من صفات الله سبحانه
عالم:
الله يعلم
كل شيء حتى عدد حبات الرمال وقطرات مياه البحار وما تخفي الصدور، وهو تعالى
محيط بالماضي والحال والاستقبال.. فيعلم ما حدث، وما هو كائن، ويعلم ما سيكون،
لا يعتريه نسيان، ولا يسهو عن شيء.. لا فرق في علمه بين الجلي الواضح، والغامض
الخفي.
وليس علمه
مسبوقاً بالجهل، ولا ملحوقاً بالنسيان، فهو عالم بكل شيء منذ كان، ولا يزال
عالماً إلى الأبد.
يعلم كل
لفظ، وحركة شفاه، ووجيب قلب، واختلاج جارحة، واستماع مسموع، وتذوق طعم، ولمس
ملموس، ونظر عين…
دليل العلم:
ويدل على
علمه انه صنع الأشياء المتقنة، وأبدع المخلوقات الجميلة مما لا يتم إلا بعلمه،
ولا يمكن أن يصنع إلا بدرايته.
إن باني
الدار الجميلة لا يكون إلا مهندساً عليماً بالبناء، وصانع الماكنة المحكمة
لايكون إلا عالماً بالفصل والتركيب، ومركب أجزاء الدواء لا يكون إلا صيدلياً
خبيراً…
فكيف يمكن
أن يكون صانع الإنسان بهذا الإتقان المدهش، والحيوان بهذه الكيفية المحيرة،
وسائر المصنوعات بهذه الهيئات العجيبة، جاهلاً؟
كلا! .. لا
يكون ذلك.
يقول القرآن
الكريم: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ
خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ
إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ»
المجادلة: 7.
وقال تعالى:
«وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ
الصُّدُورِ*أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»
الملك:13ـ14.
وقال
سبحانه: «وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَيَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ
مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا
وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلَّا فِي
كِتَابٍ مُبِينٍ*وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا
جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمَّىً
ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»
الأنعام: 59ـ60.
وقال عزوجل:
«عَن رَبِّكَ مِن مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي السَّماءِ وَلاَ
أَصْغَرَ مِن ذلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»
يونس: 61.
وقال تعالى:
«اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ
وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَىءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ*عَالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ*سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ
الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفِ بِالَّيْلِ وَسَارِبُ
بِالنَّهَارِ» الرعد:
8ـ10.
وقال أمير
المؤمنين عليه السلام: «يعلم عجيج الوحوش في الفلوات، ومعاصي العباد في
الخلوات، واختلاف النِّينان لنِّينان: جمع نون، وهي الحيتان.
في البحار
الغامرات، وتلاطم الماء بالرياح العاصفات» نهج البلاغة: الخطبة 198، الفقرة1.
وقال أبو
حازم للإمام الصادق عليه السلام: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة،
أليس كان في علم الله تعالى؟ فقال عليه السلام :
«بلى قبل أن يخلق السماوات
والأرض» التوحيد: ص135 باب العلم ح5.
وقال الإمام
الرضا عليه السلام : «… لم يزل الله عزوجل علمه سابقاً للأشياء، قديماً قبل أن
يخلقها، فتبارك ربنا وتعالى علواً كبيراً، خلق الأشياء وعلمه بها سابق لها كما
شاء، كذلك لم يزل ربنا عالماً سميعاً بصيراً» عيون أخبار الرضاعليه السلام: ج1
ص 118 باب ما جاء عن الرضا عليه السلام علي بن موسى من الاخبار في التوحيد ح8.
والتوحيد: ص136 باب العلم ح 8.
سميع بصير:
لا يتجاذب
الناس أطراف حديث، إلا ويسمع الله تعالى كلام كل واحد منهما، قبل أن يسمعه
الآخر، ولا يلفظ أحد لفظاً إلا ويسمعه الله، ولو كان اللافظ وحده، في أعماق
الأرض، أو أجواء السماء..
ولا يحف
شجر، ولا يغرد طير، ولا يصر باب، ولا يضرب طبل، ولا يفرقع رعد.. إلا والله
سبحانه يسمع، وإن لم يسمعه أحد.
بل: وإن كان
الصوت من الضعف بحيث لا يتمكن أحد سماعه.
والله يبصر
كل دقيق وجليل، وقبيح وجميل، وكل حركة وسكون، يبصر ما في الظلمات كما يبصر ما
في النور، ويبصر ما في الغيب كما يبصر ما في الشهادة.
فهو بصير
بكل مبصَر، وناظر إلى كل منظور.
يسع سمعه
الأصوات.
ويشمل بصره
كل مبصر.
يقول القرآن
الحكيم: «أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى
وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ» الزخرف:
80.
وقال تعالى:
«قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي
إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
بَصِيرٌ» المجادلة:
1.
وقال
سبحانه: «لاَ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن
ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً»
النساء: 148.
وقال عزوجل:
«قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ
أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ
فِي حُكْمِهِ أَحَداً» الكهف:
26.
وقال تعالى:
«وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير»
البقرة: 233.
