|
لقاء مع الشيخ علي الحائري الشمري
اللقاء: الثاني عشر. الشخصية المحاورة: الشيخ علي الحائري الشمري (العراق). المكان: دمشق ـ السيدة زينب عليها السلام. التاريخ: 13/9/2005م ـ 9/شعبان/1426 هـ.
تمهيد: الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على محمّد وآله الطّيّبين الطّاهرين. قال الحكيم في محكم كتابه الكريم وقرانه العظيم بسم الله الرحمن الرحيم (وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرَاً عَظِيماً) صدق الله العلي العظيم أن أغلى شيء على ألامه هو أبناءها الصالحين الذين ضحوا بأغلى ما يملكون لإعلاء شأنها فإن اقصى أنواع الجود هو الجود في النفس فجادوا بأنفسهم من أجل مجتمع فاضل سعيد لا يشوبه فقر ولا قتر فالأحرى بالأمه الناهضة أن لاتنسى أبناءها المضحين وبخاصة الشهداء منهم كجزء من الوفاء لهم فكان لابد من إحياء تراثهم وأثارهم وليكون التاريخ شاهداً عليهم ومن هؤلاء المضحين الشهداء الأبرار سماحة آية الله السيد الشهيد حسن الشيرازي قدس سره فإحياءاً لتراثه ألتقينا احد السالكين على نهجه المتخذينه قدوة وأسوء وهو فضيلة الشيخ علي الحائري الشمري.
وقفه مع الضيف: ولد صاحب الفضيلة الشّيخ الشّمّري في مدينة كربلاء المقدّسة، وذلك في عام (1960م). نشأ وترعرع في هذه المدينة، وأنهى دراسته الابتدائية والمتوسّطة والثّانوية فيها، والتحق بكلية الزراعة والغابات، إلاّ أنّه لم يكمل دراسته الأكاديميّة بسبب الضغوط السّياسيّة من قبل النّظام البائد. ولكن مع ذلك كان يواصل دراسته الدّينيّة انطلاقاً من مسجد الوندية الكائن في منطقة باب طويريج من كربلاء المقدسة. ومن أساتذته، الشّهيد وشقيقه عبد الحسين أبو لحمة الشّمّري، والمجاهد السيد أبو عمّار الفائزي، والمجاهد السيد سعيد النّجار. وكان هؤلاء على تماس مباشر مع الإمام المجدّد الثّاني السيد محمّد الشّيرازي (أعلى الله مقامه). وفي ضوء توجيهاته السّديدة، كان الشّيخ الشّمّري يباشر التّربية والتّعليم. هاجر إلى سورية، ومنها إلى إيران حيث التحق بالحوزة في قم المقدّسة، وتفرّغ للدّراسات الدّينيّة الحوزويّة، وذلك في عام (1981م)، حيث حضر وأكمل المقدّمات والسّطوح، وحضر بحث الخارج عند الإمام المجدّد السيد محمّد الشّيرازي (أعلى الله مقامه) حتّى أوائل عام (1993م). من أساتذته المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظلّه)، وآية الله السيد رضا الشّيرازي، وآية الله السيد مرتضى الشّيرازي، وآية الله العظمى الشّيخ وحيد الخراساني، وآية الله الشّيخ الپاياني، وآية الله الشّيخ الإعتمادي، وآية الله الشّيخ الخراساني. وآية الله السيد محمد تقي المدرّسي، وسماحة آية الله السيد هادي المدرّسي، وآية الله السيد عبّاس المدرّسي، والحاج المجاهد الشّهيد جاسم الأسدي، والعلاّمة الخطيب الحسيني المصقّع الشّيخ عبد الحميد المهاجر. وفي عام (1993م) انتقل إلى سوريّة، حيث الحوزة العلميّة الزّينبيّة، فباشر التّدريس مع مجموعات من الطّلبة الأفارقة والآذريّين والسوريّين في دورة مكثّفة خرّجت بعض العلماء العاملين. انتقل إلى كندا في سنة (1997م)، حيث عمل في الحقل التّربوي والدّيني والاجتماعي، وذلك في مدينتي مونتريال والعاصمة أوتاوا. وكان لسماحة الشّيخ الشّمّري محاضرات في جامعة أوتاوا المركزيّة عن الدّين والحياة ضمن نشاطات متنوّعة. بدأ التأليف ولمّا يبلغ الثامنة عشر ربيعاً بكتابة الباكورة المخطوط بعنوان (الرّسالة)، وكتاب (أقوال وأفعال)، وكتاب (الأمن في الإسلام)، و (الشّورى في الإسلام كما يراها الإمام الشّيرازي)، وغيرها من الكتب.
