خلاصة الأبحاث العلمية الرمضانية لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله

من الجلسة الخامسة عشر إلى الثانية والعشرين

الجلسة الخامسة عشر

مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية الخامسة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م):

سُئل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: إن لم يتوفّر للشخص توصيل خمس سنته إلى مرجع تقليده أو وكيله، هل يجوز له أن يحتفظ بمبلغ الخمس، ويتصرّف فيه أحياناً، ثم يرجع ما تصرّف منه؟ فأجاب سماحته دام ظله: الخمس إلى رأس السنّة الخمسية واجب موسّع، ولكن برأس السنة الخمسية هو واجب مضيّق، كصلاتي الظهر والعصر إلى قبل المغرب. ولذا إن لم يتوفّر للشخص لقاء مرجعه أو وكيله ولم يكن له إجازة من مرجع تقليده، يبقى عنده بعنوان أمانة شرعية إلى ما قبل ارتفاع عذره، وبعد ارتفاع العذر، فتسديده واجب فوري، ولجهة عدم وجود الدليل، العزل في الخمس غير متعيّن له.

كما سأل أحد الفضلاء: إن اعتبرنا كل أحكام الزكاة في الخمس من باب بدلية الجاري، هل إنّ زكاة الفطرة (العروة الوثقی، کتاب الزکاة، فصل فی زکاة الفطرة، فصل 4، ص393، م6) بعد العزل يكون لها التعيّن؟

قال سماحته: لقد قبل عدّة من الفقهاء ومنهم المرحوم السيّد عبد الهادي الشيرازي، جريان أحكام الزكاة في الخمس من باب البدلية. ويبدو انّه هو الصحيح. وفي المقابل، لم يقبل عدّة أخرى من الفقهاء كالمرحوم الوالد رضوان الله تعالى عليه، بالبدلية. وأضاف سماحته: هذا الحكم له دليل خاص في زكاة الفطرة. وذكرت بعض الروايات أنّه في الصدقة يكفي العزل. ولكن في الخمس، لا يوجد الدليل بكفاية العزل ومتعيّن له، ولا يمكن الاستفادة من دليل زكاة الفطرة بأنّه في غير زكاة الفطرة، العزل متعيّن.

بعدها أشار أحد الحضور إلى قصّة النبي موسى والخضر على نبيّنا وآله وعليهما السلام، وسأل: هل إنّ قتل الخضر عليه السلام للشاب، يعتبر قصاصاً قبل الجناية؟ فأجاب سماحته: القاعدة الأولية هي عدم جواز ارتكاب هكذا عمل، ولكن لجهة الدليل الخاص، فإنّ القيام بهذا العمل من قبل الخضر عليه السلام، يحسب استثناء من القاعدة، وانّ الله تعالى قد أعطى الحقّ للخضر عليه السلام للقيام به.

ثم سُئل سماحته: إن كان يجب على الشخص أن يعمل في شهر رمضان لأجل توفير النفقة على عائلته، وإن لم يعمل يقع في الحرج، وفي حال عمله لا يمكنه الصيام، فما هو تكليفه؟ فقال سماحته: مقتضى أدلّة (لا حرج ولا ضرر) هو لا إشكال في إفطاره، ولكن يقضيه ولا كفّارة عليه. وأردف سماحته: علماً إنّ هذا الحكم لا يشمل تلميذ المدرسة أيّام الامتحانات، بأنّه إذا صام يتأخّر علمياً.

وسأل أحد الحضور عن الملاك في حدّ الترخّص في زماننا الحالي وأنّ المساجد لها المكبّرات ولكن المدن لا أسوار لها؟ فقال سماحته: في سماع صوت الأذان، الملاك هو المصاديق المتعارفة، ومكبّرات الصوت ليس ملاكاً، مثل أسوار أو جدران البيوت المتكوّنة من طابق أو طابقين لا أكثر.

كذلك سأل أحد الفضلاء: إن تكفّل الزوج والزوجة طفلاً من مراكز رعاية الرضّاع وتبنّوه ابناً لهما، ولجهة العسر والحرج في عدم كونه من المحارم للأب والأمّ اللذين تبنّاه، إذا لا يوجد طريقاً للمحرمية، هل يمكن الحكم بمحرميتهما؟ فأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: كلا، لأنّه لا يكفي عنوان العسر والحرج للمحرميّة، ولا يجوز خصوصاً لجهة اختلاط الأنساب بأن يخفون على الرضيع بعد كبره قصّته. وإن لم يك وليّ الطفل، يجب أن يستأذن من الحاكم الشرعي (الفقيه الجامع للشرائط). وإذا لم يحرز له بأنّ هذه العائلة لا تعمل بصالح الصبي، فلا يعطيهما الإذن.