وقال الإمام
الرضا عليه السلام: «…لم يزل الله تبارك وتعالى عالماً قادراً حياً قديماً،
سميعاً بصيراً بذاته..» الامالي للشيخ الصدوق: ص278 ح 5 المجلس السابع و
العشرون..، و(عيون أخبار الرضا عليه السلام): ج1 ص119 ح10 باب ما جاء عن الرضا
عليه السلام علي بن موسى من وهناك فرق بين كون الله سميعاً بصيراً، وبين كون
الإنسان والحيوان كذلك.
إن الله
سميع، ولكن لا بأذن وجارحة، وبصير ولكن لا بعين ومقلة، فهو يسمع الأشياء بذاته،
ويبصر الأشياء بذاته.
انه لو كان
يسمع بإذن كآذاننا، أو يبصر بعين كعيوننا لكان محتاجاً إلى ذينك العضوين، والله
ليس بمحتاج.
ولكان
مركباً من أجزاء، والله ليس بمركب.
بل هو بسيط
لا جزء له.
قال أبان
للإمام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: أخبرني عن الله تبارك وتعالى، لم
يزل سميعاً بصيراً، عليماً قادراً؟
قال عليه
السلام : نعم.
فقلت له: إن
رجلاً ينتحل موالاتكم أهل البيت يقول: إن الله تبارك وتعالى لم يزل سميعاً
بسمع، وبصيراً ببصر، وعليماً بعلم، وقادراً بقدرة.
قال: فغضب
عليه السلام ثم قال: «من قال ذلك ودان به فهو مشرك وليس من ولايتنا على شيء إن
الله تبارك وتعالى: ذاتً علاّمة سميعة بصيرة قادرة» الامالي للشيخ الصدوق: ص610
ح6 المجلس التاسع والثمانون، والتوحيد: ص143 ح8 باب صفات الذات وصفات الافعال،
وروضة الواعظين: ص37 – 38 باب الكلام فيما ورد من الاخبار في معنى العدل و
التوحيد وفيه: (إن الله تعالى ذات قادرة عالمة سميعة بصيرة).
وقال عليه
السلام: «..هو سميع بصير، سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه،
ويبصر بنفسه» التوحيد: ص144 باب الصفات الذات وصفات الافعال ح10.
قادر:
هل رأيت
الشمس صباحاً من مشرقها، ثم تغرب مساءً في مغربها؟
هل رأيت
النبات ينمو رويداً رويداً، حتى يثمر ويزهر، ويخضر ثم يصفر؟
هل رأيت
الأمواج تتلاطم وتمور، وتسير وتدور؟
هل رأيت
الحيوان ينعقد نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم لحماً وعظماً، ثم يولد ذا عين بصير،
وأذن سميع، ولسان ناطق، وقلب خافق، وقامة معتدلة، وصفات مؤتلفة ومختلفة؟
هل رأيت
الإنسان بأصنافه، والمعادن بأقسامها، والأنهار الجارية، والأسماك السابحة،
والنجوم الزاهرة، والسحاب المثار، والبرق اللامع، والرعد القاصف..؟
هل رأيت
الطائرة تطير، والقاطرة تسير، والباخرة تمخر، والسيارة تنهب الأرض وتطوي
الأبعاد؟
كل ذلك
بقدرة الله، إن القدرة تضم بين جوانحها كل ما في الكون وتلف في ثناياها كل
موجود.
بل تسع غير
الموجود، فالله قادر على أن يخلق ويخلق، ويصنع ويصنع، فلا تحتكر الموجودات
قدرته، ولا تضيق المخلوقات سعته.
إن سيارة
صغيرة تدل على قدرة صانعها، وباخرة ضئيلة تدل على أن مخترعها قدير..، فكيف لا
يدل هذا الوجود الرحب والكون الفسيح على قدرة خالقه العظيم؟!
ويلمح
القرآن الحكيم إلى قدرة الله تعالى قال سبحانه: «أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن
شَيْءٍ فِي السَّماوَاتِ وَلاَ فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً
قَدِيراً» فاطر:
44.
وقال تعالى:
«أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا
قَالَ أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ
مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً
أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى
طَعَامَكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ
وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا
ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» البقرة:
259.
وقال عزوجل:
«وَاضْرِبْ لَهُم مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ
السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ
الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً»
الكهف: 45.
وقال تعالى:
«إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ
اللّهُ عَلَى ذلِكَ قَدِيراً» النساء:
133.
وقال الإمام
الصادق عليه السلام: «من شبَّه الله بخلقه فهو مشرك، ومن أنكر قدرته فهو كافر»
التوحيد: ص76 باب التوحيد و نفي التشبيه ح31.
وقال أبو
جعفر الباقر عليه السلام: «إن الله عزوجل لا يوصف وكيف يوصف وقد قال الله عزوجل
في كتابه: (وما قدروا الله حق قدره)
الأنعام: 91.
فلا يوصف
بقدر، إلا كان أعظم من ذلك» راجع المؤمن: ص30 ح55 باب ما خص الله به المؤمنين
من الكرامات والثواب، والتوحيد ص127 باب القدرة ح6، إلا أنه ليس فيه كلمة
(بعجز).