قدوته الرسول: ● سماحة الشّيخ ماذا تعرفون عن الشّهيد الشّيرازي؟ وماذا كانت الخصوصيّات الأخلاقية للشّهيد السيد حسن؟
لمّا يذكرونه، يذكرون أموراً في الواقع يكاد يكون أشبه شيء باجتماع النقيضين، في نفس الوقت الذي يلتقي الشّهيد بكبار المسؤولين في كثير من الدول، يلتقي أيضاً بالنّاس العاديّين. وهذه أخلاقيّة في الواقع ينفرد بها الشّهيد متمثّلاً أخلاق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
وأخلاقه التواضع:
وهذا في الواقع كلام يمكن أن نقوله في شرح خصوصيّات العلاقة، كيف كان يطرق الباب على المستخدم الذي كان يسكن في الحوزة الزّينبيّة، ويجلس معه على الأرض، ويتناول معه طعام الغداء سويّة، في نفس اليوم الذي كان له لقاء مع كبار المسؤولين في الدولة. وأنا أتصوّر أنّه بهذه الأخلاقية استطاع الشّهيد أن يعطي للنّاس الصورة الأقرب عن الإسلام الذي جاء به الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم. ولعلّكم لو جلتم في هذه العلاقات على مختلف المدن والمناطق والدول التي زارها وكان له عمل فيها، تجدون ما أشرت إليه واضحاً وصريحاً.
الأهداف الساميه: ● لكلّ مفكّر قيم، ولكلّ مفكّر مبادئ يرتكز عليها. فما هي الطّموحات والأهداف والأفكار التي كان الشّهيد يرتكز عليها؟
كان إذا خيّر من أمرين الأهم والمهم، اختار الاهم، وكان إذا خيّر من أمرين سهل وحزم اختار الحازم منهما. وكان مع جلسائه أصحاب الفكر والقلم، يركّز على معالم النّهضة الإسلاميّة في العالم الإسلامي كلّه. وقد كتب ما أراد أن يحقّقه في كتابه (كلمة الإسلام)، هذا الكتاب في الواقع صوّر فيه الشهيد معالم النهضة، ونوع العمل المرجو للنهوض بالأمّة. وهناك تقسيم ثلاثي في العمل، وفي نفس الوقت لم يترك الاهتمام بسواد النّاس والعاديّين منهم. وكما أشرت كان يكتب، ويحاضر، ويلتقي على مسؤوليات ضخمة جداً، وفي نفس الوقت كان يجلس مع النّاس العاديّين، يسمع منهم، ويستمع لهم، ويسمعهم نصائحه. وارتكازات الشّهيد في مجال العمل الإصلاحي كان يقسمه إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: هو ما يكون وظيفة كلّ مسلم في عصر الغيبة الكبرى للإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهو الانضمام التّام الكامل تحت لواء المرجعيّة، والعمل بتوجيهاتها، والإئتمار بأوامرها.
وكان يدعو النّاس للالتفاف حول مراجعهم. القسم الثّاني: كان لا ينفي صحّته، وإنما يحذّر من ما يؤول إليه عادة، وهو العمل الذي يكون من دون قيادة مرجع، ولا من توجيهاته. وإنّما يكون العمل من قنوات قد يكون بحزبيّة ضيّقة كان هو يشمئزّ منها، ويقول: هذا غالباً ما ينتهي إلى مالا يحمد عقباه عادة. القسم الثّالث: الذي كان الشهيد يشير إليه، أيضاً يصحّحه ولكن لا يرغب فيه كثيراً، وهو العمل الفردي الإصلاحي. يقول: هذا يموت بموت صاحبه، ولعلّه ينحرف أيضاً بانحراف صاحبه، ويدوم بدوام صاحبه، والمطلوب أن يكون العمل عملاً جماعيّاً واجتماعيّاً وذو صبغة جماهيريّة، وطبعاً مرتبطة بتوجيه وولاية المراجع العظام (حفظهم الله جميعاً).
