|
لقاء مع الشيخ محمد أمين الغفوري
اللقاء: الواحد والعشرون. الشخصية المحاورة: الشيخ محمد أمين الغفوري. المكان: دمشق، السيدة زينب عليها السلام. التاريخ: 27/3/2006م ـ 27/صفر/1427 هـ.
تمهيد: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على شمس الهداية نبينا محمد صلى الله عليه وآله ، وعلى الأقمار المضيئة الأئمة الطاهرين عليهم السلام. وبعد فقد قال الحكيم في محكم كتابه الكريم وقرآنه العظيم: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) صدق الله العلي العظيم إن الكتابة عن حياة العظماء وتثبيت تجاربهم ضرورية للأجيال القادمة حتى تكون مناراً لحياتهم وبخاصة إلى طلاب العلوم الدينية ورجال الدين القادمين من الاجيال الصاعدة حتى يستنيروا بتجارب الشخصيات العظيمة السابقة من امثال الشهيد المفكر العظيم السيد حسن الحسيني الشيرازي لذا التقينا ضيف عايش الشهيد السعيد نهجاً وخلقاً والتزاماً وما زال الى اليوم يحفظ الشهيد كل الود والمحبة والتقدير والاحترام وهو الشيخ محمد أمين الغفوري عميد الحوزة العلمية الزينبية.
نبذة من حياة الضيف: ولد سماحة الشيخ الغفوري في مدينة كربلاء المقدسة، ودرس على أساتذتها الكرام، ثم انتقل إلى إيران فواصل في مدينة قم المقدسة دراساته الحوزوية، وبعد ذلك انتقل إلى بيروت في لبنان للعمل التبليغي والثقافي، وفي الأخير انتقل إلى جوار بطلة الطف والفداء العقيلة السيدة زينب عليها السلام حيث واصل نشاطه التبليغي والتحقيقي في الحوزة العلمية الزينبية، وفي عام (1421هـ) استلم عمادة الحوزة العلمية الزينبية.
في كربلاء المقدسة: ● فضيلة الشيخ، السؤال الأول الذي أود أن أسأل سماحتكم، ما هي علاقتكم بالسيد الشهيد؟ متى بدأت هذه العلاقة؟ وكيف استمرت؟ بدأت علاقتنا به منذ شهرته وانتشار صيته في نشاطاته الفكرية والاجتماعية التوعوية في المجتمع الإسلامي، منذ المهرجان الكبير الذي كان يقام في كربلاء المقدسة لإحياء ذكرى ميلاد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، ذلك المهرجان كان في الحقيقة لإيجاد جو تيار إسلامي في المجتمع الإسلامي الذي ابتعد نوعاً ما عن تعاليم القرآن الكريم، فكان في ذلك العصر، أي في حوالي الخمسينات الميلادي وما قبله بشيء وما بعده إلى فترة حوالي أكثر من عقدين من الزمن، ساد المجتمع تقريباً تيارات علمانية أو مضادة للدين الإسلامي، وكان هناك تحركات لإغراء وخداع الشباب المسلم، فكانت هناك مراوغات من هنا وهناك، وبالتحديد طرح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام باعتبار أن فكره قريب للفكر الشيوعي، وأنه اشتراكي، وأمثال هذه المصطلحات، وأنّ أبا ذر كان اشتراكياً، ونوع من الخداع للشباب المسلم، فتقريباً كاد أن يسود المجتمع في ذلك العصر في العراق الفكر والتيار المضاد للدين الإسلامي، فتصدى له العلماء والفقهاء بنشاطات توعوية مختلفة، وأوجدوا صحوة دينية، وبالنتيجة تولّد تيار إسلامي واعي ونشط في العراق. ومن جملة الأسباب والعوامل المؤثّرة تأثيراً كبيراً وعظيماً في إيجاد هذا التيار هو هذا المهرجان الذي كان يقام سنوياً في كربلاء المقدسة على مستوى رفيع، يدعى إلى هذا المهرجان شخصيات سياسية، علمية، اجتماعية، ومن مختلف المذاهب والأديان، من داخل العراق ومن خارج العراق، وكان هذا المهرجان إضافة إلى أنه كان مستواه رفيعاً والحضور نوعي مميز، كان شعبياً أيضاً، وكانت المشاركة في الداخل من الشعب، وكان يصدر كتاب فيما بعد نتاج هذا المهرجان، وكان لهذا المهرجان أصداء في الصحف والمجلات والإذاعات، فكان للشهيد السيد حسن دور عظيم في إثراء هذا المهرجان، وكان لنا أيضاً دور حسب أعمارنا في تلك السنوات، فنشارك ولو كانت مشاركة بسيطة، فتعرّفنا على المهرجان ومن خلاله على الشهيد السيد حسن، فبدأت معرفتنا به منذ ذلك الوقت.