والقدرة ـ
كما نرى المقدورات ـ واسعة المجال، تشمل الميكروب الصغير الذي تجمع ستة ملايين
منه قطرة ماء، كما يقوله العلم الحديث ـ كما تشمل الشمس المشرقة التي هي أضعاف
أضعاف الأرض.
فحدها لا
يقف، ونطاقها لا يضيق، وإمكانياتها غير محدودة.
وليس معنى
ذلك أن تخرج القدرة على منطقها المعقول، حتى يقول قائل: إن اجتماع الوجود
والعدم في آن واحد غير مقدور.
ما أبدع
جواب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حين قال له قائل:
هل يقدر ربك
أن يدخل الدنيا في بيضة، من غير أن تصغر الدنيا، أو تكبر البيضة؟
فقال عليه
السلام: «إن الله تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز، والذي سألتني لايكون» بحار
الانوار: ج4 ص 143 باب 4 ح10 .
فإن المحال
غير قابل، كما أن الإناء الصغير غير قابل لأن تأخذ أكثر من فضائه.
حكيم:
الحكيم: هو
الذي يضع الأشياء مواضعها، فلا يعمل على خلاف المصلحة.
والله
سبحانه يعمل بالحكمة، فلا يرتجل العمل بدون صلاح، ولا يخلق بدون إتقان، ولا
يفعل بدون مراعات الجهات.
الحكمة هي
كنطاق لسائر الصفات، فالقدرة لولا الحكمة أكثر في الخلق، والعقاب لولاها أكثر
في النزع، والرزق لولاها أكثر في الهطول، والتراب لولاها توسع على غير مدى..
لكن الحكمة
هي المحددة لمقادير الصفات، وموازين الخلق والرزق.
ومن الحكمة:
جعل الأشياء رهين الأسباب، فالشجر لا ينمو في عشية أو ضحاها ويبلغ حد الكمال،
والنطفة لا تتكون في الهواء، والولد لا يكون عالماً سوياً في ساعات، فكل يجري
حسب الميزان، وإلا فالقدرة عامة تتمكن من الإبداع الآني.
إنا وإن لم
نعرف كثيراً من الحِكَم، وربما اعترانا الشك في شيء من الكون، لكن إلقاء نظرة
ثاقبة في بعض الخلق، كاف للإذعان بالحكمة.
ولهذا يجب
أن نعترف بالصلاح في كل شيء، وإن لم ندرك وجه المصلحة، وجهلنا الحكمة المخصصة.
إن من ينظر
إلى الطائرة، فيرى معظم أجهزتها وكثيراً من أدواتها وآلاتها ركّبت تركيب علم
وصلاح، ثم لم يعرف وجه الحكمة في شيء من التركيب، يجدر به أن يضع النقص على
إدراكه، لا على الطائرة..
ويشير
القرآن الكريم إلى كونه تعالى حكيماً:
قال تعالى:
«الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ»
هود: 1.
وقال
سبحانه: «وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ»
النمل: 6.
وقال عزوجل:
«لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ
مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ»
فصلت: 42.
ويشير إلى
كونه في أعماله حكيماً:
بقوله
سبحانه: «ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ»
آل عمران: 58.
وقوله
تعالى: «يس*وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ»
يس: 1ـ2.
وقد استعرض
الإمام الصادق عليه السلام ـ في الحديث المشهور بـ(توحيد المفضَّل) حديث مفصل
مشهور رواه المفضل بن عمر عن الامام الصادق عليه السلام في توحيد الله وصفاته.
راجع
الاحتجاج، وتوحيد المفضل: ص48 المجلس الأول.
آثار الحكمة:
ذكر طرفاً
من آثار الحكمة، وهي طويلة ممتعة، نذكر منها مقتطفاً:
قال عليه
السلام :«نبدأ يا مفضل بذكر خلق الإنسان، فاعتبر به، فأول ذلك ما يدبر به
الجنين في الرحم، وهو محجوب في ظلمات ثلاث: ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة
المشيمة، حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء، ولا دفع أذى، ولا استجلاب منفعة، ولا
دفع مضرة، فإنه يجري إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات، فلا
يزال ذلك غذاؤه، حتى إذا كمل خلقه، واستحكم بدنه، وقوي أديمه على مباشرة
الهواء، وبصره على ملاقاة الضياء، هاج الطلق بأمه، فأزعجه أشد إزعاج وأعنفه حتى
يولد.
فإذا ولد،
صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه من دم أمه إلى ثديها، وانقلب الطعم واللون إلى ضرب
آخر من الغذاء، وهو أشد موافقة للمولود من الدم، فيوافيه في وقت حاجته إليه،
فحين يولد، قد تلمظ وحرك شفتيه طلباً للرضاع، فهو يجد ثدي أمه، كالإداوتين
المعلقتين لحاجته إليه، فلا يزال يتغذى باللبن ما دام رطب البدن، دقيق الأمعاء،
لين الأعضاء.