شعاره التقشف: ● ماذا كان مأكله ومشربه وملبسه؟ وأين كان يسكن؟
قال: كان يكوي ملابسه بالفراش، فقد كان يجعل الجبّة أو العباءة التي يلبسها تحت الفراش بدل المكويّ، ثمّ في الصّباح يقول هي تكتوي وتكون جاهزة. وكان في كثير من الأيّام صائماً، وإذا كان مفطراً، فإنّما وجبة أو وجبتين من الزّيتون، حتى ذكر لي أنه كان يتناول زيتونات، عدّها على أصابعه، وشيء من الجبن، ثمّ يأخذ طريقه إلى العمل، وينشغل بالاهتمام والخدمة الاجتماعيّة للنّاس. هذا كان في الواقع ليس ادعاءً، وإنّما كلّ من ذكر الشّهيد كانت تسبقه دموعه، وكان متواضعاً، وقد أعلن على نفسه ما يسمى بالتقشّف، التقشف في كلّ شيء، ويقول: إذا انشغلنا بالتّرف والمظاهر، انشغلنا عن الأهم وهو الإسلام والمسلمين.
ذهبت لقضاء حاجات المؤمنين: ● مع أنّ الملايين من الأموال كانت تصل بيده، كيف كان الشهيد يعيش زاهداً حتّى أنّه لا يملك أجرة التّاكسي؟
فذكر هذه الحادثة، قال: كان في الواقع عليّ يومٌ صعب، أنّه أهدى أحد تجّار لبنان سيّارة مرسيدس إلى الشهيد، وكنت أنا حاضراً فقلت: سيّدنا، هذا آخر يوم أن أكون في خدمتك لأنك ستكتفي بالمرسيدس. (هو يقول كما يتصوّر بالمرسيدس وسيتركني ويترك سيارتي). يقول: قال لي الشّهيد: غداً ستعلم. ولكنّه لمّا كان من الغد وجدته يتّصل بي، فقلت له: أين السيّارة؟ قال: ذهبت لقضاء حاجات المؤمنين، فنحن لسنا بحاجة إلى سيارة. وكان يعتبر ذلك نوعاً من التّرف. ولهذا كان عبداً صالحاً ومسلماً متقشّفاً، متواضع إلى أبعد الحدود، ونظره إلى الآخرة، ولهذا أحبّه كلّ من رآه، وكلّ من عاشره أحبّه، واشتاق إلى أن يكون من جليسه ومن أساتذته. وإن كنت آسف على شيء في الواقع على أنني جئت إلى سورية بعد شهادته بمدّة قصيرة، ولم أوفّق إلى لقائه (رضوان الله عليه).
الاراده الصلبه: ● ما هي أنواع التّعذيب التي لاقاها الشّهيد في سجون العراق؟وما هي الآثار التي تركها التّعذيب على جسده؟
ومسائل كثيرة هم أتقنوا كيف يستعملونها مع الأشخاص، ومن هو من الطّيّبين، ويعتبر الدّين أحد أهم مميّزات الإنسان، وهم يحاربون من هذه الزّاويّة. لهذا تعرّض الشّهيد إلى ضغوطات شديدة جداً، من السّبّ والإهانة وعدم الاحترام، وعدم السّماح له بالاتصال بالآخرين، وعدم السماح للآخرين بالاتصال به، وكثير من الأنواع والممارسات التّعذيبيّة التي تعرّض لها الشهيد وإلى القضايا الجسديّة من الضّرب والتّعليق بالمروحة، والبناء عليه في الحائط، كنوع من التّعذيب، كانوا يلجؤون إلى وضعه بين الحائط لمدة ثم يزاح هذا الجدار. وكان المطلوب منه أن يعترف بما لم يقم به على نفسه وعلى الآخرين، وكانوا يتمنّون على أن يتعامل معهم وظيفيّاً، أو ما يصطلح عليه أن يتحوّل إلى عميل، ولكنّه أبى وصمد وقاوم، وكان معه دعاء يدعو به الله سبحانه وتعالى، ويتوسّل بمحمّد وآله الطّاهرين أن ييسّر له هذه المعاناة والمحنة. وفعلاً الله سبحانه وتعالى أنقذه، وبدأ مشواره من بيروت بمشاريع إضافيّة وآفاق جديدة، والله سبحانه وتعالى منّ عليه بالصّحة والسّلامة. وأما الآثار التي تركت على جسمه الشّريف، فقد عانى كما ذكر لي البعض، من بعض الآثار المزمنة التي لازمته إلى آخر حياته.
