|
||
آية الله السيد حسين الشيرازي: ليكن همّنا وهدفنا الأول والأخير نيل رحمة الله بالدارين
في مساء يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر ربيع الثاني1440للهجرة (26/12/2018م) وفد على بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدّسة، المئات من المؤمنين والمؤمنات من مدينة الكفل العراقية، كان فيهم جمع من رؤوساء العشائر الغيورة ورؤوساء وأصحاب المواكب الحسينية في المدينة المذكورة، واستمعوا إلى كلمة نجل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، آية الله السيد حسين الشيرازي. استهلّ آية الله السيد حسين الشيرازي كلمته القيّمة بقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) سورة الحجر: الآية85، وقال: إنّ خلاصة خلقة الإنسان والدنيا والأرض وبعثة الأنبياء والمرسلين وخلقة الكائنات كلّها، وكذلك خلاصة كلّ القيم والمبادئ هي في قوله تعالى: «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ». أي تغافل أيّها الإنسان عمّا يصيبك وتتعرّض له في الحياة الدنيا من مشاكل وصعوبات، تغافلاً جميلاً ولا تهتم له. والتغافل الجميل يعني أن لا يكن في قلبك استياء أو غضب عمّا تراه وتتغافل عنه، بل تغافل عن ذلك وقلبك مطمئناً وواثقاً بالله سبحانه وراجياً لرحمته. ولا شكّ هذا يخص الجوانب الاجتماعية للإنسان، وإلاّ فبالنسبة للظلم والظالم يجب الوقوف بوجه وعدم الصفح أو التغافل عنه. وبيّن بقوله: الكثير من الناس يصابون بأمرين في الدنيا، وهما: الأول: إذا أصابتهم مصيبة أو مشكلة فإنّهم يعطونها الحجم الكبير، وهي لا تستحقّ ذلك وليست كذلك، أي يبالغون بها. والثاني: يتغافلون عن رحمة الله تعالى وهي رحمة واسعة قادرة على كل شيء، فلا يتوجّهون لهذه الرحمة ولا يطلبونها من الله تعالى. وأضاف: يقول الله تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) سورة الزخرف: الآية 32. وهذا يعني أنّ الله تعالى هو الذي أراد، وخلق الناس في مستويات مختلفة، وذلك لكي يكون بعضهم مسخّراً لبعض. ولكن الكثير من الناس يستهزؤون بالقيم ويستهزؤون بالآخرة، وينسون أو يتغافلون عن انّ الله تعالى يبشّر الإنسان وفي ذيل الآية نفسها ويقول: (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ). أي يجب الاهتمام برحمة الله تعالى والتفكير بها لا الانشغال بسبب وعلل التفاوت في مستويات المعيشة والحياة.
وأوضح نجل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، وقال: والله لا قيمة للدنيا، ولا قيمة لها أبداً، فالله تعالى قد جعلها امتحاناً لنا، فعلى المرء أن لا يهتمّ لما يصيبه، وعليه أن يتعامل بالأخلاق مع كل ما يواجهه ولا يلتفت ولا يهتم ولا يغتم لما يعترضه ويصيبه، بل يصفح الصفح الجميل. فالبغي والظلم هي من الأمور التي لابدّ أن تحدث وتقع في الدنيا لطبيعتها، فيجب عدم الاهتمام لذلك، أي عدم إشغال النفس بسبب أو أسباب وقوع الظلم، فالدنيا تنتهي، والمرجو والباقي هي رحمت ربّك التي يقول الله تعالى عنه (خير مما يجمعون). وهذا معناه أنّه أيّها الإنسان أدّ الامتحان وليكن أملك ورجاؤك هي رحمة الله تعالى. وأردف: نحن نخفق في تقييم إرادة ربّ العالمين ونغفل عنها ولا نعوّل عليها، ولا نتوكّل على الله ونكتفي باللقلقة فقط، بل وبعضنا يلعن ما يصيبه ويلعن الدنيا، ولا يعتمد على رحمة الله جلّ وعلا. أي إنّ كل حياتنا تراها انفعالية وتوتر، فما علينا إلاّ أن نؤمن بإرادة الله سبحانه وأن نؤمن بأنّه: «قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا» سورة التوبة: الآية51. فلا داعي للقلق والتوتر والاضطراب بل علينا الهدوء والسكينة، فالقرار هو من الله تعالى وبيده سبحانه. وقد جاء في الحديث القدسي: (عبدي تريد وأريد ولا يكون إلاّ الذي أريد). وهذا هو قانون الله تعالى، وهذه إرادة الله سبحانه، فلا تستاء أيّها الإنسان من إرادة الله، فالتسليم لقانون الله تعالى تجعل حياتك في الدنيا نعيماً، فضلاً عن الثواب والأجر في الآخرة. وأكّد آية الله السيد حسين الشيرازي في ختام كلمته بقوله: (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) سورة الحجّ: الآية34، وهذا قول الله تعالى لنبيّه الكريم صلى الله عليه وآله. والمخبت يعني الذي يكون صدره واسعاً، وصاحب تحمّل واسع، والذي لا يخاف سوى الله، والذي يتوكّل على الله، وعنده ثقة بالله جلّ شأنه ولا يخاف على الدنيا الزائلة الزوّالة. إذن فالخوف في الدنيا يجب أن يكون من الله تعالى، أي من القبر والحساب والصراط والآخرة، لا الخوف من كل شيء في الدنيا. وختم نجل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله كلمته القيّمة، وقال: بلى إنّ نِعم الله تعالى كثيرة وكثيرة، وعلينا أن يكن شغلنا الشاغل هو طلب النعم من الله تعالى فقط، ونفرح بها حين نيلنا لها، أي لا نكتفي بطلب النعم فقط، لأن الله عزّ وجلّ يقول: «ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ»سورة التكاثر: الآية8، بل علينا أن نرجوا رحمة الله الواسعة ويكون همّنا وتوجّهنا الأول والأخير هو طلب الرحمة من الله جلّ وعلا، في الدنيا والآخرة.
|
||
|