سماحة المرجع الشيرازي مخاطباً أهل العلم بالغرب: لتكن فعالياتكم أكثر سعة وأعلى قوّة لنشر ثقافة أهل البيت

في يوم الرابع والعشرين من شهر جمادى الأولى1438للهجرة، الموافق للثاني والعشرين من شهر شباط فبراير2017للميلاد. قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، فضيلة الشيخ قيصر الكوفي، من الناشطين الدينيين والثقافيين والخطباء من دولة السويد، برفقة عدد من الفضلاء من النجف الأشرف، وذلك في بيت المرجعية المكرّم بمدينة قم المقدّسة.

بعد أن رحّب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، بالضيوف الكرام، قال:

يقول القرآن الكريم: (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) سورة مريم: الآية39. وهذا الخطاب هو لنا ولكم. وفي الحديث الشريف أنه في يوم القيامة حتى المؤمنين يتحسّرون، على أنهم لماذا لم يوفّقوا أكثر، ولماذا لم يُتعبوا أنفسهم أكثر. ولكن هذه الحسرة هي بنسب مختلفة، فقد تكون قليلة وقد تكون كثيرة. فليحاول الإنسان، وخصوصاً أهل العلم، أن يكونوا ممن يُقتدى بهم، ويُتعلّم منهم.

وأوضح سماحته: في إيران كانوا كفّاراً قبل الإسلام، حيث كانوا يعبدون النار، وحتى في مدينة قم المقدّسة كان هناك معبداً أو بيتاً للنار، ولا زال الشارع الذي كان يؤدّي إلى هذا المعبد موجوداً في قم المقدّسة ويُعرف حالياً بشارع (آذر) أي شارع النار. وبعدها صاروا مسلمين منحرفين عن أهل البيت صلوات الله عليهم أيام السلاجقة وغيرهم. وكما ذكر التاريخ انّ حاكم إيران حينها، كان قد صنع ختماً من حديد محفور فيه اسم أبي بكر وعمر. وكانوا يأتون بعلماء الشيعة وتجّارهم، فيحمون الختم الحديدي على النار حتى يحمرّ ثم يكوون به جباه علماء الشيعة وتجارهم. فكان يثبت نقش عمر وأبي بكر على جباههم إلى الموت. ولكن مع هذا التعذيب، قام شباب الشيعة في إيران حينها وكانوا قلّة، وجاهدوا وعملوا وناقشوا شباب العامّة وجعلوهم شيعة، وصارت إيران أكثرية شيعية كما هي عليه الآن. وحتى العلاّمة المجلسي رضوان الله عليه هو من ذريّة بعض العامّة وتشيّع. فقد ذكر الشيخ عباس القمّي صاحب مفاتيح الجنان، ذكر في أحد مؤلّفاته وهو (هدية الأحباب) أنّ الجدّ الأعلى للعلاّمة المجلسي كان من العامّة، وتشيّع.

وعقّب سماحته، بقوله: الآن السويد وغيرها من دول أوروبا وأميركا واستراليا وروسيا، سيأتي يوم ويصبحون شيعة بجهود ذريّتكم، وستحصلون على أجر هذه الأعمال، بمقدار ما تبذلونه من الجهد أكثر. فيجب الاهتمام لذلك، وهذا من المؤكّد حدوثه. فقد قال الله عزّ وجلّ: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) سورة التوبة: الآية33. وبدّأت بوادر هذا الأمر تظهر شيئاً فشيئاً.

وخاطب سماحته الضيف الكريم، مؤكّداً: أنتم في دول الغرب، بحاجة إلى أن تبدؤا من الصفر، في ثلاثة مجالات، هي:

الأول: إصدار مجلة. والثاني: تأسيس حوزة علمية. والثالث: فتح مكتبة. وإلاّ فالحياة تنتهي، وتذهب السنين، وينتهي العمر، وتبقى الحسرة العظيمة للإنسان. وهكذا يجب العمل لمن هو في العراق وإيران وفي كل مكان. فنحن أهل العلم، مسؤوليتنا كبيرة، والأجر عند الله تعالى لنا عظيم أيضاً.

وبعدها قدّم فضيلة الشيخ قيصر الكوفي تقريراً مفصّلاً عن برامجه وفعالياته وأعماله في السويد، بالأخص فيما يرتبط بشباب الشيعة القاطنين في السويد والاهتمام بهم وبرعايتهم وتربيتهم وفق منهج أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم، فكان مما قاله:

بتيسير من الله تعالى وعناية منه، حقّقنا خدمات للجالية الشيعية، خارج نطاق الحسينيات، مع الخارجية السويدية والبرلمان السويدي. وفتحنا مؤسسة استشارية علمية فيها مكتبة، ونعمل على تربية طلبة العلوم. وأقمنا وشاركنا في مؤتمرات وندوات مختلفة، وخصوصاً مؤتمرات وندوات مناقشة مع المسيحيين السويدين في الجامعات السويدية وبحضور كبار الأساتذة السويديين ممن وصل الى درجة (بروفيسور)، وبدعوة الفضلاء من جامعة الكوفة والنجف الأشرف. ونصطحب معنا الجامعيّين الشباب الشيعة في السويد في هذه المؤتمرات ليشعروا بالاعتزاز والفخر بأننا نقف على أرضية صلبة وأن ّعلومنا مستقاة من أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم، وهي علوم لا يمكن لأية علوم ماديّة أن تقف أمامها. ولنا في المستقبل، بحول الله تعالى وعنايته، مشاريع أكبر وأكثر، راجين التوفيق من الله تعالى، ونحن سيدنا بحاجة إلى الدعاء من سماحتكم.

فقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: نِعم ما تعملون. واعملوا بجنب ذلك، أن تبدؤا من الصفر، فأنتم ابن الحوزة، فأسّسوا حوزة علمية. وكذلك إصدار مجلة، وتأسيس مكتبة. فحاولوا أن تستفيدوا أكثر سعة وأعلى قوّة، واستلهموا من مولانا الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسين صلوات الله عليهما. متمنّياً لكم التوفيق.