جبل من المبادئ: ● ماذا كانوا يريدون منه تحت التّعذيب؟
فكانوا يحاولون بشتّى الوسائل أن يجعلوا المتديّنين في دائرة الاتّهام والخيانة والجاسوسيّة والرجعيّة وإلى آخر قائمة هذه الاتّهامات. ولذلك هم حاولوا كثيراً أن يخرج الشهيد إلى التلفزيون ليعلن للعالم أنّه كان مثلاً رجعيّاً، أو يعترف بتقصيره، ويقول مثلاً أنا مذنب، أنا نادم. ولكن هيهات، إنّهم اصطدموا بجبل من المبادئ والإرادة الفولاذيّة الصلبة، التي آثار الشّهيد تدلّ عليه.
هدفه بناء البقيع: ● ما هي تحرّكات الشّهيد بالنّسبة إلى إعادة إعمار أئمّة البقيع عليهم السلام، وإلى أيّ مدى وصل إنجازه؟ وما هو السّبب في عدم اكتمال المشروع؟
وفعلاً سعى إلى ذلك، والتقى بالمسؤولين وأقنعهم، ولا يخفى عليك وعلى كثير من المؤمنين أنه استطاع إقناع المسؤولين هناك بأنّ هذا ليس في صالح الإسلام، ولا في صالح المسلمين، فقد اجتمع في هذا السبيل مع كبار المسؤولين، ومع الملك خالد بن عبد العزيز، ومع المسؤولين المتابعين والمعينين، وحتّى في وقتها استطاع أن يكون أول عمّة تدخل جوف الكعبة، فقد فتحت له الكعبة، ودخل في جوفها، وكان قد قطع أشواطاً كبيرة جداً في سبيل ذلك. وفي الواقع هذا هو الحق، فلو أنّ الإخوة المؤمنين في كل الأطراف والاتجاهات المعيّنة تلتفت، إلى أنه لا يمكن لأئمّة المسلمين، (فهم ليسوا فقط أئمّة للشّيعة، إنّما أئمّة لكل المسلمين)، يكونوا بهذه الصورة، تحت الشّمس وتحت المطر والرّياح، وهذا نوع من الإهانة، والمرء يحفظ في ولده، ولو أجاز رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن نفعل هذا الشيء، فلماذا لا يجوز مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فاستطاع الشهيد أن يصل إلى إقناع المسؤولين، فعلاً باشروا لولا أمر واحد فقط كانت تحكمه الظروف الدّينيّة والسّياسيّة في وقتها هو الذي حال بين إتمام المشروع، وإلاّ كان المشروع قاب قوسين أو أدنى للإنجاز.
والتاريخ يحكم: وأنا أؤكّد هنا على موضوع ضروري، هو أن يتابع الموضوع، لأنّ القضيّة جديدة، فعمرها سبعين سنة فقط، ولا يمكن أن يكون للمسلمين لمدة (1400) على ضلالة في زيارتهم لمراقد الصّالحين، ثم في الفترة الأخيرة يكونون موحّدّين. فهذا الأمر مازال موجوداً، وإنما هناك فراغ في المتابعة، وإن شاء الله سبحانه يهيّئ من يتابع الموضوع، ويجد الاستعداد عند المسؤولين في المملكة لإتمام الموضوع وبناءه.