الاخلاق الحسنة: ● سماحة الشيخ، الشهيد السيد حسن كيف كان يتعامل مع الناس عامة؟ ومع ضيوفه وزائريه بالأخص؟ كان أخلاقه أخلاقاً حسنة وبشاشة، بحيث كان يجلب الذين حوله، وهم بالتالي ينجذبون إليه. قيمه القرآن:
القيم التي كان يرتكز عليها هي نابعة من القيم الذي استفاد منها واستوحاها من القرآن الكريم، فكانت علاقته وارتباطه بالقرآن الكريم وبتعاليم أهل البيت عليهم السلام والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ارتباطاً وثيقاً، فكان يستوحي منها الأفكار التي يمكن أن تساهم في حل مشاكل المسلمين، فكان طموحه طموحاً عالياً رفيعاً وشمولياً بحيث لا يحدّه الحدود الجغرافية أو الأعراق أو الطوائف، فكان يفكر في عموم المسلمين، بل أكثر من ذلك، وكان يفكر بالمسلمين في أي مكان كانوا، فكان بإمكانه أن يساهم في حلّ مشاكلهم وتقديم طروحات، فكان كل من يطرح معه قضية أو مشكلة يحاول أن يساهم في حلها وإعطاء طروحات لحل تلك المشاكل، فكان يربطهم بالقرآن الكريم ويعطيهم نماذج من أهل البيت عليهم السلام ومن أولياء الله (رضوان الله تعالى عليهم) الذين هم مرتبطون بأهل البيت عليهم السلام وبالوحي.
يجزي السيئة بالحسنة: ● سماحة الشيخ، كيف كان يتعامل الشهيد مع خصومه؟ كان لا يلتفت إلى الجانب الخصومي الذي يبدونه تجاهه، فكان يحاول أن لا يكون ردّه مثل عملهم، بل إمّا السكوت أو يكون ردّه حسناً.
المؤمن الزاهد: ● سماحة الشيخ، كنتم عايشتم الشهيد السيد حسن سواءً في كربلاء منذ الصغر، أو في الكبر في بيروت، فعايشتموه بالأخص في بيروت وكنتم برفقته، فكيف رأيتم مأكله وملبسه ومشربه، وأين كان يسكن سواءً في بيروت أو في دمشق؟
يعني أن تتصرف في الأشياء كما أن تكون هي تخدمك، لا أن تكون بخدمة الأشياء, فكان ملبسه ملبساً بسيطاً، فكان عندما يلتفت إلى أن ثيابه بدأ بالإهتراء، كان يبدل هذا بلباس آخر جديد، ولا يبدلها باستمرار، وكان يقتصد في مصرفه، وبالنسبة للأكل لا يهتم بالأكل، وكان كثيراً ما يؤكّد عليه من كان يعيش معه على أن سيدنا الأكل برد، أو تأخر، أو كذا، فكان يواصل نشاطه دون الإلتفات إلى الطعام.
