|
|||||||||
الأبحاث العلمية في الليالي الرمضانية لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله خلاصة الأبحاث من الليلة الثامنة إلى الرابعة عشر الليلة الثامنة مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية الثامنة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م): في هذه الجلسة، سأل أحد الفضلاء عن دليل مفطرية الغبار الغليظ؟ فأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: لا يرد الغبار الغليظ تحت عنوان الأكل والشرب، وبالاستفادة من الرواية التالية: «... أو کنس بيتاً فدخل في أنفه وحلقه غبار...» (وسائل الشيعة ج10 ص69 ح12850)، اعتبر المشهور للمتأخرين من الفقهاء بأنّ الغبار الغليظ مفطراً للصوم بناء على الأحوط وجوباً. وأفتى بعض الفقهاء بمفطريّته. ورغم أنّ سند الرواية هو مورد البحث، ولكن مع عمل المشهور، يكون جبر السند، ومع فهم عدم الخصوصية من تلك الرواية، اعتبروا الدخان الغليظ والبخار الغليظ، مفطرين. ثم سُئل سماحته أنّه لماذا إذا أتى الصائم بمفطر في شهر رمضان، يجب عليه أن يمسك؟ فقال سماحته: في مفروض السؤال، أجمع الفقهاء على لزوم الإمساك. كما سأل أحد الحضور حول مراجعة النساء للطبيب (الرجل)، وبالعكس؟ فأشار سماحته دام ظله إلى رواية عن الإمام الباقر صلوات الله عليه (وسائل الشيعة ج20 ص233 ح25512)، وقال: لهذه المسألة دليل خاصّ، و(أرفق) التي وردت في الرواية هي من ملاكات مراجعة الطبيب من الجنس الآخر. كذلك سُئل سماحته حول معنى المكروه في العبادات؟ فأجاب سماحته: الكراهة في العبادات، لا تعني خلوّ ذلك العمل من الثواب، بل للعمل ثواب مع الحزازة، كالأجير الذي يعمل بمقتضى الإجارة، ولكنه في أثناء العمل يقوم بعمل سخرية، فرغم أنّه يستحقّ الأجرة، ولكن يوجد في عمله نوع من الحزازة. بعدها استمرّت الجلسة بأسئلة، حول حكم صوم المدمن على المخدّرات الذي يكون له الصوم فيه الحرج أو الضرر، وجواز سقي الماء في نهار شهر رمضان للمفطر بلا عذر، وحكم شرب المياه المشبّعة بالأملاح لذي العطاش ومرضى الكِلى، وحكم تارك الحجّ، وأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، عليها بالتفصيل وبالشرح الكافي. الليلة التاسعة مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية التاسعة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م): في بداية هذه الجلسة، وتكملة لبحث الولاية المطلقة، قال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: نقرأ في إحدى زيارات الإمام الحسين صلوات الله عليه التي عدّها الشيخ الصدوق قدّس سرّه (من لا يحضره الفقيه: ج2، ص 598) بأنّها من أصحّ الزيارات: «إرادة الربّ في مقادير أموره تهبط إليكم، وتصدر من بيوتكم، والصادر عمّا فصل من أحكام العباد» (وسائل الشيعة ج14 ص492 ح19672)، فالمقطع الأول يشير إلى أنّ كل ما يقدّره الله تبارك وتعالى ويريده في أموره، من البعث، والنشر، وغيرها، هو دلالة على الولاية التكوينية المطلقة لأهل البيت صلوات الله عليهم. ويشير المقطع الثاني من الزيارة إلى أحكام العباد، ويدلّ على الولاية التشريعية المطلقة لأهل البيت صلوات الله عليهم. ثم أشار سماحة المرجع الشيرازي دام ظله إلى الأدعية الرجبية، التي صدرت من الناحية المقدّسة، ونقرأ فيها: «لا فرق بينك وبينها إلاّ أنّهم عبادك وخلقك» (بحار الأنوار ج95 ص393)، وقال: إنّ ولاية الله