سماحة المرجع الشيرازي لوفد مدرسة الإمام الجواد عليه السلام:

إن نسبة الاخلاص والأخلاق والنشاط تحدد مدى توفيق طالب العلم

قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، جمع من أساتذة وطلبة العلوم الدينية من مدرسة الإمام الجواد صلوات الله عليه العلمية من مدينة بغداد، في الرابع من شهر جمادى الثانية1440 للهجرة الموافق للعاشر من شهر شباط/فبراير2019 للميلاد.

بعد أن رحّب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، سأل من أحد أساتذتها من رجال الدين عن فعاليات المدرسة المذكورة، وعن منهجها الدراسي، وقال:

شابان يدرسان معاً، أحدهما ينال التوفيق والآخر لا ينال، أو أحدهما ينال التوفيق أكثر والثاني أقلّ، فما السبب في ذلك؟ علماً انّ أبواب الرحمة والتوفيق والفضل من الله تعالى مفتوحة على الكلّ سواء. فإذا بحثت عن السبب، تجد انّ الذي نال التوفيق، وكذلك الذي وفّق أكثر، هو بسبب انّه كان عزمه أحسن. فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وهذا يعني أن العزم من الإنسان، ومن الله تبارك وتعالى العزائم. أي إنّ الذي نال التوفيق، وكذلك الذي وفّق أكثر هو انّه لا ينام أكثر من اللازم، بل بمقدار الضرورة وبمقدار الحاجة للبدن. وكذلك لا يبحث عن الراحة، بل يبحث عمّا يجب عليه وما يتمكّن عليه.

وبيّن سماحته بقوله: إنّ كبار العلماء من التاريخ الماضي، أمثال الشيخ المفيد، والشيخ الطوسي، والشريفين الرضي والمرتضى، والعلاّمة الحلّي، والمحقّق الحلّي، والشيخ الأنصاري، وصاحب الجواهر، والسيد بحر العلوم، هؤلاء كانوا ذات يوم مثلكم شباباً، ودرسوا في الحوزة ووفّقوا، بينما لم يوفّق العديد ممن كانوا زملائهم في الدراسة. ولذا عليكم بالجد والاجتهاد في الدراسة، وهذا الأمر بحاجة إلى الكلمات الثلاث التاليات:

الأولى: نسبة الإخلاص. فبمقدار نسبة إخلاصكم لله تعالى ولأهل البيت صلوات الله عليهم تنالون التوفيق. وهذا الأمر يكون في باطن الإنسان وفي قلبه، أي الإخلاص لله تعالى، والتوجّه لأهل البيت صلوات الله عليهم، كما قال عزّ من قائل: وابتغوا إليه الوسيلة. فوسيلتنا إلى الله عزّ وجلّ هم محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.

الثانية: نسبة الأخلاق. أي تكونوا ذات أخلاق حسنة بنسبة كبيرة وجيّدة مع الكل، ومع القريب ومع الغريب، وداخل البيت وخارجه. ولا تكونوا ممن وصفهم القرآن الكريم بقوله تعالى: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ) سورة النساء: الآية108. بل كونوا ممن يستخفون من الله تعالى فقط وأكثر، ولا يستخفون من الناس، أي كونوا على خلق حسن وجيّد وحقيقي، باطناً وظاهراً، مع الناس كافّة.

الثالثة: نسبة النشاط، فبمقدار نسبة نشاطكم تحظون بالتوفيق، أي كم ساعة تصرفون باليوم على الدراسة، فهذا كله له التأثير في نيل التوفيق.

وختم سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، توجيهاته القيّمة، مؤكّداً: هذه النسب من الكلمات التي ذكرتها لكم، إذا كانت جيّدة عند أي واحد منكم، فسيوفّق مثل كبار العلماء، بعد ثلاثين أو أربعين سنة. وأنا أدعو لكم جميعاً، وتدعون لي. وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.