المال عنده وسيلة لا غاية: ● مع أن الملايين من الأموال كانت تصل بيد الشهيد، كيف كان يعيش زاهداً بحيث يصل به الأمر أنه لا يملك أجرة التاكسي؟ الحقيقة أنّه كان يفكّر بأنّ المال الذي يستحصله، وكان يهتم بإستحصال المال، ولكن في مصرف المال أيضاً كان يهتم بقدر ما كان يهتم بالحصول على المال من حقوق شرعية أو تبرعات ومساهمات خيرية, فكان يهتم بمصروفها أيضاً، فكان لا يصرف على نفسه وعلى شخصه، ولكنه ما كان يهتم بهذا المصروف، فكل ما كان يحصله يصرفه في سبيل الله، من مساعدة العوائل الفقيرة والمحتاجين والمؤسسات التي كان يهتم بتأسيسها، والمشاريع التي كان يهتم بتأسيسها، والاستمرار في نشاطاتها، وكذلك في تهيئة الكتب أو أمور أخرى، وهدايا إلى الشخصيات، وإلى الذين يحتاجون إلى تأسيس مكتبات للتثقيف، أو أن يلتفت إلى أولئك البعيدين عن فكر أهل البيت عليه السلام فيلفت نظرهم إلى فكر أهل البيت عليهم السلام لكي يتثقّفوا بثقافة أهل البيت عليهم السلام، فكان اهتمامه في مصروف هذا الجانب بحيث لا يبقي في جيبه أي شيء، فكل ما كان يحصل من المال كان يصرفه فوراً، وهذا يدل على أن المصروف عنده كان أكثر بكثير مما كان يحصل عليه، بحيث أنه مرات ومرات عديدة حصل أنه كان يركب في التاكسي رغم أنه كان شخصية يحتاج إلى سيارة لكي تكون تحت تصرّفه، ولكن كان يستأجر التاكسي، فيصل به الأمر أنه لم يكن عنده أجرة التاكسي، فكان يستعين بطلبة العلوم الدينية، أو زملائه أو أي شخص آخر ويستقرض، وكانت ديونه كثيرة أيضاً في هذا المجال خاصة، والتي ظهرت بعد شهادته تلك الديون التي كانت متراكمة عليه.
الشهيد قطب مهرجان أمير المؤمنين: ● سماحة الشيخ، أشرتم قبل قليل حول علاقتكم ومعرفتكم بالسيد الشهيد ودوره في إحياء ذكرى الثالث عشر من شهر رجب بمناسبة ميلاد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، فماذا كان دوره الفعّال والنشيط في هذا المجال؟
الحقد وراء اعتقال الشهيد: ● ماذا كانت ملابسات اعتقال الشهيد السيد حسن، وبالأخص بعد دوره الكبير في مهرجانات الثالث عشر من رجب، وما هو دور الإمام المجدد الثاني (رضوان الله تعالى عليه) في إنقاذه من السجن؟ نتيجة مساهمته ومشاركته في توعية المسلمين، وبالخصوص الشباب منهم إلى العودة للقرآن الكريم، وتعاليم أهل البيت عليهم السلام، وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله، والابتعاد من إغراءات تلك الأحزاب المنحرفة، نتيجة ذلك عادته الحكومة التي تسلطت منذ سنة (1968م)، هذه الحكومة التي عادته معاداة شديدة، وهذا يدل على مدى تأثير هذا المهرجان، وهذه النشاطات التوعوية على المجتمع الإسلامي، بحيث تولد تيار واسع وكبير في العراق برمته، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، وهذا التيار الإسلامي أفشل جميع مخططات الاستعمار، وأعداء الإسلام في العراق، ولذلك فإنّ هذا الحقد أظهروه بصورة الاعتقال، فاعتقلوه، ونتيجة لهذا الاعتقال أصبح فترة من الزمن رهن السجن والتعذيب.
الشهيد شخصية عالمية:
إضافة إلى النشاط الذي قام به، والدور الكبير الذي كان لأخيه الأكبر سماحة الإمام الشيرازي الراحل (رحمة الله عليه) في استمرار هذه الحركة الإعلامية السلمية والإنسانية، إضافة إلى أنني أذكر في تلك الأيام كثيراً من العوائل والبيوت رجالاً ونساءً كانوا يدعون إلى نجاته وخلاصه، كأدعية وتوسّلات وختومات وأذكار بالخصوص إلى نجاة السيد الشهيد، وأكيداً فإنّ هذه التوسّلات المعنوية الغيبية كانت لها الدور الكبير في نجاته وخلاصه، فإذاً نتيجة النشاطات التي كانت في داخل العراق وخارج العراق، ونتيجة الضغوطات على الحكومة العراقية، اضطرت الحكومة أن تخرجه من السجن وتفرج عنه.