عزّ وجلّ هي ولاية مطلقة وذاتية، ولكن الولاية التكوينية والتشريعية لأهل البيت صلوات الله عليهم، بما انّها هي ولاية مطلقة، لكن ما يقوم به الله تعالى يعطي ولايته إلى أهل البيت صلوات الله عليهم، أيضاً، مع فارق، هو انّهم صلوات الله عليهم عباد الله. ولهذه الجهة، فإنّ ولايتهم هي من الله سبحانه، علماً انّ مثل هذه الولاية لا توجد لأيّ نبي من الأنبياء ولا للملائكة عليهم السلام، أصلاً. بعدها قال سماحته دام ظله بالنسبة لولاية الفقيه: ولاية الفقيه محدودة، وليست مطلقة. ولا يقبل الشيخ الأنصاري قدّس سرّه بالولاية المطلقة للفقيه، بل يقبل بولاية الأمور الحسبية. وبالمقابل، فإنّ بعض الفقهاء، كصاحب الجواهر، الذين يقولون بولاية أوسع من أمور الحسبية، عبّروا عنها بولاية عامّة للفقيه وليس الولاية المطلقة للفقيه، وهذا مبيّن في الشروح المفصّلة للمكاسب. كما سأل أحد الفضلاء حول اختلاف الفقهاء في وقت الإفطار وتحديد أول وقت صلاة المغرب، وأنّه لماذا قال بعضهم بكفاية استتار الشمس، وبعضهم يقول انّ ذهاب الحمرة المشرقية، هو ملاك وقت المغرب؟ فأجاب سماحته: هذا الاختلاف في الآراء لجهة روايات المسألة، فالمشهور العظيم والقريب للإجماع عند الفقهاء لجهة ظهور روايات استتار الشمس في التقيّة، حملوه على التقيّة. والقسم الثاني من الروايات التي جعلت الملاك غياب كرسي الشمس (وسائل الشيعة ج4 ص181 ح4851)، «مسّوا بالمغرب قليلاً» (همان ص177 ح48814) عملوا بذهاب الحمرة المشرقية. كذلك سأل أحد الحضور: يقول الفقهاء بكراهة إنشاد الشعر للصائم، فهل تجري الكراهية على نظم الشعر حال الصيام؟ قال سماحته: على الظاهر انّ للاثنين الحكم نفسه، ولكن إنشاد ونظم أشعار الحكمة، والأشعار التي تبيّن المطالب الدينية الحقّة، وكذلك الأشعار الخاصة والمرتبطة بأهل البيت صلوات الله عليهم، حال الصيام، ليس بمكروه. الليلة العاشرة مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية العاشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م): ابتدأت هذه الجلسة بالسؤال التالي لأحد الفضلاء: إن لم يك بالإمكان شراء وتهيئة أثاث العروس بدفعة واحدة، بل عبر عدّة سنوات، أو يتم ذخر أموالها بمرور الأيّام، فهل يتعلّق بها الخمس؟ أجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: جاء في الأدلّة: «الخمس بعد المؤونة» (وسائل الشيعة ج9 ص508 باب12)، مع قيد سنة واحدة قد ذُكر في أدلّة أخرى، فالظهور العرفي للمؤونة والمتبادر منه هو مصرف ومخارج تلك السنة. وجهاز العروس لا خصوصية له، بل هكذا بالنسبة لذخر المال لأجل شراء دار سكن، وبناء الدار طيلة عدّة سنوات وأمثاله. ثم سأل أحد الحضور: المسلم الذي يعيش في إحدى دول الغرب، يعتبر من غير الجيّد كثيراً له إن لم يصافح المرأة الأجنبية، وعدم التصافح فيه الحرج والعسر له، فما هو تكليفه؟ قال سماحته: إنّ العسر والحرج ليس نوعياً، بل شخصي. ولكن لا يعلم وجود الحرج في هكذا موارد، لأنّه بإمكانه أن يأتي بعذر، أو يوضّح لها انّ دينه يحرم هذا النوع من التصافح، ولا يجيزه. كما سأل آخر: هل يمكن اختياراً وبدون ضرورة، الهجرة إلى بلد لا يمكنه أن يراعي فيه الأحكام الإسلامية، لأنّه يقع في العسر والحرج بعد الهجرة؟ فأجاب سماحته: كلا، لأنّ ما بالاختيار لا ينافي الاختيار، وهي قاعدة عقلية مسلمّ بها. بعدها سئل سماحته عن حكم الانتحار لأجل الخلاص من الموت الصعب، كالحرق؟ فقال سماحته دام ظله: إنّ الآية الشريفة التالية: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» (سورة النساء: الآية 29) هي من الأحكام المحكمة والمسلّم بها. وكذلك لا يجوز قتل الرحمة، أي قتل المريض لأجل تخليصه من الآلام والصعوبات. كذلك سأل أحد الفضلاء: إن كانت الشيعية زوجة لعامّي، وطلّقها ثلاث، فهل تعمل وفق المذهب الحق، ويعدّ طلاقها رجعياً؟ أو تعمل بقاعدة الإلزام، وطلاقها بائن؟ أجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: بناء على القاعدة، ابتداء الزوجة مخيّرة بأن تعمل وفقاً للحكم الواقعي وتختار الطلاق الرجعي، أو تعمل وفقاً للحكم الظاهري، وتختار الطلاق البائن. الليلة الحادية عشر مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية الحادية عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م): سُئل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله في بداية هذه الجلسة عن وجه استعمال الكلمات المتقاربة المعنى كالأجداث والقبور وأمثالها في القرآن الكريم؟ فأجاب سماحته: نظّم أبو هارون البصير وقال: «امْرُرْ عَلَى جَدَثِ الْحُسَيْنِ، فَقُلْ لِأَعْظُمِهِ الزَّكِيَّةِ» (بحار الأنوار ج44 ص287 ح25 وص288 ح28)؛ فاستعمال الألفاظ المتردافة هو من البلاغة، ويوجد فرق دقيق بين هذه الألفاظ في اللغة، وقد ذُكرت في كتب اللغة بشكل مفصّل وفي فروق اللغات. وتحدّث سماحته دام ظله في هذا السياق أيضاً، وبيّن بأنّه مَن هو الذي وضع اللغات. ثم قال أحد الفضلاء: إنّ ابن إدريس والعلاّمة في المنتهى والشهيد، لم يقبلوا بالعبادات الاستيجارية، لأنّه لا يتماشى قصد القربة في الإجارة من الأجير؟ فقال سماحته: بعد أن قبل المشهور العظيم من الفقهاء بالعبادات الاستيجارية، فلم يخدش به ولو قليلاً من الخلاف من الفقهاء. وكذلك ورد الدليل الخاص على جوازه في الحجّ. وقد أعطى الإمام الصادق عليه السلام (30) ديناراً لشخص لكي يحجّ نيابة عن ابنه اسماعيل (وسائل الشیعة ج11 ص163 ح14530)، فالحجّ وبلا إشكال هو عبادة أيضاً. وإن تماشى قصد القربة في الحجّ الاستيجاري، فكذلك يكون في الصلاة والصوم. علماً أنّه طالما الشخص على قيد الحياة فلا يمكن أن يؤدّي صلاته وصيامه، شخصاً آخراً عنه. كما سأل أحد الحضور: إن كان الشخص غير معتقداً بالولاية والصلاة ومات، فهل تقبل باقي أعماله؟ وهكذا كيف بالنسبة إلى أعمال أصحاب باقي الأديان؟ فقال دام ظله: بعد تبليغ الإسلام من النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، إن كان الشخص الجاهل مقصّراً وليس بمسلم، فهو غير معذور، وبيّنت الروايات نوعين من الجاهل القاصر: الأول: لا يستحقّ العقاب. الثاني: يمتحن بعد موته. كذلك سأل آخر عن حكم المعاملة مع المعتقدين بالفرق الضالّة؟ فأجاب سماحته: لا إشكال في التعامل مع العوام منهم الذين يجهلون انحراف الفرق التي يتبعونها، ولا تصحّ المعاملة معهم إن كانوا على اطلاع بالانحراف ويعتقدون بالفرق الضالّة. كذلك سُئل سماحته عن حكم الصلاة بالحذاء؟ فقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: لا إشكال إن كان الحذاء كالجوارب بحيث يلتصق إصبع الإبهام بمقدّمة الحذاء. وقال بعضهم بكراهية الحذاء الفاقد للساق في الصلاة لجهة الدليل الخاصّ، وبعضهم قال ببطلان الصلاة. وإذا كان مقدّمة الحذاء مفتوحة ويلامس إصبع الإبهام الأرض، فلا إشكال فيه. الليلة الثانية عشر مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية الثانية عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م): في بدء هذه الجلسة كان السؤال الأول: ما حكم زرق الإبرة والمغذّي المقوّي للصائم؟ فأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: احتاط بهذه المسألة بعض الفقهاء من أهل الاحتياط، ومنهم المرحوم الوالد والمرحوم الميرزا محمّد تقي الشيرازي قدّس سرّهما. علماً أنّه لا يخلو من وجهة لمستوى الاحتياط الاستحبابي. ولكن أدلّة مفطرات الصوم لا تشمل الإبرة والمغذّي المقوّي، إذن لا إشكال فيهما. ثم سأل أحد الفضلاء عن ملاك المريض الذي يجوز له الإفطار، وهل يحتاج تشخيص الطبيب أم يكفي تشخيص الشخص نفسه؟ فقال سماحته: يقول القرآن الكريم: «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» (سورة البقرة: الآية 184)، فيجب أن يصدق المرض على الشخص حتى يجوز له الإفطار. أما الأّذى القليل المعمول به الذي يمكن تحمّله أحياناً ويرتفع في المغرب، فهذا لا يعذر عن ترك الصيام. والملاك هو تشخيص الشخصه نفسه، ولكن في قضية تشخيص المرض، فمن باب إمارة وجهة نظر الطبيب أهل الخبرة والثقة، يمكن الاعتماد على قول الطبيب. سُئل سماحته عن حكم التقليد في الاعتقادات؟ فأجاب سماحته: تناول الشيخ الأنصاري هذه المسألة في الرسائل، فيلزم العلم في الاعتقادات. والتقليد من أهل الخيرة الثقة هو عدم العلم. ولكن إن تم تحصيل العلم من التقليد، فيجوز التقليد في الاعتقادات. ثم أشار أحد الحضور إلى اختلاف المؤسسات التي تعلن عن الأوقات الشرعية للأذان، وسأل: ما هو حكم المكلّف في هذه الحالة؟ فقال سماحته: إنّ كلام أهل الخبرة الثقة في الأفق الشرعي، معتبر. ولكن إن حصل الاختلاف بين أهل الخبرة، وافتقدنا لقرينة تقديم كلام أحدهما على الآخر، فيتساقط لأنّه وقع التكاذب بين كلامهم، ويعمل بمقتضى الأصول العملية. وسأل أحد الحضور عن السفر بقصد الفرار من الصوم، وعن حكم السفرة الترفيهية في شهر رمضان؟ فأجاب سماحته: يكره السفر بقصد الفرار من الصوم. ولا إشكال في السفرة الترفيهية في شهر رمضان، علماً أنّه بناء على المشهور، لا يجوز الإفطار في السفرة التي تكون بقصد الصيد اللهوي، لجهة الدليل الخاص. وأشكل أحد الحضور حول إلحاق المريض الكليوي بذي العطاش، وببعض الأحكام. فقال سماحته: في الدليل، تم إجازة شرب الماء لذي العطاش الصائم لإحساسه بالعطش الشديد. وبعضهم اعتبر إحساس العطش كل الموضوع، ولذا لم يلحقوا به المريض الكليوي. ولكن يبدو إنّ لإحساس العطش طريقة وكاشفية عن نوع مرض يجيز شرب الماء في شهر رمضان، ولهذا فإنّ المريض الكليوي له حكم ذو العطاش أيضاً. كما سأل أحد الفضلاء عن الملاك في الوطن وطريقة الإعراض عن الوطن؟ فأجاب سماحته: يشترط في الوطن، الصدق العرفي للسكن والمسكن. ولذا إن كان الشخص عدّة أشهر في مدينة، وأشهر أخرى في مدينة غيرها، فعرفاً له وطنين. وكمثال: إن قصد طالب العلوم الدينية بالسكن في المدينة التي يدرس فيها، فستكون وطنه. وأضاف سماحته: إذا لم يقصد الشخص الرجوع إلى وطنه السابق، أو لا يعلم برجوعه وعدم رجوعه، فقد أعرض عن وطنه السابق. وبناء على المشهور، وفي هذا الحكم، لا يفرق إن كان له بناية في الوطن السابق أو لم يك له بناية أو دار. في ختام هذه الجلسة: طلب أحد الحضور الإرشاد من سماحته حول الإجابة