حتى إذا
تحرك واحتاج إلى غذاء فيه صلابة، ليشتد ويقوى بدنه، طلعت له الطواحن من الأسنان
والأضراس ليمضغ بها الطعام…» توحيد المفضل: ص 48 المجلس الأول.
مريد:
إن الإرادة
تقابلها الإلجاء.
فالنار
تحرق، لكن الحرق ليس بإرادتها.
والإنسان
يمشي، ومشيه بإرادته.
إن الله عز
وجل يفعل الأشياء عن إرادة، فهو يريد خلق الإنسان فيخلق، ويريد شفاء شخص فيشفي،
ويريد نمو النبات فينمو.
فيصوغ
الكائنات في قوالبها التي يريدها، وفي الوقت الذي يريده، وفي المكان الذي
يريده، لا ينازعه في ذلك منازع، ولا يلجئه إلى ذلك ملجئ.
وقد كان من
حقه تعالى أن يجعل الذكر أنثى، أو يجعل الصحيح مريضاً..
ومن حقه: أن
يخلق الذي خلقه في هذا الزمان، في زمان غابر، أو زمان مستقبل..
ومن حقه: أن
يكون المخلوق الذي كوّنه هنا، هناك..
فجعل
المخلوق في قالب دون قالب، وخلقه في مكان دون آخر، وتكوينه في زمان دون زمان،
دليل على إرادته الشاملة التي تفيض على الأشياء، فيصوغها في صيغها التي يشاء،
ويلبسها لباسها الذي يريد.
وقد أشار
القرآن الحكيم إلى هذه الحقيقة:
قال تعالى:
«إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ
اللّهُ عَلَى ذلِكَ قَدِيرا» النساء:
133.
وقال
سبحانه: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضَ
بِالْحَقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ*وَمَا ذلِكَ
عَلَى اللَّهِ بِعَزيزٍ»
ابراهيم: 19ـ20.
وقال عز
وجل: «إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن
فَيَكُونُ»
النحل: 40.
وقال تعالى:
«قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً
أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِن دُونِ اللَّهِ
وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً»
الاحزاب: 17.
وقال الإمام
الصادق عليه السلام: (خلق الأشياء بالمشيئة..). بحار الانوار: ج4 ص145 باب4
ح20.
محاورة في الإرادة:
وقال له
عليه السلام رجل: لم يزل الله تعالى مريداً، فقال عليه السلام :
«إن المريد لا
يكون إلا لمراد معه، ألم يزل عالماً قادراً، ثم أراد» الكافي: ج1 ص109 ح1.
والله كما
يريد الخلق فيخلق، والصنع فيصنع..
كذلك يريد
العمل الحسن من عباده، ويكره العمل السيئ منهم.
يقول القرآن
الحكيم: «يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» البقرة:
185.
وقال تعالى:
«كُلُّ ذلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً»
الاسراء: 38.
وقال الإمام
الرضا عليه السلام: «فإرادة الله تعالى ومشيئته فيها ـ أي في الطاعات ـ : الأمر
بها والرضا لها والمعاونة عليها وإرادته ومشيئته في المعاصي النهي عنها والسخط
لها والخذلان عليها».
قال السائل:
فللّه عزوجل فيها قضاء؟
قال عليه
السلام: «نعم ما من فعل يفعله العباد من خير وشر، إلا ولله فيه قضاء».
قال عليه
السلام: «الحكم عليهم بما يستحقونه من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة» بحار
الأنوار: ج5 ص11 ب1 ح18.
خالق:
الله خالق
كل شيء، فما من صغير في منتهى الصغر، ولا كبير في غاية الكبر، إلا وخالقه الله،
ليس له مشارك في خلقه ولا ظهير في تكوينه.
هو خلق
الشمس والقمر، وهو خلق النبات والحيوان، وهو خلق الأرض والسماء.
والإنسان في
كثير مما يفعله إنما هو (معدّ) لا غير.
فالإنسان
إنما يباشر زوجه فقط، أما جريان الماء من الصلب والترائب إلى الرحم..
أما
استقراره في مكان مكين..
أما نموه
وصيرورته عظاماً وغضاريف، وأوردة وشرايين، وسمعاً وبصراً، ولساناً وشفة..
أما دخول
الروح فيه..
أما تجهيزه
بالصفات والأحوال..
فكلها من
الله كما قال سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ
الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ
عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ
لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمّىً…»
الحج: 5.
والزارع
إنما يحرث الأرض، ويدفن البذر، ويتعهد سقي الماء.
أما نمو
النبات إلى أن يخرج من الأرض..
أما اخضرار
أوراقه..
أما إخراج
الثمار..
أما
نضوجها..
فكلها من
الله.
وهكذا نقول
في كل ما نرى في الكون: من كبير وصغير، ونام وجماد، وسائل وجامد، وحي وميت..
يقول القرآن
الحكيم: «الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالْسَّمَاءَ بِنَاءً
وَأَنْزَلَ مِنَ الْسَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً
لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»
البقرة: 22.
وقال
سبحانه: «خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ
مُّبِينٌ*وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ
وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ*وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ
تَسْرَحُونَ*وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا
بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ
مَا لاَ تَعْلَمُونَ» النحل: 4ـ8.
