيادة الملك فيصل الأول، و تسفير مراجع و شخصيات دينية من طراز السيد أبي الحسن الإصفهاني و الشيخ ميرزا حسين النائيني...

 + و في ماجريات مفتتح النظام البعثي الأنجلو- أمريكي بقيادة أحمد حسن البكر و صدام حسين، و هجرة و تهجير مراجع و شخصيات دينية متنوعة يصعب إحصاءهم.

 *   *   *   *   *

و من هنا انتدب (حسب المنقول كذلك) شهيد الإسلام قائد ثورة العشرين – مرة أخرى – تلميذه الآخر المرحوم المقدس السيد حسين القمي لتأسيس الحوزة العلمية في مشهد المقدسة، فكانت منقذة محافظة خراسان و أجزاء من إيران و العالم الإسلامي. (الشيخ محمود الحلبي حسنة من حسنات السيد القمي من باب المثال).

*   *   *   *   *

و من هنا – أخيرا و ليس آخرا بإذن الله عزوجل – تأسيس الحوزة العلمية في مدينة الزينبية المقدسة، بتوفيق و همة شهيد الإسلام السيد حسن الشيرازي (=الشهيد القديم) فكانت منقذة أجزاء من سوريا و العالم الإسلامي، و كانت ملجأ الكثير من علماء و طلبة الحوزة العلمية في العراق:

+ في ماجريات استبدال صدام حسين بأحمد حسن البكر من قبل الاستعمار الأنجلو – أمريكي.

 * و في ماجريات استبدال حكم بحكم آخر في دولة مجاورة.

*   *   *   *   *

صحيح ان بعض عوامل الشر حاول تقويضها أكثر من مرة و لكنها استمرت مباركة:

 + جعلت (الزينبية) مدينة كبيرة و مأوى للجماهير المهجرة و المهاجرة من العراق و غيره.

+ و دفعت بمرجعيات – مستقيمة و منحرفة – نحو تأسيس حوزات علمية متنوعة من حيث الكم و الكيف.

*   *   *   *   *

و كان الشهيد القديم عازما على تأسيس حوزة علمية أخرى في المدينة الباكستانية الحساسة (كويته) و لكن مشاكل الحوزة العلمية الزينبية – التي كان يثيرها في وجهه بعض عوامل الشر – حالت دون تلك الأمنية التي لو تحققت لتحقق إنقاذ أجزاء من العالم الإسلامي.

*   *   *   *   *

و كان الشهيد القديم أسس – من قبل – نواة حوزة علمية في مدينة بيروت حاول بعض عوامل الشر تقويضها فكان له ما أراد، و لو لم تقوض لم نكن اليوم – و لا في المستقبل – نعدم إنقاذ أجزاء من العالم الإسلامي، و لكن وا أسفاه!

*   *   *   *   *

و العبرة من الحوزات الثلاث – الحوزة المقوضة و الحوزة المستمرة و الحوزة المتمناة – تكون في استيعاب الحقيقة التي تقول: زرع الحوزات في المناطق ضرورة كزرع الجامعات في المناطق (و من الجريمة أو الغباء محاولة تقويض فهضم حوزات المناطق في كرش الحوزة الأم)، يقول الله عزوجل في القرآن الكريم:

 ((الذين يبلغون رسالات الله، و يخشونه و لا يخشون أحدا إلا الله. و كفى بالله حسيبا))

((عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول، فإنه يسلك من بين يديه و من خلفه رصدا * ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم. و أحاط بما لديهم، و أحصى كل شيء عددا ))

((و ما كان المؤمنون لينفروا كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة: ليتفقهوا في الدين، و لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ))

 *   *   *   *   *

كلمة أخيرة: النجاح – عبر مخاض طويل عسير و بنسبة 35% (شيء جيد) في عالم فقير بائس تعس.