على الشبهات التي يثيرها الشباب، وبيان علل وحكمة بعض الأحكام. فقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: في كل مسألة يراجع الشخص، أهل الخبرة الثقة، ويقبل بكلامه حتى وإن لم يعطه دليلاً على كلامه، كالمريض الذي يراجع الطبيب. وبما انّه أحياناً، يشتبه أهل الخبرة، لكن لا تستثنى المسائل الدينية من هذه القاعدة. إذن يمكن الحصول على أجوبة الأسئلة بمراجعة أهل الخبرة الثقة، وأن يبيّنوا حكمة وعلل الأحكام، إن كانت موجودة في القرآن والسنّة الشريفة. الليلة الثالثة عشر مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية الثالثة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م): سأل أحد الحضور في بدء هذه الجلسة عن روايات (باب حدّ الصبيان في السرقة) في الكافي: ج7، ص 232، هل تم تعيين الحد في هذه الروايات لسرقة الصبي؟ وهل لا تتعارض مع «رفع القلم عن الصبي حتی يحتلم» (بحار الأنوار ج5 ص303 ح13)؟ فأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: في أهمية دراية الحديث، يقول الإمام الصادق صلوات الله عليه: «حديث تدريه خير من ألف ترويه» (بحار الأنوار ج2 ص184 ح5). وفي المسائل الفقهية، يجب مراجعة الروايات في كتب الفقه المفصّلة مثل جواهر الكلام، حيث تناول صاحب الجواهر هذه الجهات، لأنّ جهات اعتبار الروايات تختلف، ولا تنحصر في اعتبار السند. أما الروايات التي أشرتم إليها، فالمشهور قد أعرض عنها. بعدها سُئل سماحته: بما انّ روايات حدّ سرقة الصبي معرض عنها، ولم يعمل الفقهاء بحديث الرفع في هذا المقام، ولكن ألا يجب العمل بمقتضى مسؤولية تأديب الأطفال؟ قال سماحته: كما قال القرآن الكريم: «قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ» (سورة التحريم: الآية 6)، فإنّ التأديب تكليف الولي. ففي السرقة، وكما في الحديث، يقع على عاتق الولي منع الصبي وتأديبه، كما تم تحديده في الروايات. ثم سأل أحد الفضلاء: في الشروط العامة لوجوب الصوم، ما هو الفارق بين البلوغ والعقل، وعدم الابتلاء بالمرض وعدم السفر، في وجوب صوم ذلك اليوم، قبل الزوال؟ فأجاب سماحته: الفارق هو الدليل الخاص. ولذا إن بلغ الشخص قبل الزوال أو صار عاقلاً، فلا يجب عليه صوم ذلك اليوم. ولكن إن زال مرضه قبل الزوال، فبناء على الاحتياط، يستحبّ له أن يصوم. وأما المسافر إن رجع إلى وطنه قبل الظهر ولم يأتي بمفطر، فيجب عليه الصوم. سُئل سماحته: ما حكم الذي لم يخمّس أمواله لسنين؟ أجاب سماحته: إن لم يخمّس من أول أمره، أو لم يخمّس لكم سنة، فعليه أولاً أن يحسب خمس سنته ويسدّده، وكذلك يحسب خمس السنين الماضية ويسدّده. وعقّب أحد الحضور وسأل: إن تعلّق الخمس بالميت، فهل يجب على ورثته شيئاً ما؟ قال سماحته: الخمس الذي يسدّد هو دَين. ويقول القرآن الكريم: «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ» (سورة النساء: الآية 12)، فإن كان تعلّق بالميت الخمس، والمهر، والديون الأخرى، فأولاً تسدد ديونه، ثم وبمقتضى الوصيّة، يعمل الوارث. كما سأل آخر: بما انّه لا تجب الصلاة والصيام على غير البالغ، فكيف يجب عليه الخمس؟ أجاب سماحته: الخطاب هو للمكلّفين في مجالي الصلاة والصيام. ولهذه الجهة لا يجبا على الصبي والمجنون. ولكن يتعلّق الخمس في المال. وتقول الرواية: «فيه الخمس» (وسائل الشيعة ج9 ص492 ح12564). فإذا تعلّق الخمس بمال الصبي أو المجنون، فلا يجب عليهما أن يخمّسا، بل يسدّده عنهما وليّهما. وسأل أحد الفضلاء: مع عمومات وإطلاقات الإجارة، هل يمكن أن نقول بجواز استئجار الرحم؟ قال سماحته: يشكل الحكم بالجواز، لإنّ الرحم المؤجّر مخالفاً لارتكاز المتشرعة. وعبّرت عنه الكتب الفقهية بـ«وضع النطفة». وفي حال كون العقد دائماً أو مؤقتاً، وإذا لم يشتمل على محرّمات أخرى، فلا إشكال فيه. سُئل سماحته حول العاقلة في القتل الخطأ والشبهات حوله؟ فقال سماحته: لقد اهتم الشارع بحفظ العلاقة بين الأرحام، وهذ الحكم، تخصيصاً أو تخصّصاً، يخرج من عموم الآية الشريفة التالية: «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» (سورة الأنعام: الآية 164) ويتداول مثل هذا الحكم في نظام العشائر، إلى اليوم. كذلك سُئل سماحته حول حجيّة قراءات القرآن؟ فأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: لقد قبل بالقراءات بعض الفقهاء كصاحب العروة. وأجاز قراءة سورة الإخلاص في الصلاة بقراءات مختلفة. وكما اعتبر بعض الفقهاء القراءات المختلفة للقرآن بأنّها متواترة، ففي مقام الثبوت، يحتمل صحّة القراءات المشهورة. ولكن في مقام الإثبات ومقام الحجيّة، فلا يحرز اعتبارية القراءات الأخرى غير القراءات المشهورة، لأنّ القراءات ليست متواترة ولا يوجد دليل على صحّتها. الليلة الرابعة عشر مما جرى بحثه في جلسة المطارحة العلمية الرابعة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1443 للهجرة (4/2022م): في هذه الجلسة، سأل أحد الفضلاء: هل إن إقامة مجالس الفاتحة، وعقد حلقات الدروس ومجالس العزاء، تخالف وقفية الجامع والمسجد؟ أجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: يجب ملاحظة المتبادر من الوقف. لأنّه تبادر حجّة، ولا إشكال في كل ما لا يخالف (ما وُقِفَ له). ولذا يجب أن نرى لأي أمر جعل الوقف للجامع والحسينية. وأما إقامة مجالس الفاتحة وأخذ الأموال قبالها، فلا مانع منه إن كان عبر المتولّي الشرعي. وأضاف سماحته: وكان في زمن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله تقام مجالس الوعظ في مسجده صلى الله عليه وآله، وفي غير أوقات الصلاة كان صلى الله عليه وآله ينشغل بالحديث أيضاً. وأما الموارد التي نهت بعض الروايات عن القيام بها في المسجد، فقد حملها الفقهاء على الكراهية. ثم سأل أحد الحضور حول شخص اشترى قبراً وقد توفي، ولم يك له سنة خمسية، فما تكليفه؟ فقال سماحته: الذي ليس له سنة خمسية، كباقي ديونه، بالبدء تسدّد خمس أمواله. وإن كان له سنة خمسية، فقد جاء في رسالة نجاة العباد للمرحوم صاحب الجواهر مع تعليقات عدّة من الأعاظم: يتعلّق الخمس بالقبر، لأنّ المؤونة التي ليس لها الخمس، هي مؤونة الدنيا، والقبر هو مؤونة الآخرة. ولكن يبدو إن توفي في السنة التي اشترى فيها القبر فلا يتعلّق به الخمس، لأنّها تحتسب مؤونة السنة. وإن ارتفع ثمن القبر المشترى، فسيكون مثل باقي الأموال التي هي ليست من مؤونة السنة، ويتعلّق به الخمس. كما سأل أحد الفضلاء حول علم المعصومين صلوات لله عليهم بالغيب، والتعارض الظاهري مع قوله تعالى: «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا» (سورة الجن: الآية 26) وقوله تعالى: «وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ» (سورة الأعراف: الآية 188)؟ فأجاب سماحته: حول علم المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم الذي يستفاد منه تعبير علم الإمام، قد تناوله العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في أماكن عديدة من موسوعة بحار الأنوار. ومن أكمل وأشمل الكتب المؤلّفة في هذا المجال: علم الإمام للمرحوم الشيخ محمّد علي السنقري. وأردف سماحته وقال: الآيات والروايات التي تنفي علم الغيب، تنفي ذاتية علم الغيب. والآيات والروايات التي تثبت علم الغيب، فهي تبيّن العلم الغيبي المُعطى من قبل الله عزّ وجلّ. علماً انّ مقتضى الأدلّة المتواترة هو انّ المعصومين صلوات الله عليهم يعلمون بكل شيء سوى العلم الذي خصّصه الله تبارك وتعالى له، وتم الإشارة إليه في بعض الأدعية، ومنها: «وبكل اسم استأثرت به في علم الغيب عندك» (بحار الأنوار ج88 ص77 ح3). وسُئل سماحته: هل يجب حساب مهر الزواج بثمن اليوم، أم المبلغ نفسه الذي عُيّن مسبقاً؟ قال سماحته دام ظله: الملاك في المهر هي القيمة في وقت أدائه. إذن، إن كان مبلغ المهر في الماضي يعادل، مثلاً، ربع الكيلو غرام من الذهب وكانت القيمة المالية له قليلة، فيحسب بربع الكليو غرام من الذهب نفسه. وسأل آخر حول الأوقات المختصّة بالصلوات الواجبة اليومية، هل هي عرفية أم شخصية؟ فأجاب سماحته: كما تم بيانه في الرسائل العملية والعروة الوثقى، الوقت مختص شخصي. ولذا إن احتاج الشخص إلى ساعة لأجل صلاة الظهر مع مقدماتها، فالوقت المختص به هو ساعة واحدة. وإن استعد شخص لإقامة الصلاة، ويؤدّي صلاة أربع ركعات في أربع دقائق، فالأربع دقائق هي الوقت المختصّ له. وسأل آخر: إن سافر الشخص لأجل الفرار من الصوم، فهل سفرته سفرة معصية؟ وإن لم تك سفرة معصية، فما هو تكليفه إن لم يفطر ورجع إلى وطنه بعد الزوال؟ فقال سماحته: كما ورد في الأدلّة، لا يعد ذنباً، السفر للفرار من الصوم، مع انّه من المكروهات. وفي حال رجوع الشخص إلى وطنه بعد الزوال، ولم يأت بمفطر، فالمستحبّ أن يمسك في ذلك اليوم، ولكن يجب قضاؤه. وحول سؤال: هل إنّ تنصيف المهر يخصّ الطلاق قبل الدخول، أم أنّ الوفاة قبل الدخول له الحكم نفسه؟ فأجاب سماحته: المشهور من الفقهاء انّهم استنبطوا من الأدلّة بأنّ تنصيف المهر يخصّ الطلاق قبل الدخول. بعدها سأل أحد الفضلاء عن وجوب تقليد الأعلم وطرق معرفة الأعلم؟ فقال سماحته: يجب تقليد الأعلم بثلاثة شروط: الأول: التيقّن بوجود الأعلم بين المراجع. الثاني: اختلاف فتاوى الأعلم وغير الأعلم في المسائل التي يبتلى بها الشخص. الثالث: مخالفة فتاوى غير الأعلم للاحتياط وعدم موافقتها للاحتياط. ولمعرفة الأعلم يجب مراجعة أهل الخبرة. أما في ختام هذه الجلسة، فكان سؤال أحد الحضور وهو: في العراق وفي بعض الأماكن الأخرى، يجعلون نوعين من المهر: المؤجّل والمعجّل. ويعطى المؤجّل قبل الطلاق، والمعجّل بعد العقد. فهل يكون بعهدة الزوج، المهر المؤجّل في غير الطلاق؟ فأجاب سماحته: نعم، بعهدة الزوج كلا المهرين. وإذا لم يعط المهر المؤجّل الذي ليس له زمن معيّن لتسديده، فيسدّد من أمواله، بعد وفاته وقبل توزيع الإرث، وعلى كل حال، العقود تابعة للقصود. هذا، وكان من الأسئلة الأخيرة في هذه الجلسة حول: حكم شراء وبيع القبر في المقابر الوقفية، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحول بعض المفطرات للصوم، ومبدأ اختلاف اللغات، وحدّ الترخّص، فأجاب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله عليها. |
|||||||||
|