اختتمت هذه الجلسة بأسئلة حول وقت صلاة المغرب، ومبدأ وضع اللغات، وتقليد الأعلم، وعلم الغيب للإمام صلوات الله عليه، وأجاب عليها سماحة المرجع الشيرازي دام ظله.

الجلسة السادسة عشر

مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية السادسة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م):

في بداية هذه الجلسة سُئل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله حول اعتبار تفسير علي بن ابراهيم القمّي، والتشكيكات المثارة حوله؟ فقال دام ظله: هذه التشكيكات هي في مستوى الشبهة. فلقد كان تفسير القمّي معتمداً لدى الفقهاء من القدم وإلى اليوم، وردّ بعض الأعلام من المحدّثين بالتفصيل على هذه التشكيكات.

وعن سؤال حول اعتبار كتاب (دعائم الإسلام) قال سماحته دام ظله: كل روايات (دعائم الإسلام) مرسلات، ويستفاد منها في الإلزاميات فقط بعنوان المؤيّد. وأما في باب الـ(لا اقتضائيات) بما انّه جرى بحثها في مذهبه، ولكن لجهة قاعدة التسامح في أدلّة السنن التي عمل بها المشهور، يمكن الاستناد عليها.

وفي السياق، سُئل سماحته عن الاعتماد على أحاديث وكتب الزيدية بناء على قاعدة التسامح، واعتبار روايات ابن عقدة؟ فأجاب دام ظله: الزيدية على قسمين: الأول: مجموعة قليلة من الزيدية تقول بخلافة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، بلا فصل، ولم يتأثّروا بالعامّة. والثاني: الأكثرية من الزيدية قد تأثّروا بالعامّة، ففقههم هو فقه العامّة، ويعتبرون الإمام علي صلوات الله عليه هو الخليفة الرابع. وأمّا أقوال ابن عقدة، في الرجال اعتمد عليها أصحابنا.

ثم سأل أحد الفضلاء عن حكم البلاد الكبيرة والملاك في تعيينها؟ فقال سماحته: بما انّ صاحب العروة قد قبل بالبلاد الكبيرة، ولكن مشهور الفقهاء لم يفرّق بين البلاد الصغيرة والكبيرة، وخالف صاحب العروة أكثر المعلّقين وعلّقوا عليها. والقائلين بالبلاد الكبيرة، لم يعيّنوا لها ملاكاً. وبما انّه في زمن المعصومين صلوات الله عليهم، كانت مدناً كبيرة، كالبصرة وواسط والكوفة وسامراء، ولكن لم تبيّن روايات صلاة المسافر، الفرق بين تلك المدن.

كما سأل أحد الحضور عن وجه انصراف البلوغ من أخبار العامّة؟ فأجاب دام ظله: ليس منشأ الانصراف في هذا المورد، هو لفظ وغلبة الاستعمال، بل ارتكاز المتشرّعة، بضميمة بعض الروايات مثل مكاتبة علي بن سويد السائي: «لا تأخذنَّ معالم دينك عن غير شيعتنا» (وسائل الشیعة ج27 ص150 ح33457)؛ وتشمل معالم الدين الاقتضائيات واللا اقتضائيات، ولم تقل سيرة الأصحاب كالشيخ المفيد والشيخ الطوسي وإلى اليوم، بأخذ الرويات من كتب المخالفين. علماً أنّه يتم الاستفادة من روايات الرواة العامّة التي ذكرت في كتب الشيعة.

بعدها سُئل سماحته عن حكم قراءة اليد (الكف) والإخبار عن المستقبل وعن بعض حالات الشخص وإحضار الأموات؟ فأجاب سماحته: لا يترتب الحكم الشرعي على إخبارات هكذا أفراد، كبيان نسبة الأشخاص مع بعض، لأنّ الشارع قد حصر الاستفادة من الأحكام الشرعية، في كتابه الكريم والعترة الطاهرة أهل البيت صلوات الله عليهم، وأكثر إخبارات اولئك غير مطابقة للواقع، وأقوالهم ليس لها حجيّة، وليست من الطرق العقلائية والشرعية.

وسُئل سماحته: هل يقضي الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف، بعد ظهوره الشريف، بظاهر الحكم أم بواقعه؟ ووفقاً لعلمه صلوات الله عليه؟ فقال دام ظله: سوى في الموارد المستثناة، يحكم الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف بظاهر الحكم، كجدّه رسول الله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، واستناداً على البيّنة والقسم، لأنّ الله تعالى يريد اختبار الناس في الدنيا. وأمّا بالنسبة لعمل الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف بسيرة النبيّ داود على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام في القضاء، فإنّه قد ذكرت رواية أنّ الله سبحانه هكذا علّم القضاء لداود عليه السلام: «أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَأَضِفْهُمْ إِلَى اسْمِي يَحْلِفُونَ بِهِ» (الكافي ج7 ص415 ح3).