الشهيد من سجن إلى سجن: ● سماحة الشيخ، ما هي أنواع التعذيب التي لاقاها سماحة السيد الشهيد؟ وما هي الآثار التي تركها التعذيب على جسده؟ كان رهن الاعتقال في غياهب السجون لا يعرف مكانه، وكان ينتقل به من مكان إلى مكان كي لا يعرفه أحد، ولا تعطي الضغوطات نتائج في نجاته، ولكن الله سبحانه وتعالى شاء أن يخرجه من تلك الظلمات، إلى أن نقلوه في الأخير إلى سجن مدينة بعقوبة، وأخبروا عائلته بأنه في سجن بعقوبة. الزيارة الأولى:
الزيارة الثانية: وأنا أذكر بعد أسبوعين، وفي الزيارة الثانية بالتحديد عندما كنت ضمن المجموعة التي زرناه أيضاً نفس الحالة تكرّرت لنا، هو كان بالقرب منا ونحن ننظر إلى السجناء الآخرين كي نتعرف عليه، مع أنّ الفاصلة كانت بعد أسبوعين، فبالتأكيد قد تغيّر فيه شيء، لكن الآثار كانت بادية في وجهه، وفي المعانقة كان يمتعض ويمسك نفسه، فاكتشفنا بأنه يتألم في ظهره وصدره ولا يتحمّل إذا عانقه شخص، والمفروض أن لا يعانقه بقوة.
القضاء على التشيع: ● ماذا كانوا يريدون منه تحت التعذيب؟ الحقيقة أنّ الثلّة التي جاءت إلى سدّة الحكم نتيجة الانقلاب العسكري، أرادوا القضاء على المرجعية الشيعية وعلى الوجود الشيعي في العراق، نتيجة ثورة العشرين ضد الاستعمار البريطاني عندما دخلوا العراق، فالقيادة المرجعية والعلماء بقيادة المرحوم آية الله العظمى الشيخ محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين تصدوا لهم، فالاستعمار البريطاني أخفى حقده تجاه الشيعة عموماً وبالخصوص تجاه القيادة المرجعية.
مؤامرات الاقصاء:
الصبر الفذ:
الشهيد والمؤسسات: ● سماحة الشيخ، الشهيد السيد حسن الشيرازي وبعد خروجه من السجن في العراق، التجأ إلى بلاد الشام، سيما في بيروت وفي دمشق، الشهيد السيد حسن هنا في سورية كيف فكّر في إنشاء الحوزة العلمية أولاً؟ ثانياً في تأسيس أي مؤسسة دينية طبعاً تواجه هذه المؤسسة بعقبات، فما هي العقبات التي كانت تمنع الشهيد من تأسيس هذه الحوزة؟ وما هي المحاولات المختلفة من مختلف الأطراف لعرقلة تأسيس هذه الحوزة؟ ماذا كانت أهدافهم من وراء ذلك؟ وكيف استطاع الشهيد تجاوز هذه العقبات؟ الشهيد كان مفكّراً، وكان في نفس الوقت منفّذاً لطروحاته وأفكاره، كان يودّ أن يقدّم خدمة تجاه دينه ومذهبه، ومن منطلق الحديث الشريف: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، فلابدّ أن يهتم في الجانب التبليغي، ومن جملة الأمور التي تساهم في التبليغ دعم المشاريع الأساسية لإيجاد هذا الكيان الديني الواسع.
حوزة الإمام المهدي: فقبل الحوزة الزينبية تمكّن من تأسيس حوزة دينية في بيروت تسمى مدرسة الإمام المهدي (عج) العلمية، وهي أول حوزة علمية في بيروت، تأسست في السبعينات من العام الميلادي، استقبلت واستقطبت طلاباً من أفريقيا، ومن الدول العربية، والشرق الأوسط، ومن دول مختلفة، وواجهت بعض العقبات.
