![]() |
بين الإسلام ودارون
بين الإسلام ودارون: لسماحة آية الله العظمى الإمام الرحل السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله درجاته والذي كتبه في كربلاء المقدسة.
توطئة شهد العالم الإسلامي ومنذ نهاية القرن التاسع عشر و فجر القرن العشرين حملات فكريه عشواء تواكبت عليه من جميع الاتجاهات بعد أن ترسخت وعشعشت في عقول الغربين والشرقيين حيث أصبحت سمة بارزة من سمات تلك المجتمعات فحرفت وغيرت الكثير الكثير من معتقداتهم الأصلية و التي أمنوا بها منذ عصور وقرون متعاقبة وما أن أصبحت تلك الأفكار عقيدة راسخة لا يمكن الاستغناء عنها باعتبار أو بأخر هبت تلك الشعوب الملحدة إلى تصدير تلك الثقافة المزعومة، إلى العالم الإسلامي بغية استتباعه و استعباده إلى فانبرى غير واحد ممن أخذتهم الغيرة على الدين والحمية على التوحيد الإلهي والناموس الرباني للدفاع عن أصول الدين والمعتقد فإختلفت أنظار هؤلاء المصلحين وأطروحاتهم في التصدي للمد الكافر الملحد وبخاصة وأن هذا الفكر بلغ حداً طرق ناقوس الخطر وانذر بوباء فكري عجيب.
ثقافة التفنيد: ومن تلك الأطروحات الإصلاحية التي ظهرت ناشده تحقيق هدف الخلافة أطروحة تفنيد النظريات الضالة بإبراز عيوبها وتشخيص أخطاءها حتى إذا ما افتضحت وطرحت عنها تلك ألهاله القدسية المفتعلة والمغالى فيها إلى اطروحه إسلامية أصيلة تبعث المسلمين إلى تراثهم وحضارتهم المستقاة من صميم دينهم الحنيف.
الشيرازي وأطروحة الإصلاح: ومن العلماء الذي تصدوا لهذا المد الملحد سماحة السيد محمد الحسيني الشيرازي الذي أتخذ من ثقافة التفنيد نهجاً وسلّماً لتأصيل الإسلام في النفوس والحفاظ على الدين ناصعاً لا يشوبه أعراض المعرضين ولا اعتداءات الكافرين. فنبه المرجع الشيرازي المجتمع الإسلامي من أخطار تلك الحملات والتي أسماها والقائمين عليها بـ (الصليبيون الجدد) وأليك نص كلامه من مقدمة كتابه بين الإسلام ودارون (وآخيراً عزموا على سلب الإسلام من أدمغة المسلمين حتى إذا ما نجحوا في غزوا البلاد آمنوا قيام الإسلام من جديد ليطرد الكافرين والمستغلين وقد نجحت هذه الخطة أكبر نجاج بينما غفل المسلمون عن هذه الخطة المدبرة بليل ولقد صاح العلماء والمصلحون وندبوا انحراف المسلمين العقائدي ولكن لا حياة لمن تنادي). فهذا نموذج من إصلاح المصلحين فهل ايقض سبات المسلمين وقتها وهل آمنوا بضرورة نتخ الكافرين من ديارهم وعقولهم أم أن نوم الغفله أعمى أبصارهم وأصم اسماعهم فكأن في أذانهم وقرى.
دارون و مبدأ والتطور المزعوم: أخذت النظرية الدارونية مأخذها من عقول المسلمين وأفكارهم وأن أنكرها الكثير إلا (أن القليل من المسلمين كثير) وأساس هذه النظرية المسمى بأصل الأنواع أو نظرية النشوء والارتقاء هي (أن الحيوان والنبات على تعدد أنواعها التي تبلغ الآلاف نشأت في الأصل من نوع واحد وأن الجماد نفسه بما فيه من ذرات وجزيئات وعوالم وعناصر يرجع أيضاًُ إلى أصل واحد والانسان لم يكن إنساناًً منذ الازل أنما كان قرداً ثم صار إنساناً) وأحتج دارون على مبدأه هذا على الاستقراء فلاحظ أن الأرض متكونه في طبقات وأن ابعد طبقة عن سطح الأرض هي أقدمها وأنه لاحظ أن كل طبقة تحتوي على نوع معين من المخلوقات وأن أقربها إلى سطح الأرض هي الطبقة المتحوية على آثار وجماجم القرد ثم الإنسان وبعباره أخرى وفق نظريه النشوء أن الا سفج تطور فإصبح زاحف ثم طائر ثم هكذا بل ولربما الزاحف صار قرد ثم إنسان وهكذا.