كذلك سأل أحد الحضور حول مسؤولية أهل العلم والمؤمنين قبال المجاميع الضالّة والضالين؟ فأجاب سماحته: إنّ مسؤولية أهل العلم والمؤمنين والمؤمنات هو العمل بحديث الإمام الرضا صلوات الله عليه: «يتعلّم علومنا، ويعلّمها الناس، فإنَّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا» (وسائل الشيعة ج27 ص92 ح33298)، فهو واجب كفائي على الجميع، بالأخص أهل العلم. وفي حال فقدان من فيه الكفاية، يكون واجباً عينياً، وكذلك يكون من الواجب: تهيئة مقدّمات الوجود للإعلام وإيصاله إلى الجميع.

وسأل آخر عن إسلام أو كفر المخالفين في الدنيا والآخرة بعد ذكره لهذا المقطع من الزيارة الجامعة الكبيرة الشريفة: «وَ مَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ»؟ فقال دام ظله: لا شكّ بعدم وجود الموحّد الحقيقي. وجاء في خطبة للإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: «ولا يقبل توحيده إلاّ بالاعتراف لنبيّه صلى الله عليه وآله بنبوّته، ولا يقبل ديناً إلاّ بولاية من أمر بولايته» (بحار الأنوار ج94 ص114 ح8)، علماً بأنّنا قد أُمرنا في الدنيا بأن نتعامل معهم كمسلمين.

اختتمت الجلسة بأسئلة حول محرميّة الربيبة، والتبعيض في التقليد، وعلم الإمام عليه السلام بالغيب، وبعض أحكام مهر الزواج وأثاثه، والاستطاعة للحجّ، وأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله عليها.

الجلسة الثامنة عشر

مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية الثامنة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م):

في بداية هذه المطارحة، سُئل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله عن معنى رواية عبّرت عن الزكاة بـ«أوساخ أيدي الناس» (وسائل الشيعة: كتاب الزكاة، الباب ٢٩ من أبواب المستحقين، ح٢)، وهي مذكورة في كتاب: (بيان الفقه، كتاب الخمس، ج1، ص9/ الأمر الخامس)؟ فأجاب سماحته: بمراجعة صحيحة ابراهيم بن عمر عن الإمام الصادق صلوات الله عليه: «الْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الْكَعْبَةِ» (الخصال، ص27)، ليس المراد من الرواية، المؤمن الذي يأخذ الزكاة، بل الشخص الذي تجب عليه الزكاة، ولا يعطيها، فهو يستفيد من أوساخ أيدي الناس. وهذه الرواية هي كالآية الشريفة التالية: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا» (سورة النساء: الآية 10).

ثم وباحتمال انّ الأوساخ في ذلك الزمان، التي ذكرتها الرواية، ربما يكون لها معنى آخراً، أشار سماحة المرجع الشيرازي دام ظله إلى أصالة عدم النقل وهي قاعدة عقلائية، وقال بأنّ هذا المبحث قد تناولته الكتب الأصولية ما قبل الشيخ الأنصاري قدّس سرّه. وأضاف سماحته: هذا الاستنباط ومع القرائن، هو ما يقصده الإمام صلوات الله عليه عن جدّ، ورغم انّه خلاف الإرادة الاستعمالية، ولكن في حال معرفة، وعبر القرائن، أنّه هو المقصود عن جدّ من المتكلّم، نرفع اليد عن الإرادة الاستعمالية.

بعدها سأل أحد الفضلاء: إن يرتفع مرض المريض بعلاج مختصر، ويمكنه أن يصوم، ويصلّي من وقوف، فهل يجب عليه هكذا علاج؟ قال دام ظله: لا يوجد دليل خاص لهذه المسألة، ولكن ولجهة أنّ مقدّمات الوجود واجب مطلق، إن كان بمستوى ينفي عنه لا ضرر ولا حرج، لجهة انّه عرفاً قادر، ويعدّونه عاصياً إن تركه، فهذا المقدار من العلاج يكون واجباً عليه. علماً أنّه بالنسبة للحجّ، ولجهة الدليل الخاص، لا يجب تحصيل الاستطاعة.

كما ذكر أحد الحضور الآيات الشريفات (68 -70) من سورة الفرقان وقال: هل يغفر الله تعالى حقّ الناس؟ فأجاب سماحته: هذه الآيات المباركات هي كالآية الشريفة: «لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا» (سورة الزمر: الآية 53)، تبيّن الكليّات التي فيها استثناء. وأمّا حول حق الناس، وبناء على الدليل الخاص: «لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه» (مستدرك الوسائل، ج9، ص118).

