سماحة المرجع الشيرازي دام ظله في حديثه مع الحقوقي صاحب الحكيم:

تطوّر أي بلد وتقدّمه رهين تعلّمه الإدارة من عليّ بن أبي طالب عليه السلام

قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، الدكتور صاحب الحكيم الناشط العراقي المعروف في مجال حقوق الإنسان في دولة بريطانيا، وذلك في يوم السابع من شهر ربيع الثاني 1441 للهجرة، الموافق للرابع من شهر كانون الأول/ديسمبر2019م.

في بداية هذه الزيارة قدّم الضيف الكريم تقريراً عن أعماله وفعالياته وما قام به في مجال حقوق الإنسان، بالأخص بالنسبة إلى العراق الجريح، وقال:

تفرّغت لعمل حقوق الإنسان في لندن، وأنا خريج معهد جنيف السويسرية لحقوق الإنسان، وأعطيت درجة سفير السلام العالمي في الأمم المتّحدة، علماً بأنّي لست موظّفاً فيها وإنّما متطوعاً للدفاع عن حقوق الإنسان في العراق. وأصبحت عضواً في منظّمة المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم التي مقرّها في مدينة دبلن في إيرلندا. ومن أعمالي الكتابية، إصدار موسوعة عن قتل مراجع الدين وطلاب الحوزة العلمية لشيعة بلد المقابر الجماعية في العراق، وذكرت جميع المعتقلين منهم والشهداء الذين أعدمهم نظام صدام، ومن صدرت أوامر باعتقالهم وإعدامهم، وقد ترجمت في هذه الموسوعة لشقيقكم السيّد محمد الشيرازي رحمة الله عليه، وكذلك نشرت الوثيقة التي أصدرها الأمن العراقي بالحكم بالإعدام على المرجع الشيرازي الراحل.

الموضوع الآخر هو التقرير الذي صدر من الأمم المتّحدة عن الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. وهذا التقرير بالحقيقة هو صادر من برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، وهذا البرنامج هي منظّمة غير سياسية وليس لها علاقة بالسياسة أصلاً، بل هي مهتمّة بالتنمية وبحقوق الإنسان وتعليم الدول في العالم الثالث كالعراق وإيران وغيرهم، كيفية بناء المدن وكيفية بناء الطرق وكيفية النهوض بالاقتصاد، وكيفية تطوير البلد، وفي هذه المنظّمة (177) دولة أعضاء. وصدر التقرير المذكور في قرابة (167) صفحة باللغة الإنجليزية، وقد اقتبست المهم من التوصيات المذكورة في التقرير، ومنها: ياعالم! هناك شخص اسمه علي بن أبي طالب، ونوصيكم إن شئتم أن تتقدّموا في بلادكم وتخدموا الإنسان وتطوّروا البلد فتعلّموا من علي بن أبي طالب.

بعدها قال الحكيم: أنا أهدي لكم صورة من تلك التوصية المهمّة مع صورة جمعت بعض العلماء والمراجع الشيعة الذين أعدمهم نظام صدام أو اعتقلوا أو صدرت أوامر اعتقال وإعدام بحقّهم التي نشرتها في موسوعتي.

ثم تحدّث سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، وقال: أنا في هذا المجال أزيد على كلامكم باختصار، وهو ما قلته لمجموعة من الغربيين من مختلف البلدان الذين أتوا إلى هنا، وهو:

كان شخص اسمه علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، حكم أكبر رقعة على وجه الأرض في زمانه، من خلال العراق والكوفة، في خمس سنوات، وشملت حكومته كل الشرق الأوسط باستثناء الشام التي كانت بيد معاوية، وامتدّت إلى عمق أوروبا وإلى عمق أفريقيا. وفي ذلك الوقت أي قبل (1400) سنة في حكومة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، لم يوجد حتى قتيل سياسي واحد، ولا سجين سياسي واحد. ولم يسجّل التاريخ في حكومة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه حتى فقير واحد بقي على فقره إلى مدى الحياة، ولا موت حتى واحد من الجوع أو بسبب الجوع.

وبيّن سماحته: كما قلت لهم: وقد سمح علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في أيّام حكومته بالمظاهرات ضدّه بدون أية إجراءات رسمية، وكان يلبّي مطالب المتظاهرين، وهذا ما لا تجده حتى في البلاد الحرّة. ففي البلاد الحرّة يسمحون بالمظاهرات بعد أخذ الإذن والرخصة من وزارة الداخلية مثلاً، وضمن قيود وشروط، ومنها تعيين الشعارات التي تردّد في المظاهرات، ومكان المظاهرات وزمنها وغيرها. ومع ذلك كله تعلن الحكومة لهم بأنّها غير ملزمة بتلبية مطالب المظاهرات والمتظاهرين.

كذلك قلت لهم: كان الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يوصي ولاته على الأمصار بعدم التدخّل في عمليات البيع والشراء، وأن يجعلوا الاقتصاد حرّاً للجميع، وكان يوصيهم بالمراقبة فقط حتى لا يظلم أحد أحداً. وخلال حكومته لم يبع علي بن أبي طالب صلوات الله عليه حتى شبر واحد من الأرض للناس، وقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (الأرض لله ولمن عمّرها). أي كان يجعل الناس يعمرون الأرض ويستفيدون منها. فالحكومات ليس مالكة للأراضي بل هي مجرّد مدير لها فحسب.

وشدّد سماحته بقوله: أنا في بداية أوّل حكومة في العراق بعد سنة 2003 للميلاد، قلت لبعض المسؤولين العراقيين الذين أتوا هنا: الآن لا يوجد علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بيننا، ولكن نهجه موجود فتعلّموا منه. وكذلك خاطبت دول العالم غير المسلمين وقلت لهم تعلّموا من عليّ صلوات الله عليه.

وأكّد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله وقال: نحن لدينا الكثير من الكلام بهذا الخصوص للعالم، وهذا الأمر بحاجة إلى تعبئة حتى يصل إلى العالم الذي يجهل الكثير من هذه الأمور. وأنا أقدّر لك هذه الجهود وأشكرك وأهلاً ومرحباً بك، وواصل طريقك واجعل مجموعة من الشباب يواصلون هذا الطريق من بعدك، أي قم بتربيتهم. فزكاة العلم نشره كما في الحديث الشريف. واعلم انّ علي بن أبي طالب صلوات الله عليه لايزال مجهولاً في التاريخ حتى عند أبنائه.