كتاب
«حجية مراسيل الثقات المعتمدة»
إحاطة البحث ودقة الفكرة
alshirazi.net

بسم الله
الرحمن الرحيم
إن من أعظم
نعم الخالق سبحانه وتعالى على المسلمين وجود هذه الحوزات
العلمية الشريفة في الواقع الإسلامي، والتي أخذت على عاتقها
ومنذ أكثر من ألف عام مهمة الحفاظ على التراث العلمي للإسلام
في مجال الشريعة والعقيدة والأخلاق، بفضل جهود آلاف العلماء
الباحثين والدارسين المحققين.
ومن أبرز
مهام الحوزة العلمية الشريفة، هو قيامها باستنباط الأحكام
الشرعية من الكتاب العزيز والسنة المطهرة، ولما كان الكتاب
الكريم قطعي الصدور، فقد كان البحث يدور في الغالب حول فهم
مضامين الآيات ودراسة مداليلها. وقد كتب العلماء في هذا
المجال العديد من المصنفات التي كان لها الأثر الكبير في
المجالين العلمي والعملي.
وأما
المصدر الثاني من مصادر التشريع فهو السنة المطهرة، والتي
تعني قول المعصوم وفعله وتقريره. وقد حظيت السنة الشريفة
بقسط وافر من الدراسة والبحث لتكون الأحكام المستنبطة أقرب
للإصابة ولكي تحقق براءة الذمة.
ويمكن
القول إن طريق الاستنباط من الستة الشريفة هو الأعقد والأكثر
تشعباً ووعورة، وذلك لأسباب عديدة منها:
الأول:
كثرة النصوص الدينية الواصلة إلينا عن المعصومين عليهم
السلام بما يفوق حجم الكتاب العزيز أضعافاً مضاعفة لكونها
شارحة له ومفسرة ومفرعة.
الثاني:
هذا الاختلاف الموجود في لسان بعض الروايات، وهل أن مرد ذلك
إلى مجرد اختلاف ظاهري يرتفع بالتدبر عبر معرفة أحكام الخاص
والعام والمطلق والمقيد، وعبر معرفة وجوه الجمع المعرفية كما
صنع الشيخ الطوسي في التهذيب أو الاستبصار، أو مرده إلى
الاختلاف في نقل الرواة، الذي قد يعكس غفلته أو نقله
بالمضمون، أو هو اختلاف مقصود من قبل الإمام المتحدث في بعض
المسائل لظرف كان يعيشه كالتقية والمداراة مثلاً، أم هو
نتيجة ظروف موضوعية عاشتها الأمة في زمن الإمام عليه السلام
اقتضت صدور الحكم الخاص منه.
الثالث:
ومن أبرز الاختلافات التي تميز بها الاستنباط السنتي عن
الاستنباط القرآني، هو البحث المتعلق بالواسطة التي نقلت
إلينا أحاديث المعصومين عليهم السلام، وهل يجب أن يكون
الناقل عادلاً أم يكفي أن يكون ثقة فقط أو ممدوحاً فحسب، وما
هو الدليل على كل رأي وهل يكفي إرسال الثقة أم لابد من
إسناده؟.
ولا نبالغ
إذ قلنا أن هذا البحث الأخير كان قد شغل الفقهاء طويلاً وما
يزال مثاراً للأخذ والرد.. مما ولد علماً هاماً هو علم
الدراية والرجال، تناول فيه العلماء والخبراء أحوال الرواة
وسيرة كل واحد منهم وعلاقة الراوي بالمعصوم أو بأصحابه وهل
كان من الثقات أو لا.
ومن
المشاكل التي واجهت الفقهاء في طريق الأخذ عن الرواة الثقات،
هو أن بعض هؤلاء الثقات كانوا قد دأبوا على نقل الأخبار عن
المعصومين عليهم السلام دون أن يذكروا سلسلة السند للاختصار
أو لوثوقهم بسلسلة السند، مما قد يجعلنا في شك من حجية هذه
الروايات علينا إذ لم نتعرف بأنفسنا على سلالة الطريق ـ غير
المعنعن ـ إلى المعصومين عليهم السلام.
والذي يبرز
أهمية دراسة حجية هذه الروايات من عدمها، هو أن عدد هذه
الأحاديث الواردة عن المعصومين عليهم السلام والتي سميت فيما
بعد «بالمراسيل» كبير جداً، حتى يصل في كتاب من لا يحضره
الفقيه وحده إلى حوالي (2500) حديثاً.
وكان من
بين العلماء الذين أدركوا تأثير هذا الكم الهائل من الأحاديث
على الواقع الفقهي والعقدي والأخلاقي فيما لو ثبت اعتبارها،
هو سماحة آية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي، الأمر الذي
جعله يطيل الوقوف والتحقيق في إمكانية قبول مراسيل الثقات أو
رفضها، وذلك في بحثه الخارج الشريف على القواعد الفقهية في
النجف الأشرف، والذي استمر من (12 محرم ولغاية 14 صفر من عام
1433هجرية).
ومن
النتائج التي توصل إليها بعد البحث والتحقيق القول بحجية
مراسيل الثقات مع توفرها على شرطين وقيدين، معتمداً في ذلك
على النظرة الفقهية الأصولية العرفية، ومبتعداً عن الدقة
العقلية والمنطقيات الصرفة، في موضوع خاطبت فيه الشريعة
أتباعها بما هم أناس عرفيون لا بما هو فلاسفة منطقيون، فقد
قال تبارك وتعالى:
(وَمَا
أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ)
سورة إبراهيم: الآية 4.
من عناوين
الكتاب:
الفصل
الأول: حجية مراسيل الثقات المعتمدة لديهم، عدد من الذين
قالوا بحجية مراسيل الثقات، من القائلين بالحجية مطلقاً، من
القائلين بالحجية ببعض القيود، بناء العقلاء على حجية
الثقات، الإشكال باحتمال الإرسال عن الضعاف، شبهة التفريق
بين الإخبار الحسي والحدسي، من الأدلة على حجية الإخبار
الحدسي.
الفصل
الثاني: تطبيقات لحجية مراسيل الثقات، حجية مراسيل الشيخ
الصدوق في الفقيه، حجية مراسيل الشيخ الطوسي في التهذيبين.
الفصل
الثالث: الإهمال وكيفية معالجته، فرق الإهمال عن التضعيف، من
طرق توثيق الحديث المهمل.
الفصل
الرابع: لا فرق بين توثيقات المتقدمين والمتأخرين، إشكال:
رؤية المتقدمين أوضح لكثرة القرائن و.. ، ستة أجوبة على
إشكال.
الفصل
الخامس: الوجه في حجية قول كل من «الرجالي» و«الراوي».
عدد الصفحات: 224
الحجم: وزيري 17×24
من اصدارات مؤسسة التقى الثقافية / النجف الأشرف.
الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع ـ
لبنان.
|