وسأل آخر: نظراً إلى الروايات التي لا تحبّذ الاستقراض والاستدانة، فكيف يؤمر دائماً بالاستدانة لأجل أمور الدين؟ فقال دام ظله: هذه المسألة هي من صغريات باب التزاحم، بأنّه يقدّم المزاحم الأهم. علماً أنّه لا يعدّ القرض والاستدانة غير محبّذاً دائماً في الروايات، فالأئمة صلوات الله عليهم قد شجّعوا على القرض والاستدانة لأجل الحجّ المستحب، وكذلك بالنسبة لزيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه، حيث انّها في الأدلّة أهمّ من الحجّ، والاستدانة والاستقراض لها ممدوحاً. وقد ذكر التاريخ انّ المعصومين صلوات الله عليهم، استشهدوا وكانت عليهم الديون، وكان المعصوم التالي يؤدّيها عن الذي سبقه.

بعدها أشار سماحة المرجع الشيرازي دام ظله إلى السيرة النبويّة الشريفة وسيرة الإمام علي صلوات الله عليه، وقال: إنّ الإمام علي صلوات الله عليه، لم يترك بعد استشهاده، قصراً ولا أموالاً، ولكن ترك دَيناً عليه بمقدار (70) ألف، فإن كانت دنانير فهي تعادل ثمن (700) ألف غنم، وإن كانت دراهم، فتعادل ثمن (70) ألف غنم.

كذلك سأل أحد الفضلاء عن الاستدلال بالتأسّي، الذي لا يعتبر العلاّمة الحلّي الأصل فيه بأنّه وجوب؟

فأجاب سماحته: لقد ذكر العلاّمة الحلّي في مختلف كتبه وجهات نظر متفاوتة. وقد تناول المرحوم الميرزا القمّي هذا المبحث، في أواخر المجلّد الأول من قوانين الأصول (الطبعة الحجرية)، وبيّن خمس وجهات نظر، ويختار الاستحباب في أصله، ولكنه يستدلّ بوجوب التأسي في كتب: الغنائم، والمناهج، وجامع الشتات. وبالنظر إلى الآية الشريفة التالية: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» (سورة الأحزاب: الآية 21) يبدو أنّ الأصل في التأسّي هو الوجوب.

اختتمت الجلسة، بأجوبة سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، على أسئلة كانت حول وجوب الفدية، واستئجار الرحم، وحكم التجسّس باقتضاء وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الجلسة التاسعة عشر

مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية التاسعة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م):

سأل أحد الحضور في هذه الجلسة: يقول صاحب العروة: في حال نسيان غسل الجنابة قبل الفجر، يبطل الصيام في شهر رمضان. وسماحتكم قلتم في الحاشية عليها: إن لم يأت بغسل آخر (العروة الوثقى، کتاب الصوم: فصل في ما یجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات، م50)، هل تكفي كل الأغسال عن غسل الجنابة؟

أجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: في الأغسال، لا تجب نيّة ذلك الغسل، بل نيّة قصد القربة والخلوص فقط، بهذا المعنى: يأتي بالعبادات لأجل الله تعالى فقط، وهي شرط فيه. إذن، إن كان في ذمّة الشخص: غسل الجنابة، أو العادة الشهرية للمرأة، الغسل النذري، غسل الزيارة، فالاغتسال بغسل واحد، يكفي عن باقي الأغسال، علماً انّ ذلك الغسل يجب أن يكون مستحبّاً أو واجباً. وقال المشهور: بما انّه يكون من المستحب وفق قاعدة التسامح، فيكفي. ويجري هذا الحمل في كل مطلق ومقيّد، وعلى خلاف المتباينين، كصلاتي الظهر والعصر، فلا تكفي إحداهما عن الأخرى، أصلاً.

بعدها أشار سماحته دام ظله إلى شواهد كثيرة، وقال: في خبر رجاء بن أبي الضحّاك: «ثمّ يصلّي صلاة جعفر بن أبي طالب أربع ركعات، يسلّم في كلّ ركعتين، ويقنت في كلّ ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد التسبيح، ويحتسب بها من صلاة اللّيل» (وسائل الشيعة، ج4، ص56، ح4496)، فهذه الرواية تبيّن أن الإمام عليه السلام قد صلّى أربع ركعات من نافلة الليل بطريقة صلاة جعفر الطيّار، واحتسبها من صلاته بالليل، فهذه الصلاة تحتسب صلاة الليل، وكذلك صلاة جعفر الطيّار. وقال دام ظله: لقد صحّح الشيخ البهائي وبعض المعلّقين على العروة، بأنّه يوجد التداخل في الواجب والمستحبّ غير المتباينين.