الحوزة العلمية الزينبية: وفي نفس الوقت فكّر أن يؤسس حوزة مماثلة في جوار مرقد السيدة زينب عليها السلام، حيث كانت هذه المنطقة عبارة عن بساتين ومزارع ولم تكن تسمى قرية، فحمل لواء هذا المشروع، وهو أن يؤسس حوزة علمية وكيان ديني يشعّ منه نور الإيمان، ونور الإسلام إلى آفاق الكرة الأرضية سواءً في سورية أو أعم من سورية إلى مناطق نائية أخرى.
معوقات التأسيس:
المنطلق الأول: أنّ بعض الأشخاص من الشخصيات الذين كانوا يخالفون هذا المشروع، كانت رؤيتهم أنّ هذا المشروع ليس من الصالح تأسيسه في هذه المنطقة، ونتائج تأسيس هذا المشروع سلبية وليست إيجابية، وطبعاً هذه النظرة تخالف نظرته كاملة، لأنّ نظرته كانت أنّ هذا المشروع لها تأثيرات ونتائج إيجابية، إذاً كان بعض الذين يخالفونه يقولون أنّ هذا المشروع لها تأثيرات سلبية، وكانوا يخالفون ويعرقلون تأسيس هذا المشروع من هذه الناحية.
عهود الوفاء: المنطلق الثاني: البعض الآخر كان يعتقد أنّ هذا المشروع لا يمكن تأسيسه، وكانوا يعتقدون بأنّ هذا المشروع جيد وحسن ولكنه لا فائدة من بذل الأموال والجهود في هذا المجال لأنّه لا يمكن تحقيقه، بل محال تحقيق هذا المشروع، فلماذا تبذل الجهود؟ فكان يعرقل أيضاً، ليس مخالفة في الرأي والفكر، بل عملياً يعرقل، وعلى كل حال هو استمر، فكان يواجه هذه العراقيل ولكنه كان يقوم بإزاحة هذه العراقيل وحل المشكلات، ولا يواجه الأشخاص الذين يضعون العراقيل ويخالفونه مواجهة سلبية، ولا كان يشغل نفسه في تلك المخالفات سواءً كانت لفظية أو عملية، بل كان يبذل جهده ووقته والمال في الجانب الإيجابي في الاستمرار بتأسيس هذا المشروع وتركيز أسسه. طبعاً كانت عنده أسس في تأسيس هذا المشروع وأيّ مشروع آخر، الأول مثلاً أنه لا يدخل ولا يتدخّل في الأمور السلبية، ولا يناقش مناقشة سلبية تلك المخالفات، وإنما كان مستمراً في مشروعه في الجانب الإيجابي، ويبذل وقته وماله وجهده في هذا المجال.
مشروع السيدة زينب عليها السلام: وكان ينقل عنه أنّه نقل إلى بعض الأشخاص في الحوزة أنّ هذا المشروع مشروع السيدة زينب عليها السلام سواءً كان حسن موجوداً أم لم يكن موجوداً، ليس هذا المشروع مشروعي أنا، وليس مشروع حسن بالذات بل اعتبروه مشروع السيدة زينب عليها السلام، لذلك دام المشروع وأرسيت قواعده وجذوره وأصبحت عريقة، وكانت نتائج هذا المشروع أن تولّد هنا مشاريع أخرى بجانبها وتوسّع هذا النشاط، وشعّ نور هذا المشروع إلى آفاق واسعة من بقاع الأرض، والحمد لله.
الفقه والتفسير دروس الشهيد: ● سماحة الشيخ، ما هي الدروس التي كان يدرّسها الشهيد في الحوزة؟ رغم أنّ أعماله ونشاطاته لم تعطه الفرصة الكافية، لكنه كان يقسّم الأسبوع إلى قسمين، قسم في بيروت، والقسم الآخر في سورية، فكان يستغل وجوده في سورية بإلقاء محاضراته، ويستمر في إلقاء محاضراته في موضوعي تفسير القرآن الكريم، والاهتمام بالقرآن الكريم، وفي جانب السنّة يلقي محاضراته في الفقه على مستوى بحث الخارج لتربية طلبة مجتهدين.
