جمع من أساتذة وطلبة الحوزة العلمية في النجف الاشرف يزور سماحة المرجع الشيرازي دام ظله

خير مقدم لكم جميعاً، وإن شاء الله زيارات مقبولة ومشكورة ومذخورة من مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه إلى مولانا علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه، وأخته كريمة أهل البيت صلوات الله عليهم السيّدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، وإن شاء الله يشفعون لنا ولكم ولجميع المؤمنين في كل مكان وخاصّة في العراق المهضوم المظلوم والمثابر والصابر، وإن شاء الله يتوجّهون صلوات الله عليهم توجّهاً خاصّاً للعراق وأهله.

هذا ما استهلّه المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في إرشاداته القيّمة التي ألقاها بجمع من أساتذة وطلبة الحوزة العلمية المباركة من مدينة النجف الأشرف، الذين زاروا سماحته دام ظله في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، يوم الجمعة التاسع عشر من شهر جمادى الثانية 1441 للهجرة الموافق للرابع عشر من شهر شباط/فبراير2020للميلاد.

ثم قال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: نحن وأنتم أهل العلم، إما قممٌ إن شاء الله، أو ـ والعياذ بالله ـ بالعكس، لأنّنا بالنتيجة، وكل بمقدار، يتبعه الناس ويتعلّمون منه، الزين والشين. وقد كتب المرحوم الشهيد الثاني رضوان الله تعالى عليه في كتابه القيّم (منية المريد):

أهل العلم إذا التزموا بالواجبات والتزموا بترك المحرّمات والتزموا بالمتسحبّات والتزموا بترك المكروهات، فسيلتزم عامّة الناس بذلك بدرجة أقلّ منهم، يعني يعمل سائر الناس بالواجبات ويتركون المحرّمات، ويصيرون عدول.

وأما إذا صار أهل العلم عدول فقط يعني التزموا بالواجبات والتزموا بترك المحرّمات ولم يلتزموا بالمتسحبّات ولم يلتزموا بترك المكروهات، فسيعمل عامّة الناس بالمكروهات ويصنعونها. وإذا لا سمح الله عمل أهل العلم بالمكروهات فسيعمل سائر الناس بالمحرّمات. وإذا لا سمح الله عمل بعض أهل العلم بالمحرّمات، فسيكفر سائر الناس.

وأوضح سماحته: وهذا أمر طبيعي، والمسؤولية تقع على الذين تعلّم الناس منهم، في السلبيات والإيجابيات. حتى أهل العلم الذين يكونون قدوة لمجموعة قليلة من الناس، بالنتيجة عليهم مسؤولية، بالنسبة لتلك المجموعة القليلة.

وأضاف سماحته دام ظله، وقال:  وقبل الشهيد الثاني، قال بذلك مولانا الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه في حديث صحيح الإسناد ينتهي بالثقة والثقاة من أصحاب الإمام الصادق صلوات الله عليه وهو الحارث بن المغيرة الذي كان من العلماء ومن أهل العلم في أصحاب الإمام صلوات الله عليه.

قال الحارث: لقيني أبو عبد الله (الصادق) صلوات الله عليه في طريق المدينة فقال: «من ذا، حارث؟» قلت: نعم، قال: «لأحملنّ ذنوب سفهائكم على علمائكم». فأتيته واستأذنت عليه فدخلت فقلت: لقيني من ذلك أمر عظيم، فقال: «ما يمنعكم ـ إذا بلغكم عن الرجل ماتكرهون، ومايدخل علينا به الأذى ـ أن تأتوه فتؤنّبوه وتعذلوه تقولوا له قولاً بليغاً؟» فقلت له: جعلت فداك إذن لايطيعوننا، ولايقبلون منّا، فقال: «اهجروهم واجتنبوا مجالستهم».

وبيّن سماحته: إنّ (اللام) في (لأحملنّ) هي لام القسم، والنون هي نون التوكيد، وهذا يعني تأكيد بالغ من الإمام الصادق صلوات الله عليه بأنّه يقوم بهذا العمل، أي حمل ذنوب السفهاء على العلماء. فأهل العلم قدوة وأسوة، ويستطيعون بأقوالهم وأفعالهم أن يخلقون أجواء صالحة، وحتى إذا فسد فيها أحد من الناس، فالمسؤولية تقع على الذي فسد. وأما ـ لا سمح الله ـ إذا بدر من أهل العلم ما هو غير مناسب لمقامه كقدوة وأسوة، فالمسؤولية عليه.

وأكّد سماحته، بقوله: إذا التزم أهل العلم بقولهم وأعمالهم، أحسن وأفضل، فمقامهم عظيم وعظيم وعظيم.

أسأل الله عزّ وجلّ أن يوفّقكم وأنتم في جوار مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وأن تستفيدوا من هذا الجوار، أكثر وأكثر، وتدعون لمن ليست لهم هذه النعمة. وأسأل الله تعالى أن يرجعكم سالمين إلى سالمين، وأن توفّقوا للالتزام بما قاله الإمام الصادق صلوات الله عليه، والدعاء لي ولأمثالي، وأنا أدعو لكم جميعاً.