سُئل سماحته: إن اشترى شخص هدية لآخر ولم يعطها له، فحين تحلّ رأس سنته الخمسية، هل يتعلّق الخمس بها؟ قال سماحته: نعم، لأنّه طالما لم يعطها للشخص، فهي غير مسلّمة، وتحتسب من أمواله، كمثل شخص يذهب إلى زيارة بيت الله الحرام، ويشتري الكثير من الهدايا لعديد من الأشخاص المعيّنين، ويأتيه الأجل قبل إعطائه الهدايا، فلأنّ هذه الهدايا لم تعطى لأصحابها، تحتسب من أموال الميّت ومن تركته.

كما سأل أحد الفضلاء حول قاعدة التسامح في أدلّة السنن بقوله: بالنظر إلى صحيحة هشام وأمثالها (وسائل الشیعة، ج1، ص80/ باب 18) لأجل استحقاق الثواب، هل يجب الالتفات التفصيلي لثواب ذلك العمل، أم لا؟ فأجاب سماحته: كلا، لا يلزم الالتفات التفصيلي، بقرينة أنّ فتاوى الفقهاء قد اعتبرته من صغريات قاعدة التسامح، وكذلك اعتبروا المكروهات من ملزومات هذه القاعدة. ويوجد في قاعدة التسامح في أدلّة السنن، بحثان: الأول: يثبت استحبابه به. الثاني: وبما أنّه لم يعطى ثوابه، فيستحقّ ثواب العمل.

ثم سئل سماحته: في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام انّه علّم عمّار الساباطي دعاء لليلة الأولى من شهر رمضان (وسائل الشیعة، ج10، ص322، ح13511)، فهل ما يقضيه الله تعالى للناس في ليلة القدر، يمكن أن يشمله البداء؟ قال دام ظله: في هذه العبارة التي يقول فيها صلوات الله عليه: «... واجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم فيما تفرق من الأمر الحكيم في ليلة القدر من القضاء الذي لا يردّ ولا يبدّل ...» توجب علينا الانتباه لعدّة مطالب: الأول: الطلب من الله تعالى بأن يجعله قضاء وأمراً محتوماً، لا يبدّل ولا يُردّ، ولذا يتطلّب قبول هذا الدعاء من قبل الله جلّ وعلا. والثاني: هو ليس دعاء الإمام صلوات الله عليه نفسه، بل علّمه الإمام لعمّار لكي يقرأه هو ويتعلّمه غيره. والثالث: اعتبار هذه الرواية ونسبتها إلى الإمام الصادق صلوات الله عليه مع قاعدة التسامح في أدلّة السنن. والرابع: في مقابل أدلّة البداء هو قطعي، ولم يعتبر هذا المورد من مستثنياته.

كذلك سأل أحد الحضور حول قضاء المستحبّات التي لها أوقات خاصّة؟ فأجاب سماحته: لقد بحث كل من المرحوم رضا الهمداني والمرحوم أخي رضوان الله تعالى عليهما في هذا المجال، وبناء على بعض الأدلّة، هكذا بيّنوا وجهة نظرهما بأنّ الأصل في العبادات هو انّ لها القضاء، إلاّ إذا يوجد دليل على نفي القضاء. ويبدو انّه هو الصحيح، كما في الرواية: «إنّما النافلة مثل الهدية متى ما أُتي بها قبلت» (وسائل الشیعة، ج4، ص233، ح5011). وقد أشار المرحوم الشيخ منير الدين البروجردي الأصفهاني إلى هذا المطلب في رسالة الفرق بين الفريضة والنافلة، وفي المقابل قال بعضهم في الواجبات: الأصل لا يوجد قضاء لأي عمل، إلاّ إذا وجد الدليل على إثبات القضاء.

اختتمت هذه الجلسة بأسئلة حول تعدّد الزوجات، والمقصود من العدالة بين الزوجات، والملاك في القتل الخطائي والمتعمّد وشبه المتعمّد، والتوالي في أفعال الوضوء، فأجاب عليها سماحة المرجع الشيرازي دام ظله.

الجلسة العشرون

مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية (20) للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م):

سُئل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله في بدء هذه الجلسة: ما هو حكم اللقاح الاصطناعي بين الأجنبي والأجنبية في شروط المختبر؟ فأشار سماحته إلى بحث صاحب الجواهر حول وضع النطفة في رحم الأجنبية، وقال: استنباط الفقهاء من مجموع الأدلّة هو أنّه في التلقيح يجب أن يكونا زوجين، حتى لو كان زواجهما مؤقتاً في مدّة اللقاح، ويمكن أن يكون ارتكاز المتشرّعة دليلاً على هذه المسألة. علماً أنّه في اللقاح الاصطناعي، المولد من الرجل والمرأة يكون ابناً لهما وهما أب وأمّ له. وإذا كان اللقاح الاصطناعي بالحرام، فليس له أحكام الزنا.