هدفه المسلمون أينما كانوا: ● سماحة الشيخ، أذكروا بعض نشاطاته في مختلف قرى ومدن سورية ولبنان وذلك بدءً من تأسيس المساجد والحسينيات وغيرها من المؤسسات؟
العلويون شيعة آل البيت عليهم السلام: وكان نتاج هذا الإعلان إصدار بيان من جانبهم وكتب الشهيد بنفسه مقدمة على هذا البيان في أنّهم يؤكّدون على أنّهم كما كانوا هم مسلمون لا يختلف وضعهم عن بقية المسلمين في الجوانب العقائدية والالتزامات الأخرى، وهم وفق مذهب أهل البيت عليهم السلام والإمام جعفر الصادق عليه السلام، وهذه مسميات لا فرق بينها، العلوي، شيعي، جعفري، مسلم، إمامي، لا فرق بينها، وإنما هي ألفاظ تبيّن كلّها الانتماء الكامل إلى الإسلام وإلى القرآن وإلى السنة الشريفة ووفق مذهب أهل البيت عليهم السلام، وكان ضمن زياراته هو القيام في بناء المساجد أو الحسينيات أو أيّ مركز ديني، يمكن أن يكون مركز إشعاع للإسلام، فكان نتيجتها أن أسس مساجد عديدة بأسماء أئمة أهل البيت عليهم السلام، واسم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، ولذلك يبعد عملياً سوء الظن أو تلفيقات أعداء الإسلام الذين يلفّقون تجاه بعض المسلمين أنهم غير مسلمين أو بعيدون، فهؤلاء مسلمون وهذه آثارهم، وهذه ظواهرهم.
التفرغ لمرضات الله: ● لماذا لم يتزوّج الشهيد؟ الحقيقة كان البعض يسأله في حياته، فكانت بعض هذه الإجابات منها أنه يقول لو تزوّجت واستمريت في نشاطاتي ظلمت زوجتي وأهلي، معناه أنه يستغرق كل الوقت في أمور اجتماعية تبليغية، وإذا اهتممت بالجانب الأسري ظلمت الجانب التبليغي وسأتأخّر كثيراً. وكان جواب آخر: أن نتيجة ذلك التعذيب الرهيب الذي أصيب به.
استغلال الفرص: ● كيف استطاع الشهيد السيد حسن أن يكتب هذه الكتب العميقة مع كثرة مشاغله ومع كثرة أعماله بدءً من الموسوعة القيّمة (موسوعة الكلمة)؟
المرجعية الحل الامثل: ● ما هي نظرته إلى دور المرجعية الشيعية في الأمة؟ من منطلق تفكيره أنّه كان مفكّراً إسلامياً كبيراً وعظيماً، كان يفكّر في كيفية إيجاد حلول للمجتمع الإسلامي سياسياً واجتماعياً في ريادة الأمة، فكان يرى أنّ المرجعية هي البديل الأفضل من بين البدائل المطروحة المعاصرة أو السابقة، مثلاً الأحزاب حيث كان يرى التنظيم المرجعي أو الريادة المرجعية للمجتمع الإسلامي أفضل حتى من التنظيم الحزبي، وكتب نتيجة هذا الفكر كتاب (كلمة الإسلام)، وأعطى طرحه الشامل لحل هذه المشكلة، فكان رأيه في إدارة المجتمع أن تكون حصراً عن طريق المرجعية التي طرحت من قبل أئمة أهل البيت عليهم السلام.
شكر واقتراح: ● سماحة الشيخ هل لديكم كلمة أخيرة توجّهونها حول الشهيد السيد حسن الشيرازي وحول برنامجنا؟ أنا في الحقيقة أشكركم، لما تفضلتم به بالمقابلة معي في هذا الصدد، وأنا أُكبر في شخصية الشهيد السيد حسن، كلّما تكلمت عن شخصيته وعبقريته فهي قليلة، ولابدّ أن تستقصوا الشخصيات التي إلتقته وهي ليست محصورة بمنطقة سورية أو لبنان، بل وسّعوا هذا النشاط واستقصاء المعلومات عن حياته مع الذين التقوا به أو عاشروه فترة، وشاركوه في نشاطاته ومشاريعه حتى تثرون هذا المشروع، جزاكم الله خير الجزاء، بارك الله بكم.
|
|