وقال تعالى:
«خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ»
الانعام: 73.
وقال عزوجل:
«أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا
أَنْعَاماً»
يس: 71.
وقال
سبحانه: «وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ
جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً»
فاطر: 11.
وقال تعالى:
«ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ
فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» غافر: 62.
وقال عزوجل:
«سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ
وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ»
يس: 36.
وربما يدور
في خلد بعض الناس: إن الله ليس بخالق لمثل البق الذي يتكون في المستنقعات!
لكن هذا زعم
بعيد!
إن الله جعل
لكل شيء سبباً، فكما جعل سبب تكوُّن الإنسان زوجاً وزوجةً، وسبب تكوّن النبات
أرضاً وماءً، بذوراً وضياءً..
كذلك جعل
سبب تكوّن البعوض المستنقعات، وسبب تكوّن الجراثيم القاذورات والنفايات.
اعتراضٌ:
دخل ابن أبي
العوجاء على أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقال: أليس تزعم أن الله خالق كل
شيء؟
فقال أبو
عبد الله عليه السلام: بلى.
فقال له:
أنا أخلق!
فقال عليه
السلام: كيف تخلق؟
قال: أحدث
في الموضع، ثم ألبث عنه، فيصير دواباً، فأكون أنا الذي خلقتها.
فقال أبو
عبد الله عليه السلام: أليس خالق الشيء يعرف كم خلقه؟
قال له:
بلى.
قال عليه
السلام: فتعرف الذكر منها من الأنثى؟! وتعرف كم عمرها؟!! بحار الانوار: ج3 ص50
باب3 ح24.
إن منتهى ما
في اختيار الإنسان أن يحدث السبب، كأن يصب الماء في مكان قذر، أما أنه يخلق
شيئاً، فلا يمكن.
الطبيعة والمكتشفون:
ما هي
الطبيعة؟ حتى نزعمها خالقاً..
إن الإنسان
كامل جداً، له عين وأذن ولسان ولمس وشم وفكر وتجارب وأدوات، والطبيعة ناقصة
جداً، لا شيء لها.
ثم ما هي
الطبيعة؟
هل هي
الأرض؟ أم الشمس؟ أم الضوء؟ أم الدفء؟ أم الهواء؟ أم بمجموعها؟ أم النظام
السائد فيها؟.
إن الأرض
البكماء العمياء الصماء.. وكذلك الشمس، و.. و.. التي هي مثل الأرض في العجز
والجهل و.. و.. هل تتمكن من خلق الروح والجمال والحب..؟
أما النظام
السائد فيها، فمن جعل ذلك النظام؟
إنها أسئلة
تستحق شيئا من التفكير!
إن من ينظر
إلى الكون، ثم يزعم انه من صنع الطبيعة، ثم يفسر الطبيعة بأنها هي الكون، إن
هذا الشخص كمن ينظر إلى بناء جميل، ثم يزعم انه صنع نفسه!
هل هذا منطق
المفكر؟ كلا!.
إن للكون
إلهاً عالماً حكيماً، قادراً مريداً.. صنعه وأجرى فيه النظام.
أما العلماء
المكتشفون: فمن الجدير أن يكونوا أشد الناس إيماناً بالله.
إن فضل
المكتشف أنه كشف عن حقيقة كانت، ولكن كانت مجهولة، وإنما كشفها هذا العالم، أما
الحقيقة فهي تـنادي بأن لها خالقا وجاعلا، ثم جعل مفتاحها دماغ هذا المفكر،
وإلا فمن جعل الهواء بحيث تقل الطائرة؟ ومن جعل البخار قويا بحيث يحرك الباخرة
والقاطرة؟ ومن جعل (للرادار) (الرادار) جهاز يستخدم الموجات اللاسلكية ذات
التردد فوق العالي لاكتشاف الاشياء النائية او غير المنظورة (كالطائرات والسفن
والغواصات وغيرها) وتحديد مواقعها، يعتمد الرادار على انعكاس هذه الموجات عن
الجسم البعيد (الطائرة او الغواصة) في تحديد اتجاه ذلك الجسم و المسافة التي
تفصله عن مصدر الاشارات اللاسلكية، و احياناً في تقدير مدى سرعته ايضاً. ومحطة
الرادار تتألف عادة من مرسل ومستقبل هوائي وشاشة، وقد اخترع الرادار في انكلترا
عام 1935م على وجه التقريب، ثم طور وحسن بعد ذلك وقد استخدم بادئ الأمر لاكتشاف
طائرات العدو المهاجمة، ويستخدم الرادار في الطيران المدني ايضاً فهو يوجه
الطيارين و ينير لهم سبيلهم في الجو ويساعدهم على الهبوط بسلام في حلكة الليل
او غمرة الضباب.
اشارة الى
قوله تعالى: «يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ
فِي شَأْنٍ» الرحمن:
29.
عيناً؟ ومن
جعل الأثير يحمل الأصوات!؟..
الحياة:
الحياة
تقابل الموت والجمود، فالإنسان الحي، والحيوان الحي، والنبات الحي، كلها أحياء
لا موت فيها ولا جمود.