سأل أحد الفضلاء: لقد خاطب القرآن الكريم، رسول الله صلى الله عليه وآله بأسماء مختلفة، منها: (الرسول) و(النبي) والظاهر من هذا الخطاب هو التكريم له صلى الله عليه وآله، ولكن ما هي وجهة خطابه بـ(المدثّر) و(المزّمل) الذي يبدو ظاهراً بشكل عتاب؟ فقال دام ظله: بلاغة القرآن الكريم، بلاغة اختصاصية، حيّرت أهل البلاغة. وفي رواية شريفة، إشارة إلى مثل معروف باللغة العربية: «نَزَلَ الْقُرْآنُ بِإِيَّاكِ أَعْنِي وَ اسْمَعِي يَا جَارَةُ» (البرهان فی تفسیر القرآن، ج1، ص50/ باب 9)، هذا النوع من الخطاب والأشدّ منه، كالآية الكريمة: «لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ» (سورة التوبة: الآية 43) من هذا الباب. إذن إنّ الخطاب الظاهري في الآية لرسول الله صلى الله عليه وآله، هو لإفهام الآخرين.

ثم سأل أحد الحضور حول الآية الكريمة: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ» (سورة البقرة: الآية 256)؟ فأجاب سماحته: لم تك سيرة النبي الكريم وأهل البيت صلوات الله عليهم، على إجبار أحد على قبول الدين الإسلامي المبين. ولم تحظى بالتأييد من الإسلام، ما يسمّى بالفتوحات الإسلامية التي قام بها الحكّام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بحجّة نشر الإسلام ودخول الناس فيه، لأنّه في الإسلام لا يحقّ إجبار أحد على قبول الإسلام.

كما سأل آخر: إن تزوّجت مسلمة مع كافر، جهلاً، فما حكم أبنائها؟ فقال دام ظله: لا يمكن زواج المسلمة مع الكافر، سواء كان من أهل الكتاب أو لا، وكذلك لا يمكن للمسلم الزواج من الكافرة، سواء كانت من أهل الكتاب أو لم تكن. ولكن إن تزوّجت المسلمة مع الكافر جهلاً، فالولد منها ولد شبه، وتجري عليه كل أحكام الابن الحلال، وبما انّ أمّه مسلمة وأشرف الأبوين، فينسب إليها وله شرف الإسلام، ويرث، وإن مات في طفولته يُدفن في قبور المسلمين.

ثم سئل سماحته حول انتساب كتاب الإرشاد للشيخ المفيد وبعض الشبهات الواردة فيه؟ فأجاب سماحته: نسب كتاب الإرشاد إلى الشيخ المفيد، هو من المشهور. علماً أنّه في نسب الكتاب إلى شخص، كإنساب شخص إلى عشيرة، وإنساب قبر إلى ميّت وغيرها، والشهرة تكفي في الإنساب، والإشكالات الواردة، ليست في مستوى ردّ الإنساب.

كذلك سأل أحد الفضلاء: كما هو معلوم الصلاة والصوم من الواجبات التي لا يمكن إيجار أحد لأدائهما حال الحياة، فهل هناك حالة يمكن بها أن تسقط ذمّتهما من الشخص؟ فقال دام ظله: في بعض الحالات، تسقط الصلاة عن الشخص وكذلك الصوم، مثل الشخص المغمى عليه والفاقد للوعي لمدّة طويلة، تسقط الصلاة عنه، وكذلك مثله بالنسبة للنساء أيّام الدورة الشهرية. والشخص الذي يبقى مريضاً إلى شهر رمضان القادم، ولا يقدر على الصيام، يسقط عنه الصوم.

كان آخر ما طُرح من الأسئلة بختام هذه الجلسة: حول أحكام العدّة والاختلاف فيها، وزواج الصغيرة، وبعض فروعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، عليها.

الجلسة الحادية والعشرون

مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية الحادية والعشرين للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م):

سأل أحد الحضور في بدء هذه الجلسة، عن الروايات المادحة والذامّة للبلدان، ومنها: «سلام الله على أهل قم» (بحار الأنوار ج57 ص217 ح46)، وقال: هل هذه الروايات تبيّن القضايا الخارجية أم الحقيقية؟ فأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: أغلب هذه الروايات مراسيل، وتبيّن القضايا الخارجية، كمدح بني هَمْدان في رواية للإمام علي صلوات الله عليه: «إذا كنت بوابا على باب جنة / أقول لهمدان ادخلوا بسلام» (بحار الأنوار، ج32، ص498)، إلاّ بمورد من القرائن، يستنبط انّها قضية حقيقية. وبالنسبة للروايات الذامّة، بناء على الآية الشريفة: «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» (سورة فاطر: الآية 18) فكل شخص مسؤول عن أعماله هو، إلاّ إذا كان مخالفاً لأفعال آبائه والماضين منه، غير الصحيحة.

