لقاء مع المفتي الشيخ غزال وهيب غزال

اللقاء: الحادي عشر.

الشخصية المحاورة: المفتي الشيخ غزال وهيب غزال (سورية).

المكان: سورية ـ مدينة اللاذقية.

التاريخ: 25/9/2005م ـ 21/شعبان/1426 هـ.

 

تمهيد:

الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على شمس الهداية نبيّنا محمد وعلى الأقمار المضيئة الأئمّة الطّاهرين.

وبعد فقد قال الحكيم في محكم كتابه الكريم وقرآنه العظيم:

(الّذين يبلّغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيبا)  صدق الله العلي العظيم

لله در الأدباء كيف يعبرون بل كيف يبَلغون ويشهدون فكما يقال إن أهل مكة اعرف بشعابها فإذا كان عالم وأديب يشهد لعالم وأديب فتلك بحق شهادة الحق بل كمال الشهادة فأسرار اللغة قد هضمها وجمال الكلمة قد استلذ بها وسمو الأخلاق قد استلهمها فأخذت من نفسه وروحه أي مأخذ فأعدل العدل إن يشهد لك ذو الاختصاص لذلك ومن اجل إحياء تراث عالم أديب إلا و هو السيد الشهيد حسن الشيرازي حاورنا العالم الأديب فضيلة الشيخ غزال الشيخ وهيب غزال حفظه الله.

 

أطلاله على حياة الضيف المحاوِر:

ولد الشيخ غزال غزال في عام (1962م)، نشأ ودرس في بلدة «التلاّ»حيث حصل فيها على الابتدائية والإعدادية، ودرس الثانوية في «بسنادا»، ودرس سماحته في جامعة دمشق قسم الشريعة الإسلامية، وحاصل على شهادة البكالوريوس من الجامعة الإسلامية العالمية في لندن.

 عمل مدرّساً دينيّاً ومربيّاً في وزارة الأوقاف في الجمهورية العربية السورية، مديريّة أوقاف مدينة اللاّذقية حيث درّس في ثانويات مدينة اللاّذقية.

وكلّف في هذا العام مفتياً للسّادة الجعفريّة في مدينة اللاّذقيّة، خطيب ومدرّس وإمام في جامع الإمام محمد الباقر عليه السلام  في مدينة اللاّذقيّة، وهو سجّل في الدّراسات العليا بجامعة لندن.

طبع لسماحة الشيخ غزال غزال مفتي المذهب الجعفري في اللاّذقيّة كتاب (القلب الإنساني في القرآن والسّنة)، ومن كتبه المخطوطة (نوافذ المعرفة في القرآن الكريم).

لسماحته مشاركات فعّالة ونشيطة في معظم الأندية والمؤتمرات الإسلاميّة التي تنعقد هنا وهناك.

 

ربيب القلم والقيم والمثل:

  سماحة الشيخ ماذا تعرفون عن الشّهيد السّيّد حسن الشّيرازي مؤسّس الحوزة العلميّة في سوريّة؟

 أعرف أنّه ألقٌ إنساني توهّج في ضمير الحياة، ونقاء وجداني انبعث من الشّجرة الطيّبة فانبجست منه روح البطولة والتّضحية والفداء، ومعاني الخير والتّضحية والإباء، ربيب القلم والقيم والمثل، ووريث المبدأ والفكر، إنّه الكلمة المتجسّدة رجلاً، والرّجل الممتلئ كمالاً ونبلاً، سماحة آية الله العظمى السّيّد حسن الشّيرازي الشّهيد الباقي، وفي الحديث «العلماء باقون ما بقي الدّهر».

أعطى حياته لإعلاء كلمة الله، وبيانه وخطابه من أجل الحق، فعظم الخالق في نفسه، وصغرت الدّنيا في عينه، وشعّت المحبّة في كيانه.

 

مناجات الخائفين:

   ماذا تعرفون عن النّتاج الأدبي وذلك عبر كتبه المطبوعة؟

كنت أرى الكثير من نتاجه الأدبي والثّقافي والمعرفي وحتى إنّني كنت أقرأ له مناجاته مع الله سبحانه وتعالى في إحدى تلك الكتب، وهو يلجأ إليه بقلبه النقي قائلاً: «أبق عليّ يا رب، ولا تهملني هكذا حصيراً في الرياح المتوحّشة.

يا الله أجب نبضات قلبي التي تهتف بك، وامسح عن وجهي كآبة الحيرة كما مسحت عنه كآبة الخوف والقلق، وبقيت ضربات قلبي الخافتة الكئيبة همساً خاشعاً يطوف على أبواب رحمة الله، وهي تقول بأنينها المكبوت: يا رب إنّ رحمتك وسعت كلّ شيء، وأنا شيء فلتسعفني رحمتك».

هكذا كانت مناجاته بكلّ بلاغة ودقّة، توقّدت من فكره النّقي، وصدحت على لسانه الصّادق.

أنعش بأنفاسه الوقّادة القلوب فأحيا ما يبس من آمال، وأحيا ما جفّ من تفاؤل.