والحي يترشح
منه الكمال: فالإنسان الحي يبصر ويسمع ويفكر ويعمل، والحيوان الحي يأكل ويشرب
ويمشي ويتكاثر، والنبات الحي ينمو ويورق ويخضر ويثمر.
ومراتب
الحياة مختلفة: فحياة الإنسان أرقى من حياة الحيوان، وحياة النبات أنزل من حياة
الحيوان، وهكذا مراتب الحياة في الإنسان مختلفة فكلما كانت آثار الحياة في فرد
أقوى كانت الحياة فيه أرقى، وكذلك الحيوان..، والنبات..
إن الله حي.
وليس معنى
ذلك أنه يأكل أو ينمو أو.. مما يكون من لوازم الجسم والعرض.
بل معنى
حياة الله: أنه يخلق، ويعلم، ويريد، ويقدر، ويحيي ويميت، ويرزق ويعطي، ويثيب
ويعاقب.
إن بعض
الفلاسفة زعم أن الله يعمل لكنه غير حي، فهو كماكنة تشتغل أتوماتيكياً!
إن الماكنة
الأتوماتيكية، لا تعمل إلا شيئاً واحداً.
أما الله
فهو كل يوم في شأن، نرى سيل الوجود الجارف ـ الذي لا يحصي مداه بشر ـ يجري في
نهر الوجود كل يوم، بل كل آن ولحظة، في شكل وصورة، وحجم وقالب، ولون وكيفية:
هذا يحيي
وهذا يموت، وهذه تلد وهذه تعقم، والأرض تخضر ثم تصفر ثم تغبر، والطفل يشب ثم
يشيب، والسحاب يزجي ثم يركم ثم يمطر ثم يضمحل..
إن الله حي،
وبيده أزمة الكون، وهو كل يوم في شأن اشارة الى قوله تعالى: «يَسْأَلُهُ مَن
فِي السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ»
الرحمن: 29.
يقول القرآن
الحكيم: «اللّهُ لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ
سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ»
البقرة: 255.
وقال تعالى:
«وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ
وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً»
الفرقان: 58.
وقال
سبحانه: «وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ
ظُلْماً»
طه: 111.
إن آثار
الحياة في كل بشر مهما عظمت مقدرته واتسعت آثاره ضئيلة جداً، ومحدودة بحدود
الزمان والمكان.
أما آثار
الحياة في الله تعالى فهي بعكس ذلك، فكل ما في الكون الشاسع من أثر فهو أنموذج
عن آثار حياته تعالى.
حتى إن حياة
ما سواه أضأل من الصفر في جنب حياته تعالى.
ولقد زعم
اليهود أن الله لا يصنع شيئاً، وفرغ مما أراد، فشدد الله في النكير عليهم حيث
يقول: «وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ»
المائدة: 64.
الأول والآخر:
إن كل ما
نراه في الكون، لابد وأن يكون له أول، وأن يكون له آخر.
أما
الحيوان، والنبات، والإنسان، و.. و..، فكثيرا ما نسبق عليها فيتأخر وجودها عن
وجودنا، كما نبقى بعدها فتهلك ونشاهد هلاكها.
وأما الأرض
والشمس والقمر، وتوابعها كالجبال والبحار والأنهار والأنجم الزاهرة والليل
والنهار، و... فإنا وإن لم ندرك أولها، ولا نبقى إلى أن ندرك آخرها، إلا أن
العلماء والمفكرين ينبئوننا عن مدى قدمها، وإنها قبل ملايين السنين لم تكن شيئا
مذكوراً، كما يخبروننا عن مقدار بقائها، وإنها بعد ملايين السنين تعدم، فلا
يبقى منها عين ولا أثر.
إن الله هو
الذي خلق هذه الأشياء، وهو الذي يفني هذه الأشياء..
فهو سابق
عليها، وباق بعدها، فهو أول ولا سابق عليه، وآخر ولاشيء بعده.
كان إذ لم
يكن زمان ولا مكان، ولا حركة ولا سكون، ولا سماء بنجومها، ولا أرض بمائها
وهوائها وحيوانها وإنسانها.
ثم يبقى
بعدها، فلا أرض تدور، ولا شمس تسير، ولا بحر يتلاطم، ولا نام ينمو، ولا متحرك
يتحرك.
فلو أسرحنا
خيالنا في الماضي البعيد نجد الله كان وكان.... ولم يخل وقت منه، ولو أطلقنا
زمام الفكر في المستقبل المترقب نجد الله يكون ويكون.. فلا يخلو منه وقت.
ولو قيل:
إنه كان وقت ولم يكن الله، لكان لنا أن نقول فمن كون الله؟
ولو قيل:
إنه يأتي وقت ولا يكون الله، لكان لنا أن نقول: فمن يعدم الله؟
لا هذا، ولا
ذاك.. بل هو الأول وليس قبله شيء، وهو الآخر ولا يكون بعده شيء.
يقول القرآن
الحكيم: «أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»
فصلت: 53.
فهو تعالى
يشهد جميع الأشياء: يشهد تكوِّنها، فهو قبلها، ويشهد فناءها فهو بعدها..