سُئل سماحته: إذا أجاز الورثة قبل وفاة المورِّث، وصية بما زاد عن الثلث، فهل يجب الوفاء به بعد وفاة المورّث؟ وإن كان الجواب بالنفي، هل تبطل الوصيّة بالثلث؟ فقال دام ظله: بناء على المشهور، بما انّ العمل خلاف الوعد هو عمل غير لائق، ولكن لا يجب الوفاء بما وعد. ويبقى أصل الوصية. والوصية بالثلث يبقى على قوّته، ولا يخدش فيه، ولا ينفذ الوصية بما زاد عن الثلث، لأنّ الورثة وقبل وفاة المورّث ليسوا بمالكين للتركة. وبناء على الأدلّة، كذلك لا تنفذ وصيّة المورّث بعد وفاته بوصيّته بما زاد عن الثلث. علماً أنّه إذا أوصى بأمر لا تبعيض فيه ويكون أكثر من الثلث، مثل الوصيّة بالحجّ، تسقط إن لم يك فيها رضا الورثة. وعلماً إنّه إذا كانت تحت عنوان هبة معوّضة، يلزم الوفاء بها.

كما سأل أحد الحضور عن ملاك فهم مقتضى الشروط في العقد، بأنّه هل العرف هو المرجع أم الشرع؟ فأجاب سماحته: المعتبر هو ما تم في الشروط بين المتعاملين، وإن أحرز أنّ الشخص لا يريد العقد بدون ذلك الشرط، فالعقد باطل. وبمقتضى المشروط عند عدم شرطه، ولكن إن كان وحدة الشرط والمشروط عند الشخص، ولو لا تحرز عرفاً، فيبدو في هذه الحالة العقد صحيح ولكن له حقّ الخيار، رغم أنّ بعضهم قالوا: العقد باطل.

ثم سأل آخر: إن لم يصم الشخص في شهر رمضان بسبب السفر، وتمرّض بعد الشهر ولم يقدر على القضاء إلى شهر رمضان القادم، فما حكمه؟ فقال دام ظله: تناول صاحب العروة هذه المسألة (العروة الوثقی، کتاب الصوم: فصل فی احکام القضاء، ص340، م13)، ولها عدّة حالات: الأولى: هو معذور في شهر رمضان، ويستمر هذا العذر إلى السنة المقبلة، فإجماعاً يسقط القضاء عنه. والثانية: كان مريضاً في شهر رمضان، وكان له مرضاً مستمراً آخر في إحدى عشر الأشهر الأخرى، فقال بعضهم: يسقط القضاء عن هذا الشخص. والثالثة: كان معذوراً في شهر رمضان، وبقي معذوراً إلى السنة المقبلة بأعذار مختلفة، فيبدو وكما قال جماعة من الفقهاء كالمرحوم النراقي، بناء على بعض الأدلّة التي استنبطوا منها، في هذه الحالة يسقط القضاء عنه أيضاً.

بعدها سأل أحد الفضلاء: إن استقرض شخص وذهب لحجّ التمتّع، وانكشف بعد الحجّ أنه كان مستطيعاً، فهل هذه الحَجّة تكفي عن حجّة الإسلام؟ فأجاب سماحته: في العبادات، يجب قصد القربة وخلوص النيّة، ولا يجب غيرهما. وتناول صاحب العروة هذه المسألة (العروة الوثقی، کتاب الحج: فصل فی شرائط وجوب حجة الإسلام، ص428/ شرط سوم، م26) واعتبرها من باب الاشتباه في التطبيق الصحيح. ولذا، إن جهل الشخص المعلومة عن استطاعته، وذهب للحجّ ندباً، فبعد انكشاف استطاعته، يكفيه عن حجّة الإسلام. وكذلك في حال غفلته عن الاستطاعة، إن أتى بحجّ ندبي، وكان حينها مستطيعاً، يكفيه عن حجّة الإسلام بعد تنبّهه.

كذلك سأل أحدهم عن مؤلِّف كتاب (حديقة الشيعة)؟ فقال دام ظله: بناء على القرائن، وكما هو المشهور، هو المقدّس الأردبيلي، مع انّ بعضهم ولجهة طعنه بالصوفيّة، شكّكوا في انتساب الكتاب إليه.

 كان ختام الجلسة، أسئلة حول رواية: «المؤمن من الله عزّ وجلّ لا موصول ولا مفصول» (بحار الأنوار، ج75، ص175، ح32)، وثمرة النزاع في مراتب الحكم، والنزاع في مكان دفن الميّت الموصي بدفنه في كربلاء المقدّسة، وأجاب عليها سماحة المرجع الشيرازي دام ظله.

