المالح يستضيف السبايا

 

 

إن الحوادث التي يتحدث عنها التاريخ مهما كبرت وعظمت ومهما وصفها الواصفون فهي دون كبر وعظمة، واقعة الطف التي قتل فيها ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، تلك الجريمة التي ارتكبها طاغية التاريخ الحديث والقديم اللعين يزيد بن معاوية، وأن كبر بشاعته وطغيانه لم يكتفي بفلذة كبد سيدة نساء العالمين الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام، فبعد أن قتل كل أهل بيته عليهم السلام وأصحابه فبادر إلى سبي نسائه وحريمه وهن ثاكلات قد فقدن كواكبا وأقماراً كانت تضئ دجى العقيدة.

فبعد أن انتهت المعركة في اليوم العاشر من محرم عام 61هـ وبقيت النساء دون حما ودون رجال ساقوهن سبايا كما تساق سبايا الترك والروم والكابل، وقد انتهكوا بذلك حرمة الله ورسوله وقد انطلقت مسيرة السبايا من مدينة كربلاء المقدسة في اليوم الحادي عشر من محرم سالكين الطريق إلى الكوفة ومنها إلى الشام حيث ولاية أمير الفاسقين يزيد الذي تربع على عرشه إثماً وعدوانا وقد وقف موكب السبايا وانطلق صوت الحق الهادر صوت عقيلة بني هاشم بخطبة هزت عرش يزيد وأعقبها الإمام زين العابدين عليه السلام مما أحدث انقلاب الرأي العام على يزيد فاضطر إلى إخراجهم من الشام وعادوا إدراجهم للذهاب إلى مدينة جدهم حيث خرجوا منها وكان طري العودة على الطريق الصحراوي ذلك الطريق الذي سلكه الجيش في معركة اليرموك الذي يأتي عن طريق مدينة عين التمر ويروى أن السبايا حين وصولهم مدينة عين التمر طلبوا من النعمان بن بشير الأنصاري الذي كان يقود قافلتهم بأمر من يزيد عليه اللعنة وطلبوا منهم أن يسير بهم إلى مدينة كربلاء لزيارة القبور وقد نزلوا في هذا المكان الذي يسمى (خسيف) حالياً للراحة قرب (قرية المالح) ثم واصلوا السير ووصلوا كربلاء فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة معه جاؤوا لزيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام فنزلوا ونصبوا العزاء جميعاً ثم عادوا قاطعين الطريق إلى المدينة.