ويقول
سبحانه: «وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ» الواقعة:
60.
ويقول
تعالى: «سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ*لَهُ مُلْكُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ*هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ
وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ»
الحديد: 1ـ 3.
وسأل نافع
بن الأزرق أبا جعفر عليه السلام قال: أخبرني عن الله عز وجل، متى كان؟
فقال له:
«ويلك! أخبرني أنت متى لم يكن حتى أخبرك متى كان؟ سبحان من لم يزل ولا يزال
فرداً صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً» التوحيد: ص173 ح1 باب نفي المكان
والزمان و السكون و الحركة…
وعن الصادق
عليه السلام قال: «قال رأس الجالوت لليهود: إن المسلمين يزعمون أن علياً من أجدل
الناس وأعلمهم! أذهبوا بنا إليه لعلّي أسأله من مسألة أخطئه فيها، فأتاه، فقال:
يا أمير المؤمنين! إني أريد أن أسألك عن مسألة؟
قال عليه
السلام : سل عما شئت!
قال: يا
أمير المؤمنين متى كان ربنا؟
قال: يا
يهودي! إنما يقال: متى كان لمن لم يكن فكان.
هو كان بلا
كينونة كائن ـ أي بدون أن يصنعه غيره ـ كان بلا كيف، يا يهودي كيف يكون له قبل،
وهو قبل القبل؟… إنقطعت الغايات عنه ـ أي لا يكون بعده شيء ـ فهو غاية كل
غاية..» التوحيد: ص176 ح 6 باب نفي المكان و الزمان و السكون والحركة…
قال تعالى:
«كل شيء هالك إلا وجهه ـ أي ذاته ـ له الحكم وإليه ترجعون»
القصص: 88.
متكلم:
إنا نبدي
عما في ضمائرنا بالكلام ـ في الأغلب ـ .
والوحوش
تبدي ما في خلدها بالعجيج..
لكن الله لا
يحتاج إلى الكلام، فهو يتمكن من صنع الشيء بمجرد الإرادة.
كما يتمكن
من إفهام الملائكة والأنبياء بإلقاء ما يريده في أذهانهم.
لكن ثبت ـ
في القرآن والسنة ـ إن الله متكلِّم.
وليس معنى
كلامه: إن له لساناً وشفتين، وحنجرة ولهوات لهوات جمع لهاة: اللحمة المشرفة على
الحلق في أقصى سقف الفم.
فإنه ليس
بجسم، وليس له ما لنا من الفم والآلات ـ كما سيأتي ـ، فليس كلامه تعالى شبيهاً
بكلامنا، يخرج من الفم.
بل معنى إنه
متكلم: إنه متى شاء الكلام خلق الصوت في الهواء أو في شجرة أو في شيء آخر،
فيسمعه الملائكة أو الأنبياء، أو غيرهم ممن شاء.
يقول القرآن
الحكيم: «وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ
نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً»
النساء: 164.
و«الكلمة»:
تطلق بمعنى النعمة والمخلوق ونحوهما، يقول القرآن الحكيم: «وَلَوْ أَنَّمَا فِي
الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ
أَبْحُرٍ مَّا نَفِذَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيرٌ حَكِيمٌ»
لقمان: 27.
وقال تعالى:
«قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ
قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً»
الكهف: 109.
وقال الإمام
الصادق عليه السلام: «كان الله عز وجل، وليس بمتكلم، ثم أحدث الكلام» بحار
الانوار: ج4 ص 68 باب1 ح11.
وقال الإمام
الرضا عليه السلام: «كلام الخالق لمخلوق، ليس ككلام المخلوق لمخلوق، ولا يلفظ
بشق فم ولسان…» بحار الانوار: ج4 ص152 باب6 ح4 .
صادق:
هل يكذب أحد
إلا عن خبث في نفسه، أو عجز عن دفع مضرة أو جلب منفعة بدون الكذب، أو جهل
بالحقيقة؟
إن أسباب
الكذب تنحصر في هذه الثلاثة .
والله منزه،
لا يتطرق إليه زيغ أو فساد.
والله قادر،
لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
والله عالم،
لا يجهل صغيراً ولا كبيراً كان أو يكون.
إذن: فالله
صادق فيما يقول، فيما يبشر وينذر، لا يكذب أبداً ولا يخلف الميعاد.
إن ما بشر
به المؤمنين: من جنات وعيون، وزروع ومقام أمين في ظل ممدود، وماء مسكوب، وفاكهة
كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة راجع سورة الواقعة: 28ـ37، وسورة الدخان: 51ـ55،
وسورة المرسلات: 41ـ42، وغيرها من السور.
وما أنذر به
الكافرين: من عذاب أليم، ونار جحيم، وظل من يحموم، لاظليل ولا يغني من لهب
اشارة الى قوله تعالى في سورة الواقعة 42ـ44، و52ـ55، وسورة البقرة: 174،
وغيرها.
كلها صدق
وحق.
يقول القرآن
الكريم: (ذلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ)
الانعام: 146.
