بيان مكتب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله حول الاحتجاجات الجماهيرية في البلاد العربية بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) هود:88 صدق الله العلي العظيم تعصف بالعالم الإسلامي موجة من المسيرات الاحتجاجية المطالبة بالحقوق والتغيير لكون معظم الجماهير تعيش تحت خط الفقر وتعاني من البطالة وأنواع المضايقات والضرائب والقوانين القاسية الاستبدادية المخالفة للشرع والعقل والكرامة الإنسانية. وقد انتهك بعض رجال الأمن حريات الشعوب في إبداء الرأي ونتج على أثره سقوط دماء بريئة مما يعقد الأمور ويجر البلاد الى نفق مظلم. إن هذا الواقع المتأزم يحفزنا لنؤكد ما يلي: 1ـ ان هذه الاحتجاجات العارمة إنما تنم عن روحٍ وطنية وإصلاحية وتدعو للتغيير الجذري وهذا حق إنساني مشروع. 2ـ ومن الحق الشرعي والقانوني أيضا حرية التعبير عن الرأي واستخدام أي وسيلة إعلامية من وسائل الاتصال, كما أن من مصاديق حرية التعبير؛ تأسيس الجمعيات والتنظيمات والأحزاب المخلصة وإقامة المؤتمرات والندوات وغيرها.. ومتى صودر هذا الحقُ معناه الانزلاق إلى هاوية الدكتاتورية والاستبداد. وامتلاء السجون بالأبرياء. 3ـ ومن مطاليب هذه الشعوب اطلاق الحريات في مختلف المجالات ضمن الإطار الشرعي.. وهذا مطلب حيوي يشمل كل مجالات الإعمار والتربية والزراعة والحضر والسفر والتجارة والسياسة والاقتصاد.. 4ـ إن استخدام وسائل العنف وإطلاق الرصاص الحي على المحتجين الأبرياء موقف غير مقبول ويزيد الجماهير تصميماً وإصراراً للمضي في طريق التغيير وان حوادث القتل التي ارتكبت خلال هذه الاحتجاجات مشمولة بقوله تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) المائدة:32. 5ـ إن الفساد الإداري والاستئثار بأموال الناس وإيداعها في حسابات خاصة في البنوك الأجنبية أدى إلى المزيد من الحرمان والبطالة والتخلف والمرض والجهل وسوء الخدمات مما عمق جراح المظلومين والمسحوقين من أبناء هذه الشعوب وجر عليها أنواع المآسي والمحن. 6ـ نؤكد حقيقة ثابتة أن لا استقرار لبلادنا إلا بالتعددية السياسية والمؤسسات والانتخابات الحرة النزيهة (وأمرهم شورى بينهم) دون أدنى استئثار وحرص, فضلاً عن عدم قمع صوت المعارضة وان حركات الاحتجاج إنما تستنكر الاستئثار السياسي وهيمنة الحزب الواحد الذي أدى بواقع الحكومات إلى التخلف والاستبداد التي هي أم كل فساد وجهل وتخلف. وبتجاوز هذه الحقوق يكون الحاكم مصداقاً للحديث الشريف: «من استبد برأيه هلك وأهلك». «اللهم إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة». اللهم احفظ أوطاننا وشعوبنا من كل سوء وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.
15/ ربيع الأول/1432 هـ مكتب المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله كربلاء المقدسة
|
|||
|