وقفة مع الوجوديين

 

 

وقفة مع الوجوديين إيقاظ للضمير الإنساني:

لسماحة آية الله العظمى الإمام الرحل السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله درجاته والذي كتبه في كربلاء المقدسة.

 

إن من أبرز سمات المجتمع الإسلامي في عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم هي سمة الصفاء العقائدي غير المشوب بفلسفة دخيلة ملحدة أو مشككة، فبلحاظ ما تقدم نجد أن المجتمع الإسلامي يومها كان على درجه عالية من العقيدة الراسخة غير المعيبة فهي عقيدة بسيطة تلائم الفطرة.

استمر الوضع هكذا إلى وقت أو عصر الانفتاح ـ أن صح التعبير ـ ودخول الفلسفات الأجنبية وبخاصة اليونانية منها في حياة المسلمين فانقلبت الأمور رأس على عقب فكثرة المجادلات في الألهيات وبخاصة فلسفة التوحيد ومراتبه ومعانيه فأدى ذلك إلى ظهور مدارس ومذاهب ابتعدت عن الجوهر الحقيقي للدين المحمدي الأصيل إلا أن أئمة  المسلمين وقادتهم لم يقفوا مكتوفين الايدي فأروهم (كيف تورد الأبل) فكانوا يوجهون المسلمين إلى ما فيه الصواب مفندين آراء المشككين وحججهم فحافظوا على الدين وجوهره أبيض ناصع لمن يتدبر أو اللقى السمع وهو شهيد.

 

الفلسفة الحديثه وأثرها في حياة المسلمين:

وكأن الكرّه عادت مرة أخرى لتقوى وتستفحل في فكر المسلمين  فتغزوهم ثقافياً وبخاصة العقول الفارغة عقائدياً. فدخول الفلسفة الحديثة وتأثيرها المباشر على العقيدة هادفة إلى تغيرها بما يتلائم ونظرتها في الميادين كافة وبخاصة   التوحيد واثبات الوجود.

إذاً هب علمائنا لمواجهة هذا المد السافر مفندين أصوله وفروعه محطمين لفلسفته وآراءه المناقضة لأصول الدين الحنيف، ومن هنا نعطف على مثال لذلك وهو كتاب وقفه مع الوجوديين لا حد هؤلاء العلماء العاملين الذين نذروا أنفسهم لمواجهة هذا الغزو الفكري إلا وهو سماحة المرجع الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي رحمه الله.

 

مع الكتاب:

وهو الكتاب التاسع والستون من سلسلة كتب (منابع الثقافة الإسلامية) والتي كانت تصدر في كربلاء المقدسة منذ عام 1377هـ في محاوله من القائمين عليها لنهوض بالأمة نهضة إسلامية كبرى وسد الفراغ الموجود في المكتبة والفكر الإسلامي.

والكتاب عبارة عن عرض موجز لبعض نقاط الفلسفة الوجودية التي غزت في تلك الفترة أدمغة جماعه من الشباب ضانين فيها كل خير.

وهو أي الكتاب الماع بدائي إلى بعض مبادئ الفلسفة بعد صقلها بالإسلام طيلة قرون متعاقبة، والمصنف أتخذ أسلوب المقارنة في الكتاب بين الفلسفتين في صورة بسيطة جداً لتلائم مدارك الشباب.

 

من مواضيع الكتاب:

مذهب أهل الأوهام:

يمهد المصنف للموضوع بذكر ثلاث وجودات لا يمكن نكرها وهي الوجود الخارجي والذهني والأحكام المحمولة على الموضوعات الحقيقية (النفس الأمرية) والعلماء سواء منهم الاقدمون أو المعاصرون ينسبون كل العلوم والنظريات والمكتشفات إلى هذه الأقسام الثلاثه من الحقائق ولذا نجدهم يتحرون:

أولاً/ التميز بن الامكان والاستحالة.

ثانياً/ التميز بن الواقع ولو مستقبلاً وغير الواقع.

ثم يثُبتون المطالب العلمية والمكتشفات الفيزيائية وما أليها على ما استنتجوه من الأقسام، وكلما ابتعد الإنسان عن الحقائق اقترب من الأوهام إذ لا واسطة بين الحقيقة والوهم.

من هذا المنطلق ادعى قوم شططا الأوهام زاعمين العلم والفلسفة فأنكروا  الحقائق ورأوا الكون أوهام مجرده لانصيب لها من الواقع.

 

الشيخ بهاء الدين العاملي والسفسطائيين:

يذكر أن الشيخ بهاء الدين العاملي جادل أحد السفسطائيين وكان كلما يقول الشيخ كان الرجل يجيبه بأنه خيال حتى عجز الشيخ عن البرهان فألصقه بالمحرار الذي كان موجوداً في الغرفة حيث ـــ أن الفصل كان شتاءاً ـــ فصاح الرجل ماذا تصنع قد أحرقتني وهنا ظفر الشيخ به وقال أنه خيال أفلست تزعم أن كل شيء خيال فأحراقك خيال إيضاً فإنقطع الرجل ولم يحر جواباً.

 

الله سبحانه وتعالى:

ويستدل المؤلف على وجوده تعالى بدلاله الاثر على المؤثر فيتسائل هل رأيت أثراً بدون مؤثر؟

وإذا رأيت الاثر ولم تر المؤثر فهل يمكن أن تقتنع بأنه لا مؤثر لهذا الأثر.

العقل يرى بالفطره ضرورة وجود صانع للكون ومن يقول بغير ذلك فهو أما غير ملتفت أو كاذب.

 وهناك نتسائل إذا كان الله موجود فلماذا الا نراه.

الجواب: أن هناك الكثير من الأشياء موجوده ولكن لانراها فالهواء موجود ولكن لا نراه وكذا القوة الكهربائية والعقل كذا لك .

سؤال/ لو كان الله هو الخالق فمن خلق الله؟

الجواب/ أن الشيء يتقسم إلى ثلاث أقسام واجب الوجود ممكن الوجود وممتنع الوجود الواجب وجوده أبدي دائمي، لم يكن في الوقت  من الأوقات معدوماً حتى يحتاج إلى الايجاد الموجود والممكن الوجود هو الذي يمكن وجوده وعدمه وكان في القديم معدوماً ولذا يحتاج إلى الايجاد والموجد كجميع ما في الكون من المخلوقات حيث لم تكن ثم كانت الممتنع الوجود هو الذي لا يمكن أن يوجد مثل شريك الباري لا ستلزام ذلك المحال وما المحال فهو محال.

إذاً : فرق بين (الله وبين (ما سواه) فالاول غني عن الخالق والثاني محتاج إلى الخالق.

 

عدد الصفحات: 72

الحجم: رقعي 14×20

الناشر: منابع الثقافة الإسلامية ـ كربلاء المقدسة ، مدرسة بادكوبه الدينية.

المطبعة: مطبعة الآداب ـ النجف الأشرف.