كتاب البقيع الغرقد صرخة حق في عالم الضلالات

 

 

الأرض ذرات وتراب وأملاح مختلفة، وعناصر اخرى مؤلفة بشكل من الأشكال، وذلك بسبب عامل أو عدة عوامل من العوامل الطبيعية من رياح وأمطار وحرارة ورطوبة وما أشبه.

والأرض ـ بذاتها ـ قد لا تكون لها قدسية خاصة، إلاّ أنها إذا قدسها الله خالقها تصبح مقدسة ومتميزة، وعلى المخلوقات تقديسها وتبجيلها لما أمر به عز وجل، قال تعالى: (يَامُوسَى‏، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) سورة طه: 11-12

فقدسية الوادي لا تكون لترابه وصخوره وأشجاره، بل للتوجيه الإلهي والعناية الربانية إلى تلك البقعة المقدسة..

وكذلك مسألة البركة والنماء والروحانيات المتواجدة في أية أرض أو أي مكان على وجهها كبيت المقدس (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) سورة الاسراء: 1، ومكة المكرمة (مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) سورة البقرة: 125، والمدينة المنورة التي طاب هواؤها وأرضها وماؤها بفضل دعاء الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله لها فصار اسمها «طيبة» وهكذا.. فالقدسية من الله وامتثالا لأمر الله عز وجل.

وقد تتقدس أرض بقدسية من قُتل على ترابها أو دفن فيها، وهذا أمر واضح وبديهي عند كل المبادئ والشعوب، فالقبور لها حرمتها وخاصة عند ذويها.

فعندما نقول كربلاء المقدسة أو النجف الأشرف أو البقيع الغرقد.. فإن الأمر بقداسة تلك البقاع واضح وضح الشمس في رابعة النهار.

فعلى تراب كربلاء سُفحت دماء سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة عليه السلام وأبنائه وإخوته وأصاحبه الميامين عليهم السلام وشرب ذاك التراب تلك الدماء الذاكية فتزكى، وارتوى بدمائهم الطاهرة فطهر، واكتنز وحوى اجسامهم الشريفة فتشرف.

وكذلك النجف الاشرف الذي حوى جسد عظيم الإنسانية بل أعظم من وطأ الثرى بعد النبي صلى الله عليه وآله ذاك امير المؤمنين وإمام الثقلين وابو الحسنين الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام ألا يحق لها أن تصبح رمزاً للهداية والنور..؟

وهذا وذاك حال تراب أو تربة حوت واحداً من أئمة أهل البيت عليهم السلام، فما رأيك بتربة تشرفت بعدة من أهل البيت عليهم السلام وخواصهم الكرام من الهاشميين والعلويين وأقرب المقربين للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بالإضافة إلى ابنائه الأطهار وزوجاته المؤمنات وبعض الصحابة الكبار عليهم السلام..

تلك البقعة التي ارتبطت منذ أكثر من 1400 سنة بالنبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام وحوت من الأجساد الطاهرة ما لم تحوه أية بقعة على وجه الأرض أبداًُ.

فكانوا ولأكثر من ألف سنة ملاذاً لأصحاب الحاجات ومزاراً للمؤمنين ومهبطاً للقلوب النقية الصافية، وذلك عبر الأجيال ورغم كل المحاولات الآثمة لإبعادها من الساحة الإسلامية والقدسية الروحانية.. إلا أنها بقيت وستبقى بحول الله وقوته كما كانت، بل سيزداد تألقها وبريقها لمعانها في الدنيا كل الدنيا إن شاء الله.

تلك هي «البقيع الغرقد» التي عملت أيادي الاستعمار من أجل إبعاد المسلمين عنها بعد أن هدمت القباب والأضرحة المباركة التي بنيت على تلك القبور التي حوت ذاك الطهر كله.

إن الشعوب السامية هي التي تعتز بمقدساتها، لأن المقدسات هي رمز تاريخها المشرق، وهي المكان الذي يجمع قلوب الأمة جميعاً، وقد حاول الاستعمار أن يمحو من ذاكرة المسلمين مقدساتهم، وذلك لأنه أراد تمزيق الأمة وتبديد أوصالها حتى تصبح لقمة سائغة يسهل عليه اقتناصها.

ولذلك فقد اراد المستعمرون من خلال بعض اتباعهم ان يحطموا كل ما من شانه أن يوحد المسلمين ويجمع كلمتهم، فعمدوا إلى المقدسات الإسلامية في الحجاز وهدموها فأصبحت أطلالاً بعد أن كانت مناراً لكل مسلمي العالم، واهمها البقيع الغرقد والذي ضم اربعة من أئمتنا المعصومين عليهم السلام وكثيراً من الصحابة الأجلاء وزوجات النبي صلى الله عليه وآله وعماته وغيرهم.

فغدت تلك القباب المنيرة ركاماً وأحجاراً متناثرة فوق تراب البقيع.. وقد مُنع الزوار من الاقتراب منه.

إذاً فمسألة البقيع الغرقد من الأهمية بمكان بحيث عدت من اكبر جرائم العصر وقد وضع مقترفوها في سبيل تبرير جريمتهم شبهات كثيرة قام الكثير من العلماء والمفكرين بردها وتبيان زيفها كما وتوجد بعض النقاط المهمة المتوجب على الناس قاطبة معرفتها والإطلاع عليها فهي تكشف زيف إدعاءات القوم ونواياهم الغير صالحة فكانت بعض هذه النقاط هي محور كتاب البقيع الغرقد بقلم سماحة الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله درجاته الذي عرف بدفاعه المستديم عن حياض الإسلام وحرماته ومعتقدات المؤمنين فناقش من خلاله قضايا عدة منها مسألة الحدود المصطفة والحواجز المعيقة للحاج والزائر للديار المقدسة في الحجاز مقارن بين الوقت الحالي أي في السنوات الأخيرة وقبل ما يقارن النصف قرن وما هو تأثير الإستعمار وعملائه فيها، فضلاً عن مواضع عدة أخرى.

وخلاصة الأمر أن الكتاب بمثابة صرخة توجيهية من سماحة الإمام الراحل صاحب الفكر الموسووعي العالمي والطرح الإسلامي النقي الى المسلمين من أجل إنقاذ تلك البقعة المقدسة وإعادة بنائها لتعود الروحانية التي فقدتها الامة عندما رضيت بتلك الأعمال الهادفة الى الإطاحة بكل الإسلام.

 

من عناوين الكتاب:

بعد أكثر من نصف قرن، السلطات غير الشرعية، غلادستون والخطة الاستعمارية، البقيع مدفن الأولياء، القبور والقباب في البقيع، لا للخشونة والسباب، لماذا تخريب البقيع؟، منع الكتاب، ظاهرة توحيد الصلاة، توسيع المسجد وهدم الآثار، القبور قبل الهدم، باب خيبر، وفي الختام، فتوى المرجع الشيرازي، من مسؤوليتنا في ذكرى هدم البقيع.

  

عدد الصفحات: 48 

الحجم: جيبي 12×17 

الطبعة: الأولى/ النجف الأشرف.