الشيرازي ودارون: استطاع المرجع الشيرازي الراحل قدس سره من تفنيد نظرية دارون وذلك بسلسلة من الاولى منها: الأولى: أن افتراض دارون أن الحياة أصلها خلية واحدة بدليل انه وجدت في الطبقات السفلى خلية متحجرة يقول تلميذه سلامة موسى لسنا نعرف ماهية الأولى فربما كانت أبسط من الخلية ومما يجعل هذا البحث من أصعب الأبحاث؟؟ أن طبقات الأرض لا تسعفنا بشواهدها فمن أين تتمكن يا دارون أن تدعى أن أول حياة وجدت على الأرض كانت خلية مادام لم تجدلها شاهداً ولو في المتحجرات. ثانياً: من الأمثلة المشهورة عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود فإذا لم تجد يا دارون في طبقات الأرض السفلى إنسانا أو نحوه فهل يدل ذلك على عدم وجود الإنسان هناك وهل أنت حفرت جميع أطراف الأرض ولم تجد. ثالثاً: فرضنا أنا حفرنا جميع أطراف الأرض ولم نجد إنسانا ونحوه فمن الممكن أنه لم تتوفر عوامل التحجير هناك للإنسان فمن أين لدارون أن يدعى أنه لم يكن في الطبقات السفلى إنسان. رابعاً: لو كانت المتحجرات تدل على التطور فلماذا لم تتطور هذه الزواحف الموجودة الآن والطيور الموجودة الآن والقردة الموجودة الآن وهل سنة التطور جرت على قسم خاص من الحيوانات فتطورت إلى أرقى وتقى القسم الآخر عطلاً ولماذا هذا الفرق.
دارون التشابه: يعتقد دارون أنا هناك تشابه كبير بين الإنسان والقرد وأنه اعتماداً على عناصر التشابه تلك جزم دارون بأن الإنسان كان في الأصل قرداً ثم صار إنسان بعوامل البيئة ونحوها وكذا بالنسبة إلى بعض الطيور والحيوانات اللبونه وغيرها. وقد رد عليه السيد بالتالي: أولاً: أن التشابه لا يستلزم أن يكون احد المتشابهين أصلاُ والآخر فلو كان إنسان يشبه إنسان أو طير يشبه طيراً فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل والآخر فرع كلا أنه استدلال تافه في العقول السليمة. ثانيا: من إين تقول أن الإنسان القرد ولماذا لا يكون بالعكس الأصل الإنسان والفرع القرد فكان القرد في أول خلقته إنسانا ثم أنقلب قرداً بعوامل البيئة ونحوها وما دليلك على رد هذا الكلام. وأن قلت أنه لا يمكن لآن الطبيعة تبقي الأصلح وتنفي غيره قلنا من أين تقول بذلك وهل للطبيعة علم به يعلم أن الأصلح لابد من بقائه؟ ولو قلت جربنا ذلك قلنا ما هي التجربة التي تدعونه. ثالثا: إذا كان أصل الإنسان القرد فكيف صار قسم من القرد إنسانا وبقى القسم الثاني قرداً إلى هذا اليوم.
عدد الصفحات: 64 الحجم: رقعي 14×20 الناشر: منشورات الأعلمي ـ كربلاء المقدسة ، العراق. المطبعة: مطبعة الغري ـ النجف الأشرف.
|
|