سماحة المرجع الشيرازي دام ظله في حديثه مع ناشط ديني عراقي من سكنة استراليا يبيّن:

سبب اختلاف آراء المراجع والفقهاء الشيعة الأكابر

زار المرجعَ الدينيَ سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، حجّة الإسلام الشيخ الصيمري من رجال الدين العراقيين، القاطن في دولة استراليا والناشط في المجالين الديني والثقافي، في يوم السابع من شهر ربيع الثاني 1441 للهجرة، الموافق للرابع من شهر كانون الأول/ديسمبر2019م.

بعد أن رحّب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بالضيف الكريم، قدّم الأخير تقريراً عن أهم فعالياته وأعماله في استراليا، وبالأخص بين الجالية الشيعية القاطنة في استراليا.

ثم تحدّث سماحة المرجع الشيرازي دام ظله وقال:

قضيتان مهمّتان اليوم جدّاً:

الأولى: تزكية النفس وتربيتها.

الثانية: لملمة الشباب وإرشادهم.

وأوضح سماحته: مهما تطول الحياة في الدنيا وتطول، ومهما يطول عمر الإنسان فيها، فبالنتيجة عليه أن يرحل من الدنيا، ومن ورائه سيكون البقاء في عالم البرزخ لمدّة قد تكون بألوف وألوف السنين، وبعده تكون الآخرة، وحينها ماذا سيكون جواب الإنسان في يوم الآخرة؟ فحقّاً إنّه ليدعو إلى التأسّف أن يذهب الإنسان من الدنيا إلى الآخرة، وهو قليل الزاد في العمل الجيّد والحسن وفي أداء المسؤولية.

كما بيّن سماحته، بقوله: نحن، أي كل واحد منّا، ومنهم أنا وأنت، قد خلقنا الله مستقلّين، وسيحاسبنا مستقلّين، وإن شاء الله يرفعنا مستقلّين، ولذا علينا أن نجتهد كثيراً في القضيتين المذكورتين، وبالأخص لملمة الشباب. فتزكية النفس ليست بحاجة إلى الوقت الكثير بل هي بحاجة إلى التصميم والتركيز، وأما إرشاد الشباب ولملمتهم فهو بحاجة إلى التقرّب للشباب والجلوس معهم، وفتح الحديث معهم برحابة صدر واسع، والاستماع إلى إشكالاتهم ونقدهم، وكذلك إفساح المجال لهم ليدلوا بأحاديثهم وكلامهم بما يدور في أذهانهم من أسئلة واستفسارات وأمثالها. فمثل هذه الأمور لها الأثر الكبير والتأثير في تربية الشباب وتنميتهم وهدايتهم ورقيّهم.

ثم تحدّث الضيف الكريم مع سماحة المرجع الشيرازي دام ظله حول بعض المسائل الفقهية ومنها مناطات الأحكام والتنقيح والقياس واختلاف آراء مراجع وفقهاء الشيعة الأعلام، الماضين والمعاصرين، فقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بعد أن أجاب على استفسارات الضيف:

نحن نرى الاختلاف في الوصفة الطبيّة التي يكتبها طبيبين لمريض واحد مصاب بمرض معيّن وهذا أمر طبيعي. وبهذا الصدد أذكر لكم القصّة التالية:

في أيّام وجودنا في العراق، نقل لنا السيد الخوئي قدّس سرّه أنّه: كان لي صديق طبيب، وكان يُشكل عليّ دائماً بأنّ الدين واحد فلماذا يختلف الفقهاء؟ فقلت له: هذا يرجع لاجتهاد كل واحد منهم، أي كل واحد يقول حسب اجتهاده. فلم يقتنع بجوابي وقال: هذا كلام عجيب. وذات يوم مرضت فزارني ذلك الصديق الطبيب، وقال لي: هل تسمح لي أن أفحص عنكم؟ قلت: كلا. قال: لماذا؟ قلت له: أنتم الأطبّاء تختلفون في وصفاتكم الطبيّة، فأنت إن تفحص عنّي تقول لي بأنّك مصاب بكذا سخونة (حمّى)، وغيرك من الأطباء يفحص ويقول لا هي سخونة وحمّى أخرى. فقال: نعم لأنّ كل واحد يشخّص حسب علمه. فقلت له: إذن وهكذا هم الفقهاء، وهكذا هي المسألة في التقليد.

هذا، وختم سماحة المرجع الشيرازي دام ظله حديثه مع الضيف الكريم مؤكّداً: عليك بتزكية النفس والاهتمام بجيل الشباب، ولملمتهم وإرشادهم بالرفق واللين وبما يؤدّي إلى جمعهم ولمّ شملهم، حتى إن استوجب هذا الأمر، العمل خطوة خطوة. وأسأل الله تعالى لكم التوفيق.