اغتنام الفرص: ● كيف استطاع الشّهيد السيد حسن أن يكتب هذه الكتب العميقة مع كثرة مشاغله وأعماله، بدءًا من موسوعة الكلمة وإلى غيرها من الكتب القيّمة التّفسيرية والحديثيّة؟
الرّسالة الأولى: هي التي أدّاها لأنّه كتب، ولم ينس ويترك المكتبة الإسلاميّة فارغة من آثاره. الرّسالة الثّانية: التي تدور حول فحوى السؤال، هو أنّه حينما كتب ما كان ينتظر فراغاً، إنّما كان يستغلّ الفراغ. وهذه الرّسالة موجّهة إلى الإخوة المؤمنين الكتّاب، وأصحاب القلم والبيان، أن لا ينتظروا فراغاً حتى يكتبوا، لأنّ الفراغ قد لا يأتي، خصوصاً فيمن يعمل الصّالحات وينشغل مع الناس بخدمتهم، هذا قد يكون فراغه معدوماً. ولكن يمكن له أن يستغلّ الفراغ الذي يطرأ بين المواعيد، وبين اللقاءات، وبين الزيارات، وهكذا كان يفعل الشهيد، حتّى أنّه كان يكتب على ورق السّجائر الذي كان يدخنها. بل إنّ له كتاباً بعنوان (كلمة الأصحاب) كلّه مكتوب على ورق السّجائر، فكان مثلاً أيّ قصة يجدها يكتبها. فأنا مثلاً، عندما أنتظرك فمن الممكن أن يكون هناك تأخير لمدّة خمسة دقائق، ففي هذا الأثناء أخرج قصاصتي وأكتب ما وصلت إليه في كتابي، وهكذا هو من حيث لا يشعر، قد أخرج الكتاب وتكامل، لأن البحر من قطرات، والبناء من لبنات، والكتاب من كلمات. ولهذا فإنّ هاتين الرّسالتين من الشّهيد، واحدة في كتبه، والأخرى للإخوة العاملين الكتّاب، أن لا ينتظروا الفراغ، إّنما يستغلّوا حتّى ما بين المواعيد والمشاغل، لهذا كان في السّيّارة يكتب، وفي اللقاء يكتب، ويستغلّ الفراغ الذي هو بين المواعيد.
آثار عبد مؤمن: ● هل لديكم كلمة أخيرة توجّهونها في هذا اللقاء الكريم؟
نحن نبحث في طيّات الزمان، وطيّات المكان عن الطّيبين، وحينما نجدهم يلزم أن نحفظهم ونحفظ سيرتهم وتاريخهم. وليس أفضل من أن تجد مثل الشهيد (رضوان الله عليه)، ابن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، كاتب، خطيب، مصلح، عبد الله، قد أدّى ما ينبغي أن يؤدّي المؤمن الصّالح، وترك من الآثار ما هي غنيّة عن التعريف، كالحوزة العلميّة الزّينبيّة المباركة، وموسوعة الكلمة، والجمعيّات التي أسّسها في لبنان وسوريّة، وأفريقيا، وفي البرامج التي ابتدأها. ونحن حينما ننظر إلى المواطن نقول: مواطن صالح، وننظر إلى المؤمن، نقول: مؤمن صالح، ننظر إلى الفرد نقول: فرد صالح. نبحث عن الصالح، فحينما نجده وقد هيّأه الله سبحانه لنا، فإن المسؤولية غير مكتوبة فإنما هو شعور يشعر به كلّ عاقل، وبالأخص أبناء الأمّة الإسلاميّة، أن يحفظوا الصالحين وسيرتهم وأعمالهم، فبيته يمكن أن يكون ذكرى.
الشهيد عبر ودروس: ففي دول العالم بيوت وآثار العظماء والمصلحين تحفظ لتكون نبراساً، ولتكون معلماً من المعالم يهتدي به الآخرون. فهنا يمكن أن نجعل من الشّهيد درساً، ومن الشّهيد حركة إصلاحيّة، ومن الشّهيد آثار تزار، وآثار فاعلة وليست للاستطلاع فقط، قبل أن تمرّ السنوات، ولا سمح الله تتراكم الغبار على ما قدمّه الشّهيد، وكذلك غيره من المصلحين في العالم كلّه. فالإصلاح مطلوب، والحفظ للإصلاح مطلوب، بالإضافة إلى تقنين الإصلاح وتنمية الإصلاح. لقد كان الشّهيد أحد اكبر المصلحين في منطقة الشرق الاوسط على الأقل، ونحن عربوناً ووفاءً له، لا بدّ أن نحافظ على ما قدّمه بما استطعنا إن شاء الله والحمد لله رب العالمين.
|
|