الجلسة الثانية والعشرون

مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية الثانية والعشرين للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م):

في بداية هذه الجلسة سُئل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله عن مقدار وجنس زكاة الفطرة، هل هو ثمن ثلاثة كيلو غرام من الخبز يكفي؟ فأجاب سماحته: هذه المسألة تناولها صاحب العروة (العروة الوثقی: کتاب الزکاة، فصل في زکاة الفطرة، فصل في جنسها ومقدارها)، ويقول بكفاية ثلاثة كيلو غرام من الطحين في زكاة الفطرة، ووافقه أغلب المعلّقين على العروة. واليوم بما انّ سعر الخبز مدعوماً، وأنّ ثلاثة كيلو غرام من الخبز أرخص من ثلاثة كيلو غرام من القمح، ولكن بما أنّه يكفي إعطاء الفقير ثلاثة كيلو غرام من الخبز بعنوان زكاة الفطرة، فتكفي قيمته أيضاً. علماً أنّه من المستحبّ في زكاة الفطرة، إعطاء الأنفع للفقير، وكذلك الإعطاء من القوت الغالب.

ثم سأل أحد الحضور: متى يجب إعطاء زكاة فطرة الضيف؟ فقال دام ظله: هذه المسألة هي محلّ خلاف بين الفقهاء، وتناولها صاحب العروة، ولكن وبناء على الأدلّة، يبدو كل ضيف يحلّ ضيفاً على الشخص قبل الغروب ليلة العيد، ويصدق عرفاً عليه الضيف، تكون زكاة فطرته على المضيّف، حتى إن لم يتناول وجبة طعام واحدة في بيت المضيّف. ولكن الأدلّة عن الذين يُدعَون للإفطار فقط أو للعشاء ليلة العيد. ولذا فإنّ فطرة هكذا أشخاص على عهدتهم. وأضاف سماحته: المسجون في السجن وكذلك الجندي، إن كان طعامهما على عهدة السجن ومكان الخدمة العسكرية، ولا يعطيان أي مبلغ قبال الطعام، فزكاة فطرتهما على عهدة ذلك المركز والحكومة. وكذلك طلبة المدارس الدينية، يُحسبون من عائلة المدرسة، وبإطلاق دليل (من يعوله) فطرتهما على عهدة أصحاب المدرسة.

بعدها سُئل سماحته عن الضيف إن كان وضعه المالي جيّداً، ولكن المضيّف فقير، فهل زكاة فطرة الضيف على المضيّف الفقير؟ فأجاب سماحته: بما انّ المضيّف فقيراً، لا تجب عليه فطرته هو، ولكن تجب عليه فطرة الضيف حتى لو كان ثرياً. وإن افتقد للمال حينها يكون مديوناً وبعهدته أن يؤدّيها بعد ذلك.

كما سأل أحد الفضلاء عن زكاة فطرة يتيماً يكتفّله شخص، على عهدة مَنْ؟ فقال دام ظله: إن كانت كل مصاريف اليتيم على المتكفّل، فزكاة فطرته على الأخير. وأما إن يتكفّل قسماً من مصاريف اليتيم، فلا تكون على عهدته.

في سياق الجلسة، سُئل سماحته عن اختلاف فتاوى مراجع التقليد حول الضيف والمضيّف، بأنّ فطرة كل واحد على الآخر، فما هو تكليف كل واحد منهما؟ فأجاب سماحته: كبرى هذه المسألة تناولها صاحب العروة، وقال بأنّ كل واحد منهما يعمل بتكليفه وفقاً لفتوى مرجع تقليده. ولكن يبدو في هذه الموارد، في حال التشاجر والاختلاف، يراجع فقيهاً جامعاً للشرائط آخر (ثالثاً)، ويعمل بمقتضى حكمه.

كذلك سأل أحد الحضور حول إحدى أحكام اللقطة، بأنّ شخصاً عثر على مبلغ وصرفه عصياناً، فما يترتّب عليه؟ فقال دام ظله: إن لا يمكنه العثور على صاحب المال، فيبدو بجهة الدليل الخاص، انّ لهذه اللقطة حكم مجهول المالك، وأمرها إلى الفقيه الجامع للشرائط، ولها حكم سهم الإمام صلوات الله عليه، ويحسب الشخص القيمة الشرائية للمال، تخميناً وتقريباً في سنتها، ويعطيها.

كان ختام هذه الجلسة، أسئلة حول قراءة عقد الزواج باللغة الفارسية، وبعض مستحبّات الدفن، والعلم بخطأ المجتهد في الفتوى، وتملّك الشخصيات الحقوقية، وصيام يوم الشكّ، فأجاب عليها سماحة المرجع الشيرازي دام ظله.