وقال
سبحانه: (ثُمَّ
صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا
الْمُسْرِفِينَ)
الانبياء: 9.
غني:
أرأيت
الأغنياء لا يملكون من الكون إلا دراهم معدودة، ومع ذلك يسميهم الناس أغنياء؟
إنه إطلاق
مجازي، إذ هذا الغني لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا حياة ولا موتاً، ولا
صحةً ولا مرضاً، ولا شيباً ولا شباباً، ولا نقصاً ولا كمالاً.
منتهى
الأمر: إن صديقه الفقير لا يملك مثل دراهمه.
إن الله غني
بما لهذه اللفظة من معنى:
غني في
وجوده: فلا يحتاج إلى خالق يخلقه.
غني في
ملكه: فلا يحتاج إلى أحد يملِّكه.
غني في
علمه: فلا يحتاج إلى معلِّم.
غني في
خلقه: فلا يحتاج إلى مشير أو ظهير.
غني في
ذاته: فلا يحتاج إلى آلة أو تجربة.
غني في
أحواله: فلا يحتاج إلى خزينة أو درهم أو دينار.
إن غنى الله
ليس لأنه يملك معادن الأرض النفيسة، ولا لأنه يملك عدداً كثيراً من الجن والإنس
والملك، ولا لأنه يملك الفضاء الشاسع والأنهار والأراضي، ولا لأنه يملك خزائن
المخلوقات: من ماء وهواء وضياء وتراب، التي بها تثمر الأشجار، وتنمو النباتات،
وتخلق الحيوانات و....
بل لأن له
القدرة العظيمة التي بها يخلق ما يخلق وإن أفنى جميع الكون بحيث رجع لا شيء، إن
في كلمة (كن) كنز الله الذي إذا شاء خلق أكواناً وأكواناً، بلا نصب ولا لغوب.
يقول القرآن
الحكيم: «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن
فَيَكُونُ» يس:
82.
ولقد سفه
المنافقون الذين حكى الله قولهم: «هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُوا
عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ
السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ»
المنافقون: 7.
زاعمين أن
الرسول صلى الله عليه وآله محتاج إلى عونهم، وأنه بانقطاع صلاتهم ينفض المسلمون
من حول النبي صلى الله عليه وآله ، وأن الله لا يتمكن من إنقاذ الموقف، فرد
الله عليهم بقوله: «وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ
الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ» المنافقون: 7.
إن العلم
والخلق والرزق والأمانة والإحياء والصحة والمرض والمال والجاه و... كلها في
خزائن الله يعطيها من يشاء، ويصرفها عمن يشاء، ولكن ذلك تحت حكمة عالية ومصلحة
قاضية، يقول الله تعالى: «وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ
وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ»
الحجر: 21.
«وحيث نزل
قوله تعالى: مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ
لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ»
البقرة: 245.
قال جمع من اليهود ـ استهزاءً ـ: إن إله محمد
فقير ونحن أغنياء، زاعمين أن ما لديهم من دراهم يغنيهم، وظنوا أن هذه الآية تدل
على فقر الله تعالى فرد الله عليهم، ووعدهم بالعذاب في قوله: «وَإِذْ أَخَذَ
اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ
ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذلِكُمْ إِصْرِي
قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِنَ
الشَّاهِدِينَ*فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»
آل عمران: 181ـ182.
وقد يزعم
أناس أن إيمان الناس بالله تعالى مما يحتاج إليه.
إن الله لا
ينفعه إيمان المؤمنين، ولا يضره كفر الكافرين، فهو الغني عن كل ذلك، وإنما ترجع
الفائدة إلى المؤمن نفسه، وتعود المضرة إلى الكافر نفسه.
ولقد قال القرآن الكريم عن لسان موسى عليه
السلام: «وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ»
ابراهيم: 8.
وقال في آية أخرى: «وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا
يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ»
العنكبوت: 6.
وقد أظهر سبحانه الاستغناء عن قوم تولوا عن وعظ
المرسلين، وسلكوا سبيل الكافرين، فقال: «فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا
بِالطَّاغِيَةِ*وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ»
التغابن:5ـ6
.
إذن: من
الخرافة أن يقول أحد: إن الله غني عن طاعتي، فِلم أتعب نفسي؟
أو: إن الله
غني عن مالي، فلم أنفقه في سبيله؟
إن الإطاعة
والإنفاق يعودان إلى نفس المطيع والمنفق، وتعودان إلى نظام الحياة الاجتماعية.
أليس من
السخف أن يقول تلميذ: إن الحكومة في غنى عن نجاحي ورسوبي، فلِم أتعب نفسي وأسهر
ليلي بالحفظ والدرس؟
إن مثل هذا
التلميذ يعدّ سخيفاً، ويعدّ كلامه هراءً، وإن كان لا تضر الحكومة بطالته
ورسوبه، ولا ينفعها نجاحه ورقيه، والحكومة ـ كما نعلم ـ بمكان نازل من الغنى،
فكيف بالله العلي العظيم، الذي له ملك السماوات والأرض، وهو على كل شيء قدير.
الذهاب إلى الجزء الثالث |