 

الطائفية سموم قاتله:

   اذكروا لنا بعض توجيهات الشهيد السّيّد حسن، وبالأخص حول نظرته للأمّة الإسلاميّة، وحقّها المغتصب؟

كان يرى أنّ الأمّة إذا اجتمعت على التّقوى قويت واشتدّت وصارت حصناً حصيناً وقلعةً منيعة.

كان يرى أنّ الحق سيعود إلى الأمّة بعزمها وتصميمها وإيمانها، وهاهو ينظر إلى حقّها المغتصب، فيقول:

 

سيـردّ القدس بالإيماـن والعـزم المنيـع         *        راية الإسلام تعلو في فلسطين الصّريع

سوف يقضي موكب النّور على جيش الظّلام         *        ونحيّي أرض سينـاء بأزهار الربيـع
 

وينادي الأمّة في التّقدّم والقوّة:

أمّة الإسلام سيـري دائماً نحـو الأمام         *        واجهدي للحقّ كيما تلبسي برد الكرام

واحملي القرآن في كفٍ وفي الأخرى الحسام      *        كي تعيدي مجدك الغابر من أيدي اللئام



وكان يرى تمزّق الأمّة وتفرّقها وتبعثرها ضعفاً لها، ويرى أنّ التغنّي بالطّائفيّة والعصبيّة والعشائريّة وغيرها نوح إبليس على الجنة، بل يرى أنّ التغنّي بالطّائفيّة كالأفعى السّامّة تترك سمومها القاتلة اينما حلّت وحيثما وجدت، فيقول:

الطّائفيّة جذوةٌ مسمومةٌ         *        يصلى بها الهدّام والبنّاء

والطّائفيّة قوّة المستعمرين         *        يثيرها العملاء والدّخلاء

نعم كان أديباً وفقيهاً وشاعراً ومفكراً وعالماً ومشعلاً يضئ الطريق، وبطلاً من أبطال الحق، ومجاهداً وعظيماً وعبقرياً وحسناً، إنّه حسن الشّيرازي الشّهيد قدس سره.

 

خلود الكلمة:

  وفي الختام هل لديكم كلمة أخيرة توجّهونها بالمناسبة في برنامجنا هذا حول الشّهيد السّيّد حسن الشّيرازي؟

 نعم ... إنه طبعت له كلمات على أذن الوجود، وقد سطّرت على الصفحات سفراً خالداً، بل أضحت كالكوكب المشرق السّابح في الآفاق أنوار، أو سيول تنحدر منه لينهل من معينها ارتباط الوافد على سيّده بكلّ خضوعٍ وخشوعٍ وإجلالٍ وإكبار، ويصدق فيه الحديث الشّريف: «من مات وخلف ورقة علم كانت ستراً بينه وبين النّار».

وفي كلّ كلمة قالها تألّقت كلمات، ولكلّ معصوم كلمة، ولم يكن سمّاع الكلمة بمنأى عن التّوجيه الدّيني.

 

الآيات العجيبة:

 أو كتاب (حديث رمضان)، فأول كتاب من تأليفه هو(كلمة الله)، ولنصغي لبعض كلماته وألفاظه المشعّة إذ يقول: هذه الآيات التي نزلت على الأنبياء، آمن كلّ وديعٍ فقيرٍ لم يكن له هدف في الوجود، ولا ملجأً في الحياة، إلاّ أن يمنّي نفسه بالأمل أو العمل في سبيل الخبز المعجون بدمه ودمعه، فآوته تلك الآيات إلى المرفأ الأعلى، وخلقت منه قائداً صلداً تميد الأرض ولا يميد، ثم أعادته الأرض وقد ضاقت الأرجاء بعزائمه الكبرى، فأصبح يقتحم هازئاً بالمخاطر التي تجتاح حياة الإنسان، ويتحدّى الهموم ويصارع العواصف ويتغلّب عليها، ويرفع رأسه فوق تيّار الزّمن غير مغمور برذاذه، ويمضي على الدّرب مصباحاً منيراً.

واكتسحت تلك الآيات كلّ عقل مستكبر يرفع رأسه وبيده السّيف ولا يحني رأسه للحق إذا لم يكن بيده السيف.

 وتركته في الفراغ ضباباً حائراً على سراب، مسافراً يبحث عن إياب.

سؤالاً يدور حول نفسه بلا جواب، حتّى إذا ضاق بنفسه ولم يجد ملجأً من الحق إلاّ من يحمل لوائحه فقيراً كان أم غنياً، عاد إليه صاغراً ينفضّ عن رأسه أطياف الطغيان والكبرياء.

نعم إنّه كان حضارة في رجل، ورجل في حضارة.

وإنّني أشكر لكم هذه الجلسة، وهذا الحديث الذي سمحتم لي بالحديث عن سماحة السّيّد حسن الشّيرازي.

وأشكركم دائماً وأبداً، وأدعو لكم بالتّوفيق، وشكراً لكم.

  وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطّاهرين.   

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته