سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بإرشاداته بوجهاء من كربلاء المقدّسة:

اعرفوا قدر أرض كربلاء ومقامها عند الله والملائكة والنبييّن

في يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الثاني 1441 للهجرة، الموافق للسادس من شهر كانون الأول/ديسمبر2019م، كان ممن زار المرجعَ الدينيَ سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، الحاج رياض نعمة السلمان، رئيس قسم الشعائر والمواكب الحسينية في الأمانتين المقدّستين الحسينية والعباسية، برفقة عدد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية وخدّام الشعائر الحسينية المقدّسة في مدينة كربلاء المقدّسة.

في بدء هذا اللقاء، رحّب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بالضيوف الكرام، وقال:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم. فالعزائم تأتي من الله تعالى، والعزم يكون من العبد. وهذا تبادل بين الله عزّ وجلّ وعبده. ومن العزيمة أو العزم عند الإنسان التضحية بالمال وبالوقت وبتحمّل الأصدقاء أكثر من تحمّل الأعداء. وبمقدار العزم من الإنسان تأتي من الله سبحانه العزائم.

ثم أشار سماحة المرجع الشيرازي دام ظله إلى مكانة ومقام أرض كربلاء المقدّسة وقال:

في الأزمنة السالفة، مرّت ظروف صعبة على قبر الإمام الحسين صلوات الله عليه وقبر أبي الفضل العباس سلام الله عليه. ففي بعض الأزمنة، وخلال سنة واحدة كان لم يقدر حتى بضعة أشخاص من زيارة قبر الإمام الحسين صلوات الله عليه. ولكن انظر اليوم إلى زيارتهما صلوات الله عليهما وإلى كربلاء، وكذلك في المستقبل.

وبيّن سماحته، بقوله: أنتم في أرض وفي تربة تنتظر الملائكة سنوات وسنوات حتى يأتي دورهم ويؤذن لهم بزيارتها. بل ذكرت الروايات الشريفة عن الإمام الصادق صلوات الله عليه أنّه قال: (لَيْسَ نَبِيٌّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ إِلاّ يَسْأَلُونَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ (سلام الله علیه)، فَفَوْجٌ يَنْزِلُ وَفَوْجٌ يَعْرُجُ». وهذا يعني انّ مئة وأربع وعشرين ألف نبيّ، من آدم إلى النبيّ الخاتم مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، كلّهم يأخذون الرخصة من الله تعالى لزيارة الحسين صلوات الله عليه. فالحسين صلوات الله عليه عزيز الكل. فاعلموا انّ الله عزّ وجلّ قد شرّفكم على تربة كربلاء، فزيدوا من صبركم ومن تحمّلكم، حتى تتوفّقون أكثر، ويكون مقامكم أرفع. والله تعالى يختبر عباده.

وأضاف سماحته: في زمن حكم بني أمية وبني مروان وبني العباس، كانت تحدث المشكلات لأولئك الحكّام، فكانوا لا يهتمّون بقبر الحسين صلوات الله عليه، أي ينشغلوا عنه. فكان مجموعة من المؤمنين يأتون إلى كربلاء ويعمرون القبر ويسكنون فيها. وبعدها أي بعد فراغ أولئك الحكّام من المشكلات، كانوا يهجمون على من سكن كربلاء، فيقتلونهم أو يسجنونهم، ويخربون بيوتهم، ويساوون كربلاء مع الأرض. وكذلك كانوا يجعلون السعاة وأصحاب المسالح، أي المسلّحين، يراقبون الناس ومن يأتي للزيارة، فيلقون القبض على كل من يرونه يقترب من قبر الإمام الحسين صلوات الله عليه، أو يرمونه ويقتلونه بمكانه. وقد أمر مولانا الإمام الصادق صلوات الله عليه حينها الزوّار بأن قال لهم مامضمونه: اغتسل بماء الفرات واذهب بعيداً وقف باتجاه قبر الإمام الحسين صلوات الله عليه (أي مستقبلاً له)، وقل: السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين ورحمة الله وبركاته، تمّت زيارتك. ولكن انظر اليوم ترى الناس تتجمهر في كربلاء المقدّسة بالملايين.

وشدّد سماحته في قوله مخاطباً الضيوف الكرام: اعرفوا قدركم، وتحمّلوا زوّار الإمام الحسين صلوات الله عليه، وتحمّلوا مما يصدر من القليل والقليل منهم، كل زائدة وناقصة. وهنيئاً لكم وقوموا بتربية الشباب، والله سبحانه يعينكم ويتقبّل منكم جميعاً، وجزاكم خيراً.

في ختام، هذا الزيارة، سأل أحد الضيوف من سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، الدعاء للعراق الجريح ولشعبه الكريم، فقال سماحته دام ظله:

حقّاً إنّه لمؤسف ما يجري في العراق اليوم، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يفرّج عن العراق وعن أهله، وإن شاء الله يكون الوضع فيه رخاء بعد شدّة. والمهم على الإنسان في كل الأدوار أن يكون باستقامة وبثبات، ويواصل العمل مع الله تعالى وأهل البيت صلوات الله عليهم.